فراشة «شريعتي» النبيهة..
جعفر حمزة:
ست سنوات ‘’سِمان’’ كان بمقدروها أن تفكك جزءاً لا بأس به من الرموز ‘’المقدسة’’ التي تشربتها وترعرعت عليها ‘’فكراً’’ و’’سلوكاً’’ في مجتمع ديني محافظ، ست سنوات كانت مفاتيح ‘’شريعتي’’ تتوالى عليّ تباعاً لأفتح باباً تلو باب، وهي ليست أبواب عجائب لـ’’أليس في بلاد العجائب’’، ولا أبواب ضياع وتشتت لـ’’نيو’’ في المصفوفة ‘’The Matrix’’، بل أبواب لفك الشيفرات ‘’المُبهمة’’، والتي يصعب الوصول إليها من مداخل طبيعية. فتح هذه الأبواب يتيح لي أن أقرأ ما يحيط بي قراءة بسيطة لا تعقيد فيها ولا ‘’تهويل’’، قراءة ‘’اقرأ’’ فقط. من ‘’سِمان’’ تلك السنوات بدأت قصتي مع شريعتي.
بين خيار اللمس والفتح!
كانت البداية في الفصول الأولى من دخولي جامعة البحرين، حيث العالم الجديد والمهمة الصعبة. كان السيناريو الطبيعي بالنسبة لي كطالب جامعي، هو التحصيل الأكاديمي فقط، لم يخطر ببالي أن الأنشطة الدينية والاجتماعية التي تمرنت عليها في قريتي المالكية، ستدخل معي إلى الجامعة، تلك التي يحك جلدها حساسية دائماً لدى سماعها ‘’أنشطة طلابية’’ خارجة عن فلك قبلتها ‘’الروتينية’’ التي لا شريك لها.
لم يلقَ السيناريو الذي وضعته بداية، صدىً في نفسي، إذ كان المخرج هو غيري ‘’عرفت الله بفسخ العزائم’’ .( ثمة كتيب خجول استلمته من صديقي ‘’علي شمس’’، كان بداية لتبدل الحوار والأدوار ومواقع التصوير، في سيناريو الطالب الجامعي عندي.
تغيير عقلية طلاب الجامعة، كانت المقدمة التي أعارني بها ‘’علي شمس’’ ذلك الكتيب. لم أدرك حينها أن الوريقات الصغيرة التي يضمها عنوان ملفت ‘’النباهة والاستحمار’’ كان المفتاح الأول للبحث عن المفاتيح الأخرى، للغوص عميقاً في الإنسان، والإنسان الشيعي بالخصوص لما لديه من قدرات فكرية غنية تحتاج تفعيلها بصورة أكبر.
ففي كل معتقد سواء كان سماوياً أو أرضياً صحيحاً أو خاطئاً معتقدات وأفكار تضعك في حجرة قد تكون واسعة وقد تكون ضيقة، إلا أن المشترك بينهما هي أن الحجرة لديها أكثر من باب وعلى كل باب ‘’معتقد’’ أو ‘’مقدس’’ أو ‘’ثقافة’’ أو ‘’عُرف’’، ولا يمكنك سوى العيش داخل تلك الحجرة بوجود أبواب لا مفاتيح لها، ما عليك إلا العيش داخلها وكفى.
تلك كانت العقلية ‘’الجامدة’’ لدى الأمم، والتي أرسل لها الله أنبياءه ليخرجوهم من تلك الحجرة إلى فضاء أوسع ‘’ليخرجهم من الظلمات إلى النور’’.
كان الأنبياء وأوصياؤهم يرشدون الناس إلى المفاتيح الصحيحة ليخرجوهم من عتمة المكان الواحد، إلى ضياء الفضاء. أي ضياء ما وراء الأبواب المغلقة.
وتأتي مهمة ناقصي الفهم والمندسين وحكام السلاطين والمثاقلين إلى الأرض ليعطلو عمل تلك المفاتيح من خلال ‘’التلاعب’’ في شفراتها في حياة الأنبياء وبعدها.
لقد كان ‘’النباهة والاستحمار’’ المفتاح الأول الذي لم أدرك معناه جيداً، إلا أنه أشعل فيّ البحث عن المفاتيح الأخرى، فكانت بداية التغيير. لم يكن التغيير في أحلام اليقظة أو عبر أفكار ترسمها الكلمات أو عبر مقال هنا أو خاطرة هناك. بل عملت هذه البداية مع الصديق ‘’علي شمس’’، على غرس أرضية للتغيير انطلاقاً من العمل داخل الجمعيات الطلابية في الجامعة. فكانت صولاتنا عبر شتى القنوات التي استمرت حتى بعد تخرج ‘’علي’’ من الجامعة، فما دام المفتاح معك، فليس من الهم أن يكون معك ألف شخص أو بمفردك، لأن الهدف هو فتح الباب.
عرفتُ كتب’’علي شريعتي’’ من ‘’علي’’، وعرفت ‘’شريعتي’’ من زوايا الضعف التي انتابتني، وعرفته من خلال سلوكيات اجتماعية وعرفية دفعتني أكثر لأعرف من هو ‘’شريعتي’’، الذي زجرني أحد الاخوة في بدايات قرائتي لكتبه، باعتبارها كتب ‘’ضلال’’، ولم أدرك ما وراء الكلمة من دوافع ومبررات، وقد يرددها البعض إلى حد الآن، فلا أدري إن كان الفكر الذي يزيح الطبقات العرفية للدين، ويجعلك تنظر له بلا حواشي ‘’التبرك البارد’’، وبلا صور ‘’المقدسات الساكنة’’ (كصور لا فكر)، لا أدري هل هو ‘’ضلال’’ لأنه يقدم لك الدين من دون ‘’المكسرات المُحلاة’’ الاجتماعية و’’المقبلات الحامضة’’ العرفية، و’’المياه الغازية’’ السلوكية؟!
لقد كنتُ بين خياري الفاجعة والفلاح(1)، فاجعة البقاء داخل الأبواب الموصدة والتقديس والتمجيد لكل باب من دون فتحه أو حتى طرقه، وبين فلاح البحث عن المفاتيح وفتح كل باب باسم الله والتوكل عليه لمعرفته، ‘’أول الدين معرفته’’.
وهي ‘’مسؤولية المثقف’’ التي كنت أضعها في السيارة لزمن(2). يتضاعف شعورك بالمسؤولية ويتحتم عليك الإقدام حتى لو كنت بين فكي الاستهزاء العرفي والاقتراب النَسَبي، كالنبي نوح (عليه السلام)، فبين استهزاء قومه واقتراب ابنه نَسَباَ، رغم السنين الطوال التي قضاها داعياً صباحاً مساءً، خرج ‘’راكباً’’ سفينة المسؤولية المطلقة التي أبعدته تحت نظر الإله عن كل تلك الهموم والتحديات لتبدأ قصة جديدة وحياة جديدة. المثقف أيضاً محصور بين غضبين، غضب العُرف الذي يتصور أن القيام بفتح تلك الأبواب يُسقط قدسية الصورة المعلقة عليها، وبالتالي تنهار ‘’المرجعية الفكرية المقدسة’’، وبين غضب السلطة التي تسمح لك بالحديث عن كل شيء من الله إلى الذرة، ما عدا الحديث تصريحاً أو تلميحاً عن ‘’ألوهيتها’’، فهي لا تُسأل عما تفعل وتسأل عما نفعل، وهي ضد فتح الأبواب أيضاً، فما وراءها قوة لا تستطيع التعامل معها، هل رأيت كيف يجتمع الغضبان، ونتصور أنهما نقيضان؟؟
الفراشة والعثة
كان ذلك تحليقاً بين يدي كتاب ‘’الإنسان والإسلام’’، عبر كتاب ‘’مسؤولية المثقف’’، الذي يرفع يده بـ’’الدعاء’’ ليعرف كيف يكون مثل ‘’الحُر’’، الذي نطق عملاً بأن ‘’التشيع مسؤولية’’، ولكي لا نضع ‘’الإمام علي في محنه الثلاث’’ من جديد(3).
قد تختلط على المرء الكثير من الأمور والتي يدخلها المقدس أو يتم إقحامه إقحاماً للتقريب من هذا أو الابتعاد عن ذاك، ويبقى السؤال كيف السبيل لفك شفرة الإنسانية المطلقة والتي يمثلها الإسلام بأجلى صوره. هذا ما قدّمه كتاب ‘’التشيع العلوي’’ بأسلوب عملي، يملأ الفراغات العملية والروحية، التي يستمدها من روح الإسلام المحمدي الأصيل(4)؟
هل اختلط عليك يوماً الفرق بين الفراشة والعثّة؟ كل منهما له خصائصه التي ‘’تميزه’’ وبالتالي لا مجال للخلط. الأمر سيان في مسألة الخشية من ‘’الخلط’’ بين المقدس الجامد القاتل والمقدس المحرك الفاعل. الفراشة تتحرك نحو الأزهار وتمتص رحيقها، فضلاً عن أنها تستمر في ذلك مرفرفة ناشرة جناحيها لوناً وشكلاً وشاعرية، في حين ‘’تندفع’’ العثة بـ’’جنون’’ نحو ضوء المصباح ‘’النور المطلق’’ لها، و’’تتدافع’’ ويضرب بعضها بعضاً لتسقط في النهاية ميتة بالقرب من ‘’معشوقها’’ القاتل. قد يكون ذلك ‘’مبلغ سعادتها’’ ولا يهمها ما نحلل ونكتب عنها.
شريعتي يحاول أن يجعل من المسلم فراشة لا عثة. فراشة تمتحن رحيق النص، لا عثة يحرقها ضوؤه.
لقد حاول شريعتي عبر كتبه أن يقدم للقارئ مسيرة الفراشة التي ‘’تنتقي’’ الزهرة المناسبة، بدلاً من ‘’اندفاع’’ العثّة نحو ‘’ضوء’’ حتفها المحتوم.
مسبّق العثة وفضاء الفراشة
اقترابي وبعض الاخوة في قريتي من المساحات ‘’المحظورة’’، والمتمثلة في مساءلة بعض العادات والأعراف المتسمة بالدين لباساً، تلك التي لا ينبغي السؤال عنها، فضلاً عن ماهيتها، لم يكن مرحباً به. وأنّى يكون لتلك ‘’الجرأة’’ المتسائلة من ترحيب، وهي الدخول في ‘’المحرم’’، ويكفي من كل ذلك أنه ‘’هذا ما وجدنا عليه آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون’’.
الكثيرون اعتبروها ‘’مراهقة فكرية’’، وكأن تلك المراهقة مرض أو نقص طبيعي، أو بعبارة أخرى ‘’جنون شبابي’’ ولا يمكن أن يُعار أهمية. لكنهم لم يدركوا أن ذلك الجنون الشبابي، هو أصل البحث عن الله والدين. ألم يكن حديث الأنبياء مع قومهم عبر تقديم الأسئلة البديهية من دون ‘’مقدسات’’ مسبقة من الطرفين، ‘’وإنا وإياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين’’؟
قدّم شريعتي من خلال ‘’بديهياته’’ المتمثلة في كتبه ‘’ألف باء’’ معنى الإنسان والإسلام، ودخل في زوايا الكثير من ‘’المقدسات’’ ليستخرج منها حركة تغييرية بدل تلك الزوائد العرفية (لا المعرفية) التي تحولت إلى دين جديد.
ينزعج شريعتي كثيراً من المسبقات الذهنية التي تحول بين الكثيرين، أن يكونوا فراشة تمتص رحيق الأزهار. يتحدث عن شعبه الإيراني قائلاً (ليته لم تكن هناك صورة مسبقة عن الحسين، عن محمد، عن القرآن، عن الإسلام، وأن شعبنا لم يكن له أي تصور ذهني عن الدين، عن الأدب الفارسي، عن التصوف والعرفان، والتاريخ، عن الفلاسفة والحكماء، وعن فنوننا؛ حتى نتكمن - أنا وأمثالي- المثقفين في هذا العصر، من أن نعرّف جيلنا بهؤلاء الأناس الجدد، الإمام الحسين، أبي ذر، ... لا أدري ... ملا صدرا المفكر العظيم، الإمام محمد الغزالي، وفي مثل هذه الصورة فلن يحدث تداع في الذهن للصورة الخرافية الموهومة المنحطة، وعندها فإن الأذهان ستصغي إلى الكلام بصورة منطقية، من دون أن تكون هنالك سابقة ذهنية منحرفة ومنحطة.)
مفهوم شريعتي للمسبق الذهني الذي يحول بين الإنسان وانفتاحه على الأفكار الأخرى والمعتقدات، نسج لي ‘’سجادة’’ بحياكة إيرانية متقنة وبروح إنسانية مطلقة، لأكون في لوحة الله التي خلقها من دون خَلقِ خَلقِه، فبسطت جناحيّ كفراشة تبحث عن رحيق من زهرة إلى أخرى، دون السؤال عن نسب هذه الزهرة ودين تلك!. وإلا لن تعيش الفراشة وستكون علاقتها بالزهرة ‘’مؤدلجة’’ بوجود ذهنية مسبقة، ما حاول ‘’شريعتي’’ تقديمه للناس وكان له كبير الأثر في قراءاتي وتفكيري، هي محاولة إعادة الفراشة إلى طبيعتها، وكانت دعوة الأنبياء لقومهم بالرجوع إلى فطرتهم ‘’صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة’’، أصبحت أفكار العالمين زهوراً وأصبح تحليق الفراشة مفتوحاً، لم ‘’تكره’’ الفراشة أو ‘’تحقد’’ على هذه الزهرة أو تلك، فهي تأخذ الرحيق أينما حلّت، بعكس ‘’العثّة’’ التي ‘’احترقت’’ بضيق رؤيتها، وماتت تحت ظل أو ضوء معتقدها الذي لامجال للحوار أو النقاش فيه، فالمصباح هو الحب المطلق لا سواه، وما عداه سراب.
لقد تمثلّت الفراشة في نمط القراءة التي اتبعه، عبر النافذة التي فتحها لي شريعتي، فكانت لي الزهور ورحيقها، عوضاً عن المصابيح وحرقة ضوئها.
من الصعب أن تفكك الفكر وتعيد بناء مفرداته الأولى عبر قناعة جديدة، إذا كان الفكر مبنياً منذ سنين وبنت عليه أمور أخرى أيضاً.
ما يقدمه شريعتي - مع اختلاف الكثيرين معه - هو محاولة التفكير الأولي للكثير من العناوين التي يرفعها المجتمع إيماناً وممارسة، وبالتالي وجود فرصة لإعادة التفكير يحرك المواقع الجامدة في المجتمع لتتم الاستفادة القصوى من تلك العناوين الموضوعة في ‘’ثلاجة’’ الُعرف تارة والفهم الناقص للدين تارة أخرى.
جرأة أبي ذر وخشبة الخزاعي
لم يكن قول البعض لي أو ‘’نصيحتهم’’ بالتقليل من قراءة شريعتي آتية من فراغ، فشريعتي عاصر فترة حبلى بالتغيرات السياسية والإيدلوجية، عبر تزاحم الكثير من الأفكار التي أرادت أن تثبت نفسها وتستقوي باتباعها، فمن الشيوعية إلى الماركسية، وردود الفعل التي حاولت أن تثبت أنها البديل الأمثل عبر القومية تارة والإسلامية تارة أخرى.
وكانت تلك الأمواج المتلاطمة تحجب رؤية الشاطئ بكامله، مما جعل ‘’التدافع’’ في الأفكار أمراً واقعاً لا بين خط المتدينين بالمعنى العام وخط المبتعدين والمقدمين لمنهج آخر غير الدين، بل كان الصراع بين اتباع كل خط على حدة، وبالتالي كانت الصورة المتوقعة نوعاً ما هو تجاذب بين شريعتي والمفكرين الإسلاميين الآخرين، إلا أن ما يتفق عليه الكثيرون أن شريعتي كان كأبي ذر، لم يتوانَ عن فضح مكائد النظام الشاهنشاهي ومقارعته، ليكون ‘’مشرداً’’ من مدينة إلى أخرى ومن جامعة إلى مدرسة، ومن دولة إلى أخرى، لينتهي به المطاف مسموماً بمسكنه في لندن.
كان لسان حاله مثل الشاعر دعبل الخزاعي، حين قال : (أنا أحمل خشبتي على ظهري منذ خمسين سنة، فلا أجد من يصلبني عليها).
لقد حمل كلمته ‘’الخشبة’’ عبر مؤلفاته ومحاضراته التي اجتذبت آلافاً من الطلبة المتعطشين لنور الإسلام الحركي، الإسلام الذي يبتعد عن تقديسيين، تقديس السلطة وتقديس رجال الدين، فكان نصيبه من الأولى الملاحقة والسجن والقتل، ونصيبه من الثانية التشويه والاتهام بالزندقة.
كانت جرأته كأبي ذر، بسيطاً مباشراً وقوياً وسلساً، وكانت تلك كلماته ‘’كتبه’’ التي جذبت الكثير من الشباب وأنا واحد منهم، يريد أن نفتح صندوق الإسلام ونستخرج كنوزه بدلاً من التغزل ودراسة شكل الصندوق وزخرفته.
لا ينكر أحد دوره في تثقيف الشباب الإيراني خصوصاً أيام الشاه، ليبقى معلماً وطبيباً يدور بطبه بين الناس، يقول الإمام الخميني في حقه : ( لقد أثارت أفكار شريعتي -الشهيد- الخلاف والجدل أحياناً بين العلماء لكنه في الوقت نفسه لعب دوراً كبيراً في هداية الشباب والمتعلمين إلى الإسلام).
ويبين السيد محمود الطالقاني ‘’الحمض النووي’’ الذي اعتمد عليه شريعتي بالقول: (أرجو منكم أن تدرسوا مؤلفاته وأفكاره وأن تطوروا موضوعاتها. ناضلوا وسيروا على الدرب الذي انتهجه شريعتي من أجل تشخيص ومعرفة الإسلام الذي نريد، إسلام الثورة الإجتماعية، لا إسلام تقليدي وذاتي.. فهذا ما كنا ننتمي إليه دوما دون جدوى).
مازالت كتب ‘’الشهيد’’ بانتظاري لقراءتها لتحصيل مفاتيح الأبواب الأخرى، وما زال فكره كالفراشة حتى وإن كان عمرها قصيراً، فاسمها لا يُمحى من اللغة!.
الهوامش
(1) مقتبس من كتاب شريعتي’’الحر، إنسان بين خيار الفاجعة والفلاح’’.
(2) أقصد وضعي لكتاب شريعتي ‘’مسؤولية المثقف’’ في سيارتي لفترة.
(3) الأسماء بين علامتي تنصيص هي بعض كتب الدكتور شريعتي، والتي قرأها الكاتب.
(4) هناك إسلام أموي وعباسي وعثماني وصفوي.
(5) نسبة إلى كونها أولية غير مركبة.
جعفر حمزة:
ست سنوات ‘’سِمان’’ كان بمقدروها أن تفكك جزءاً لا بأس به من الرموز ‘’المقدسة’’ التي تشربتها وترعرعت عليها ‘’فكراً’’ و’’سلوكاً’’ في مجتمع ديني محافظ، ست سنوات كانت مفاتيح ‘’شريعتي’’ تتوالى عليّ تباعاً لأفتح باباً تلو باب، وهي ليست أبواب عجائب لـ’’أليس في بلاد العجائب’’، ولا أبواب ضياع وتشتت لـ’’نيو’’ في المصفوفة ‘’The Matrix’’، بل أبواب لفك الشيفرات ‘’المُبهمة’’، والتي يصعب الوصول إليها من مداخل طبيعية. فتح هذه الأبواب يتيح لي أن أقرأ ما يحيط بي قراءة بسيطة لا تعقيد فيها ولا ‘’تهويل’’، قراءة ‘’اقرأ’’ فقط. من ‘’سِمان’’ تلك السنوات بدأت قصتي مع شريعتي.
بين خيار اللمس والفتح!
كانت البداية في الفصول الأولى من دخولي جامعة البحرين، حيث العالم الجديد والمهمة الصعبة. كان السيناريو الطبيعي بالنسبة لي كطالب جامعي، هو التحصيل الأكاديمي فقط، لم يخطر ببالي أن الأنشطة الدينية والاجتماعية التي تمرنت عليها في قريتي المالكية، ستدخل معي إلى الجامعة، تلك التي يحك جلدها حساسية دائماً لدى سماعها ‘’أنشطة طلابية’’ خارجة عن فلك قبلتها ‘’الروتينية’’ التي لا شريك لها.
لم يلقَ السيناريو الذي وضعته بداية، صدىً في نفسي، إذ كان المخرج هو غيري ‘’عرفت الله بفسخ العزائم’’ .( ثمة كتيب خجول استلمته من صديقي ‘’علي شمس’’، كان بداية لتبدل الحوار والأدوار ومواقع التصوير، في سيناريو الطالب الجامعي عندي.
تغيير عقلية طلاب الجامعة، كانت المقدمة التي أعارني بها ‘’علي شمس’’ ذلك الكتيب. لم أدرك حينها أن الوريقات الصغيرة التي يضمها عنوان ملفت ‘’النباهة والاستحمار’’ كان المفتاح الأول للبحث عن المفاتيح الأخرى، للغوص عميقاً في الإنسان، والإنسان الشيعي بالخصوص لما لديه من قدرات فكرية غنية تحتاج تفعيلها بصورة أكبر.
ففي كل معتقد سواء كان سماوياً أو أرضياً صحيحاً أو خاطئاً معتقدات وأفكار تضعك في حجرة قد تكون واسعة وقد تكون ضيقة، إلا أن المشترك بينهما هي أن الحجرة لديها أكثر من باب وعلى كل باب ‘’معتقد’’ أو ‘’مقدس’’ أو ‘’ثقافة’’ أو ‘’عُرف’’، ولا يمكنك سوى العيش داخل تلك الحجرة بوجود أبواب لا مفاتيح لها، ما عليك إلا العيش داخلها وكفى.
تلك كانت العقلية ‘’الجامدة’’ لدى الأمم، والتي أرسل لها الله أنبياءه ليخرجوهم من تلك الحجرة إلى فضاء أوسع ‘’ليخرجهم من الظلمات إلى النور’’.
كان الأنبياء وأوصياؤهم يرشدون الناس إلى المفاتيح الصحيحة ليخرجوهم من عتمة المكان الواحد، إلى ضياء الفضاء. أي ضياء ما وراء الأبواب المغلقة.
وتأتي مهمة ناقصي الفهم والمندسين وحكام السلاطين والمثاقلين إلى الأرض ليعطلو عمل تلك المفاتيح من خلال ‘’التلاعب’’ في شفراتها في حياة الأنبياء وبعدها.
لقد كان ‘’النباهة والاستحمار’’ المفتاح الأول الذي لم أدرك معناه جيداً، إلا أنه أشعل فيّ البحث عن المفاتيح الأخرى، فكانت بداية التغيير. لم يكن التغيير في أحلام اليقظة أو عبر أفكار ترسمها الكلمات أو عبر مقال هنا أو خاطرة هناك. بل عملت هذه البداية مع الصديق ‘’علي شمس’’، على غرس أرضية للتغيير انطلاقاً من العمل داخل الجمعيات الطلابية في الجامعة. فكانت صولاتنا عبر شتى القنوات التي استمرت حتى بعد تخرج ‘’علي’’ من الجامعة، فما دام المفتاح معك، فليس من الهم أن يكون معك ألف شخص أو بمفردك، لأن الهدف هو فتح الباب.
عرفتُ كتب’’علي شريعتي’’ من ‘’علي’’، وعرفت ‘’شريعتي’’ من زوايا الضعف التي انتابتني، وعرفته من خلال سلوكيات اجتماعية وعرفية دفعتني أكثر لأعرف من هو ‘’شريعتي’’، الذي زجرني أحد الاخوة في بدايات قرائتي لكتبه، باعتبارها كتب ‘’ضلال’’، ولم أدرك ما وراء الكلمة من دوافع ومبررات، وقد يرددها البعض إلى حد الآن، فلا أدري إن كان الفكر الذي يزيح الطبقات العرفية للدين، ويجعلك تنظر له بلا حواشي ‘’التبرك البارد’’، وبلا صور ‘’المقدسات الساكنة’’ (كصور لا فكر)، لا أدري هل هو ‘’ضلال’’ لأنه يقدم لك الدين من دون ‘’المكسرات المُحلاة’’ الاجتماعية و’’المقبلات الحامضة’’ العرفية، و’’المياه الغازية’’ السلوكية؟!
لقد كنتُ بين خياري الفاجعة والفلاح(1)، فاجعة البقاء داخل الأبواب الموصدة والتقديس والتمجيد لكل باب من دون فتحه أو حتى طرقه، وبين فلاح البحث عن المفاتيح وفتح كل باب باسم الله والتوكل عليه لمعرفته، ‘’أول الدين معرفته’’.
وهي ‘’مسؤولية المثقف’’ التي كنت أضعها في السيارة لزمن(2). يتضاعف شعورك بالمسؤولية ويتحتم عليك الإقدام حتى لو كنت بين فكي الاستهزاء العرفي والاقتراب النَسَبي، كالنبي نوح (عليه السلام)، فبين استهزاء قومه واقتراب ابنه نَسَباَ، رغم السنين الطوال التي قضاها داعياً صباحاً مساءً، خرج ‘’راكباً’’ سفينة المسؤولية المطلقة التي أبعدته تحت نظر الإله عن كل تلك الهموم والتحديات لتبدأ قصة جديدة وحياة جديدة. المثقف أيضاً محصور بين غضبين، غضب العُرف الذي يتصور أن القيام بفتح تلك الأبواب يُسقط قدسية الصورة المعلقة عليها، وبالتالي تنهار ‘’المرجعية الفكرية المقدسة’’، وبين غضب السلطة التي تسمح لك بالحديث عن كل شيء من الله إلى الذرة، ما عدا الحديث تصريحاً أو تلميحاً عن ‘’ألوهيتها’’، فهي لا تُسأل عما تفعل وتسأل عما نفعل، وهي ضد فتح الأبواب أيضاً، فما وراءها قوة لا تستطيع التعامل معها، هل رأيت كيف يجتمع الغضبان، ونتصور أنهما نقيضان؟؟
الفراشة والعثة
كان ذلك تحليقاً بين يدي كتاب ‘’الإنسان والإسلام’’، عبر كتاب ‘’مسؤولية المثقف’’، الذي يرفع يده بـ’’الدعاء’’ ليعرف كيف يكون مثل ‘’الحُر’’، الذي نطق عملاً بأن ‘’التشيع مسؤولية’’، ولكي لا نضع ‘’الإمام علي في محنه الثلاث’’ من جديد(3).
قد تختلط على المرء الكثير من الأمور والتي يدخلها المقدس أو يتم إقحامه إقحاماً للتقريب من هذا أو الابتعاد عن ذاك، ويبقى السؤال كيف السبيل لفك شفرة الإنسانية المطلقة والتي يمثلها الإسلام بأجلى صوره. هذا ما قدّمه كتاب ‘’التشيع العلوي’’ بأسلوب عملي، يملأ الفراغات العملية والروحية، التي يستمدها من روح الإسلام المحمدي الأصيل(4)؟
هل اختلط عليك يوماً الفرق بين الفراشة والعثّة؟ كل منهما له خصائصه التي ‘’تميزه’’ وبالتالي لا مجال للخلط. الأمر سيان في مسألة الخشية من ‘’الخلط’’ بين المقدس الجامد القاتل والمقدس المحرك الفاعل. الفراشة تتحرك نحو الأزهار وتمتص رحيقها، فضلاً عن أنها تستمر في ذلك مرفرفة ناشرة جناحيها لوناً وشكلاً وشاعرية، في حين ‘’تندفع’’ العثة بـ’’جنون’’ نحو ضوء المصباح ‘’النور المطلق’’ لها، و’’تتدافع’’ ويضرب بعضها بعضاً لتسقط في النهاية ميتة بالقرب من ‘’معشوقها’’ القاتل. قد يكون ذلك ‘’مبلغ سعادتها’’ ولا يهمها ما نحلل ونكتب عنها.
شريعتي يحاول أن يجعل من المسلم فراشة لا عثة. فراشة تمتحن رحيق النص، لا عثة يحرقها ضوؤه.
لقد حاول شريعتي عبر كتبه أن يقدم للقارئ مسيرة الفراشة التي ‘’تنتقي’’ الزهرة المناسبة، بدلاً من ‘’اندفاع’’ العثّة نحو ‘’ضوء’’ حتفها المحتوم.
مسبّق العثة وفضاء الفراشة
اقترابي وبعض الاخوة في قريتي من المساحات ‘’المحظورة’’، والمتمثلة في مساءلة بعض العادات والأعراف المتسمة بالدين لباساً، تلك التي لا ينبغي السؤال عنها، فضلاً عن ماهيتها، لم يكن مرحباً به. وأنّى يكون لتلك ‘’الجرأة’’ المتسائلة من ترحيب، وهي الدخول في ‘’المحرم’’، ويكفي من كل ذلك أنه ‘’هذا ما وجدنا عليه آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون’’.
الكثيرون اعتبروها ‘’مراهقة فكرية’’، وكأن تلك المراهقة مرض أو نقص طبيعي، أو بعبارة أخرى ‘’جنون شبابي’’ ولا يمكن أن يُعار أهمية. لكنهم لم يدركوا أن ذلك الجنون الشبابي، هو أصل البحث عن الله والدين. ألم يكن حديث الأنبياء مع قومهم عبر تقديم الأسئلة البديهية من دون ‘’مقدسات’’ مسبقة من الطرفين، ‘’وإنا وإياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين’’؟
قدّم شريعتي من خلال ‘’بديهياته’’ المتمثلة في كتبه ‘’ألف باء’’ معنى الإنسان والإسلام، ودخل في زوايا الكثير من ‘’المقدسات’’ ليستخرج منها حركة تغييرية بدل تلك الزوائد العرفية (لا المعرفية) التي تحولت إلى دين جديد.
ينزعج شريعتي كثيراً من المسبقات الذهنية التي تحول بين الكثيرين، أن يكونوا فراشة تمتص رحيق الأزهار. يتحدث عن شعبه الإيراني قائلاً (ليته لم تكن هناك صورة مسبقة عن الحسين، عن محمد، عن القرآن، عن الإسلام، وأن شعبنا لم يكن له أي تصور ذهني عن الدين، عن الأدب الفارسي، عن التصوف والعرفان، والتاريخ، عن الفلاسفة والحكماء، وعن فنوننا؛ حتى نتكمن - أنا وأمثالي- المثقفين في هذا العصر، من أن نعرّف جيلنا بهؤلاء الأناس الجدد، الإمام الحسين، أبي ذر، ... لا أدري ... ملا صدرا المفكر العظيم، الإمام محمد الغزالي، وفي مثل هذه الصورة فلن يحدث تداع في الذهن للصورة الخرافية الموهومة المنحطة، وعندها فإن الأذهان ستصغي إلى الكلام بصورة منطقية، من دون أن تكون هنالك سابقة ذهنية منحرفة ومنحطة.)
مفهوم شريعتي للمسبق الذهني الذي يحول بين الإنسان وانفتاحه على الأفكار الأخرى والمعتقدات، نسج لي ‘’سجادة’’ بحياكة إيرانية متقنة وبروح إنسانية مطلقة، لأكون في لوحة الله التي خلقها من دون خَلقِ خَلقِه، فبسطت جناحيّ كفراشة تبحث عن رحيق من زهرة إلى أخرى، دون السؤال عن نسب هذه الزهرة ودين تلك!. وإلا لن تعيش الفراشة وستكون علاقتها بالزهرة ‘’مؤدلجة’’ بوجود ذهنية مسبقة، ما حاول ‘’شريعتي’’ تقديمه للناس وكان له كبير الأثر في قراءاتي وتفكيري، هي محاولة إعادة الفراشة إلى طبيعتها، وكانت دعوة الأنبياء لقومهم بالرجوع إلى فطرتهم ‘’صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة’’، أصبحت أفكار العالمين زهوراً وأصبح تحليق الفراشة مفتوحاً، لم ‘’تكره’’ الفراشة أو ‘’تحقد’’ على هذه الزهرة أو تلك، فهي تأخذ الرحيق أينما حلّت، بعكس ‘’العثّة’’ التي ‘’احترقت’’ بضيق رؤيتها، وماتت تحت ظل أو ضوء معتقدها الذي لامجال للحوار أو النقاش فيه، فالمصباح هو الحب المطلق لا سواه، وما عداه سراب.
لقد تمثلّت الفراشة في نمط القراءة التي اتبعه، عبر النافذة التي فتحها لي شريعتي، فكانت لي الزهور ورحيقها، عوضاً عن المصابيح وحرقة ضوئها.
من الصعب أن تفكك الفكر وتعيد بناء مفرداته الأولى عبر قناعة جديدة، إذا كان الفكر مبنياً منذ سنين وبنت عليه أمور أخرى أيضاً.
ما يقدمه شريعتي - مع اختلاف الكثيرين معه - هو محاولة التفكير الأولي للكثير من العناوين التي يرفعها المجتمع إيماناً وممارسة، وبالتالي وجود فرصة لإعادة التفكير يحرك المواقع الجامدة في المجتمع لتتم الاستفادة القصوى من تلك العناوين الموضوعة في ‘’ثلاجة’’ الُعرف تارة والفهم الناقص للدين تارة أخرى.
جرأة أبي ذر وخشبة الخزاعي
لم يكن قول البعض لي أو ‘’نصيحتهم’’ بالتقليل من قراءة شريعتي آتية من فراغ، فشريعتي عاصر فترة حبلى بالتغيرات السياسية والإيدلوجية، عبر تزاحم الكثير من الأفكار التي أرادت أن تثبت نفسها وتستقوي باتباعها، فمن الشيوعية إلى الماركسية، وردود الفعل التي حاولت أن تثبت أنها البديل الأمثل عبر القومية تارة والإسلامية تارة أخرى.
وكانت تلك الأمواج المتلاطمة تحجب رؤية الشاطئ بكامله، مما جعل ‘’التدافع’’ في الأفكار أمراً واقعاً لا بين خط المتدينين بالمعنى العام وخط المبتعدين والمقدمين لمنهج آخر غير الدين، بل كان الصراع بين اتباع كل خط على حدة، وبالتالي كانت الصورة المتوقعة نوعاً ما هو تجاذب بين شريعتي والمفكرين الإسلاميين الآخرين، إلا أن ما يتفق عليه الكثيرون أن شريعتي كان كأبي ذر، لم يتوانَ عن فضح مكائد النظام الشاهنشاهي ومقارعته، ليكون ‘’مشرداً’’ من مدينة إلى أخرى ومن جامعة إلى مدرسة، ومن دولة إلى أخرى، لينتهي به المطاف مسموماً بمسكنه في لندن.
كان لسان حاله مثل الشاعر دعبل الخزاعي، حين قال : (أنا أحمل خشبتي على ظهري منذ خمسين سنة، فلا أجد من يصلبني عليها).
لقد حمل كلمته ‘’الخشبة’’ عبر مؤلفاته ومحاضراته التي اجتذبت آلافاً من الطلبة المتعطشين لنور الإسلام الحركي، الإسلام الذي يبتعد عن تقديسيين، تقديس السلطة وتقديس رجال الدين، فكان نصيبه من الأولى الملاحقة والسجن والقتل، ونصيبه من الثانية التشويه والاتهام بالزندقة.
كانت جرأته كأبي ذر، بسيطاً مباشراً وقوياً وسلساً، وكانت تلك كلماته ‘’كتبه’’ التي جذبت الكثير من الشباب وأنا واحد منهم، يريد أن نفتح صندوق الإسلام ونستخرج كنوزه بدلاً من التغزل ودراسة شكل الصندوق وزخرفته.
لا ينكر أحد دوره في تثقيف الشباب الإيراني خصوصاً أيام الشاه، ليبقى معلماً وطبيباً يدور بطبه بين الناس، يقول الإمام الخميني في حقه : ( لقد أثارت أفكار شريعتي -الشهيد- الخلاف والجدل أحياناً بين العلماء لكنه في الوقت نفسه لعب دوراً كبيراً في هداية الشباب والمتعلمين إلى الإسلام).
ويبين السيد محمود الطالقاني ‘’الحمض النووي’’ الذي اعتمد عليه شريعتي بالقول: (أرجو منكم أن تدرسوا مؤلفاته وأفكاره وأن تطوروا موضوعاتها. ناضلوا وسيروا على الدرب الذي انتهجه شريعتي من أجل تشخيص ومعرفة الإسلام الذي نريد، إسلام الثورة الإجتماعية، لا إسلام تقليدي وذاتي.. فهذا ما كنا ننتمي إليه دوما دون جدوى).
مازالت كتب ‘’الشهيد’’ بانتظاري لقراءتها لتحصيل مفاتيح الأبواب الأخرى، وما زال فكره كالفراشة حتى وإن كان عمرها قصيراً، فاسمها لا يُمحى من اللغة!.
الهوامش
(1) مقتبس من كتاب شريعتي’’الحر، إنسان بين خيار الفاجعة والفلاح’’.
(2) أقصد وضعي لكتاب شريعتي ‘’مسؤولية المثقف’’ في سيارتي لفترة.
(3) الأسماء بين علامتي تنصيص هي بعض كتب الدكتور شريعتي، والتي قرأها الكاتب.
(4) هناك إسلام أموي وعباسي وعثماني وصفوي.
(5) نسبة إلى كونها أولية غير مركبة.
0 التعليقات:
إرسال تعليق