سؤال "لميس ضيف" يختصر أزمة


على الوتر
سؤال يختصر أزمة
لميس ضيف


الوقت البحرينية، العدد 1345 الثلثاء 8 ذي القعدة 1430 هـ - 27 اكتوبر 2009

يروى - والعهدة على الراوي- أن أحد قادة دول الجوار قال يوماً بأنه لو قدر له أن يختار شعباً لاختار الشعب البحريني؛ في إشارة لإعجابه بما يتمتع به بنو شعبنا من طاقات ومواهب، فالبحرينيون، وإن كانوا لا يحتلون اليوم الصدارة لا في الأدب ولا في الفن ولا في المعمار ولا في التعليم؛ فإنهم عرفوا بين الناس رواداً؛ ويشهد لهم القاصي والداني بالمواهب السنية وبالتفوق والإبداع والإنجاز لو.. تأتت لهم الفسحة لإثبات ذلك..

ثلاث حالات لافتة تقاطعنا معها في الأيام الماضية:
الأولى هي لشاب يدعى ياسر جواد وهو أول بحريني يحصل على شهادتي الماجستير
والدكتوراه في التقنيات التعليمية وتخصصي التعليم الإلكتروني والتعلم عن بُعد من جمهورية الصين الشعبية؛ وبدرجة امتياز أيضاً.. هذا الشاب الطموح اختار أن ينفتح على القوة الضاربة في العالم وعلى لغة المستقبل فدرس اللغة الصينية وأجادها وانطلق منها لتحصيل مؤهلات أخرى ثم عاد للبحرين بأفكار خلاقة وبرؤية لتطوير التعليم والمناهج والتبادل الثقافي مع الصين..

شاب مثله، يحمل الدكتوراه وتخصصين نادرين؛ أين تعتقدون أنه الآن يا ترى؟

وظفته وزارة التربية على الدرجة الثالثة بوظيفة معلم في مدرسة إعدادية!! وعندما كاتب الوزارة طالباً إعطاءه فرصة ووضعه في موقع يناسب مؤهله؛ ما كان رد المعنيين إلا أن نقلوه من مدرسة المحرق المتاخمة لبيته لمدرسة إعدادية أخرى.. في الدراز!! لا نستخف هنا بالتأكيد بمهنة المعلم، ولكننا نقول إنها مهنة يستطيع أن ينهض بها الآلاف.. ووجود طاقة كهذه في موقع كهذا هو تبديد لثروة بشرية لا أقل من أن توضع في موقع يتيح لها العمل على تطوير المناهج والتخطيط لمستقبل التعليم!!

علياء المؤيد هي طاقة أخرى قادتنا الصدفة لتصفح موقعها الالكتروني والاطلاع على تجربتها الثرية.. هي شابة بحرينية في مقتبل العقد الثالث تحمل ماجستير في التسويق وبكالوريوس علاقات عامة، ولكن مشاكل صحية عابرة قادتها لعلم التداوي بالغذاء ومنه عشقت المجال ووجدت فيه نداءها الحقيقي في الحياة فسخرت 5 سنوات من عمرها للتمرس فيه عبر الدراسة في كلية بريطانية..

ولأنها تسعى لترسيخ الوعي لا المادة؛ لم تكتف بالعمل من خلال مكتبها الاستشاري بل صارت تقدم خدمات مجانية عبر موقعها الالكتروني وسخرت طاقتها للعمل على أبحاث ورسائل لترسلها - مجانا- للناس أسبوعياً لحثهم على صيانة أجسادهم وصحتهم.. والوالج لموقعها يستطيع أن يلتمس - من خلال الكليبات المرئية - كم الجهد المرصود ولا يملك إلا أن يتعجب من أن متحدثة بارعة مثلها لا يوجد لها برنامج عوضا عن برامج الهرج التي تملأ تلفزيون العائلة العربية..!!

النموذج الثالث هو لشابة من ذوي المواهب الأدبية المدفونة تحت هالات التراب.. أمينة آل عيد موهبة فتية راسلتني مؤخراً ومن بوابتها تعرفت على إنتاجها اللافت الذي جعلها تحتل مركزاً متقدماً في مسابقات أدبية شارك بها أساتذة متمرسون.. أمينة وطاقات شبابية واعدة مثلها كبتول حميد وجعفر حمزة كلهم يبحثون عن موطئ قدم.. عن جهة تتبناهم وتعبِّد لهم الدرب فلا يجدون إلا التجاهل والتهميش..

في أحد المؤتمرات الخارجية التي شاركنا بها كانت هناك ورقة عمل لرئيسة مركز أبحاث تابع لحكومة دبي تدعى د. نور العريض -إن لم تخني الذاكرة- فوجئ الجميع عندما حضرت أنها شابة جميلة في الـ26 من العمر وتدير عدة مشاريع حكومية رغم أنها بحرينية من مواليد الإمارات.. لم أملك - وأنا أستمع لها- إلا أن أتساءل: لو كانت هذه الشابة في البحرين؛ أكانت ستمنح هذه الفرص أو ستتبوأ هذا الموقع.. أم كانت ستصطف مع باقي الطاقات المعطلة التي نأسى لحالها كل يوم..!!

سؤال يختصر أزمة بلد.. وعقدة شعب..

http://www.alwaqt.com/blog_art.php?baid=11953&hi=%CC%DA%DD%D1%20%CD%E3%D2%C9



صاحبة الصندوق الأسود



جعفر حمزة

كانت كلما اقتربت من المرآة استعانت بذلك الصندوق الأسود، ليكون لها حليفاً لا يمكن الإستغناء عنه، وأنّى لها ذلك، وهي أعجز من أن تملك الشجاعة للنظر في المرآة قبل عروجها على ذلك الصندوق الذي أصبح كظلها بل أكثر.



فهي لا تتمكّن من النظر لنفسها عبر المرآة مع كل تلك البثور
والسواد حول العينين، وبعض التجاعيد هنا وهناك، بل وذبول وشحوب في تضاريس وجهها، بالرغم من صغر سنها. فلا يمكنها الظهور للناس والحديث معهم بهذا المظهر الغريب عن طبيعتها، وحتى هو أبعد من اسمها الرنان "عذاري".



فاستعانت بصاحبها الذي لا تفارقه، ذلك الصندوق الذي يعمل
كخاتم سليمان حينما تفتحه وتضع ما فيه على وجهها الشاحب، لترتسم ابتسامة "مصطنعة" ونظرة جليدية في عينيها، لتعرضه على الناس "بضاعة مُزجاة" وبكل فخر مع كل تلك الجبال الرواسي من "المكياج" على وجهها، بفضل ذلك الأسود الصغير –الصندوق-.



كانت لعذاري تلك شطآن يتمتع بها السمك والإنسان، ففرقت
بينهما أسوار يغار منها سور الصين العظيم، وكانت لعذاري مساحات شاسعة تتعب من قطعها دجاج البر، فجّزأتها أسوار أخرى فرح بظهورها جدار العزل في فلسطين المحتلة، فليس هو الوحيد الذي يعزل، ولا يريد أن يكون مصيره كجدار برلين، فهناك أكثر من جدار يسانده هنا عند "عذاري".



وكانت لعذاري تلك فستان أخضر، فأُخذ عنها ووضع على الطريق ليمشي عليه البعض "المُقدّس" للوصول إلى مكاتبه الإسمنتية الجافة
.

فكل
شيء تغير في عذاري، من رموشها إلى وجنتيها، ومن قامتها إلى أخمص قدميها، والحال هذه فلا عتب إن استأنست بأسود صغير، قد يعيد لها ما افتقدته، أو يؤنسها فيما تجده.



والناظر المنصف لعذاري (البحرين)، يجد أن مقدار "التشويه
" الذي لا يغطيه أي "مكياج" حتى لو أصبح جبلاً على وجه هذه الجزيرة، قد أصبح عصيّاً أن يُغفل أو يُهمل، فهناك إخلال فاضح بالتوازن البيئي من ردم للبحار وما يستتبع ذلك من قتل للحياة البحرية وشبه انقراض للثروة السمكية الطبيعية، في قبال غياب تخطيط ذكي في توفير البدائل الصناعية لإنعاش الدورة البيئية الطبيعية، كما فعلت سنغافورة بتوفير بيئات صناعية للأسماك حتى أصبحت شبه طبيعية في بعض سواحلها البحرية. فضلاً عن تخطيط ذكي في توزيع الوحدات السكنية والمناطق الصناعية للحفاظ على رأس المال الأساس عندها، وهو الإنسان السنغافوري.

وعند الحديث عن الإنسان هناك بقايا حياة محاصرة بالغازات الملوثة والضارة
للإنسان في المعامير والرفاع، ولا يوجد حراك حكومي فعلي لحل الأزمة، فضلاً عن حصار بري وبحري للناس على هذه الجزيرة، فأينما تولي وجهك، فهناك جدار يحجب البحر وآخر يحد البر، وبذا تتكثف الأنفاس ضمن رقعة جغرافية ضيقة جداً، وما لذلك من تبعات صحية وبيئية وأمنية، وكل ذلك هو غياب حقيقي لمعنى التنمية الحضرية في جزيرة تتزاحم فيها الأنفس ضمن "كانتونات" اسمنتية لا يفصلها إلا شارع عام أو جدار خاص.


والتنمية لا تعني كسر دائرة التوازن البيئي الطبيعي، بل هو
الاستغلال الأمثل للتنمية لتكون موائمة مع البيئة لا العكس. وإن تغنى البعض بضرب المقارنة التي أصبحت مضحكة مع سنغافورة أو إيرلندا، فما عليهم إلا "غوغلة" كلا البلدين ليعرفوا ما تفعله سنغفاورة بالتوازن البيئي، وما الذي تقوم به إيرلندا من أجل ذلك.



هجوم على البحر وقتل للثروة السمكية، ومتاجرة بالبيئة من أجل
استثمارات لا تعود للمواطن إلا بالفتات أو أقل منه، في حين تبقى مساحات على مد البصر في وسط البر أو بقرب من بحر تنتظر سكينة الكعكة الكبيرة ليتم توزيعها يمنة ويسرة على المقربين أو أصحاب اليمين من الداخل والخارج، بحجة تشجيع الاستثمار، في حين هناك غياب فاضح لرؤية بيئية متوازنة لجزيرة صغيرة مثل البحرين. فضلاً عن إنعدام المردود الاقتصادي المساهم في بناء المجتمع. فعن أي استثمار يتكلم البعض؟

حيث تم تقطيع أوصال التوازن البيئي في هذه الجزيرة، من خلال العديد
من الصور التدميرية من خليج توبلي إلى ردم البحر، ومن الغازات التي تبث سمومها على المناطق المجاورة إلى تقليص للرقعة الخضراء.

وكل ذلك
يُبعد البحرين عن تحقيق أهداف الألفية المتعلقة بالبيئة والحفاظ عليها، ومدار الخطر الحقيقي للوضع البيئي في البحرين يتشكل من "محاصرة" و"تقطيع" و"تدمير" لأشكال التوازن البيئي، والتي تجهد الدول المتحضرة قدر الإمكان في الحفاظ عليه، في ظل التغيرات المناخية والتحديات الغذائية.

هل حقيقة نحن نتحدث هنا عن جزيرة و33 محاطة بها؟

فبدلًاً
من العمران في الداخل البري، والحفاظ على التوازن البيئي البحري وتنمية الثروة السمكية، أصبح الهجوم على البحر من ردم للسواحل لإنشاء مشاريع لا ترجع بالفائدة على المواطن من جهة، وإغلاق المنافذ البحرية لتكون خاصة من جهة أخرى، وبين الردم والإغلاق تفوح رائحة الإختلال البيئي وهو من نتاج اختلال التخطيط في أي دولة تضع لنفسها رؤية تحاكي التطورات والتحديات المناخية والبيئية على مستوى العالم.



ولو يرى المنصف أنه بالإمكان تحويل تلك الصور البيئية
الطبيعية إلى مشاريع استثمارية تدر الربح على الحكومة والمواطن على حد سواء، من خلال تقديم البيئة البحرية الطبيعية للبحرين وجزرها كما هي دون رتوش أو تجميل مصطنع يكون فيه المواطن جزءً من المنظومة السياحية لتلك البيئة، كما هو حاصل في جزر المالديف والهاواي وماليزيا والهند.

وكلما وضعت "عذاري" الكثير من المكياج، كلما تصلّب وجهها وفقدت فيه
ملامح الحياة، ألم ترَ إن غياب التخطيط الجيد والذكي للحفاظ على التوازن البيئي يجر التبعات تلو التبعات، من أمراض عندما ندمر البحر ونستورد السمك، وتقل نقاوة الجو مع وجود الحدائق الإسمنتية التي زُرعت بدلاً من تلك الطبيعية. ومن سمعة تكون على المحك عندما يُحاصر البحارة في أرزاقهم، فتكثر الحدود الحمراء في بحر وطنهم، فيبحرون مرغمين لا راغبين في البحار المجاورة، ويكون السؤال في خُلد مسؤولي وشرطة الدول المجاورة، ألا يوجد لديهم بحر ليبحروا بالقرب منها؟ أليس هم في جزيرة؟ فمن يشوّه صورة البحرين؟



ولم يعلموا بأن عذاري قد فقدت هويتها مذ تم "اغتصاب" البحر
و"ضرب" البر، فأصبحت بين هذا وذاك رفيقة للصندوق الأسود.. الذي اتخذته عزاءً لتلميع صورتها بجبال راسيات من المكياج، وما علمت بأنها تفقد حياتها عند أقل هزة بيئية تبدأها الطبيعة أو يفتعلها الإنسان.
فهل ينفعها الصندوق الأسود حينئذٍ؟




تقادم العمر يكسب الجوائز




Winning Silver Award Ad
الصورة هي فكرة لإعلان عن منتج يقاوم تقادم العمر، وقد فاز الإعلان الذي خرجنا بفكرته مع فريق العمل في شركة ماركوم الخليج بالمركز الفضي ، منافساً أكثر من ٢٢ ولاية أمريكية و٣٢ بلداً حول العالم.
وصلة للإعلان في إحدى المواقع المشهورة
http://adsoftheworld.com/media/print/minus_10_antiageing_cream_fight_ageing?size=_original

كان الخطان يستخدمان في الحروب القديمة لإظهار الشجاعة وإخافة العدو
وهي دلالة على تقبل التحدي والمواجهة
والفكرة بأن الكريم يقاوم التجاعيد والبنت بمثابة المحارب



بانتظار حط رحالكم معي عندها

بانتظار حط رحالكم معي عندها