هل نكتفي بالرائحة؟


اقترب على وجل لعل وعسى أن يصيب منها ما يروم، ولمّا اطمأن بأنه في “حضرتها” وقد لامسته بل وأشعلت في نفسه الرغبة فيها من خلال رائحتها المميزة، أخرج من تحت ثيابه ما يُسعفه لاستلطافها وتذوقها، بل والتهامها।



ومنّى نفسه بلقائها هي لا رائحتها فقط، وأنّى له ذلك ولن يطال منها سوى رائحتها التي جذبته من بعد مسافة؟ فرائحة الشواء لذي بطن جائع كالماء لمن جف ريقه وتخشّب لسانه. وما أخذه للرغيف اليابس معه إلا لاستمام ذلك التمنّي وإكمال مسرحية المائدة لديه.

فلفقره أخذ يأكل رغيف الخبز على رائحة الشواء، إلا أن الأمر لم يطل، حيث طالب صاحب المطعم هذا الفقير بدفع ما “استمتع” به من رائحة الشواء، وبعد رجوعهما للقاضي، استلم صاحب المطعم قيمة الشواء برنين المال دون لمسه.

ويبدو أن سيناريو الشواء قد أخذ محله في الكثير من المناطق على أرض هذه الجزيرة، فبالرغم من تبوأ البحرين لمكانة معروفة في جذب الاستثمارات الأجنبية

“FDI”

بل وتميزها على مستوى المنطقة وربما العالم في جذب البنوك الإسلامية وانتعاش سوق الصيرفة الإسلامية فيها، حيث تُعتبر البحرين أكبر وربما من أفضل المراكز الاستثمارية للصيرفة الإسلامية حول العالم، وذلك نتيجة التسهيلات والتشريعات والمميزات التي تُنعش هذه السوق، وقد فتحت الباب على مصراعيه لاستئجار الصكوك الإسلامية والتي تدر هي الأخرى سيولة ضخمة للبلاد. ولسمعتها في جذب الاستثمارات الأجنبية بصورة عامة.

ولا يخفى على مطلع ومتابع البيئة الاستثمارية المميزة لمملكة البحرين في جذب الاستثمارات الأجنبية، والتي تمثل سياسة حكيمة من أجل توزيع البيض على سلال أخرى غير سلة النفط كمصدر للدخل، والتعدد في ذلك مطلوب في ظل التغيرات والتطورات المتسارعة في المنطقة والعالم.

ومن المعروف أن الاستثمارات الأجنبية المباشرة تهدف للحصول على فائدة طويلة الأمد في مؤسسات أو منشآت خارج حدود بلد المستثمر.

ولتلك الاستثمارات علاقة مباشرة مع التنمية في البلد الحاضن لتلك الاستثمارات، إذ تمثل تلك الاستثمارات إحدى المصاديق الواضحة للتسهيلات الاقتصادية والتي تمثل أهم وسائل تحقيق التنمية..

فبوجود استثمارات أجنبية مباشرة يزداد معدل النمو الاقتصادي وبالتالي تتغير حالة توزيع الدخل على الفرد، وبالتالي تقلل من الفقر في البلد المستضيف لتلك الاستثمارات.

(١)

والناظر المنصف لوضع الاستثمارات الأجنبية في البلاد يرى تقدماً في جذبها واستقطابها، مما يعزز مكانة المملكة على مستوى المنطقة والعالم، ولتكون منافساً حقيقياً للعديد من الدول المجاورة وف المنطقة لجذب تلك الاستثمارات، وذلك نتيجة باقة التسهيلات والمميزات التي تتمتع بها البحرين دون سواها. ومع ذلك يبقى أن القطعة الأخرى من الصورة غير مكتملة بل لم تتضح ملامحها بعد بالصورة المطلوبة، في حين أنها يجب أن تجري بصورة متوازية وليست بصورة متتابعة. ونتيجة لغياب ذلك التباعد بين صورة جذب الإستثمارات وصورة الفرد البحريني في معيشته أصبحت تلك الصورة مادة لبعض وسائل الإعلام العالمية لتسلط الضوء على المفارقة بين واقعين، واقع الاستثمار وواقع الإنسان البحريني، وما التقرير الذي بثته شبكة سي إن إن الأمريكية (٢) إلا إحدى الأمثلة، مع اعتراضنا على طريقة التحوير والعرض الموجه. إلا أنه يبقى في الأخير أن هناك وضعاً لم يأت من عدم، بل نتيجة ممارسة ناقصة لمفاهيم أساسية متنوعة، منها الاستثمار الأجنبي المباشر، والذي بات اليافطة المرتبطة بالاقتصاد البحريني.

فمع وجود الاستمثارات الأجنبية، لا بد أن تنعكس أنشطتها ودخولها في السوق المحلية على الاقتصاد الوطني بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وبالتالي يمكن للفرد البحريني أن يتلمس مقدار الفائدة التي يمكن جنيها من مثل هذه الاستثمارات التي باتت جزءً من منظومة موحدة تحت مظلة العولمة الاقتصادية، والتي من أبرز مصاديق نتائجها هو التقليل من الفقر، ورفع مستوى إنتاجية البلاد معرفياً وعلمياً، نتيجة التعاطي مع شركات متعددة الجنسيات، وتحمل من الخبرة والمعرفة ما يجب أن تكون مادة أولى للاقتصاد المعرفي في البلاد، وانعكاس كل ذلك على المستوى المعيشي للمواطنين.

ومن دون ملامسة فعلية للتغير المعرفي وبالتالي المعيشي للمواطم من خلال تلك الاستثمارات الأجنبية، فإن المجتمع سيكون كصاحبنا الذي منّى نفسه بالشواء ريحة دون أن يلمسها، في قبال صاحب المطعم الصلف والذي أراد أن يتقاضى منها ثمن تلك الرائحة ثمناً.

وهي معادلة إن لم تكتمل عناصرها سيكون الحديث عنها ضرورة لطرف وترفاً لطرف آخر.

لذا، من الضروري أن تكون تلك الاستثمارات البذرة في الإنطلاق لاقتصاد قوي، والأخذ بالخبرة والمعرفة لتملك السنارة، بدلاً من أخذ سمكة كل يوم من هذه الشركة أو تلك، ويتأتى ذلك من خلال أطراف ثلاثة، يمكنهم امتلاك السنارة بدلاً من انتظار السمكة، وهم:

أولاً: الحكومة، والتي من خلال تسهيلاتها ومميزاتها الجاذبة للاستثمار أن تضع في عين الاعتبار التوظيف الحقيقي للمعرفة من وراء تلك الشركات وإعمالها في البلاد والعباد عبر ابتكار برامج وطرق جديدة للاستفادة من تلاك الشركات كما تستفيد الأخيرة من مميزات البلاد، وذلك دون شروط منفرة لها بطبيعة الحال.

ثانياً: مؤسسات القطاع الخاص، والتي يمكنها الاستفادة من فرص تواجد الشركات متعددة الجنسيات في أخذ الخبرة والتعامل البناء معها، لأخذ الفائدة واستعمال أدوات المعرفة لتطوير أعمالها والمنافسة في قطاع أعمالها.

ثالثاً: المجتمع، حيث يمكنه جذب تلك الاستثمارات إلى ساحته من خلال الأفراد تارة أو من خلال الهيئات أو الجمعيات التي يمكن أن تقنع تلك الاستثمارات بوجود فرص متاحة بين أيديهم إن تم تقديم مقترحات مدروسة ومقنعة لتلك الشركات بالاستثمار في مناطق بعينها.

وذلك سيعود بالنفع إلى أهل المنطقة معرفياً ومادياً. من خلال التوظيف واكتساب المعرفة وتكوين مجتمعات مُصنعة صغيرة

“Microeconomic”

وفي غير ذلك سينفرد طرف بالكعكة، ويبحث آخر عن فتاتها، وسيبتعد الآخر عن الطاولة التي عليها الكعكة، يرفع صوته معترضاً ولا من مجيب.

وبالتالي سيستولي الأول على كل شيء ويرضى الثاني بأي شيء، وسيخسر الأخير كل شيء، سوى كلمات اليأس والتحبيط، والابتعاد عن التخطيط.

ويجب قلب الآية، فتتلك الاستثمارات هي فرصة للزطراف الثلاثة وخصوصاً المبتعد عن طاولة الكعكة أ يالمجتمع، ، وذلك كم ن في بيته بئر نفط، فبدلاً من استخدام والأدوات المناسبة للاستفادة منه، خذ ينشغل باإنزعاجه من النفط الذي أحدث الفوضى والوسخ في بيته.

وبعبارة أخرى، يجب الرجوع إلى طاولة الكعكة والاستفادة منها بقدر الإمكان ، لأننا نتحدث عن فرص معيشية ومعرفية، ولا دخل لموقف الكثيرين من الحكومة سلباً أو إيجاباً إزاء العديد من الملفات، فما الذي يمكن الاستفادة منه من القادم الجديد؟

وفي غير ذلك، سنكون ممن يمنّي نفسه بالوصال مع الشواء رائحة، ليحاسبنا الآخر على ذلك ثمناً، وبدلاً من الدخول بين الرائحة والرنين، علينا أن ندخل في المعمة بتخطيط جيد وعقل بارد وقلب حار للاستفادة مما يحيط بنا، وفي غير ذلك سنظل نشم الشواء إلى أن نموت كدراً، و”يتفلسف” علينا الآخرون بدفع ثمن ذلك وإن لم يضيره شيء منه.

(١) المعهد العربي للتخطيط، د. وشاح رزاق
(٢) http://www.youtube.com/watch?v=T2crxcb70RQ


قراءة عن الدمية في أسرة الأدباء والكتاب



حمزة: صراع اقتصادي يثيره التنافس على تلك السلعة التجارية

أمسية أدبية عن الدُّمى في رابطة الأدباء
حمزة: صراع اقتصادي يثيره التنافس على تلك السلعة التجارية
لافي الشمري

نظمت رابطة الأدباء لقاء أدبيا تحدث فيه الكاتب البحريني جعفر حمزة، مستعرضاً نشأة الدُّمى وما تحمله من قيم اجتماعية وإرث ثقافي، مبيناً أن ثمة صراعا اقتصاديا يثيره التنافس على هذه السلعة التجارية.

استضافت رابطة الأدباء جعفر حمزة بمناسبة صدور كتابه الأول ‘أنا أحب دميتي’، وأدارت الجلسة الكاتبة أفراح الهندال التي أكدت في مستهل حديثها، أن الضيف ينتمي إلى بلاط الصحافة في مملكة البحرين، مستفيداً من تجربته في العمل الصحافي بانتقاء عناوين شيقة في بحوثه الأدبية، مستعرضة جانباً من سيرته العلمية والمهنية، مبينة أنه أكمل دراسته العليا في كلية الهندسة ونال عددا من الشهادات في الملكية الفكرية.

دلالات الدُّمية

من ناحيته، استهل الكاتب جعفر حمزة حديثه مستعرضا المكونات الرئيسية التي دفعته إلى خوض هذه التجربة الإبداعية، مؤكداً أهمية تناول علاقة الإنسان بعالم الدُّمى المتشعبة المشارب والمجالات، ويسرد الكاتب عبر رحلة البحث الممتدة من عمق التاريخ إلى الحاضر الدلالات التالية لعالم الدُّمى، لعبة للأطفال، تذكار أو رمز ثقافي له مناسباته واحتفالاته وكذلك يستخدم للزينة وفق طقوس خاصة، إلى ذلك من الاستخدامات الأخرى أبرزها التشريح الطبي، الاستخدامات السيئة للدُّمى المتعلقة بأعمال السحر الأسود والشعوذة، وسواها من الاستخدامات.

وعقب اللمحة التاريخية لنشأة الدُّمى، انتقل حمزة إلى الحديث عن التنافس المحتدم لعالم الدُّمى الذي يحمل في طيّاته قيما ثقافيّة تترسّخ عبر الممارسة والتفاعل مع الدُّمية في المجتمع، من خلال أزياء الدُّمية وأقوالها وحركاتها، ومع اشتداد هذا التنافس التجاري ستصبح لكلّ دمية هويتها.

يعمد حمزة إلى طريقة التحليل الفكري الممزوج بالسرد الأنثربولوجي للإنسان في علاقته مع الدُّمية، متناولاً بداية ظهورها كرمز مقدّس إلى تحولها إلى منتج تجاري عملت مؤسسات خاصة في رفعة شأنها، للتحوّل إلى رمز ثقافي ومنتج تجاري يدر الكثير الأرباح خصوصا بشأن دُمى الأطفال وتفاعل الناشئة مع دُمى الشخوص الكرتونية تحديداً.

نماذج عربية وأجنبية

ويسلط حمزة الضوء على بعض نماذج الدُّمى الشهيرة مثل باربي، ويظهر علاقتها بالثقافة الأميركية، مشيراً إلى تربُّع الدُّمية «باربي» على عرش صناعة الدُّمى لأكثر من نصف قرن من الزمان، مبيناً سر نجاحها وانتشارها حول العالم، كما تحدث عن محاولة إيجاد نماذج أخرى للدُّمى مثل براتز أو فلة لتعبر عن ثقافة مختلفة، وولوج هذه النوعيات الجديدة الصراع الاقتصادي.

ويشير حمزة إلى أن العرب يعدون من بين أكبر الشعوب المستهلكة لهذه الدُّمى، وأن احجام المؤسسات العربية عن انتاج دُمى مختلفة تتواءم مع الواقع العربي يؤدي إلى ضياع فرص استثمار كبيرة، كما أنه يمنح الآخرين فرصة ويترك للآخر فرصة التفرد في هذا الإنتاج.

تعليقات

وعقب ذلك فُتح باب النقاش للحضور، حيث تساءل الباحث عقيل عيدان عن أهمية فكرة اللعب والترفيه في حياة الإنسان.

وبدوره، حذّر سليمان الحزامي من أن يدرج ‘أنا أحب دُميتي’ ضمن قائمة الكتب التي تشجع على استهلاك هذه السلع التجارية، مشيراً إلى أن ثمة كاتبة لها مؤلفات متنوعة تبحث في تاريخ الدُّمى هي بزة الباطني.

من جانبها، قالت هدى الشوا إننا نفتقر إلى وجود نماذج من الدُّمى تحمل مضمونا ثقافيا ينبع من التراث العربي الأصيل.

الجدير ذكره أنه في ختام اللقاء قام الكاتب بتوقيع بعض نسخ من كتابه للحضور.

http://www.aljarida.com/AlJarida/Article.aspx?id=120768

وقّع كتابه الأول في رابطة الأدباء جعفر حمزة : «الدمية» لعب الإنسان بصورة الذات

كتب مهاب نصر:



فلة وباربي وبراتز ليست مجرد دمى تتأرجح بينها رغبة الفتيات الصغيرات، وهن يقارنّ بينها مبهورات وراء الواجهات المضيئة لمحال اللعب والهدايا، وهي ليست فحسب نسلا متطورا للطوطم القديم أو التميمة الحارسة، وقد تطورت في طريقها إلى اللعب من جهة والتسليع والإنتاج بالجملة من جهة أخرى، إنها أيضا ثقافة، وإشارة إلى الصورة التي يحب الإنسان رؤية ذاته فيها، هي إذن شكل من استئناس الإنسان بشبيهه أونموذجه ومثاله، وهي لذلك يمكن أن تتحول إلى نقطة صراع ثقافي بحسب الاختلاف حول هذا النموذج وهذا الشبيه.

في هذا الإطار تأتي أفكار الكتاب اللافت للكاتب البحريني جعفر حمزة، الذي استضافته رابطة الأدباء الخميس الماضي في نقاش تميز بطرافة الموضوع، وأهميته في الوقت نفسه.
يحمل الكتاب عنوانا أصليا طفوليا « أنا أحب دميتي» لكن عنوانه الفرعي الشارح يضع بسرعة ظلا ثقيلا على موضوعه {سيرة عشق الإنسان لصورته “الدمية”}.
سحر ولعب
في البداية قدمت الزميلة أفراح الهندال للكاتب الحاصل على بكالوريوس الهندسة وعلى شهادات عدة في الملكية الفكرية، عمل حمزة محررا في صحيفتي الوطن والميثاق، ولديه مشروعان لكتابين آخرين حول «اللباس في المفهوم الغربي» و « اقتصاد المعرفة والصورة الضائعة».
أبرز جعفر حمزة بعض الإشكالات التي أحاطت بطباعة الكتاب الذي بدأ بمقال في مجلة القافلة، ثم تطورت فكرته لتتحول إلى مؤلف كامل، فقد رفضته بعض الجهات منها مشروع «اكتب» الذي ترعاه مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم، لأسباب تتعلق بتحفظات على استخدامه لبعض النصوص القرآنية في ما رأته « توظيفا غير مبرر» وهو ما ينفيه حمزة، كما توقفت أمامه مؤسسات أخرى بسبب صعوبة تصنيفه.
يرى صاحب «الدمية» أن أهمية الفكرة تعود إلى كثافة إنتاج الدمى: باربي، براتز وغيرهما، التي تحولت إلى نوع من الثقافة يساندها ويفيد منها الانتاج الضخم والاستهلاك الواسع. لكن ما الدمية؟ يعود حسن إلى نقطة البداية التاريخية الغامضة للدمى منذ عالم القداسة والسحر، وصولا إلى الشكل المعاصر الذي تحول إلى التسلية واللعب بصورة الذات، ويبرهن حمزة على انتشار انتاج الدمى والألعاب الثقافية التي تغرق الأسواق العربية مهددة صناعتهم التقليدية، ومستفيدة من استثمار قيم ثقافية تعيد إنتاجها لنا.
باربي وفلّة
تعود تجربة الدمية باربي إلى ما يقارب خمسين عاما ويتساءل حمزة عن السبب في استمرارها والقيم المتطورة التي تحملها، حيث كانت بحسب تعبيره، ثورة على القيم في هيئتها وحملت معاني للتحرر والجمال، كانت صادمة للبعض حتى في المجتمع الأميركي. ظلت باربي ممنوعة من الدخول إلى المملكة العربية السعودية بسبب النموذج الذي تمثله، واستفادت من ذلك الدمية العربية « فلة» التي جاءت بصورة أقرب ملاءمة لـ «الاحتشام». و يرى حمزة أن النماذج التي قدمها العرب للدمى سواء المصنعة أو المصورة مثل «بكار» لم تعش طويلا، لأنه ليس وراءها تجديد وابتكار، رغم أهمية هذه الصناعة سواء على الصعيد الاقتصادي حيث يعد الوطن العربي من أكثر المناطق استهلاكا لهذه الدمى، أو على الصعيد الثقافي حيث يشكل الصراع بين الدمى صورة أخرى من الصراع الثقافي.
ليست مملة
ربما لا يعد غريبا في إطار التقاليد البحثية الغربية هذا النوع من الدراسات الثقافية، التي لا تترفع عن تناول موضوعات شعبية أو ذات طابع يومي، لتقرأ من خلالها أشكالا من أساليب التفكير ومن التطورات الاجتماعية والصراعات الثقافية المستترة وغير المباشرة. وهو ما أشار إليه يحيى طالب معقبا على الكاتب، لكن هذا لم يمنع من الاستقبال الحذر أحيانا لهذا الشكل غير المألوف من البحث. أشار حسن الفرطوسي إلى أن فكرة الدمى تعود إلى تاريخ يسبق ما ذكره الكاتب وتساءل عن القارئ الذي يتوجه إليه الكتاب هل هو القارئ العربي أم الأجنبي؟ كما تساءل عقيل عيدان عن مفهوم اللعب الذي تناوله الكتاب وفي إمكان توسيع النقاش حول علاقة الإنسان به، أما سليمان الحزامي فقد أشار إلى تجارب في البحث سابقة ومشابهة برأيه مثل كتاب بزة الباطني، وتمنى لو أن الكاتب كان قد أفاد منه، وهاجم الحزامي الطبيعة الاستهلاكية التي تمثلها دمى مثل باربي وغيرها، بالإضافة إلى حملها قيما اجتماعية وثقافية مخالفة أحيانا للبيئة العربية. وتحدثت هدى الشوى عن افتقادنا للألعاب النابعة من البيئة العربية ونماذجها.
كان واضحا أن النقاش يمكن أن يتفرع إلى قضايا أخرى مثل موقف بعض المتدينين من الدمى، ومحاولة أقطار إسلامية إنتاج دمى تعبر عن خصوصيتها دفعا لما تعتبره غزوا ثقافيا. وكانت الزميلة أفراح محقة وهي تختتم النقاش بقولها إن هذه الندوة الخاصة لم تكن أبدا ندوة مملة.

http://alqabas.com.kw/Article.aspx?id=518431&date=19072009

رابطة أدباء الكويت تستضيف جعفر ودميته

الدمية.. رحلة ما بين كفوف الصغار ورفوف المتاجر
«أوان»

أوقعت دهشة الدّمى القراء في حبائلها؛ فتلقفوا الإصدار الجديد من نوعه ليتداولوه بينهم بالسؤال والمداخلات في مقر رابطة الأدباء بالعديلية مساء أول من أمس. إذ انتهزت رابطة الأدباء فرصة زيارة الكاتب البحريني جعفر حمزة إلى الكويت للالتقاء به وإقامة حفل توقيع كتابه «أنا أحب دميتي-سيرة عشق الإنسان لصورته (الدمية)».
وتحدث الباحث الشاب عن بداية التماع الفكرة في رأسه لتمر التجربة بداية بمرحلة كتابتها مقالا مرورا بتقرير مطول لمجلة القافلة ووصولا إلى طباعته ككتاب، احتار البعض في تصنيفه بحثا أو رواية أو جنسا أدبيا جديدا لما تميز به من إخراج سردي سيطر عليه سحر الدهشة، ولمناكفته الفلسفة في المعنى واستناده على اللغة الشعرية في الكتابة.


وبيّن حمزة ما تعرض له الإصدار من منع بسبب استخدام الآيات القرآنية كاقتباس نصي، ومداخل للكتاب دون الدخول في باب التفسير والتأويل، ما جعله يبتعد عنها فيما بعد تجنبا للدخول في متاهات المنع والتحريم. ثم تناول الإصدار، مبينا اشتغاله الخاص بالتصميم والإخراج وبمساندة المصور علي الرفاعي بكل تفاصيله بدءا من الغلاف وحتى الصور المستخدمة والتي تقاطعت إحداها «صورة الغلاف» مع اللوحة الشهيرة لمايكل أنجلو التي تمثل اليد المقدسة، وانتهاء بصور الطفلة والدمى.
وما بين أغلفة الكتاب التي استبدلها الكاتب بمسميات الفصول توازيا مع حالة تلقف الدمّى وإزاحة أغلفتها غلافا غلافا للاستمتاع بها ليتحدث عن المئة صفحة التي ساير فيها رحلة اختراع الدمى ما بين مفهومها الاستعاضي عن القوة الكامنة في الآلهة قديما، وما بين الرغبة في اللعب والاستمتاع، تحدث عن مرحلة الطين والخشب والقماش واعتباراتها الدينية والاجتماعية ودلالاتها النفسية التي تصاحب حاملي الدمى منذ الحضارات القديمة الأولى ليعرض المفارقات عبر الحروب ومرور الأزمنة التي لم تنقطع فيها صناعة الدمى بالتمثل بالحرب العالمية الأولى واستمرار مصانع الدمى في تقديم هذه «السيرة المصغرة» للبهجة الإنسانية.
واستعرض حمزة مكانة الدمى في بلدان العالم والحيز الاقتصادي الذي تسيطر عليه، إذ أدهش الحضور بنسب التصنيع والاستهلاك مؤكدا على أهمية الدمية التي لم يكن البحث فيها والكتابة عنها شكلا ترفيا أو جهدا ضائعا، فقلة الكتابة حول هذا الموضوع عالميا ماهو إلا ابتعاد عن نقطة أساسية تكمن فيها أسرار الشعوب والقراءة في شكل مجتمعاته الكثيرة.
وركز حمزة في حديثه على الدمية الأشهر عالميا «باربي» وبديلتها العربية «فلة»، وسر نجاح الأولى على مدى نصف قرن من الزمن موضحا الأسباب التي جعلت منها باقية رغم حركات المناهضة في عقر دار تصنيعها وفي كثير من الدول، وشارحا سر منافسة الثانية لها في زمن قياسي واحتلالها مكانة مهمة من الاستهلاك والمبيعات دون إهمال المنافسة الشقراء «براتز» في هذه الحرب الثقافية المعلنة.
وفي إجاباته على مداخلات الحضور التي استفزه الكتاب استعرض حمزة التجارب العربية في الكويت ومصر والإمارات، والسلبيات والإيجابيات التي رافقت تلك التجارب، مبينا أهمية تصنيع دمى بخصائص ومواصفات عربية وتعكس الثقافة المحلية وتتضمن الميزات التي تؤهلها لأن تكون رفيقا يأتمنه الأهالي على خيال أبنائهم. ولفت الكاتب إلى رغبته بترجمة الكتاب إلى اللغة الإنجليزية وهي مشروعه الأول قد الإصدار باللغة العربية، مضيفا أن عملية البحث والتنقيح لم تنته رغم كل الجهد الخاص الذي بذله في التنقيب وجمع المادة العلمية.
http://awan.com/pages/kids/210861

صحيفة “أوان” الكويتية تحاور جعفر عن كتابه “أنا أحب دميتي”













منظر طفلة متعلقة بدميتها، هو ما قاد الكاتب البحريني جعفر حمزة لإصدار كتابه «أنا أحب دميتي»، والذي تلمس به تشكل صورة الإنسان مصغرة في هذه الدمى، فتتبع سيرتها منذ البدء ليرصدها، ويناول القراء كامل البهجة التي فيها دون أن يبعثر ملامحها أو يهتك دهشة «أليس» بعجائب بلادها.
«أوان» التقت الكاتب لتحاوره، وليتحدث عن سر توجهه نحو «الدمى»، وعن دورها في تشكيل ثقافة الطفل أو تشكل وعيه فيها، عن أثر الدمى في نفس الكاتب.. وعن ملامح العلاقة بينها وبين الطفل، مما أتاح فضاء يستفز الطفولة التي تبقى طفلا لا يهدهده الكبر في العمر:


{ لم اخترت الدمية تحديدا، وهل للورش التي تقيمها علاقة في اختيارك للموضوع؟
- يُقال إنه يمكن معرفة شخصية الفرد من خلال بعض الإشارات التي يمكن الوصول إليها عبر أدوات معينة، سواء ذلك عبر «لغة الجسد» أو من خلال بعض السلوكيات البسيطة أو بعض العبارات التي تعطي الانطباع العام للشخص. ويجري نفس الأمر على المجتمعات والأمم، من خلال تفاصيل العمران والألبسة وكيفية التعامل وسلوكيات التعاطي مع الأفراد داخل المجتمع ومن في الخارج. وتمثل الدمية أحد المؤشرات التي يمكن أن تقدّم انطباعاً غير متوقع، حالنا كالفتاة «أليس» التي دخلت في جحر الأرنب، لترى عوالم مختلفة من خلال ذلك الجحر البسيط، أو كحال «نيو» الذي اختار الحبة الزرقاء ليدخل في عالم «المصفوفات» وتلابيبها المعقدة البسيط في آن معاً في فيلم «ماتريكس». والنظر إلى بعض الأدوات يمكنها أن تقدّم «السيرة الذاتية» للمجتمع، بل و«الخريطة الجينية» لها إن أمعنّا النظر وتدبرنا فيه، والتفكّر هو الأداة التي يمكنها أن تعزلنا عن النسق والنظام العام الذي ندخل فيه يومياً بين فتح عيوننا في الصباح حتى إغلاقهما في المساء.
وتمثل الدمية إحدى أهم الصور البصرية والمادية التي تحظى بخصوصية فريدة من نوعها، والتي يتبيّن من خلال البحث التاريخي أنها كانت رفيقة الإنسان منذ أكثر من ٤ آلاف سنة، وربما أقدم.
فما هذا الشيء القديم الجديد، والذي ما زال موجوداً بين أيدينا صناعة وترويجاً وتسويقاً؟ بالرغم من نشأتها القديمة جداً، والذي من الصعب التكهّن ببداية ظهورها حتى.
وكباحث في الثقافة البصرية رأيت أن الدمية أحد أهم الصور الثقافية البصرية التي تقدم العديد من الرسائل، فاخترت الدمية لكونها «صورة» الإنسان التي لازمته آلاف السنين، وما زالت، بل وتحولّت إلى «أنموذج» لصورة مرجوة تتهافت عليها الأنامل الصغيرة حول العالم، بل ويتعدّى الأمر إلى الكبار لتكون صناعة وتجارة لهم تدر الملايين، وتغير القناعات البصرية للملايين أيضاً. وليست هناك علاقة مباشرة بين الورش التي أقيمها واختياري لموضوع الكتاب، فطبيعة الورش المقدمة تتناول الثقافة البصرية بشتى آلياتها وأودواتها.
{ وهل حنينك إلى الدمية قادك لهذا الكتاب؟
- لم تكن لي دمية في الصغر بالمعنى المتعارف عليه، حيث كانت ألعابي هي ألعاب الصبية التي تتميز بالتوسّع والخروج من ذراع الشخص إلى رجليه ككرة القدم وغيرها من الألعاب الشعبية الأخرى التي عشنا معها وشغفنا بها. في حين تكون الدمية للبنات وفي إطار الذراعين وما لا يزيد عن دائرة صغيرة تُحيط بالفتاة، بعكس الفتى الذي تتسع دائرته ويتحرك في نطاق أوسع، وقد اختلف هذا اليوم لتأخذ مساحتها أبعد من الذراعين فتتحرك وتقذف الدمى أشياء، لتوفر الشركات ما يوفر التفاعل الكافي ويحقق الانتشار والربح.
وما قادني للكتاب هو ملاحظة صغيرة التقطتها حينما كنت في أحد أماكن التسوق، إذ لاحظت شغفاً وحباً وتعلقاً من قبل فتاة تجاه إحدى الدمى الموجودة في المحل، ورأيت كمّ الإكسسوارات الموجودة مع الدمية، مما يعني وجود خطوط متشابكة تفضي في النهاية إلى شراء أكثر من مجرد اللعبة الأم، وبالتالي تتحول الفتاة من مقتنية للدمية إلى متفاعلة لترى ما هو الجديد، وعندئذ تدخل في دائرة الاستهلاك التفاعلي الذكي في عالم الدمى منذ صغرها. وبدأت الاهتمام بالدمى كمقال في صحيفة إلى بحث رئيس في أحد أعداد مجلة القافلة السعودية، ومن ثم إلى كتاب بفضل من الله وبتشجيع من زوجتي.
{ إلى أي مدى يمكن للدمية أن تكون محركا أو ملهما للطفل؟
- بقدر ما تصل الدمية إلى مرحلة «الشحن» ومن ثم «التفريغ» بانتظار «ردة الفعل» من الطفل. وتصل الدمية إلى مرحلة «الشحن» من خلال كمية الأدوات والقيم البصرية الموجودة فيها، سواء كانت قيما تميل للأنثى كالجمال والرشاقة أو تلك التي تركن إلى الرجولة كالقوة والجرأة. وعندما تتمتع الدمية بالشحن من خلال جودة التصنيع وأدوات التفاعل مع الطفل/الطفلة، بالإضافة إلى نوعية القيم التي تحتضنها الدمية ليتم التفريغ إلى الطرف المقابل، والذي سيدخل عالمها عبر تفاعله، سواء عبر اللعب أو تقمص الشخصية أو انتخاب القيم، بل وتتسع دائرة التفاعل إلى الإنترنت من خلال مواقع إلكترونية يمكن للفتاة أن تختار ثياب دميتها وتنتخب لها الشعر والثياب والحذاء، بل وحتى الثياب الداخلية. والتي تعطي رسالة تفاعلية على نوعية اللباس والمكياج والجسم المثالي من خلال الدمية.
وقد ارتفعت أصوات من المجتمع الأميركي ضد الدمية الشقراء «باربي» لما تمثله من أنموذج غير واقعي وسيئ للبنات، بل وصل الأمر عند هذه الدمية لأن تقول في أحد إصداراتها التفاعلية «إن مادة الرياضيات صعبة»، وهي رسالة سلبية ومحبطة عن التعليم وتلقيه، وهو ما دفع بعض الجمعيات الاجتماعية في أميركا إلى الدعوة لسحب ذلك الإصدار الذي يقدم مثالاً سلبياً للفتاة الأميركية.
وأمثلة الشحن والتفريغ الموجودة في معظم الساحات العالمية سلبية نوعاً ما، إلا أن من رحم ذلك العالم أيضاً وُلدت نماذج إيجابية نوعاً ما كالدمية العربية «فلة» والدمية الأميركية المسلمة «رزان» والدميتين الإيرانيتين «سارا ودارا» كبديل عن الأنموذج الغربي.
ويمكن لتجارب عربية أخرى أن تكون مشروعاً للدمى، كمسلسل فريج وشخصيات الـ99 وشخصية بكار المصرية.
من أجل أطفال أسوياء..
{ بلا عقد أو تطرف أو تفكير حاقد، كيف يجب أن يكون شكل الدمية؟
- هناك العديد من الأمثلة لدمى تمثل في مسحتها السلام والمؤانسة المباشرة حين النظر لها، بل والقيم الإيجابية نوعاً ما، فمنها الأميركية واليابانية والإيرانية. إلا أن ما ينقصها هو الترويج والتسويق القويين، لتكون هي من في الواجهة لتقديم قيمها بدلاً من تلك الدمية الشقراء «باربي» أو تلك الناعسة «براتز».. وشكل الدمية هو عنصر واحد في تشكيل هويتها، فهناك الشكل وطريقة التصنيع ونوع الثياب والرسائل الصادرة منها -إن كانت تتكلم- وإكسسواراتها، وأصدقاؤها، وبيتها، واهتماماتها، وغيرها من المتعلقات التي تصوغ شخصية الدمية وتعطيها الهوية الإيجابية أو السلبية حسب المجتمع وقيمه وما يميل إليه.
{ أي الدمى أقرب إلى نفس الطفل، المصنوعة بيده.. أم الغريبة.. أم المقاربة بشكلها إلى الحقيقة، الباردة أم الدافئة؟
- أقرب الدمى للطفل هي تلك التي أخذ صيتها يلامس الطفل قبل أن تلامسه بجلدها الصناعي. ففي وقت كانت الدمى تُصنع باليد ويتفاعل معها الطفل ويبني قصصاً وحكايات عنها ومعها، حيث كان هو المتحكّم فيها تخيلاً وحركة، أما اليوم فقد انقلبت الآية، حيث باتت الدمية هي التي تعطي خياراتها للطفلة وتوجه مسيرتها التفاعلية معها، من خلال نوعية اللباس والمكياج والبيت وغيرها، وكأنها توحي بأن الطفلة لها الخيار، إلا أنها محصورة ضمن شخصية موجهة الرسائل ومبرمجة مسبقاً.
تقدم تجربة «فلة» العربية أنموذجاً يُثبت أن «حمامة الحي قد تُطرب»، وذلك عند معرفة عناصر الشد والجذب والاستئناس العملي مع الدمية في رسالتها وهويتها، لتكون الدمية العربية موجودة على رفوف قبالة رفوف الدميتين الأميركيتين «باربي» و«براتز»، ولكل ذوقه.
تجربة الدمية «فلّة»
{ وإلى أي مدى يمكن للدمية أن تجيب عن أسئلة الطفل؟
- بقدر جمعها بين المحتوى والتفاعل، فعندما تكون نسبة التفاعل جيدة، والتي يقترب الطفل منها نتيجة الشكل والتصنيع يتحرّك المحتوى من رحم ذلك التفاعل ليقدم الرسائل للطفل عن طريق اللعب والرموز البصرية التي تتمتع بها الدمية.
وكمثال على ذلك تجربة الدمية العربية «فلة» مع قيم إيجابية وسلوكيات مرغوبة في المجتمع العربي والمسلم، وهي أداء الصلاة وحب العلم، ذانك هما القيمتان الموجودتان في الدمية، ولإيصالهما إلى الطفلة لا بد من تفاعل يأتي من خلال التصنيع وتبعات الهوية من أغنية وملصقات وإكسسوارات ومنتجات تدفع الطرف المتلقي وهو الطفلة للدخول في دائرة التفاعل تحت مظلة المحتوى، لذا نرى وجود سجادة للصلاة من فلة، وأدوات طبيبة الأسنان من فلة، وهكذا. مع اندماج نوع التفاعل مع المحتوى يمكن أن تجيب الدمية عن بعض الأسئلة التي يمكنها أن تتحرك في مساحتها وتقدم الأجوبة عنها.
… شخصية الطفل
{ كيف يمكن أن تقرأ شخصية طفل من دميته؟
- كما يمكن قراءة هوية الدمية من الطفل، أي أن العملية عكسية. فانتخاب نوعية الدمية وطريقة تفاعل الطفل معها وطريقة تعامله مع إكسسواراتها، هو الذي يقدم الانطباع عن شخصية الطفل في مدى تفهمه لقيم مختلفة كالجمال، والتخيل والصداقة والأنانية والكرم. فقد نلاحظ طفلة تعيش في جو ملتزم من ناحية الالتزام بالحجاب والصلاة وغيرها من القيم المجتمعية الأخرى، ومع ذلك نراها تقتني دمية شبه عارية وترتدي ثياباً قصيرة وتضع المكياج الثقيل كما يقولون، وهو ما يسلط الضوء على مساحة موجودة، وقد تكون مخبأّة في ذهنية الطفل، بل وفي ذهنية من يحيط بها من الوالدين والمجتمع والأصدقاء والأقرباء أيضاً.
وكما تكون الدمية تكون شخصية الطفل بنسبة أو بأخرى، فإن لم تكن هناك علاقة بصرية أو على الأقل وجود مساحة مشتركة من الشعور بين الدمية والطفل، فلن نجد الطفلة تمسك بهذه الدمية أو تلك.. وبالتالي هناك العنصر المشترك ولو كان بسيطاً ممن له القدرة على تقديم «كشف» ولو بسيط عن شخصية الطفل.
بشرط ألا يكون الطفل قد شاهد فيلم الدمية الشريرة «شاكي»، وإلا فإنها لن تكون من ضمن خياراتها عند اللعب.
{ تأليفك للكتاب.. هل قرّبك من الأطفال؟
- بل جعلني أفهمهم أكثر، وأدخل في دائرة عالمهم الخاص كعالم «أليس» في بلاد عجائبها الخاص. وقربني من فهم ميكانيكية تصنيع الهويات قبل تصنيع الدمى في هذا العالم الذي أصبح محاطاً بالماركات وتوليد الهويات الجديدة كل يوم، ولن يكون الأطفال بعيدين عن تلك «البرمجة» التي يجني أصحابها الملايين. وذلك عندما نقول إن الدمية «باربي» تُباع منها اثنتان كل ثانية حول العالم!
{ وكيف تعبر الدمية عن ثقافة الطفل؟
- علاقة الدمى بثقافة الطفل كعلاقة اللعب بثقافة الطفل، والدمية مصداق من اللعب، لذا لا يمكن فصل الدمية عن الطفل في ثقافته وهويته وتفاعله، بل لم تكن مفصولة عنه منذ أكثر من ٤ آلاف سنة، فكيف بها الآن؟ وقد امتدت أذرع كثيرة للدمية من خلال الإنترنت وغيرها من الوسائط المبتكرة

http://awan.com/pages/kids/210864






الفيلم يقدم مختصر الكتاب بالصورة زمانياً عبر رحلة رمزية مقتضبة عن الكتاب بالصورة والصوت.


البلاد: حمزة: يتفاعل الإنسان مع الدمية لأنه يضفي عليها “روحه

الطفل يحتضنها لأنها تؤنسه


صحيفة البلاد 11 يوليو 2009




قال الكاتب جعفر حمزة على هامش توقيع إصداره الأول “أنا أحب دميتي… سيرة عشق الإنسان لصورته الدمية” في مركز الشيخ إبراهيم للثقافة والبحوث، “إن العرائس صورة أولية للدمى الحالية التي تتمتع بتفاعلية مركبة تتمثل في الإتقان الدقيق لصناعتها في تفاصيل ملامحها وأشكالها من ناحية، ومن ناحية أخرى الأساليب التفاعلية التي تضاف إلى الدمية بين الحين والآخر”.

وعن سؤال البلاد حول العلاقة بين الدمية والطفل وكيفية تقييمها، قال حمزة “هي علاقة “أليس” مع الحفرة التي تقودها لبلاد العجائب. الحفرة التي تمثل البوابة لعالم آخر، عالم تختلف فيه القوانين ويسرح فيه الخيال ويتزاحم فيه كثير من الصور ليكون الطفل أو بالأصح الطفلة هي الأميرة والمالكة لذلك العالم بحدود أصابعها الصغيرة، وإن توسعت فستكون بحدود غرفتها. كذلك هي علاقة الإنسان بصورته “المصغرة” التي تعطيه “القوة” و”التحكم” و”الاستئناس”. حيث يشير كثير من البحوث والدراسات بأن الدمية كانت قديمة كقدم عمر الإنسان الأول، حيث كانت رفيقته بصورة أو بأخرى، بطريقة مقدسة كآلهة مصغرة أو رمز لإلحاق الأذى كاستخدامها في السحر الأسود “الفودو” بأفريقيا خاصة”. وعن علاقة الدمية بصانعها، قال “هي علاقة معقدة وذات سيرة ذاتية طويلة الأمد، وما نراه اليوم هو “تجديد” لتلك العلاقة ومنح صورة جديدة لها أكثر تفاعلاً وأوسع انتشاراً وأشد تأثيراً”. وعن تعلق الطفلة بالدمى أوضح حمزة “يبدو أن علينا أن نجرب أن نرفع الصوت على الدمية المحببة للطفلة، فضلاً عن أخذها بعيدا عنها، فسترفع الطفلة عقيرتها وتصرخ لأننا نهدد علاقة الود الخفية والمؤانسة البريئة بين الطفلة وصاحبتها الدمية. بالرغم من يقينها أو معرفتها أو حتى إدراكها بأن الدمية لا تُسمن ولا تُغني من جوع، إلا أنها تُضفي عليها صفة الحياة و”الروح” عندما تكلم الطفلة دميتها وعندما تلاطفها، وتشرب معها الشاي، بل وتنام معها، هو ذلك الإسقاط العجيب من الإنسان لقدرته اللاواعية علـى ما يحيط به من “روح” ليتفاعل معه لا شعورياً”. وهل الطفل يرى نفسه كصورة من الدمية، أجاب حمزة “قد تكون الدمية هي الصاحب وقد تكون هي المثال. ولا أدل على ذلك من الدراسات التي تشير إلى ارتفاع نسبة شراء مستحضرات التجميل عند الفتيات الصغيرات بعد إطلاق نسخة جديدة من الدمية “باربي” أو “براتز”. والأمر سيّان بالنسبة لدمى الأطفال الذكور، فالأبطال لا بد أن تكون بين أيديهم أدوات البطولة من سلاح وجهاز وغيرها، لتمثل الدمية الأنثى أو الذكر “الأنموذج” الجاهز الذي يتم التفاعل معه. والطفل لا يرى نفسه كصورة من الدمية بقدر ما يرى الدمية كملهمة وداعمة ومؤانسة له في تخيله وسلوكه”. وهل يغير الطفل من سلوكياته تماشيا مع الدمية أكد حمزة “أن كثيرا من الأمهات في الولايات المتحدة الأميركية رفعن شكاوى على الشركات المالكة للدمى، كونها تروّج أنموذجاً “جسدياً” سيئاً وسلبياً، سواء من الناحية الصحية أو السلوكية. مما دفع بكثير من الفتيات للقيام بريجيم قاس أضر بصحتهنّ، وذلك للوصول إلى الصورة الأنموذج الدمية بجسدها…”. مستدركا بالقول “إن الملايين تنفق في تصنيع وترويج وتسويق الدمى في العالم لأن الطرف الأخير في المعادلة يقوم بواجبه شراءً وتفاعلاً لتكتمل حلقة التصنيع. سواء أكان التفاعل سلبياً أم إيجابياً”. وتحديدا عن باربي الدمية الشقراء المرغوب شراؤها قال “ليس بالضرورة ان تكون مرغوبة لأنها شقراء، فالدمية تبقى دمية في الأخير، فلو كان الترويج بأن الفتاة ذات البشرة السمراء هي الأجمل فستكون “باربي” في خبر كان”. وأكمل معلقا “نرى أن الانجذاب نحو الدمية العربية “فلة” قد آتى ثماره… “فلة” أنموذج يتحرك من علبة الشوكولاتة إلى سرير النوم، فضلاً عن وجود نماذج صوتية وبصرية جميلة كالأغاني والأناشيد الدينية التي تدفع حتى الوالدين ليكونوا من محبي أو على الأقل من مؤيدي “فلة” دون غيرها، لتناسبها مع قيم المجتمع وهي أقرب إليهم من الشقراء الآتية من الغرب”. وأرتأينا أن نسأل حمزة عن مدى انعكاس الدمية على شخصية الإنسان فأجاب “الدمية كأي منتج آخر، يتم إسقاط بعض سمات الإنسان عليه خصوصا الذكاء. فكيف نتوقع صنع الإنسان لصورته “الدمية”، فستكون الصورة التي يريد أن يكون هو عليها دون غيرها، لذا تجارة الدمى في العالم تُعد بالملايين”. ويرى حمزة “أن تصنيع الدمى من جانبها الأنثوي أكثر من الذكوري، نتيجة تعدد طرق إظهار العنصر الأنثوي جسداً وسلوكاً، سواء من ناحية الماكياج واللباس والاهتمامات والتفاعل الصوتي “الغناء” وتسريحة الشعر، لذا نرى من الطبيعي أن تكون “باربي” و”براتز” و”فلة” هي النماذج الأكثر انتشارا في السوق العالمية دون غيرها من الدمى الذكورية”. أما عن حمل الطفل لدمية معه أينما كان خاصة عند النوم، فقال “يحمل الطفل الدمية لتكون له “عضداً” وإن كان وهمياً، ولتكون له “أنيساً” ولو كان في الخيال، ولتكون له “صاحبة” وإن كان في الذهن فقط لا غير”. مشيرا حمزة في ختام كلامه الى أن “الإنسان حيوان اجتماعي يحب المؤالفة والتآلف، لذا يحاول أن يصنع مما حوله ما يسد هذا الجانب، وهو ما يجعل الطفل يحتضن الدمية بقوة وبين ذراعيه ليستمر شعوره بوجود أحد معه

أنا أحب دميتي في تلفزيون البحرين




التقرير الذي عرضه تلفزيون البحرين عن تدشين كتاب “أنا أحب دميتي، سيرة عشق الإنسان لصورته الدمية” للكاتب جعفر حمزة

وتم الهمّ بينهما -توقيع كتاب “أنا أحب دميتي”
















كانت الليلة التي همّت بي وهممت بها وفي ليلة جمعة مغبرّة، وفي إحدى أزقة المحرق التي تناسب أن يكون “الهمّ” فيها مستوفياً.

إلا أن ما أحدثته تلك الليلة من فرق هو أنّ “الهمّ” كان جماعياً، إذ لم أك وحدي معها، فليست هناك “خلوة” كما كانت معي أيام كتابتي عنها، بل الكل كان هناك معي “عاشقاً”

كان توقيع كتابي بدءه بفيلم قصير تناول موضوع الكتاب “مقتضباً” وبعدها بكلمة “العاشق” المؤلف، ومن بعدها حركة أنامل سريعة للتوقيع والإهداء الخاص لكل من حضر، وما زالت ترقبني من بعيد، حيث كان حضورها أكثر من مجرد صورة في كتاب، فعلى هامش التوقيع أفردت لها مساحة “مُعيرض” -تصغير معرض- لها، فكانت على العتبة الأولى “فلة” العربية ومن بعدها “باربي” الأمريكية وثالثتهما “براتز” الناعسة.

والعمل جارٍ ليكون لها حضور آخر في الشهر الذي كتبت فيه الكتاب، وهو شهر رمضان المبارك ضمن معرض الأيام للكتاب إن شاء الله