في برنامج مسامرات والذي يبث اليوم على «الوسط أونلاين»
حمزة: الدمية تصنيع للهوية
الوسط - محرر فضاءات
صدر للباحث جعفر حمزة كتاب «أنا أحب دميتي» سيرة عشق الإنسان لصورته الدمية وكان لبرنامج مسامرات لقاء معه، إذ أشار إلى أنه ينظر للدمية باعتبارها تعيد تصنيع الهوية إذ تتبع الدمية وقصتها من أين بدأت وإلى أين انتهت وإلى أين وصلت، وما نقدمه نحن كثقافة عربية وإسلامية بالنسبة لدمى الأطفال وما هي البدائل في هذه السوق المحتدة من الصراع فيما يتعلق بسوق الأطفال والذي يدر الملايين فأين صناعة الثقافة العربية من خلال صورة الدمية؟
هل لك أن تعرفنا بكتابك أنا أحب دميتي في بطاقة تعريفية سريعة؟
- اسم الكتاب «أنا أحب دميتي» والعنوان الفرعي هو سيرة عشق الإنسان لصورته الدمية، وهو كتاب من الحجم الصغير في 112 صفحة وقام بطباعة الكتاب مركز الشيخ إبراهيم للدراسات والبحوث، والكتاب لا نستطيع أن نصنفه ضمن صنف معين مثل الدراسات الإنسانية أو التاريخية إنما هو خليط وهجين بين الكتابة الروائية والبحث العلمي.
ما الموقف الذي تقفه من الدمية أو ما الموقف الذي يصنعه الكتاب من الدمية ثقافيا باعتبارها امتدادا لهوية، باختصار ما مشكلتك مع الدمية؟
- بطبيعة الحال ليست لي مشكلة مع الدمية بقدر ما هي لديها مشكلة معي، فالدمية تمثل عنصر بحث يستفز الباحث ليقرأ ما بين السطور فيما يتعلق بالسلوكيات اليومية وخصوصا عندما نتكلم عن مصنع ثقافي أو مصنع هوية وأبرز دلالة أو مصداق على المصنعات الثقافية هي الدمية، كونها تتفاعل مباشرة مع الطفل سواء كان ذكرا أو أنثى وخصوصا الأنثى (البنات الصغار)، مشكلتي أو مشكلة الدمية معي أني بحثت في زاوية لم يبحث عنها أحد من قبل كون هذه الزاوية نوعا ما تستفز الباحث، وتجعله يبحث في التفاصيل، كل هذه الدمى لا تمثل ثقافتنا، ماعدا ما شذ ونذر من قبيل فلة وسارة ودارة التجربة الإيرانية، وفلة التجربة العربية التي نفتخر بها برغم كل الملاحظات.
بدأت مع فكرة الدمية من خلال مجموعة من المقالات والتي تحولت فيما بعد لكتاب هل تحدثنا عن تفاصيل هذه الرحلة.
بدأت القصة بملاحظتي لإحدى الفتيات الصغيرات في أحد المجمعات وهي تحدق بنظراتها كالعاشق للدمية تسمرت في مكانها وهي تنظر إلى باربي وإلى برتس، هذا الموقف الذي لم يتجاوز ثواني معدودات استوقفني وقلت في نفسي ما سر هذا الانجذاب بين قوسين هذا (العشق) الذي يجذب هذه الفتاة الصغيرة التي يتعدى سنها 12 إلى دمية مصنوعة من مجرد قطع بلاستيك، ومجرد قطع ثياب صغيرة ما هو السر؟ بناء على هذا الموقف كتبت في بعض المقالات في إحدى الصحف المحلية ومن هذه الصحف تحول الأمر من مجرد عمود إلى مقال صحيفة «الميثاق» بداية ومن ثم تحول إلى موضوع رئيس في مجلة القافلة إلى السعودية وكان موضوع الغلاف عن الدمية كان بيني وبين باحثة مصرية تكلمت عن الدمى كصناعة حرفية وهي الباحثة نادين صبري، وبعدها تلقيت الدعم من كثير من الأصدقاء والقريبين وخصوصا زوجتي في أن أدفع بهذا البحث إلى أن يكون كتابا مستقلا.
الكلام عن الدمية يتسع للكثير فما أهم الموضوعات التي عالجتها في الكتاب؟
- سميت فصول الكتاب بالأغلفة وعرضت موضوعات البحث عبر 5 فصول أو 5 أغلفة، منذ تاريخ ظهور الدمية من ناحية انثربولوجية، مرورا بالمنعطفات التاريخية كصناعة الدمى وما يتعلق بالحربين الحرب العالمية الأولى والثانية وصولا إلى المعمرة باربي التي مر عليها أكثر من 50 عاما وقصتها من أين بدأت وإلى أين انتهت وهي لم تنته إلى حد الآن وإلى أين وصلت، والغلاف الرابع يتكلم عن منافستها الشرسة وهي الدمية براتس وهي أيضا أميركية ووصولا إلى الفصل الـ 5 وهي ما نقدمه نحن كثقافة عربية وإسلامية وما هي البدائل في هذه السوق المحتدة من الصراع فيما يتعلق بسوق الأطفال والذي يدر الملايين فأين صناعة الثقافة العربية من خلال صورة الدمية، هذه هي الفصول الـ 5 التي حاولت قدر الإمكان أن أسلط الضوء فيها على الدمية وأهز القارئ العربي أولا والقارئ الغربي ثانيا بسوق واعدة وسوق تؤثر في الثقافة كما تؤثر في أسهم الشركات المساهمة في مثل هذه الصناعة.
تتبعت مراحل تطور الدمية وكيف انتقلت من مرحلة إلى مرحلة أخرى ما أهم الصعوبات التي واجهتك كباحث في تتبع موضوع دقيق طريف كهذا الموضوع (الدمية)؟
- موضوع الدمية وإن كان من المواضيع الهامشية كما أشار أحد النقاد ولكن ليست الهامشية غير ضرورية، هي موضوع هامشي في حياتنا اليومية ولكنها موضوع أساسي في سلوكنا اليومي أيضا، وهو ما يتطرق إليه كثير من الكتاب الغربيين عندما يحلل أمرا ما ونعتبره نوعا ما هامشيا مثل قضية اللباس أو قضية سلوك ما صحي بسيط جدا ولكن الباحث يركز الضوء عليه ويستقرئه ويستخرج منه الدلالات الكبيرة التي من خلالها نقرأ المجتمع، هذا الموضوع بطبيعة الحال هو الأول من نوعه حسب علمي في المكتبة العربية الذي يتطرق إلى صناعة الدمى كثقافة وكفكر واقتصاد وما يسمى بتصنيع الهوية، هناك الكثير من الكتب التي تناولت الدمية كصناعة حرفية لكن كصناعة ثقافية لا يوجد إلى حد الآن والصعوبة في طبيعة الحال كانت في المصادر، إذ 95 في المئة من المصادر هي باللغة الإنجليزية والفرنسية، وهذا لا يشكل صعوبة بقدر ما يشكل نوعا من الحزن عندما لا نرى تطرقا لمثل الموضوع باللغة العربية، هذه العقبة الأولى إن صح التعبير، والعقبة الحرفية في أخذ هذه المصادر باللغة الإنجليزية وتحويلها ووضعها في قالب باللغة العربية كما هو موجود في الكتاب والذي يتخذ من الأسلوب الأدبي الروائي المحاكي بين المؤلف وبين الدمية سياقا تعبيريا لهوية الكتاب، فكانت الصعوبة بمكان أن تنتقل من مصدر غربي بحت اللغة العلمية الموجودة فيه إلى اللغة العربية ومن اللغة العربية إلى صيغة الرواية.
قرأت الدمية كحالة ثقافية وتربوية وبالطبع هناك مؤسسات ثقافية تلقتك، كيف كان طبيعة التلقي من قبل المؤسسات التربوية والثقافية أو من قبل الأطفال أو الكبار؟
- بطبيعة الحال ليس هناك مقياس يستطيع من خلاله الكاتب أن يعرف مدى تلقي المؤسسات أو غيرها للكتاب ولكن معظم التلقي كان من قبل النقاد، من قبل المثقفين من قبل من يهتم بالقراءة بصورة عامة سواء كان في البحرين أو الكويت نتيجة وجود فعاليات كانت مصاحبة للصدور في الكويت أو في البحرين من قبل أسرتي الكتاب والأدباء لهذا الكتاب ومن الطريف في الأمر خصوصا في الكويت أن 6 صحف غطت هذه الفعالية و4 صحف منها تكلمت عن الكتاب كأنه رواية ووصفتني بأني شاعر، غير أن كل مراسلي الصحف الموجودين يعرفون طبيعة الكتاب وأنني لست بشاعر إنما مجرد باحث، فهذا الخلط يشير إلى أن هذا الكتاب مؤثر بسبب الجدة وأن الموضوع جديد نوع ما في المكتبة العربية وملفت لدرجة أنهم وصفوني بالشاعر وأنا لست بشاعر، ووصفوا الكتاب بأنه رواية وهو ليس رواية.
ماذا عن المؤسسات التربوية وخصوصا أن الموضوع يتعلق بالطفل وعلاقته بالدمية؟
- بطبيعة الحال لغة الكتاب لا تندرج تحت اللغة الموازية لعقلية الطفل، اللغة نوعا ما أدبية، أو علمية وهي لا تناسب الطفل، ليس لأنها معقدة وإنما لا يستسيغها، طبيعة الحال هي ليست رواية أو قصة قصيرة أو كتابا علميا بلغة بسيطة بحيث يتناسب مع الطفل هذا الكتاب موجه إلى كل من يهتم بهذا الموضوع. لحد الآن ليس هناك تفاعل بين وواضح وملموس ومقروء لمثل هذه المؤسسات مع هذا الكتاب إلا أن ما استهدفته في الكتاب هو المحاكاة ومحادثة صناع القرار، على سبيل المثال نايف المطوع مثلا صاحب فكرة سلسلة... 99 شخصية بالإضافة إلى فلة وانيو بوي السورية بالإضافة إلى مسلسل فريج لمحمود سعيد حارب المخرج، هؤلاء هم الذين استهدفهم لأنهم هم صناع القرار وهم صناع الدمية وهم صناع الهوية، أنا أخاطب من يهتم بهذا الأمر من ناحية مالية تسويقية ومن يهتم بهذا الأمر من ناحية مشروع وكفكرة فلذا حتى قبل أن أطبع هذا الكتاب أرسلت أكثر من نسخة إلى هذه الجهات وغيرها لكي يتفاعلوا ويوجد بعض التعليقات في نهاية الكتاب لهذه الجهات، أما كمؤسسات تربوية فمن المفروض أن يكون هناك تفاعل بما أن الكتاب يتكلم عن مثل هذه الفئة العمرية المهمة جدا، ولكن الحقيقة والحقيقة تقول ليس هناك تفاعل.
هل لديك خطة لتطوير الكتاب في شكل مطبوع يخاطب الطفل ويقدم الرسالة إليه بشكل مباشر؟
- هناك طريقتان للتفاعل مع هذا الأمر إما أن تخاطب الطفل وهو ليس صاحب القرار بنسبة 100 في المئة أو تخاطب ولي أمره سواء كانت مؤسسات تربوية من مصنعين أو مسوقين أو أصحاب رؤوس الأموال وأنا مع الخيار الثاني وهو مخاطبة أصحاب القرار في هذا الشأن وليس مخاطبة الطفل مباشرة، لذا الخطوة الآتية ليست في تصغير الحجم سواء كان لغة أو شكلا وإنما هو في تطويره بطريقة مختلفة كونه الكتاب الأول من نوعه في هذا المجال الذي يطرق هذا الباب وأسميه باب «ألس في بلاد العجائب» لأني دخلت في حفرة عميقة جدا، لذا الخطوة القادمة هي تطوير الكتاب من ناحية وضعه إلكترونيا إذ سيكون هناك موقع إلكتروني خاص ليس فقط للتصفح إنما كل ما يستجد حول العالم في هذه الصناعة سواء كان ما يتعلق بالفيديو أو ما يتعلق بالصوتيات والمقالات بأي لغة، في طبيعة الحال ستكون فقط اللغة العربية والإنجليزية وكل ما يستجد من أخبار.
هل تعمل على تطوير الكتاب في طبعة ثانية بإضافة أو توسيع ما درسته في كتاب آخر مثلا، وما جديك أو ما مشروعك القادم؟
- بالنسبة إلى هذا الكتاب مثل ما ذكرت سابقا سيتم وضعه في المجال الافتراضي أي وضعه من خلال موقع إلكتروني وبالإمكان بعد فترة تنزيل هذا الكتاب مجانا للكل لأن الغرض منه ليس تجاريا بل ثقافي بحت، بطبيعة الحال سيكون مدعوما بأمور أخرى، عندما نتكلم عن ثقافة صورة سيكون هناك فيديو وصور وحتى صور من الواقع سواء كان في المجتمع المحلي أو المجتمع الأجنبي فيما يتعلق بهذا الموضوع وكل ما يستجد من خبر في العالم من أخبار وإلى غير ذلك سيكون موجودا في هذا الموقع بما يعني أن هذا الموضوع حيوي وليس مختصا بجانب معين، أما بالنسبة للجديد أنا أعمل حاليا على تأليف كتاب يتعلق بثقافة اللباس عند الغرب وتحولاته الثقافية أي من خلال الجانب الديني البحت من خلال الإنجيل الكتاب المقدس عند المسيحيين مرورا بالعصر الفكتوري وعصر التطورات عصر الظلام أو عصر الظلمة كما يقولون في القرون الوسطى وصولا إلى الآن، كيف تحول اللباس إلى تصنيع هوية وإلى انعكاس لثقافة الجسد لثقافة الغريزة كما يقول البعض عند الغربيين، فكيف تحول هذا الجلد الثاني ألا وهو اللباس من مجرد ستر ومن مجرد حشمة عند المسيحيين في فترة معينة وصولا إلى الآن كما نرى نوعا من الإسقاط على مفهوم الجسد عند الغربيين وتحوله إلى صناعة وهوية بطريقة مغرية غريبة تستحق الدراسة، فهذا هو الكتاب الجديد أتناول فيه تحولات اللباس في المفهوم الغربي وعنوان الكتاب أخص به «الوسط» وهي أول جهة إعلامية ستسمع هذا الخبر سيكون عنوان الكتاب «آدم من ورقة الزيتون إلى كلفن كلاين» كلفن كلاين وهي الماركة المعروفة للجينز المتعارف عليه فلمَ هذا التحول من ورقة الزيتون المفهوم الإنساني إلى المفهوم التجاري هذا هو الجديد.
العدد : 2729 | الخميس 25 فبراير 2010م الموافق 11 ربيع الاول 1431هـ
المقابلة الصوتية موجودة في موقع الصحيفة والموقع الآخر لي www.scrambledpaper.com
1 التعليقات:
١ مارس ٢٠١٠ في ٣:٣٩ ص
هو يستحق أكثر من مجرد مقابلة...جعفر حمزة فضح بعض المسكوت عنه في الثقافة العربيةوالاسلامية...من قال أن الدمى موضوع هامشي أو قد تكون كذلك فهو لا يعيش في مجتمع عربي مسلم...من يقول أن الدمى ليست جزءا من الثقافة العربية فهو أيضا ليس جزءا منها....كل فرد منا كانت له لحظات مع دميته سواء كانت خشبية بلاستسكية جلدية حريرية أو انسان من لحم ودم.....ومن لم تكن له فهو فوت لحظات طفولة أو حرم منها وستسكن بدلخله لحين يعوضها في الكبر أو يعوضها في أبنائه من خلال تمتيعهم بما حرم منه....جعفر حمزة....كشف عن جزء بسيط جدا من المسكوت عنه في مجتمعاتنا وأسرنا من خلال مؤلفه "أنا أحب دميتي " وأنا أحييه على شجاعته وأتمنى لك مزيدا من النجاحات
إرسال تعليق