ملحق ألوان
الوسط - المحرر الفني
يرى تلك القطعة من القماش أكثر من مجرد ساتر أو للتجمل، يراها مساحة بيضاء كلوحة يمكن أن يبعث رسائل مختلفة من خلالها إلى الآخر، لذلك تنوّعت رسائله عبر اللباس.
جعفر حمزة المختص في ثقافة الصورة والاقتصاد المعرفي، دأب منذ سنوات على تصميم الملابس التي تحمل رسائل متنوعة وفي مختلف المواضيع، فكان ديدنه التركيز على موضوع معين والعمل على إخراجه ضمن تصميم يقوم هو بالإشراف عليه وارتدائه في حياته اليومية.
يقول جعفر حمزة: «اللباس هو الجلد الثاني للإنسان، واستخدامه كوسيلة تعبير ليست بجديدة عليه في مختلف المجتمعات، سواء باستخدام اللون أو الشكل أو طريقة الارتداء، وبالتالي يكون اللباس رسالة في ذاتها عن الشخصية والتوجه».
ويُضيف: «لم أتوقف عن تصميم الملابس الخاصة بي، التي تنوعّت من رسائل سياسية كتلك التي عن العراق والمجازر التي تحدث فيه، أو تلك الثقافية عبر إبراز جمالية الخط العربي، أو الرسائل الإيجابية والتحفيزية كتلك التي أبرزت الشعر العربي للشاعر الشاب أبي القاسم الشابي، (ومن يتهيّب صعود الجبال يعش أبد الدهر بين الحفر)، وغيرها من الرسائل المختلفة».
وعن آخر تصاميمه، التي تناولت الطائفية يقول حمزة: «هذه المسألة لا تثيرني لوحدي بل تُثير كل غيور على هذه الأمة، وما الطائفية إلا داء عضال يفت في جسم المسلمين ويجعلهم يستنزفون مواردهم المالية والفكرية، عوضاً عن الاستثمار فيما يُصلح شأنهم ويرفع قدرهم في كل ميدان. وكوني مسلماً أرى أن صور إظهار رفض هذه المسألة تأتي من خلال وسائل عملية عبر السلوك الإيجابي مع كل الطوائف الإسلامية، بل وحتى الأديان الأخرى وغير المؤمنين حتى، والقميص الجديد الذي قمت بتصميمه يتناول الطائفية من منظور واقعي ملموس، حيث يُظهر التصميم رسم رجل خليجي وهو يفقأ إحدى عينيه بإصبعه ويُدميها، ومكتوب على القميص عبارة (الطائفية) مثل (اللي يطز عينه بيده)، وهو مثل خليجي معناه (كمثل الذي يفقأ عينه بيده) والتصميم بالأسود والأبيض مع إظهار الدم باللون الأحمر. وتم إخراج التصميم على قميص أبيض ليتضح الدم وعبارة الطائفية المكتوبة باللون الأحمر أيضاً».
وعن ردود الفعل التي تلقاها نتيجة ارتدائه هذا القميص ومع هذه الرسالة، يقول حمزة: «كل الردود التي تلقيتها كانت إيجابية ومُشجعة، وعلى رغم تحفّظ بعضها على إظهار الدم فإنها كانت مؤيدة للرسالة وبقوة».
وبخصوص تصاميمه الشخصية المختلفة وما إذا لاقت رواجاً أو إشادة، يقول حمزة: «حضرت مؤتمر (فكر 8) بالكويت الذي نظمته مؤسسة الفكر العربي، وقد كنت مرتدياً أحد تصاميمي التي تُظهر شعر أبي القاسم الشابي (ومن يتهيب صعود الجبال)، ولفت القميص انتباه الكثير من الأخوة العرب الحضور، وخصوصاً السعوديين، الذي تساءلوا عن وجود مثل هذه التصاميم في السوق، فأخبرتهم بأنها تصاميم للارتداء الشخصي فقط ، وعلى رغم ذلك شجعوا على الفكرة وترقبوا وجود مثل هذه التصاميم في السوق، التي تبرز الجانب المخفي من قوة اللغة العربية والثقافة الإسلامية بصورة عامة».
ومن التصاميم الأخرى والجديدة، ذلك التصميم - الثوري - الذي يتناول التغيير في بيئة العمل، الذي حمل عبارة «غيّر شغلك في قلبك» مع رسم مطرز لقبضة يد حمراء مرفوعة، والتصميم داخل مربع، مغروزة في أطرافه الأربعة أزرار معدنية بارزة.
ويقول حمزة عن التصميم: «إنه أحد أبرز التصاميم التي لفتت انتباه من يراه، فالقماش متين، كذلك الذي يُستخدم في لباس العمّال، مع وجود العبارة في مكان القلب من الأمام.
وتبرز العبارة معاني وتأويلات مختلفة، من بينها أن التغيير يبدأ من القلب أي من الداخل، وهو مفهوم قرآني واضح، فإن أردت تغيير أمر ما، فعليك بتغييره من ذاتك أولاً».
وعن بيئة العمل أيضاً، صمم جعفر حمزة قميصاً تناول فيه موضوع الأنانية والذاتية التي تُفسد العمل، وذلك بكتابة عبارة egos Killing the Business، أي «الأنانية تقتل العمل» وتم تصميمها على قميص أبيض مع وجود بقعة حمراء كدم على عبارة «العمل» كنتيجة لتلك الأنانية.
وعن تصاميمه الجديدة، يقول جعفر: «أفكّر حالياً في تصميم تي شيرت أو قميص خاص بأغنية الأميركي مايكل هيرت، الذي غنّى لضحايا الكيان الصهيوني المقيت في غزّة، وأغنيته هي We will not go down أي لن نخضع أو نتنازل، وتتحدث عن المآسي التي أحدثها الكيان الصهيوني في غزة، والشجاعة والإباء الذي تمتع به أهل الغزة، والصمود الذي سطروه في مقاومتهم للعنجهية الصهيوينة».
يقول حمزة: «تلك القيم والرسائل هي التي يجب أن تظهر على السطح وبقوة، قيم العزة والتغيير الإيجابي وقيم الإسلام والإنسانية لا غيرها، وبعد أن أصمم هذا القميص سأهدي نسخة منه للأخوة في غزة وللمغني الأميركي الشجاع مايكل هيرت، الذي أبدى شجاعة أكبر من نظرائه من المغنين العرب».
يذكر أن كل تصاميم جعفر حمزة يقوم هو بالإشراف عليها، ويتعاون في بعض التصاميم مع فنانين أو مصممين للقيام بها من أجله، وكان تصميم قميص الطائفية من رسم الفنانة السودانية الشابة آلاء مقبول. ويعمل جعفر حمزة مديراً للإبداع لماركة «نبراس»، وهي ماركة محلية لـ «التي شيرتات» الإسلامية، التي تقدم بديلاً عصرياً يحوي رسائل وقيمٌ إسلامية بتصاميم شبابية مختلفة وجذابة.
ويقوم حالياً جعفر حمزة بتأليف كتاب عن اللباس يحمل عنوان: «آدم، من ورقة التوت إلى كيلفين كلاين»، وذلك بعد كتابه الأول «أنا أحب دميتي، سيرة عشق الإنسان لصورته الدمية»
العدد : 2801 | السبت 08 مايو 2010م الموافق 23 جمادى الأولى 1431هـ
1 التعليقات:
١٠ مايو ٢٠١٠ في ١:١١ ص
أنا أيضا ورغم أني لا أحب منظر الدم أجد الفكرة رائعة جدا في هذا الزمن المتشردم...جعفر حمزة يعتمد في كل تصاميمه على خلق فن الصدمة لخلق رد فعل وليس فقط تأثير يتلاشي بعد تلاشي الصدمة...أحببت كل التصاميم وكل تلك القمصان وأتمنى أنا أيضا أن أراها في السوق كي أشتري منها لو تمكنت لأهلي، لأصدقائي ولوطني....ابداعات جعفر حمزة خارج الزمان والمكان وبالتالي تبيح لك كل الجغرافيات الممكنة و تحكيك كل التواريخ غير المزيفة.....تحية لك جعفر حمزة
إرسال تعليق