حصان طروادة لا ينتظر أبداً.. الكرتون، اصنعه أو يُصنع لك!




عشق الهوية.. كيف ولماذا؟




نستعرض في هذه الحلقة أحد أهم الكتب التي تتناول بعمق سيكلوجي وعملي العلاقة التي تتكون بين الفرد "المستهلك" والمنتج أو الخذمة "الهوية التجارية"، لتتعدى مرحلة الخيار إلى أن تكون جزء من قرار الفرد وشخصيته وسلوكه، تفاعلاً مع الهوية وإنجذاباً لها.

الكتاب هو
The future beyond brands, LOVEMARKS

لمؤلفه

Kevin Roberts،



وهو المدير التنفيذي لشركة

Saatchi & Saatchi

العالمية

«محمد رسول الله»... فيلم يفيضُ رحمة بإبهار بصري آسِر



الوسط، ٥ سبتمبر ٢٠١٥..

المنامة - جعفر حمزة

من «آلام السيد المسيح» لميل غيبسون، الذي لم أستطع إكماله لثلاث مرات بسبب كمية الألم الذي يدفعك للتفاعللاشعورياً وتبكي متأثراً بما حلَّ على نبي عظيم كالسيد المسيح، لم أجد شخصياً ما يمكن وصفه بدقة بأنه فيلم يُدخلك بعمق في حياة العظماء من الأنبياء وتجد نفسك فعلاً قد عشتَ بعضاً من جوانب حياتهم كمثل هذا الفيلم «التُحفة» للمخرج الإيراني المبدع مَجِيد مجيدي.

فيلم «محمد رسول الله» يسلط الضوء على جوانب من سيرة الرسول الأعظم «ص» عند ولادته وفي مرحلة طفولته. وهذه الزاوية قليل ممن فتح أعين الناس عبر الفن السابع عليها، بل أجزم بالقول إنه لا أحد فعلها قبل مَجِيد مجيدي في هذا الفيلم.

يتناول الفيلم من خلال خط زمني جميل أحداث محورية في عصر ما قبل الإسلام وولادة النبي الكريم عبر تركيبة بصرية عجيبة أبدع المخرج فيها حد الكمال ليضع

المشاهد في قلب الحدث زمناً ومكاناً ومشاعراً ومؤامرات وآمالاً، عبر توليفة إخراجية دقيقة جداً لا يرفّ لك جفن عند مشاهدتك لها.

رسالة الفيلم

محمد، رحمة للعالمين. تجسَّدت في اللوحات الفنية عند ولادة هذا النبي العظيم، فتشرأب أعناق البشرية لمعرفته وربط المستضعفين في العالم به. طفولته المباركة انعكاس الرحمة الإلهية فيه، فتجده يعطف على الفقير ويمد يد العون للضعفاء والعبيد، وما تحلّ قدمه المباركة في مكان إلا وتخضر الأرض ويعمّ الخير.

يأخذك الفيلم عبر أحداث متتالية مع النبي العظيم، منذ ولادته، والبركات النازلة معه إلى وقت حضانته عند حليمة السعدية واشتداد عوده عندها، وأينما كان في حلِّه وترحاله تجد من بين يديه الرحمة وفتح أعين الناس لمصدر هذا الوجود وهو الله الواحد الأحد. الفيلم يفيض رحمة في معظم مشاهده، ولا تملك إلا البكاء تفاعلاً معه.

قاب قوسين أو أدنى

الأفلام الدينية التي تتناول سيرة الأنبياء والمتربع على ذلك طبعاً أميركا، لا تجد منها ما يقربك للنبي الإنسان، بقدر ما تجده النبي المُعجِز على أفضل تقدير طبعاً، وتلك إشكالية لم تستطع هوليوود حلّ عقدتها، وذلك لأن المعتقد الفكري والديني عند صانعي الأفلام الدينية في أميركا لهم نظرتهم القاصرة حول الأنبياء نتيجة المعتقد الموروث لديهم عنهم، ويكفي للمتتبع إدراك ما نرمي له.

في «محمد رسول الله» تتفاعل مع المواقف وكأنك تعيشها، وذلك لأن الفيلم يعرض مشاعر المقربين من النبي بصورة دقيقة ومبدعة، بل يقارب أكثر ليقدم مشاعر النبي الصبي نفسه في بعض المواقف، فلا تملك من نفسك إلا ذرف الدموع طواعية.

الأمومة الحميمة جداً من أم النبي وعلاقتها به وارتباطها العميق بالنبي، كحال أم موسى عندما قذفته في اليم، وذوبان حليمة السعدية في حب النبي كحب مريم لعيسى المسيح، وعشق جده عبدالمطلب ويكأنه عشق يعقوب ليوسف، وملازمة أبي طالب والدفاع عنه كأنه ظله الذي لا ينفك عنه.


مشاهد تأخذ الأبصار

من بينها مشهد الطيور الأبابيل على جنود إبرهة، واللوحة الجميلة التي صنعتها فوق الكعبة وعلى عبدالمطلب قبل هجومها الناري على إبرهة وجنوده، وقد رسمت لوحة تفاعلية بالغة الدقة في صب العذاب في صورة ذكرتني إخراجياً بجو فيلم 300 بشكل أو بآخر. ومشهد هيجان البحر ورميه للأسماك على قوم كانوا يعبدون الأصنام ويقدمون لها قرابين بشرية لترزقهم. فكان حضور النبي بمروره عليهم رحمة فيّاضة، في مشهد يمثل تحفة فنية بالغة الجمال في الرسالة والتنفيذ والتأثير والتفاعل.

على الهامش

لم يغفل الفيلم، رغم تركيزه على رسالة الرحمة وتمثّلها في كل مشهد من الفيلم، الطرح الفكري السياسي الديني العميق في زمن ولادة النبي الكريم وطفولته، خصوصاً الدور الذي كان يلعبه بنو أمية في الجاهلية قبال مواقف بني هاشم، بالإضافة إلى النشاط اليهودي الحميم ضد وجود النبي، فترى أكثر من محاولة لهم لقتل النبي أو اختطافه، وهناك حوارات عديدة يطرحها الفيلم لليهود وخشيتهم من النبي ووجوده.

بعض الحوارات تم استخدام اللغة الأصلية لها، كمثل العبرية في حوار علماء اليهود. والحبشية في لقاء إبرهة مع عبدالمطلب. وهذا يعطي قيمة مضافة للفيلم في دقته وحرفيته.

الإحكام الدقيق جداً في تفاصيل المكان والملابس والمكياج. تفاصيل يمكنك التوقف عند كل مشهد لتتأمل براعة إخراج المكان وتكوينه.

من المشاهد الملفتة، هروب جمل زوج حليمة السعدية عندما أراد بيعه لِعَوَزٍ أصابه، فترى عفوية هروب الجمل مع الدقة الشديدة في التقاط حركاته داخل السوق والجَلَبَة التي أحدثها فيه، حتى يصل لبيت آمنة بنت وهب، ويجلس في باحة البيت يشاهد مهد النبي بسكينة. وكانت تلك بداية تعرّف حليمة السعدية على النبي الكريم بحسب رواية الفيلم.

الموسيقى التصويرية، رائعة وسميفونية قائمة بذاتها، وللعلم فإن المنشد العالمي سامي يوسف هو من أدى الأناشيد في الفيلم.

اللقطات بالكاميرا تُشعرك بوجود يد وعين لخبير وقدير في إيصال عمق الموقف للمشاهد، فلا عجب عندما نعلم أنه تم استخدام طريقة تصوير بكاميرا ثابتة للمصور السينمائي الإيطالي «فيتوريو ستورارو» الحائز على جائزة أوسكار لعرض آراء الرسول.

ختم المخرج الفيلم بلوحة مُلهمة ويكفي أن تكون رسالة لذاتها لكل العالم باختلاف الدين والجنس واللغة، مشهد وضع الأيدي في الماء لمصافحة الرسول الأعظم، فتمتد الأيدي من رجل وامرأة وأبيض وأسود، ليُختتم المشهد بوضع يد الرسول الكريم في الماء في رسالة ولا أجمل عن الرحمة وقبول الآخر.

يُتم لابد أن ينتهي

يقول مخرج الفيلم مَجِيد مجيدي «قررت إنتاج الفيلم للتصدي للموجة الجديدة من الخوف من الإسلام في الغرب. التفسير الغربي للإسلام ملئ بالعنف والإرهاب.»

وقد نجح بإبهار مُلفت في تحقيق رسالته من الفيلم، إذ يفيض رحمة وجمالاً وأمور ثلاثة لابد من أن يصيبك أحدها، قشعريرة رهبة بعض المواقف في الفيلم، ودمعة لا إرادية تعاطفاً إنسانياً مع النبي الكريم والمحبين له في الفيلم كآمنة وحليمة وعبدالمطلب، أو مقاومتك لرد طرفك عند مشاهدة مواقف يمكنني تشبيهها كلوحات الفنان الإيراني المعروف محمود فرشجيان المشهور بلوحاته الدقيقة جداً وذات العمق والتفاصيل حد النخاع.

يكفينا يُتماً أنه لا يوجد ما يوثق سيرة النبي العظيم بحرفية عالية تُجاري الجودة في صناعة الأفلام في هذا الزمن. ومن بعد فيلم «الرسالة»، كانت سنوات عِجاف جفاف حتى أرواها هذا الفيلم بملحمة بصرية من نوع مختلف، عنالنبي الإنسان، وعن النبي الرحمة للعالمين.

"إنتهى".


ملاحظة: تمت مشاهدة الفيلم في الأيام الأولى لعرضه في إيران، وكانت الدمعة رفيقة درب المشاهدين، والتصفيق تكليلٌ لجهد الفيلم في نهايته 

مُنتج رسالة في علبة.. كيف يكون الإبداع في المنتجات؟ “كوكا كولا نموذجاً”


ربما يتذكر معظمنا الحملة التي أطلقتها كوكا كولا مؤخراً، والتي جعلت عُلُبها المعدنية ساحة للأسماء عوضاً عن اسمها الذي ظل متربعاً لعقود، ضمن استراتيجية التقرب أكثر للجمهور، وليست هي بحركة مبتكرة. كون العديد من الماركات العالمية الأخرى قد حذت هذا المنحى وبأساليب مقاربة نوعاً ما.

لكننا نتحدث عن “أيقونة” Icon وهي أعلى بكثير من تناول “هوية تجارية Brand، فما عاد وجود الاسم كاملاً ضرورياً لهذه الماركة، إذ أصلّت “كوكا كولا” بذكاء واستراتيجية تسويق قوية جداً خلال ما يربو عن المائة سنة صورتها الذهنية عند الجمهور، وبأكثر من صيغة وقصة وأسلوب وحملة، حتى تحولت لأيقونة بامتياز.

بل قد بات نوع الخط المستخدم Font وتصميم الشريط في العلبة يكفيان للدلالة على هذه الهوية التجارية.
ولم تكتفِ كوكا كولا بكتابة الأسماء على علبها، وخصوصاً مع وجود نفس الفكرة لمنتجات أخرى مثل Nuttllla على سبيل المثال لا الحصر. بل قد ذهبت لأبعد من ذلك بكثير، إذ أطلقت حملة خاصة لشهر رمضان من خلال وكالة الإعلانات  FP7/DXB في دبي، وهي جزء من مجموعة  McCann العالمية، وتدور فكرة الحملة حول تصميم علب الكوكا كولا بدون اسم الهوية عليها، والإكتفاء بالشريط على العلبة، ومن الجهة المقابلة كُتبت هذه العبارة
 “ "Labels are for cans, not for people."

وهي حملة  تهدف إلى إيصال رسائل ضد التمييز العرقي أو تكوين الصور النمطية على العموم.




ويضيفون “ أن هناك ما يزيد عن ٢٠٠ جنسية في الشرق الأوسط، وبها الكثير من الصور النمطية المسبقة للناس فيها، وتحاول كوكا كولا إيصال رسالتها القوية من خلال علبها، بأن عالم بدون صور نمطية سلبية، هو عالم بلا فوارق”.

ولم تكتف الحملة بنزع الاسم من العلب، بل دعمت ذلك من خلال تجارب مصورة، عبرإحضار عدد من الأشخاص في غرفة مظلمة، دون أن يروا بعضهم لبعض،  ويتناقشون في مواضيع مختلفة، ويبدأ كل شخص بتكوين تصور حول من يتحدث معه.
 وبعدها تُضاء الأنوار، ليرى كل شخص الصورة الذهنية الموجودة عنده حول الآخر ويقارنها بصورته الحقيقية، وطبعاً الإنطباعات متباينة في مثل هذه التجربة، ويتم اختتام التجربة بإن يتلقى كل شخص صندوقاً به علبة لا يوجد عليها اسم هوية، فقط شريط الكوكا كولا، مع العبارة التي ذكرناها من قبل.
ويمكن مشاهدة الفيديو المتعلق بهذه الحملة في اليوتيوب تحت عنوان “شوف الناس بقلبك


وبرغم جمال الرسالة ونبلها، إلا أن هناك ملاحظات احترافية قد يسردها البعض، وقد نتفق أو نختلف معها، وهي أن حتى لو أُزيل اسم كوكا كولا من العلبة فإن علامتها بارزة وتدل عليها، وهي الشريط، يعني في الواقع، لم يتم إخفاء اسم المنتج، ما دام اللون والشكل والشريط وحتى استخدام نوع الخط لكتابة العبارة، كلها تدل على هوية كوكا كولا بلا شك، وهذا لا يتماشى مع عنوان الحملة أو طريقتها. ففي الأصل هناك توصيف مسبق للعلبة من خلال الشكل العام واللون، وهي بلا شك علبة كوكا كولا لا غير!

وبرغم وجود هذه الملاحظات ومحدودية الحملة التي لم تتعد حدود إمارة دبي، تبقى الرسالة جميلة وذات هدف نبيل وذكي أيضاً من وكالة الإعلان في تقديم الحملة، في ظل الصور النمطية السلبية المنتشرة التي باتت متربعة في كثير من المجتمعات  في هذا الوقت. 

أما نقطة أن عناصر العلبة كلها تدل على كوكا كولا حتى وإن غاب الاسم، فهذا أكبر دليل على قوة الهوية التجارية وحضورها البصري، والذي يكفي أن ترى شريطة أو شكل العلبة لتعلم أنها لكوكا كولا.

ما يُثير الإعجاب في مبادرات والأفكار التسويقية لكوكا كولا هي ملامستها للجانب الإنساني باستخدام منتجها أو جزء منه، بحيث تربط بين الهوية والرسالة بطريقة مبتكرة وجذابة.
مع أني لست من هواة أو معجبي شرب المياه الغازية، إلا أن هذه الماركة تفرض حضورها الإبداعي والفكري بطريقة ملفتة تدعو للتأمل والتحليل. 
ومن مبادراتها السابقة وأيضاً كانت في دبي،  hello happiness
والتي تستهدف الجاليات الآسيوية العاملة، بحيث وفرت لهم اتصال مجاني لأهاليهم مقابل كل غطاء لكوكا كولا.




وكذلك Friendly Twist 
بحيث تم تصميم علب الكوكا كولا بحيث لا يتم فتحها إلا من خلال استخدام غطاء علبة أخرى، والهدف هو تأصيل التواصل بين الناس ليفتح كل شخص علبة الآخر.


وأيضاً Happiness Truck
وهي عبارة عن شاحنة كوكا كولا، وبها زر وتخرج هدايا متنوعة بما فيها قناني الكوكا كولا للجمهور.



ويتعدى الأمر ليصل إلى قضايا دولية وبين الشعوب، كمثل مبادرتها في تواصل الشعبين الهندي والباكستاني، والذي كان شعباً واحداً من قبل، وذلك عبر نصب جهاز بث مباشر لكوكا كولا في العاصمتين الهندية والباكستانية.

Coca-Cola Small World Machines - Bringing India & Pakistan Together


وهناك الكثير أيضاً من المبادرات والأفكار الإبداعية التي تتسيدها هذه الماركة. 
الفكرة من كل هذا الاستعراض هو في معرفة تحويل المنتج إلى جزء من رسالة إيجابية تكون بين الناس، بدل أن يكون مُنتجاً مُستهلكاً لا سواه.
وإذا كانت لكوكا كولا القدرة على تحويل منتجها “الغازي” إلى أكثر من مجرد علبة معدنية أو بلاستيكية، لتُحدث أثراً جميلاً في تفاعل الناس بينهم وبين الهوية مباشرة أو بينهم وبين بعضهم البعض.

فإننا نؤمن بأن الكثير من الهويات العربية، سواء في مجال الأغذية أو البنوك أو غيرها من القطاعات لها القابلية في الإمتداد التفاعلي مع الجمهور، أكثر من المساحة الكلاسيكية الرتيبة الموجودة الآن في أغلب الهويات بين يدينا.

والأمثلة العديدة التي تضربها كوكا كولا في مبادراتها وأفكارها جديرة بالتأمل، والاستفادة منها. ونحن نتحدث عن منتج استهلاكي منتشر Mass product، للعامة من الناس، صغير وكبير رجل وامرأة، وبرغم هذا الشريحة الكبيرة جداً من الفئة المستهدفة للمنتج، فقد استفادت كوكا كولا من هذه النقطة في نشر قيم إيجابية من خلال منتجها وبطرق ذكية متنوعة.
ويمكن تلخيص النقاط المهمة من تجارب كوكا كولا المتنوعة في التالي:
  1. ليس بالضرورة أن تكون هويتك تمتلك منتجاً أو خدمة ذو مردود مرتفع لتبدأ بالتفكير الجاد في خلق رسائل إبداعية لتعزيز حضور هويتك في السوق وبين الناس.  إذ يمكن صنع الرسالة من خلال ما لديك وضبطها بما يتناسب المحيط والفئة المستهدفة عندك، ويمكن عمل ذلك بما يتناسب مع إمكانياتك، وإن كانت بسيطة ومتواضعة، فالأمر بحاجة للنظر بتأمل لهويتك وما يمكن أن تقدمه من رسائل إيجابية، تكون بمثابة “فسحة أمل” للناس، ومساحة جميلة يمكنهم النظر لها من خلال منتجك أو خدمتك. لتتحوّل هويتك إلى جزء من شيء جميل لهم.
2. إن التفكير الاستراتيجي المدروس للهوية، يحوّل حضورها إلى أيقونة Icon، وطبعاً الأمر ليس باليسير، لكنه يستحق الإقدام عليه والتخطيط له، فمن يفكر في تحويل هويته لأيقونة، فهو يتعدى بمراحل تفكير منافسيه مهما كبروا، إذ أن نمط التفكير لديه سيكون استراتيجياً بعيد المدى، وستكون له قدرة تفكير أكبر من الأسلوب التقليدي في السوق، وبالتالي تكون زواية النظر للأمور عند من يفكر استراتيجياً متقدمة وعميقة مقارنة بمنافسيه.

3. فهم الناس عن قرب لمعرفة احتياجاتهم، مشاكلهم، أحلامهم، تطلعاتهم، ما يناسبهم وما يضايقهم، إذ أن وجود حل إبداعي وإن كان بسيطاً يمكن أن يرسم ابتسامة أو يقلل من أعباء أمور تثقل كاهلهم، أو حتى تخفف من تعبهم أو تقدم لهم طريقاً مختصراً لقضاء أمر ما، كل ذلك له أثره ويولّد حالة “إمتنان” من قبلهم تجاه هذا المنتج أو الخدمة، فتتولّد عندها العلاقة بين الهوية وبين الحل الإبداعي الذي تم تقديمه لهم من خلال الهوية التجارية الفلانية.

4. أهمية نشر هذه المبادرات عبر وسائل التواصل المنتشرة، والتي لا تكلف شيئاً. فبالتالي تكون مساحة نشر المبادرة أو الفكرة متاحاً والأبواب مفتوحة على مصراعيها لأجل ذلك. فالخيارات لا تنتهي في هذا المجال.

إن المنتجات يمكن أن تتحول إلى وسائط مبتكرة لإيصال رسائل إيجابية بين الناس، ويمكنها أن تُحدث أثراً، ولا تقتصر في دائرة “الاستهلاك”فقط، بل تتعداها إلى دائرة أكبر، يمكنها أن تنشر الرسائل الإيجابية والقيم أيضاً.

العتبات الثلاث .. "الشخصنة"، من الاستهلاك إلى الإنتاج..



ما زلتُ أذكر الطبق الذي لا يمكنني أن أخطأ من أي بيتٍ أتى حين تتبادل الأطباق في شهر رمضان المبارك، وهي حركة تدوير للكرم والتواصل بين أفراد الحي الواحد.
فلكل طبق "وسم"بكتابة اسم "أم حسين" و"بيت حاج ابراهيم" أسفله!!
ولم تتغير "المُلكية" للأشياء وتعريف أصحابها بها الآن عن ذي قبل، فالمفهوم والهدف بيِّن،
إلا أنه اتخذ "طعماً" مختلفاً في الوقت الراهن واتخذته الهويات التجارية سبيلاً لكسب الود وتعزيز العلاقة مع الجمهور.

فباتت حركة "شخصنة" المنتجات إحدى أهم وسائل توطيد العلاقة بين الفرد والهوية التجارية.
وقد انتهجت كثير من الهويات التجارية هذا المنحى بوضع الأسماء على منتجاتها، لتعطي طابعاً شخصياً متفرداً لصورتها في ذهن الزبون.
ومن تلك الهويات على سبيل المثال لا الحصر:
Coca Cola
Korn Flakes
Nutella
Nike
وغيرها الكثير..
فقد تعدَّت هذه الهويات عتبة الجودة بفرض هيبتها وحضورها في السوق ولتكون خياراً مفضلاً لدى الزبون، لترد الإحسان بالإحسان كما يقولون، عبر شخصنة منتجاتها بوضع أسماء عليها، لترتقي إلى عتبة الولاء، وهي درجة متقدمة في العلاقة بين الماركة والفرد


سيكلوجية الخصوصية ووسم مقتنيات الفرد بإسمه قديمة قدم التاريخ، لكونه "صانعها" أو "شاريها"، وما زال الأمر على ما هو عليه، لكن بطعم جديد تقدمه ماركات لها وزنها وسمعتها ومكانتها في عقول الناس كما في قلوبهم.

وهناك عتبة ثالثة وهي أقل انتشاراً وممارسة، عندما "يصنع" الفرد منتجه الخاص به، ويُوسمه له. ومع توافر آلات التصنيع كالطابعة ثلاثية الأبعاد 3D Printer التي تتيح للفرد صناعة منتجه، بات الأمر قاب قوسين أو أدنى في الوسم، اسماً وفكرة وتنفيذاً. لم يعد الأمر كما تصورنا من صنع قوالب جاهزة ومكررة بحيث يكون الفرد عبارة عن "رقم" مستهلك لا غير، ضمن نطاق "العولمة" السالبة.
فقد باتت العتبة الثانية مُجددة للعلاقة ومعززة لسلوك استهلاكي قائم.
ولئن اعتبر البعض أن الأمر برمته هو مجرد إعادة لتعليب المنتجات لضمان استمرار الاستهلاك، فلا أقلها بأن هناك مساحة إبداع واقتراب قد تدفع البعض للصعود إلى العتبة الثالثة. عتبة التصنيع والابتكار الفردي.
ولا يكون الأمر بوسم المنتج المتوافر في السوق فقط كما هو الحال في أمثلة الماركات التي ذكرناها من قبل.
بل تكون هناك منتجات لأفراد أو شركات صغيرة تقوم بالتصنيع والوسم بما يعكس هويتها وهدفيتها بكل حرية.

لكل أمر ثلاث عتبات، اقتناء أو وسم الموجود بشخصك أو تصنيع الأمر كما تود.
وقد يأتي يوم تقوم فيه الأمهات بصنع "الأطباق" لشهر رمضان خاصة عبر


3D Printer

بالشكل واللون والحجم كما يرغبن، مع ذكر أسمائهن عليها، ولكل عائلة وسم وشعار.. من يدري؟



جعفر حمزة
المدير الإبداعي لشركة 

BOXOBIA


الإبداع والشغف .. مقابلة بتلفزيون البحرين




لقاء في برنامج "هلا بحرين" بتلفزيون البحرين،، تناول تجربة جعفر حمزة في مجال ابتكار الخط الصعربي والتأليف وإخراج لأفلام القصيرة جداً جداً، فضلاً عن شركة بوكسوبيا، وهو أحد مؤسسيها والتي تقدم الخدمات الإبداعية البصرية في مجال التسويق والابتكار في الأفكار التسويقية. 


An interview with BTV about my experience with writing, calligraphy and script writing for very short films, in addition of highlighting about BOXOBIA, and i'm one of its founders.. BOXOBIA is a design communication House
 

جعفر حمزة: القلم إصبعي السادس


المنامة - زهرة البري

الإبداع عملية إنتاج تشهد كل لحظة من لحظاتها ولادة جوهرة ذات قيمة آنية، ليست ذلك فحسب بل تكمن الأهمية في كون الإبداع ضرورة من ضرورات الحياة.

جعفر حمزة كاتبٌ وخطاط بحريني، تميز بالإبداع الفكري والمواهب المتدفقة يحرص على تنمية عضلة الإبداع كل يوم بل في كل دقيقة ويعمل حراً في ميدان التفكير الإبداعي في مجال التسويق وتقديم الأفكار الإبداعية، ومازال يواصل مسيرته الإبداعية التي لم تتوقف يوماً. فكان لنا هذا اللقاء التالي:

بداية حدثنا عن بداياتك.

- بدايتي قبل دراستي، فكان القلم «إصبعي السادس» الذي لم يفارقني مذ عرفته وأدركت سحر انسيابه وقدرته الجميلة في ترجمة ما بداخلي من أفكار ومشاعر وما ساند تلك البداية ودعمها، هو جميل إرشاد من أساتذة مازلت ممنوناً لعظيم دورهم واتساع قلوبهم باحتضان «شغفي» الذي لم يتوقف يوماً.

من هو داعمك الأول؟

- والدتي الغالية التي ما فتئت تذكرني بالعلم وأهميته وتسند اندفاعي في الابتكار واستخراج «البدع» فيما أقوم به، فلها ألف شكر وتحية ولن أوفِ حقها ما حييت، ومازلت مواصلاً هذا الدرب بدعم جميل آخر واندفاعة كبيرة من لدن زوجتي العزيزة، فلها كبير الشكر وجميله، فمازالت داعمة، ملهمة، مشجعة ومساندة.

كل إنسان ناجح ومتميز لابد أن يتعرض للانتقادات من قبل الآخرين، هل تعرضت لمثل هذه الأمور، وكيف واجهتها؟

- الانتقاد بُهار النجاح ويعطيه طعماً متميزاً، وحديثي طبعاً عن الانتقاد الإيجابي الذي ينقد العمل والإنجاز لأجل تطويره، فلكل منتقد تحية إكبار لجميل صنعهم معي، فهم من يصقل ما أنجز بنقدهم. وأما إذا كان الحديث عن من ينتقد للشخصنة أو لهدف النقد، فله الشكر أيضاً، إذ يُخبرني بأن طريقي يستحق بذل المقاومة فيه للسير عليه وتقديم الكثير منه. ومن هؤلاء وأولئك تعرضت، وليس هناك سبيل مواجهة، فالمواجهة صرف لطاقة في غير محلها، وعوض ذلك فالمضي قُدُماً فيما أنا فيه، يكون الرد وكفى.

كيف كانت تجربة كتابتك الأولى؟

- «التلفاز، وأثره على المجتمع»، أول كتاب خطيته بيميني في دفتر ذي الـ 100 ورقة منذ المرحلة الإعدادية، مازلت محتفظاً به ومفتخراً بباكورة عمل متواضع جداً، لكنه مرآة لما أردته سبيلاً لي ومسلكاً.

أنت شخص غارق في الكتابة، حدثنا لِمَ تكتب؟

- أكتب لأني أتنفس، وأتنفس لأكتب فالكتابة ترجمان الإنسان، وإن ذهب، وخلوده إذا ما فنى وتراثه إذا ما انتقل، وظله وإن أظلمت، أكتب لأن الكتابة الوسيط الأبرع توصيلاً للطاقة الفكرية للإنسان لأخيه الإنسان، وكل شيء بل مصدر كل العلوم هو الكتاب، ومازال، وإن تعددت أشكاله، ورقياً كان أم رقمياً أكتب، لأني لا أكبت، فلا كبت مع من كتب، كبت علم، أو كبت مشاعر أو فكرة، فالكتابة أجمل متنفس وأقدرها لترجمان الفكر إلى عمل من ورق.

بمن تأثرت من الكتاب الروائيين؟

- كثيرون، لا أذكرهم، من مصر والعراق وسورية والكويت والبحرين وإيران وأميركا وبريطانيا وغيرهم كُثُر، إذ كنت مهووس كتب، فلا أجد ما يكون بين دفتين إلا وألتهمه، أعني أقرأه لعلي أكتشف ضالتي في هذه الصنادق السحرية المسماة بالكتب.

ما هي اهتماماتك الأخرى بعيداً عن الكتابة؟

- الخط العربي، والقراءة، وابتكار الأفكار الخاصة في مجال التسويق والخروج بحلول إبداعية ذات العلاقة بهذا التخصص.

ما هي طقوس الكتابة لديك (أين تكتب / متى تكتب / كيف تكتب / هل تكتب بالقلم أم بالجهاز)؟

- لا حدود للمكان عندما أكتب عموماً، إلا في حالات الكتابات المعمقة وذات العيار الثقيل في المعنى، إذ يكون المنزل أجمل معتكف لي للكتابة، والوقت يكون إما في الصباح الباكر أو عصراً، أكتب على الجهاز مباشرة، لكن قبلها أكتب مخطط الكتابة بالقلم والورقة، فالورق خارطة طريقي، والجهاز الأداة التنفيذية لتلك الخطة.

(أنا أحب دميتي - الأوريغامي المقدس) الإصداران اللذان قمت بإنجازهما، هل لك أن تعطي القارئ بطاقك تعريفية عن هذين الكتابين؟

- أنا أحب دميتي، سيرة عشق الإنسان لصورته الدمية، عبارة عن خوض غمار علاقة قلما بل ندر من تطرق إلى سرها وجاذبيتها والممتدة عبر أكثر من 4 آلاف سنة، ومازالت تلك العلاقة قائمة، بين الإنسان والدمية، والكتاب يتناول من نواحٍ عدة، هذه العلاقة إنثروبولوجياً وتسويقياً واجتماعياً وثقافياً، مع تسليط الضوء على تجارب مشهورة مثل باربي وبراتز وفلة. أما «الأوريغامي المقدس»، فهو تأملات قرآنية معاصرة، وأسميته بالأوريغامي، كونه فن لطي الورق، والتي يمكن به عمل ألف شكل وشكل من ورقة واحدة، والأمر برمزيته سيّان، عند الحديث عن كل آية ، فهي محل تأمل مفتوح بسعة الكون لكل البشر أفلا يتدبرون القرآن؟

سؤال كوني لكل عاقل والكتاب مبادرة تأملية لا تفسيرية انتخبت فيها 18 موقعاً في القرآن الكريم ورصدتها من موقع المتأمل المتدبر بأسلوب مختلف في الطرح والإخراج، كتابياً وبصرياً.

ما هي المدة الذي استغرقتها في إنجاز مؤلفاتك؟

- بعضها سنة وبعضها أقل.

ما هي الأسباب والمسببات التي دفعتك لإنتاج الإصدارين (أنا أحب دميتي والأوريغامي المقدس)؟

- الكاتب كالمكتشف والمغامر، يبحث عن المناطق غير المأهولة وتكون عنده الجرأة للاقتراب منها واكتشافها، وعرض ما توصل له للآخرين.

ما الصعوبات التي واجهتها عند كتابة الإصدارين؟

- في أنا أحب دميتي، أكثر من 95 في المئة من المصادر أجنبية ولا عربي فيها البتة، لفقر المكتبة العربية فيما أكتب، وهذا تحدٍّ لكسر حاجز اللغة وفهمها جيداً قبل الكتابة. أما الأوريغامي، فالحذر من الاقتراب من ساحة التفسير عند التدبير، وبينهما حد فاصل دقيق حذر.

هل تشجع البيئة البحرينية على الإبداع؟

- كل بيئة هي في ذاتها مشجعة، مادام فيها إنسان وفكر وتراث وتاريخ وكتاب وقراءة وأدب وفن وما عدا ذلك، فالأمر محكوم بأي زاوية ننظر إلى مسألة التشجيع وكأنها هي الدافع الأوحد والمنتظر من خارج الذات لتدفعنا قُدُماً للمضي بالكتابة، وهذا أعتبره تفكيراً قاصراً وحجة واهية للذين يودون الركون على الرف دون حراك. كل العالم هو بيئتك، وكلما حصرنا أنفسنا جغرافياً، كان النتاج قاصراً غير مكتمل، ضعيف غير جديد ورتيب غير جاد.

بماذا تنصح الرواة الشباب؟

- أنا أقل من أن أنصح، لكن أود تذكير الشباب بألا تضع حداً جغرافياً ولا زمانياً لما تود أن تنتج وتبدع، فالعالم مفتوح على مصراعيه، ولا يُوقفك تحبيط من هذا أو عثرة من ذاك فما دام الشغف ديدنك والكتابة أداتك، فلا تتوقف وانشر ثم انشر ثم انشر واسمع بقدر ما تنشر مرتين، وانطلق إلى آفاق أكبر من قريتك أو مدينتك أو بلدك، فلابد في هذا العالم من مكان خاص بك، يسمعك ولو بعد حين، لأنك ببساطة، لأنك فيه.

كيف كانت بداياتك في مجال الخط؟

- قبل الدراسة، فكان إصبعي السادس هو القلم، فبتُّ أخط بجميع الأدوات وأتعلم ذاتياً جميع الخطوط، العربية منها والأجنبية، وكان أخواي الكبيران عبدالحكيم وعلي يُتقنان الخط، ومازلتُ مُفتتناً به.

إلامَ تستند نظرية الكتابة بالخط الصعربي على أي أساس يقوم هذا الخط؟

- استقلالية حروفه، وكل حرف له حالة واحدة في الكتابة بخلاف بقية الخطوط، والكتابة عمودية.

هل أقمت معارض خاصة بهذا الخط؟

- معرض خاص بالخط الصعربي، بشكل متواضع في مجمع العالي، وأقمت ورشاً عنه في البحرين والكويت.

كيف جرى استقبال اختراعك لهذا الخط، في أي سنة؟ كيف أعلنت عنه؟ ما هي الأدوات المستخدمة لكتابة الخط الصعربي؟

- بين استهجان واستحسان بين مشجع ومعارض حتى اسم الخط واعتباره جديداً ومازال الأمر قائماً لبعض المعارضين عليه أعلنت عنه في الصحافة المحلية وبعض المجلات الناطقة بالإنجليزية، وكان هناك تفاعل بطلب عمل بعض المنتجات بهذا الخط، وهناك ماركة ملابس نسائية كويتية اتخذت من هذا الخط أسلوباً مميزاً لها، فكان شعارها معتمداً على هذا الخط.

ماذا يعني لك القلم والكتابة؟

- القلب والعقل.

ما هي طموحاتك وخططك المستقبلية؟

- تطوير هذا الخط وتقديم فكر جديد في التسويق والإبداع، فضلاً عن ترجمة بعض أفكاري المتعلقة بتصاميم صناعية.

صحيفة الوسط البحرينية - العدد 4584 - الجمعة 27 مارس 2015م الموافق 06 جمادى الآخرة 1436هـ

قناة “جيم”.. مِنْ هنا تُأكلُ الكَتِف!




 عندما يتعلقُ الأمر بالتلفاز فأنا أسيرُ ولديَّ في الحضر والسفر. ويعملُ السفرُ كمجهرٍ لي يُتيح النظر لبعض الأمور بدقة خاصة ويضعني في معتكفِ المتأمل.
قناة "جيم"، لم تطرق سمعي إلا حين إطلاقها، وكانت محل تقدير للمختص والمهتم، ما إِنْ يعلم بتوجهاتها وأهدافها المُعلنة لفئتها المستهدفة من الأشبال الصغار. وَإِنْ وُجدت هنا أو هناك محاولات لاستقطاب هذه الفئة، إلا أن "جيم" لها حكايتها الجاذبة وأسلوبها الخاص، فبرامجها منتخبة بعناية وذات جودة متقنة، المُنتَج منها والمُختار فيها، فضلاً عن تألق جميل لبعض برامجها التفاعلية والتي تجذبني خفة ظلها وعفوية منتظمة في تقديمها، مثل برنامج "عنبر"!
للأمانة كان الوَقفُ التلفزيوني لديّ بين قناتين أو ثلاث، "سبيس تون" و"براعم" وقليل من "إم بي سي ٣".
و"رُّبّ صدفةٍ خيرٌ من ألفِ ميعاد"،  فكان الوقت الذي أقضيه بالفندق مُذبذباً هذه المرة بين كثيرٍ من "جيم" وشذرٍ يسير من "براعم".
وشدَّتني بطولة كأس "جيم" لكرة القدم للمدارس الابتدائية لبعض الدول العربية المشاركة في البطولة "البحرين، تونس، فلسطين، عمان، الكويت، قطر،المغرب، السودان، الأردن، لبنان".
فروعة المبادرة، جمال التنظيم، سخاء الدعم، العناية بالتفاصيل، الحرفية في التقديم.
ودعم جهات ثلاث هم:
Ooredoo
QNB
والهيئة العامة للسياحة.

 كل ذلك يعكس بُعد النظر لدولة قطر في المجال التسويقي الذكي لاسمها، من خلال رُسُلُ الرياضة تارة ورُسُلُ الإعلام الموجّه تارة أخرى. كل ذلك شدني للتأمل بالتجربة.

ولا نعظمُ الأمر، ويكفي المتابع لنشاط هذه الدولة في التسويق الرياضي ليرى حجم البذل والتخطيط لتكون قطر ماضية بالتعريف بنفسها من خلال Country Branding
ونُدرة من دول عربية تُدركُ هذا المضمار، وإن أدركت، لم تُفعِّل، وَإِنْ فعلَّتْ لم تُتْقنْ.
 وقناة "جيم" تُرجمان لرؤية ذكية في صنع الربط التفاعلي مع الهوية، أو ما يسمونه ب LoveMark، حيث الانتخاب المدروس للتالي:
Target ١.
الفئة المستهدفة "المرحلة الابتدائية"
Product ٢.
الوسيلة الجاذبة "كرة القدم"
Channel ٣.
القناة التفاعلية الناقلة "قناة جيم الفضائية".

وكل ذلك متجانس لرؤية تكوين العلاقة الودية بين الأشبال وقناة "جيم"، بل يتعدى الأمر لما بعد بعد الأشبال، ليشمل ذويهم، إدارات مدارسهم، وزارات تربية وتعليم بلدانهم، وسائل إعلامهم، وكل من يكون في دائرة التأثير التي صنعتها بطولة كأس "جيم".

فلن نُدرك حجم النشوة والتقدير لكوننا لم نعش هذه التجربة بهذا القدر من الدعم والحرفية والزخم المدروس والجميل في أعمارنا حينها.

 لتخرج الخامات من هكذا بطولة، لتكون محل اهتمام وعناية واحتضان لمستقبل قريب، أعدّت قطرُ له بقناة "جيم"، لتنطلق منها مُبتكرةً مُغيِّرة، راسمةً مُعبرّة، لخط هدف يستحق التأمل والعمل. في الرياضة وسواها.



فكما رسمت دبي هويتها التجارية العالمية، حتى باتت مقصد الإبداع كما الاستثمار، فقطر تحثُّ الخطى على نسق ذو طعم مختلف ومُركَّز، رياضي بامتياز مع خلطة خاصة للبراعم والأشبال والكبار على طبق من الحرفية والدعم السخي في ذلك.

وهنا تتحقق صناعة الهوية التسويقية للبلد، بل تتحول من مرحلة الهوية التجارية Brand  إلى مرحلة الأيقونة Icon، وهنا قمة التغيير وإحداث الأثر.
إتقان "براعم" و"جيم" تضمنان جاذبية مؤثرة لهذه الدولة التي لمع نجمها في سنوات سِمان لحكمة الدعم المدروس والخطة الاستثمارية الذكية فيها. وحديثنا هنا عن تأثير قطر الخارجي في مجالي الإعلام الموجه للبراعم والأشبال ومجال الرياضة خصوصاً والإبداع عموماً-برنامج نجوم العلوم مثالاً-.

ويكفي للمتتبع المنصف رؤية حركة المبادرات والمشاريع لهذه الدولة في ذينك المجالين، أكان تمهيداً لكأس العالم الذي ستستضيفه 2020 أو لتأسيس صناعة رياضة احترافية فيها أو غير ذلك كله.
ما يمكن قوله هنا بزبدة الكلام، أن دولة خليجية ثانية-بعد دبي بالإمارات-  تقدم استثمار خيراتها بطريقة حكيمة وبعيدة المدى، وهذا يرفع من سقف تحدي الابتكار وتقديم الاستثمار الذكي للمستقبل في ظل ثنائية الغولين الجاثمين الآن على صدر المنطقة، الغول الاقتصادي -بسبب تدهور أسعار النفط- والغول السياسي -الإرهاب والفكر المتشدد-.
 فلا أقلها أن بصيص نور ما زال ينبض من مكانين جميلين يحفزان لإبداع ويستفزان لإنتاج، دبي والدوحة. ومنافستهما تصنعان "ثقافة" و"حُجّة" لتقديم "أنموذج" حريٌّ بدولنا الخليجية دون سواها أن تنافساه، وتقدما مثيله وسواه -بسبب كثرة الموارد وقلة الكثافة السكانية-.
استثمار المستقبل وقفٌ على من يملك جاذبية استقطاب العقول والمهارات والإبداع، فالطاقة التي لا تنضب أبداً، هو الإبداع لا سواه.

قناة "جيم" أتقنت صناعة "مغناطيسها" الخاص،
فعرفت "من أين تؤكل الكتف"!


...
قناة “جيم” إحدى القنوات التابعة للجريزة للأطفال. إلى جانب قناة “براعم”، وموقع “تعلّم”، ومبادرة
“سوار” المعنية بدعم الأطفال العرب الموهوبين عن طريق ضمّهم إليه وتدريبهم على الغناء المحترف .

...

جعفر حمزة
المدير الإبداعي لـBOXOBIA

شيزوفرينيا البراند. كيف ولماذا؟



أسرني بلطف رده ولباقة سلوكه، فذهبَ عدم الرضا الذي تملكنّي من خدمةٍ كنتُ أترقبها من مكانٍ ارتدته لأجلها.
وما خرجتُ إلا راضياً بفضل ذلك الموظف الذي علته ابتسامة سعة الصدر ورحابته.

رسول كل هوية، ليس مالكها فحسب، بل كل العاملين فيها، من أصغر موظف حتى مديرها ومالكها، فكل واحد منهم يحمل قطعة تشكل الصورة الأكبر للهوية، كالأحجية Buzzle

لذا من المهم أن يتشرّب الموظف أو العامل في مشروعٍ ما قيم هوية ذلك المشروع ويعيشها حقيقة ملموسة، أقلها أثناء تواجده بالعمل. وغياب ذلك الحضور المهم في السلوك، نتيجة لأي سبب، يعرّض مشروعك وهويتك -كصاحب عمل- للنخر من الداخل، ولا تستصغرنّ أمر العاملين في مشروعك، إذا ما غابت عنهم قيم المشروع وما عاشوها قولاً وفعلاً.

أي موظف في جهة حكومية إلى الشركات ومؤسسات القطاع الخاص، إذا غابت عنه روح العمل، ستكون مسألة الهوية “البراند” مجرد شعار بصري للمعاملات الرسمية والتسويق البارد، والظهور الإعلامي للبهرجة لا سواها.

ما نفع الهوية إذا لم يعشها من يعمل لها؟
ستكون لهم في نهاية المطاف ذلك الشعار الذي يمثل الجهة التي يعملون فيها لاستحصال راتبهم نهاية الشهر، دون ذلك الارتباط الحميمي معه. وهذه الروح مع تأصلها في سلوكيات العاملين لأي مشروع أو جهة، سيجعل من أي هوية مجرد مكان للقيام بالعمل الموكل له لا غير، ولا يتعدّى أمر القيم التي تحملها ولا هم يحزنون.

ألا ترى أننا عندما نتحدث عن بعض الهويات التجارية، ترى أن لذكرهم حضور فعلي في حياتنا عبر منتجاتهم وخدماتهم التي فرضت حضورها في حياتنا اليومية؟
 مثل iPhone، و Nike و Google و Instagram و Toyota والقائمة تطول..
هذه الأسماء وغيرها، لا تقدم مجرد منتجاً أو خدمة فحسب، بل تقدم تجربة حياة مميزة يكون بين جدرانها، فلا غرو إن رأيتَ إبداعاً لا يتوقف، وشغفاً من لدن العاملين فيها لا يعرف سوى النتاج تلو النتاج لأجل “جمهوره” المنتظر للجديد منه.

ذلك الشغف الكامن في صدور العاملين في تلك المؤسسات وغيرها، نتاج التوافقية الملموسة بين الهوية وحضورها بين الموظفين، وهو ما نفتقده في كثير مما لدينا من هويات، ومقياس ما نذكر هو محاولة استذكار هوية قوية لها الدور البارز في الإبداع وتقديم الأنموذج في هذا المجال، فلا أتذكر!
وبالرغم من إمكانية تقديم ذلك وبقوة، لتوافر الموارد وقرب الثقافة إن لم تكن نفسها بين العاملين، مقارنة ببقية الماركات التي تم ذكرها آنفاً في هذا الموضوع بالعموم.

إذ لا تقوم الهوية على مؤسسها فقط، فكل العاملين كفريق كرة القدم، ولكل مهمته، وعندما تتمثل هوية المؤسسة في العاملين بصورة عملية ويشعرون بالإنتماء لها، يكون كل موظف هو مالك الهوية لا عامل فيها فقط، حينئذ يكون النتاج والاستمرار والإبداع متدفقاً دون حد، وترتفع قيمة هذه الهوية في السوق، نتيجة تلك الطاقة المنطلقة من المنتمين لها.

السيد Richard Branson، مؤسس ومالك هوية “Virgin”،  والذي يدير العشرات من الشركات، فضلاً عن مجموع عدد الموظفين لشركاته والذي يبلغ بمئات الآلاف ، يذكر في قناة big think على اليوتيوب، كيف أنه يُدير كل هذه الشركات وبمستوى عال من الكفاءة والحضور القوي لهويته التجارية من خلال التفويض الذكي، والذي جعل من موظفيه يعملون في تلك الشركات وكأنها لهم، فهم المالكون لها كما هو، وهو ما يضمن عطائهم وإبداعهم والتزامهم.
وهذا آتٍ من فرد واحد فقط، وهو السيد Branson نفسه، وأمكنه نشر ثقافة Virgin في العشرات من شركاته، فضلاً عن توسعه وابتكاره للعديد من المشاريع، حتى وصل به الأمر لتأسيس شركة تقدم خدمة السفر للفضاء، فضلاً عن مؤسساته الأرضية من خطوط طيران وغيرها.
 
http://www.youtube.com/watch?v=VH35Iz9veM0

كلما توافق شعار الهوية مع واقع ما يتم تقديمه، تعزّزت قيمتها في السوق والجمهور، وارتفع اسم الهوية وكانت حديث الناس، لأنها ببساطة تقدم القيمة والرسالة بشكل عملي ملموس، والناس تتفاعل مع العمل لا الشعارات. 

ألا نتذكر ذلك العامل الآسيوي في مجمع City Center والذي ما فارقته الابتسامة يوماً، ورأيتُهُ عدة مرات ورآه غيري، ولا أملك إلا رفع يدي له بالتحية وتصيبني عدوى الابتسامة منه حالما أمر بجنبه.
تحوّل هذا العامل إلى أنموذج جميل، وهو في وضع وظيفي ليس بالممتع أو ذاك الذي يدفع من كان فيه للابتسامة، إذ يقف طوال الدوام حاملاً عصاه للإرشاد لطريق الخروج من المواقف. كان ذلك هو Last Impression يتركه لك المجمع بفضل هذا الشخص.
وهنا قد ينقلب الهرم، إذ يمكن لموظف أو عامل أن يكون هو الأنموذج والملهم لبقية من يعمل في نفس مؤسسته، بل قد يتعدى الأمر ليكون مضرب مثل خارج مكان عمله أيضاً، وهنا تأتي قوة الحضور للشخصية في بناء الهوية.

“شيل صورة كلب، حط صورة خروف”!

ببساطة عندما ترون البون الشاسع بين الشعار المرفوع للجهة أو الشركة وبين سلوك منتميها، هذا الفصام لا يقع إلا بخلل متأصل في بيئة العمل، لغياب توافق أو لترهل في العلاقة أو لأسباب أخرى تمنع الانسجام المُنتج والمبدع للجهة.

عندما تدخل لجهة، سواء حكومية أو غيرها، وترى الألوان والديكور الجميل والتنسيق المادي الظاهري، وما إن تقترب من الموظف أو العامل، حتى تكتشف أنك ثقيل الظل عليه، ويتمنى “التخلص” منك في أسرع وقت، عندها يمكنك رؤية الفرق بين المُعلن البصري والتفاعل الواقعي، وهذا هو شيزوفرينيا الهوية في إحدى صورها وأبرزها وأوضحها.

لا ينفع أن أجدد الديكور أو الهوية البصرية لمشروع أو جهة دون أن أترك مساحة عيش هذا التجديد لدى الموظفين، وهذا يذكرني بكلام حسين بن عاقول للعامل الهندي في مسلسل “درب الزلق” عندما حثه على تزوير بضاعة المعلبات التي يود طرحها للسوق، بالقول “إنت شيل صورة كلب، حط صورة خروف”!

ما بداخل المعلب لن يتغير بتغيير الملصق عليه، وكذا الأمر بالنسبة لأي هوية، لا بد من معايشتها من لدن العاملين فيها ليتوافق ما بالداخل “بيئة العمل” مع بالخارج “الصورة المعلنة للهوية”.

http://www.youtube.com/watch?v=3jMv04vnpGk


لماذا؟ هي بيت القصيد 


“هدفنا في هذه الشركة أن نقدم خدماتنا لزبائننا بطريقة لا تغيب عنها الابتسامة، ولا يخرج الزبون إلا وتركنا في ذاكرته أثراً لا يُنسى، هي طيبتنا معه وتعاوننا المرن”..
هذه الرؤية لا تكون مكتوبة فقط بالطريقة التقليدية التي ألفناها وشبعنا منها، لتعلق على جدار المؤسسة وكفى، بل لا بد من نظام تحفيزي داخلي يضمن استمرار محرك الرسالة مستمراً في روح العاملين.
ويكون ذلك من خلال وجود “ثقافة مؤسسية” يعيشها بالفعل العاملون فكراً وسلوكاً، لتنعكس تلك الثقافة على الزبائن، وبالتالي يكون هناك استمرار لترجمة تلك الرسالة عوضاً عن الاستهلاك الإعلامي والإعلاني..
وإذا ما تواجدت تلك الروح التفاعلية مع رسالة المؤسسة، سينتعش الإنتاج والإبداع، وبالتالي تتقدم المؤسسة، وتكبر بفعل تلك الروح.
وكل ذلك أصله “لماذا؟”، أي معرفة سبب وجود الشركة وهدفها وما القيمة التي تود تقديمها لمن حولها. حيث يذكر السيد Simon Sinek في كتابه Start with Why وضمن دوائره الذهبية الثلاث في انطلاق التقدم للهويات أن الدائرة الأولى تنطلق من سؤال السبب والماهية، وهي “لماذا” "www.startwithwhy.com" 

دون أن تعرف هدفيتك ضمن جسد المؤسسة بالإضافة إلى هدف مؤسستك ضمن المحيط بها، سيكون العاملون حينها مجرد تروس لضمان سير المحرك بوقود الرواتب المقدم لهم لا غير..

أتذكر أني قرأت خبراً عن موظفي شركة كورية جنوبية قدموا رواتبهم التقاعدية لأجل إنقاذ شركتهم من الإفلاس ونجحوا في ذلك..

أتذكّر إني وزملاء العمل عملنا بجد لأشهر عديدة دون رواتب، لإيماننا بهدف شركتنا، ولاندماجنا الجميل فيها، حتى بات صبرنا على غياب الراتب عنّا، ونأتي للعمل وملؤنا الشغف له والابتسامة على مُحيّانا. وهذا أمر قلّما يكون.
ولا أنسى ذلك الموقف الذي نادى فيه مديرنا صديقه، وأخبره بضرورة الذهاب في تلك اللحظة لبيع دراجته النارية الجديدة، وعندما استلم المبلغ نادانا فرداً فرداً وقسّم مبلغ بيع دراجته علينا، لكي نسيّر أمورنا المتعطلة نتيجة غياب الرواتب، لأسباب ليس له يد فيها.

كان ذلك رالمدير، عفواً ليس مديراً بل قائداً ملهماً، هو موسى العالي “رحمه الله”، المدير الإبداعي لإحدى شركات الإبداع التسويقي في البحرين.

وفي هذا الصدد أذكر قصة وصلتني عن السيد Bob Chapman    المدير التنفيذي لشركة Barry Wehmiller الأمريكية، والتي يبلغ تعداد موظفيها قرابة ال 7000موظف. عندما وقعت الأزمة المالية العالمية في 2008، كان من نتاجها إلغاء 30%من صفقات الشركة، وهذا ما سبب لها كارثة تدفعها للاستغناء عن عدد كبير من موظفيها لتوفير 10 ملايين دولار.
هذا الرجل رفض هذا الاقتراح وأصر على بقاء العاملين دون تسريح أحد منهم، وكان على خلاف رأي البقية في مجلس إدارة الشركة.
وخرج ببرنامج ذكي يضمن بقاء العاملين في هذه الأزمة دون إيقاع خلل في ميزانية الشركة أو خسارة له، ، ملخص البرنامج أن يأخذ كل موظف علت رتبته أو قلّت إجازة ٤ أسابيع دون راتب، وليس بالضرورة أخذها دفعة واحدة.

وأعلن هذا الرجل القائد في كلمته للموظفين عند طرح البرنامج بالتالي:

It’s better that we should all suffer a little, than any of us should have to suffer a lot
وهنا وقع القول الحكيم وأثره على الموظفين، فشعروا بالأمان تجاه شركتهم، وبدأوا يتعاونون، فمن كان في جعبته مالاً أخذ أكثر من 4 أسابيع إجازة دون مرتب، ومن لم يستطع اقتصر وأخذ اسبوعان.
ووفرّت الشركة نتيجة لحكمة هذا الرجل وأنسنته للشركة 20 مليون دولاراً، أي ضعف الرقم المستهدف، ومن غير تسريح أي شخص البتّة.

وهنا مربط الفرس، بين مدير ينظر للأرقام، وقائد يعرف قيمة الإنسان.
وتُبنى العلاقة وتتوطّد من هكذا قادة، لتدخل بعمق في مشاعر الموظف أو العامل ويقدم ما بين يديه لعمله، فيقوى بها، وتقوى به، دون تحايل أو سرقة أو فساد أو تنصّل من مسؤولية، وغياب نتاج أو إبداع للتقدّم فيها.

إنّ معظم أفكار التطوير لشركة Toyota تأتي من المقترحات التي يتقدم بها عاملوها..
البيئة المبتكرة لشركة Nike، سبب ملهم لتقديم الأفكار الإبداعية لمنتجاتهم..
ليس هناك شيء يحد تقدم Google في الابتكار وتقديم الجديد، بسبب سياستها المحفزة لموظفيها..
رؤية الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم تحفز العقول لتقديم المميز في إمارة دبي دوماً، وذلك من خلال مبادرات عدّة أشرف عليها شخصياً، لضمان الظفر بشيء ملموس وعملي..
تلك النماذج وغيرها أتت من فهم “لماذا” قبل كل شيء، لذا قدّمت وأنتجت وابتكرت، وغيّرت..



دع الآخرين يتحدثون والأثاث يتجدد!
من المهم لضمان استمرار أي هوية بقوة، وأقول بقوة، وليس بحد الكفاف فقط، أن يتم تجديد روح الفريق العامل فيها، من المراسل حتى المدير نفسه. فما نفع هوية براقة بصرياً وإعلامياً إن كان هذا البريق خافتاً بين ظهراني الموظفين والمنتمين للمؤسسة؟
ومع وجود المنافسة في السوق، ومع الأزمة النفطية التي ستترك أثرها إن عاجلاً أو آجلاً على قطاعات الأعمال عموماً، فلا بد أن تكون روح الفريق الواحدة متأصلة الآن من أي وقت مضى، فضلاً عن استنفار كل القوى الداخلية في المؤسسة لإبراز وتقديم الأفضل والتعاضد كفريق واحد للتصدي لأي أزمة محتملة.

ومن ضمن وسائل الإنعاش للموظفين وتقديم روح جديدة لهم، هي عملية تجديد الهوية، وليس بالضرورة استبدالها، إلا إذا استدعى الأمر ذلك، خصوصاً إذا ما كانت العلاقة فاترة بين الهوية الحالية وموظفيك، وهذه نقطة مهمة، حيث يجب اعتبار الموظفين زبائن داخليين Internal Customer إلى جانب الزبائن الخارجيين External Customer.
  والهوية Brand، يجب أن يكون حضورها قوياً ومتفاعلاً لكليهما إذا ما أردنا التوازن، وإلا سيكون المصير “شيزوفرينيا” لا غير..
دع الآخرين يتحدثون بكل حرية عن ما يجول بخاطرهم أثناء تغيير الهوية من أثاث أو ديكور أو مطبوعات للشركة، ليعبروا عن آرائهم تزامناً مع تغيير مادي يجري بين أيديهم، وبالتالي تكون هناك عملية نقل متوازية بين الأفكار وبيئتهم، وهذا يؤثر بطريقة فعالة حتماً سيكلوجياً وفكرياً للعاملين، ويبث فيهم روحاً جديدة وتحديات جديدة، يمكنهم موازاتها وتخطيها.
وهذا أمر مطلوب مع العام الجديد ومع منافسة لا تتوقف ووضع مالي غير مستقر، ولا تنس أن لديك هوية ورسالة “لماذا” عليك العمل عليها بذكاء وقوة، وبين يديك عاملون يستحقون أكثر من مجرد راتب نهاية الشهر، يستحقون أن يرفعوا هوية شركتك بقوة معك، لأنهم ببساطة مؤمنون بما تؤمن به.

عندها فقط، تكون لدينا هوية سليمة دون “شيزوفرينيا”..
...

شيزوفرينيا: مرض الفصام في الشخصية. 

...


جعفر حمزة
المدير الإبداعي لشركة BOXOBIA