أباذر أم روبن هود؟ من نحتاجه فينا أكثر؟


أباذر أم روبن هود؟
من نحتاجه فينا أكثر؟

جعفر حمزة

الناظر المنصف لملفات عديدة في هذا الوطن العزيز، يقع في حيرة من أمره لينزع جلده من على جسده ويرى ما بداخله من إنسان يود إحداث الأثر ورسم خارطة جديدة له.




من نحتاج هنا؟
روبن أو أبا ذر؟

فملف الإسكان يترنح بين ضربات متنفذ وتقاعس وزارة وتخبط رؤية.
وتكفي دلالة سور بين بيتين ها هنا
فعلى ضفة ترى بيوت "قوس قزح" متربعة زاهية ليد "تحمي" الوطن، وعلى الضفة الأخرى ترى "أطلال" بيت ذكي تم تسويقه حتى بُلّت شفاه بائعي الكلام عنه، وما بينهما ترى أعجوبة العصر الحديث في هذه الجزيرة "سور البحرين العظيم"
دون حتى إشارة ماهية" موقع المشروع" المكتفي بلافتة صغيرة، و"انتهينا".

******

من نحتاج هنا؟
روبن أو أبا ذر؟


عفواً، قبضنا عليكم بالخطأ، واعذرونا بعد اتهام وتخبط في التحقيق، ويمكنكم الذهاب الآن لبيوتكم

لم يك ذلك الكلام ولن يكون بعد قبض "المتهمين" على الإعتداء على الصحفي بجريدة الوطن البحرينية "أبوزيتونة
"
بعد حبس و"ما خفي كان أعظم"، لم يك المقبوض عليهم هم من هاجموا الصحفي، بعد أن ذكر الأخير مواصفات تختلف عن من هاجموه!!

عفا اااه عما سلف و"انتهينا"

******

من نحتاج هنا؟
روبن أو أبا ذر؟

تتكالب الشركات من كل حدب وصوب لاقتسام الغنيمة الأضخم في المنطقة بعد فوز دولة قطر باستضافة كأس العالم لسنة ٢٠٢٢
من السعودية والإمارات وهم الأقرب ومن كل بقاع العالم، ونبقى نحن الجار القريب من دولة قطر دون حراك ! لماذا؟

وقد تم تعطيل ماكينة العمل على جسر قطر البحرين، بعد أن وضع "أحدهم" مفكاً" في عجلة المضي في العمل.
وسيتم خسران الكثير من الفرص الاستثمارية التي تجر ورائها آلاف الوظائف وانتعاش السوق المحلية في جميع المجالات.

و"انتهينا"

******

من نحتاج هنا؟
روبن أو أبا ذر؟

شخص يغتصب ويُفجع عائلة بأكملها وأكثر، فما جزائه إلا بضع أشهر أو سنين قصار، ويعود ويعود ويعود
وعند جار لنا "الإمارات" يحكم على المغتصب بسنين ينسى معه وفيها اسمه وما هو
و""انتهينا"

*****
ولئن سردت ما حاصل، سنحتاج لدليل الصفحات الصفراء هناللحديث عن عناوينها فقط، لا تفاصيلها

فمن نحتاج هنا

روبن هود بشجاعته "اللاقانونية" ليأخذ من "تخمة" الغني ويقدمها لفقراء المدينة من معقله بغابة "شيروود"؟
أو أبا ذر "سليط اللسان"-كما يخفف أعدائه في وصفه- الذي كان إذاعة متنقلة دون أقنعة ولا ركوع ولا سجود للحاكم حينها، فكانت "الوحدة" نصيبه حياة وموتاً ودفناً

******
قد لا نحتاج أياً منهما

فقط بحاجة إلى أن نُوقظ الطفل الفطري فينا لنسأل ونُحدث بعد السؤال أثر عناد الطفل في أخذ ما يريد، ما نريد إلا فطرة وعقلاً تجر حقوقاً تضيق ببعض وتكون فسحة أمل لآخر..

******

من نحتاج هنا؟
روبن أو أبا ذر؟

أو فقط نحتاج "نحن"

ألا هل من ناصر ينصرنا؟




قراءة في حركة الموقف والزمن لتلبية النداء


جعفر حمزة

هو النداء الذي أطلقه الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) ابن بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) في واقعة الطف الكبرى سنة 61 هجرية. والتي اُستشهد فيها هو وأهل بيته وأصحابه، بعد أن وقف كالطود الشامخ في قبال موقف يزيد بن معاوية الذي لم يقترب من دائرة الإنسانية في موقعه كحاكم غير شرعي للأقطار الإسلامية فضلاً عن إسلامه قط.

ذلك النداء “الحُجّة” الذي أطلقه سبط رسول الله ليرفعه راية على رؤوس الأشهاد ممن حضر معركة الحق والباطل ليراه كل من حضر المعركة ويسمعه، لتكتمل حَلَقَة الحجج التي عرضها الإمام الحسين (عليه السلام) على المعسكر المُرسل من الخليفة غير الشرعي آنذاك يزيد بن معاوية بن أبي سفيان بقيادة عمر بن سعد.
ذلك النداء في استنهاض الإنسان في كل فرد ممن سمع النداء، هو نداء العزّة لمن استجابه، وهو ما كان يرمي إليه الإمام الحسين منه، فهو لم يكُ ذليلاً قط ليستجدي نصرة الآخر من موقف الضعف، وهو القائل “والله اني لا أرى الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين إلا برما”.
وهو على علم بما سيؤول إليه من مصير في ذلك اليوم العاشر من محرم الحرام، بقوله
“ كأني بأوصالي هذه تقطعها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلاء”.
فإن كان يعلم الحسين بموقف كلا المعسكرين من قضية خروجه لإحقاق الحق وإزهاق الباطل ضمن عملية متسلسلة لكسر أصنام البرجوازية المتدثرة بالإسلام أسماً وبإمرة يزيد بن معاوية وبعنوان “إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي”، وهو الذي خبر وأخبر أصحابه، ويعرف موقف معسكر يزيد بن معاوية بقيادة عمر بن سعد.
فلمَ أطلق هذا النداء في صحراء كربلاء وهو في نيّف وسبعين ناصراً له لا غير في قبال جيش جرّار أقل التقادير التاريخية تعده بالثلاثين ألف رجل؟
هل كان يأمل بأن “يستميل” أو “يتأثر” من في جيش يزيد وينضموا لمعسكره؟وهو أمر مستبعد عن شخص الإمام الحسين، وإن كان كذلك فكم عدد من سيتحوّل إلى معسكره من ذلك الجيش؟
بحسب الظروف التي رسمت جو المعركة، لم يكُ ذلك الأمر وارداً بحيث يكون هناك تغيير في ميزان القوى العسكرية في المعركة، فالجيش الجرار الآتي من الكوفة وأطرافها بإمرة عمر بن سعد الطامع في مزايا تَمَلُّكٍ يطمح إليه، ذلك الجيش يعرف من سيقاتل وهو على علم بموقفه الباطل من المعركة إلا أن أولوياته في تلك اللحظة لا تأخذ الحق في الحسبان، بل كانت الدراهم والجاه لقادة وجيش يزيد هو الأهم لا غير، ولو كان على حساب قتل ابن بنت رسول الله، وهم العارفون بمنزلة من سيقاتلون، ويتضح ذلك من خلال كلامهم مع أصحاب الحسين والحسين نفسه قبل وأثناء المعركة، وبعدها في خطابهم لابن زياد حاكم الكوفة والخليفة غير الشرعي يزيد بن معاوية في الشام.
فلم إذاً رفع الإمام الحسين ذلك النداء مع لحاظ كل هذه الظروف وهو العالم بها؟
قالها من قلب يحوي الكون كله بما فيه أعدائه، وقلبه من قلب كل الأنبياء المُشفقين على قومهم الظالمين لهم والجاهلين بحقهم، فقد بكى الإمام الحسين في المعركة لا لذلة أو ضعف فيه وهو الطود الشامخ في العزة والكرامة، وعندما سُأل عن سبب بكائه، قال “إنما أبكي عليهم لأنهم سيدخلون النار بسببي”.
ذلك القلب الكوني الذي يحوي تحت قبته كل إنسان لإنسانيته من باب “الناس صنفان إما أخٌ لك في الدين أو نظيرٌ لك في الخلق”، وقد خرج المعسكر اليزيدي من ذينك البابين معاً.
فلا هم بذي ديانة لتوقفهم تعاليمه ولا بذي عروبة ليمتنعوا من الهجوم على النساء والأطفال، فقد جاء الشمر بن ذي الجوشن-وهو الذي قطع رأس الإمام الحسين- في جماعة من أصحابه وحالوا بين الإمام الحسين وبين رحله الذي فيه ثقله وعياله، فصاح الحسين فيهم: “ويلكم يا شيعة آل سفيان, إن لم يكن لكم دين, وكنتم لا تخافون يوم المعاد, فكونوا أحراراً في دنياكم [هذه]. وارجعوا إلى أحسابكم إن كنتم عرباً كما تزعمون”.
ولا هم بذي روح بشرية ليرتضوا بأسر الحسين -على الأقل- وهم قادرون على ذلك وارساله لخليفتهم يزيد بن معاوية، فلم يكتفوا بقتل الحسين حتى شوّهوا جسده الشريف ومثلّوا به وقطعوا رأسه ورؤوس أصحابه-.
قالها الإمام الحسين “ألا هل من ناصر ينصرنا؟” ليستنهض روح الإنسان في تلك الأجساد المستعدة لقتاله دون وجه حق، فخرج إنسان من روح شخصية تعيش البرزخ بين الحق والباطل، بين تثاقله للأرض وارتفاعه للسماء بإنسانيته، ذلك هو الحر بين يزيد الرياحي، الذي كان قائداً مخضرماً في معكسر عمر بن سعد، وما إن سمع ذلك النداء حتى تفاعلت كيميائية الإنسان السوي فيه وخرجت باندفاعه لمعسكر الحسين تائباً عائداً لنفسه بعد “حيرته” بقوله “إني أخيّر نفسي بين الجنة والنار”.

فهل كان ذلك النداء “لحظياً” لوقت المعركة فقط؟
وانضم الحر لمعسكر الحسين؟ فهل كان الهدف الوحيد من النداء استنهاض “الإنسان” في بعض ممن هو معسكر عمر بن سعد فقط؟
ذلك النداء هو السؤال الفطري لتموضع الحق في الباطل في كل فرد.
هو السؤال الممتد من خطاب رب العالمين “ألستُ بربكم” في الآية الكريمة
“وأذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم و اشهدهم علي أنفسهم ألست بربكم قالـوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين” 172 الأعراف
مروراً بخطاب الأنبياء من بينهم عيسى “ يا أيها الذين آمنوا كونوا أنصار الله كما قال عيسى ابن مريم للحواريين من أنصاري إلى الله، قال الحواريون نحن أنصار الله”.سورة الصف 14
وخطابات كل الأنبياء والأولياء والمصلحين المستنهضة لفطرة الإنسان، عوداً للخطاب الأزلي الذي عرضه رب الكون على كل عباده في عالم الذر “ألست بربكم؟”
والاعتراف بقولهم “بلى”. تلك الـ”بلى” هو الجواب المرتقب لنداء الحسين “ألا من ناصر ينصرنا؟”.
هو السؤال الذي يجيب عليه قول رب العالمين
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) (محمد:7)
هو سؤال نصرة الانسانية في كل مواقعها في قبال السكوت وخدلانها في أي موقع كنت فيه.
ألا من ناصر للدين في فهمه المحرّك لإحقاق الحق أينما كان؟
ألا من ناصر للمستضعفين في قضاياهم في السياسة والاقتصاد والاجتماع وفي كل ملف؟
ألا من ناصر لكل عناوين العدالة الإنسانية؟
ألا من ناصر لتحريك الإسلام المحمدي الأصيل في كل زوايا الحياة وعدم
تقطيعه وتجزيئه وخياطته كما نريد نحن؟
ألا من ناصرفي تجسيد الحق في كل زوايا حياتنا؟
ألا من ناصر؟
لكي يُثير السؤال حركة الفكر لمنع تكرار مأساة الحسين في كل موقف من حياتنا، لأن في كل موقف حق حسين وفي كل موقف باطل يزيد. ولأن كل أرض كربلاء وكل يوم عاشوراء عندما تتجسد القوتين في مقابلة بعضهما البعض.




وعند الإجابة على ذلك النداء بالتلبية، علينا توفير أدواته لنكون بحق ممن يلبونه قولاً وفعلاً، وليس كموقف أصحاب الكوفة، حيث كانت “قلوبهم” مع الحسين و”سيوفهم” عليه.
فقد كانت “الرغبة” في نصرة الحسين في القلب، إلا أن “الفعل” و”الخيال” عندهم كانت محاربة الحسين واقعاً.
وقد سرت عليهم الآية
وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم( [النمل/14]
هناك حركة بالداخل “الرغبة” إلا أن الخيال المسيطر نتيجة العُرف والجو العام يرسم لهم خطاً آخر.
وفي النظريات الحديثة يُسمى بالجهد المعكوس. ففي كتاب الدكتور جوزيف ميرفي "قوة العقل الباطن"يقول : 
" عندما تكون رغباتك وخيالك متعارضين فإن خيالك يكسب اليوم دون خلاف "

ولكي تكون “التلبية” حقيقية وفاعلة لذلك النداء السماوي عبر خطاب الصراط المستقيم بلسان الحسين، لا بد من أن يكون خيالك حاضراً بإيجابية للتغيير من أجل التلبية، فلا تكفي “الرغبة” في التلبية ، فلا يُنكر إنسان أحقية موقف الإمام الحسين (عليه السلام)، وفي ذلك ما كتبه وجهاء الكوفة في زمن الحسين.
وفيما قاله العديد من مفكري الإنسانية من الشرق والغرب عن قضية الإمام الحسين فضلاً عن فقهاء كبار المسلمين من الفريقين.
فالمعرفة دون الإرادة ووضع الخطة وتوطين النفس للتلبية لا تُوصل إلى نتيجة البتّة. فمن في جيش عمر بن سعد “يعرفون” من يقاتلون، إلا أنهم ارتضوا أن تكون “تلبيتهم” لأولوياتهم الدنيوية.

ذلك هو النداء الأبدي الذي أجابه آدم في خضوعه لنصرة الله، وعمل به هابيل وأنكره قابيل، ومن بعدهما وُلد خطان يسيران بجنب بعضهما ولا يتقاطعان أبداً، خط هابيل وهو خط جميع الأنبياء والمصلحين ونصرة الله، وخط قابيل وهو خط الظالمين وواضعي العصي في عجلة الإنسانية والتثاقل للأرض.

وتلبية نداء الحسين يستمر في كل موقف من مواقف حياتنا لإعلاء صوت الإسلام في إنسانيته وإحقاق الحق وإبطال الباطل. فتأتي التلبية ليكون الإنسان عزيزاً في كل عناوين الحياة علماً وموقفاً سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وفكرياً.
تلك التلبية تستلتزم استحضار القوة في كل موقف يكون فيه الإنسان من علم وتمكين في المجتمع، ليوسّع دائرة التلبية أينما حل، وليأخذ بأسباب القوة وليقص أطراف البرجوازية الجديدة التي تأخذ بتلابيب المجتمعات.

ألا من ناصر ينصرنا؟ وتكون التلبية في دعم كل موقف حق لكي لا يخذل الحق أهل كوفة جُدد.
ألا من ناصر ينصرنا؟ وتكون التلبية في “هيهات منّا الذلة” في عزة الداخل وعزة الخارج.
ألا من ناصر ينصرنا؟ وتكون التلبية بنصر كل هابيل على قابيل.
ألا من ناصر ينصرنا؟ وتكون التلبية باتباع ابراهيم وموسى وعيسى ورالثورة على كل نمرود وفرعون كل عصر.
ألا من ناصر ينصرنا؟ وتكون التلبية بالمسير على خط محمد والوقوف بوجه كل أبي لهب وغاصب للأرض والعرض.
ألا من ناصر ينصرنا؟وتكون التلبية بنصر الحسين في كل عناوين الحياة المختلفة.

نداء الحسين يكون في كل زمن وموقف، وما رفعه لذلك النداء إلا لبلوغ الموقف أعلى قمته وذروته بكل المعاني الإنسانية وصور الإسلام في واقعة الطف، ومنها كان المثل الأعلى، ومنا انطلق النداء، وما زال يتكرر في كل يوم وفي كل موقف في حياة الفرد في عمله ومواقفه الفكرية إلى المجتمع إلى الدائرة الأكبر وهي الدولة.

فبأي جواب نرد عند سماع “ألا هل من ناصر ينصرنا”؟
بتلبية أهل الكوفة بالقلب “المع” والسيف “العلى”؟
أم برد الشمر بالحرق والقتل والسبي؟
أم برد عمر بن سعد لتغليب مصلحته على القيم والمباديء؟
أم برد التوابون الجدد، بجلد الذات لا غير؟
أم برد المصلحين العاملين في كل ميدان ليكونوا الأنموذج الحسيني أينما حلّوا؟

الصورتان مأخوذتان من موقع
www.deviantart.com

يرفع الصوت عالياً عن العنف ضد المرأة بفيديو كليب


يرفع الصوت عالياً عن العنف ضد المرأة بفيديو كليب
أول ظهور إعلاني لموقع «ريحانة» الإلكتروني


انتهى فريق موقع «ريحانة الإلكتروني» المختص بالمرأة من فيديو كليب بعنوان: «أذى امرأة... أذى أمة» Hurting a Woman..Hurting a Nation، الذي يقدمه مشروعاً ضمن مبادراته المختلفة المعنية بالمرأة.

...ويسعى الموقع لتقديم صورة واقعية للمرأة المسلمة حول العالم وإبراز قوتها الكامنة، وذلك في ظل غياب بديل وخطاب إعلامي متزن وعملي يعكس هوية المرأة المسلمة ويتماشى مع التغيرات في كل المجالات الحياتية المحيطة بها أياً كان موقعها ووظيفتها. فقد اقتنص فريق موقع «ريحانة» فرصة مناسبة عالمية للترويج لمشروعهم الطموح، وهو اليوم العالمي لمكافحة العنف ضد المرأة، الذي يصادف الخامس والعشرين من شهر نوفمبر/ تشرين الثاني من كل عام لإبراز هوية الموقع.

ويؤكد مشرف الموقع والكليب جعفر حمزة أهمية ذلك التوقيت؛ بالقول: «كانت تلك المناسبة العالمية سبيلاً لإيضاح موقف الإسلام من هذه الظاهرة، وفي الوقت نفسه وسيلة لتقديم موقع ريحانة، وقد قدمنا الكليب بطريقة بسيطة وذات دلالة مباشرة لإيصال هذه الرسالة في وقت قصير جداً. وموضوع العنف ضد المرأة لا يقتصر على يوم واحد، لذلك العمل ليس بوقف لزمن معين، بل هو رسالة في كل وقت وفي أي مكان بأي مجتمع يقع فيه العنف ضد المرأة، سواء أكان جسدياً أم معنوياً».

وحول الكليب والعمل عليه، يضيف حمزة: تميّز الكليب بمفهوم كليبات مشروع «نغزة» نفسه، الذي نشرف عليه حالياً، وبالتعاون مع استوديو «مون ميديا»، حيث يعتمد الكليب على البساطة وقصر الوقت وغياب الحوار والحركة البسيطة للكاميرا، فالفكرة تعتمد على أن من يؤذي امرأة فهو يؤذي مجتمعاً بكامله في الواقع، ويبرز العمل بطريقة رمزية أن الأذى الواقع على المرأة يقع لا محالة على كل أفراد المجتمع، ويقدم العمل بطريقة بسيطة وقع العنفين الجسدي والنفسي على المرأة.

وتم تقديم الكليب لمنظمات حقوق الإنسان، من بينها منظمة حقوق الإنسان «هيون رايتس ووتش» ومنظمة «اليونيسيف» وتلك المعنية بحقوق المرأة على المستوى العالمي، فضلاً عن بعض القنوات الفضائية التي ستتعاون مع الرسالة المقدمة للكليب، ومن بينها قناة «الراي» الكويتية.

وتم نشر العمل في «اليوتيوب» وشبكة التواصل الاجتماعية «الفيس بوك»، والعمل جار على تقديمه في فعاليات مختلفة تتعلق بالمرأة، سواء من خلال بعض البرامج التلفزيونية العربية أو الفعاليات ذات العلاقة بالموضوع داخل البحرين، عبر بعض أنشطة مختلفة لجمعيات ومدارس وندوات.

يذكر أن موقع «ريحانة» يعنى بمخاطبة المرأة المسلمة بأسلوب عصري مختلف يحفظ الهوية ويقدم متطلبات الحياة اليومية لأية امرأة. ومن المقرر تدشين الموقع في اليوم العالمي للمرأة المصادف لشهر مارس/ آذار المقبل. ويقوم الموقع حالياً على إصدار أنشودة باللغتين العربية والإنجليزية للمرأة بطريقة تعكس هوية الموقع.

وتم عزف موسيقى تصويرية خصيصاً لهذا الكليب من العازفة البحرينية زينب أبوادريس. وهو - أي الكليب - من فكرة جعفر حمزة، وتصوير جعفر الحلواجي، وإخراج حسن نصر، وإنتاج «مون ميديا».


صحيفة الوسط البحرينية - العدد 3014 - الثلثاء 07 ديسمبر 2010م الموافق 01 محرم 1432هـ
وصلة الخبر في صحيفة الوسط:
http://www.alwasatnews.com/3014/news/read/514049/1.html
وصلة موقع ريحانة
www.raihannah.com

كليب "أذى امرأة" على قناة الراي الكويتية




ضمن برنامج "راي الشباب" التي تعرضه قناة "الراي" الكويتية، تم تسليط الضوء
على أعمال "نغزة" والتي يُنتجها استيديو "مون ميديا" ، والتي تستهدف إيصال
...رسائل متنوعة في أقل وقت وبطريقة جديدة.وقد تم عرض كليب "أذى امرأة ..أذى أمة
Hurting a Woman.. Hurting a Nation
...كنموذج
من أعمال فريق "نغزة"، والحديث عن تجربة الفريق وأعمالهم، وكذلك الإشارة
إلى موقع ريحانة الإلكتروني الذي تم تقديم العمل الأخير باسمه।


*
تم تسليط الضوء على أعمال "نغزة" وعرض كليب "أذى امرأة،،أذى أمة" من إنتاج استيديو "مون ميديا" في قناة "الراي" الكويتية بتاريخ 2 ديسمبر 2010في برنامج "راي الشباب"।
وصلة المقابلة بالبرنامج
http://www.youtube.com/watch?v=OUrUr-0kYgI

المثقف والأزمة عصا السحرة أو فأس ابراهيم


المثقف والأزمة
عصا السحرة أو فأس ابراهيم

جعفر حمزة


مجلة نجايل الثقافية، الصادرة من موقع متكأ الثقافي


وجود المثقف مرتبط بالفعل والقوة بوجود الأزمة في
المجتمع، حيث تكون أدوات المثقف المختلفة، من قلم
وريشة وعدسة وصوت معنية بتحركها -الإيجابي-
أثناء أي أزمة تعصف بالمجتمع، لما له من قدرة
معرفية وإحاطة بالمتغيرات أكثر من غيره.

وقد تكون تلك الأدوات مُسخرة من لدن صاحبها
المثقف لتؤجج الأزمة وتضخمها وفق مصالح السلطة
التي تكون خلف المثقف ليحرك الأخير أدواته بأمرها
كسحرة فرعون التي كانت لهم القدرة على خداع الناس
بصرياً و أأتمروا بإرادة فرعون.

أو أن تأخذ من العقل الجمعي لها سَنَدَاً لتسبح مع تيار
السلوك العام للمجتمع، ليكون لسان حال المثقف )هذا
ما وجدنا عليه آبائنا(
ولا يبرز المثقف إلا حين الأزمة لا غير، والحديث
عن أي أزمة وفي أي درجة. فالذهب لا يظهر إلا
بالاحتكاك وتعريضه لللهب فالمثقف المغيّر والمبصّر
- بكسر الصاد وتشديدها- كالنبي في قومه.

فما يريده المثقف؟
الإصلاح وارجاع الناس لإنسانيتهم
الدافعة للبناء والعطاء والعدالة والاتزان.

فالذي يفعله
)المُصلح( المتبصّر للأمور في مجتمعه هي نفس
الحالة التي يقوم عليها المثقف.
ولا يخلو أي مجتمع من أزمة، بل هي وليدة مع تكون
المجتمعات أصيلة فيها، ما دام الإنسان فيها، إلا أن
نسبة ظهورها وقوتها في الحضور تتفاوت من مجتمع
لآخر، لتكون أزمة أخلاقية في هذا المجتمع بارزة فيه،
ولتكون لمجتمع آخر أزمة اقتصادية، وهكذا تتنوع
الأزمات ظهوراً وشدة.

والمثقف إما أن يكون )مُنظراً( مبتعداً عن المجتمع
ملامسة ومعايشة، فيكون “إكسسواراً” لا غير.
وإما
أن يكون بارعاً في استخدام أدواته، ويكون مفترق
الطرق للبارعين من المثقفين، فبعضهم يُسخّر قدرته
من أجل القوة المسيطرة في المجتمع بسلبياتها، في حين
يبقى “النزر” القليل ممن يبسط قدراته لرفع الأزمة
وإصلاحها. ليكون الأول “مرضاً” والآخر” مصلاً”.
ويواجه المثقف “المصلح” مطرقة السلطة وسندان
العُرف الجمعي، فبين مقارعته للسلطة وأدبياتها بما
تملكه من قوة وامتداد، وبين مقاومته لسيل العُرف في
العقل الجمعي المحرّك لهم.

فتكون مهمته في بُعدٍ أُفقي لتبصير المجتمع ورأسي
لمخاطبة السلطة، وثالث الأبعاد في ذاته بالصبر وشحذ
الهمّة وتوسعة مداركه وارتباطه بالسماء.
إنّ المثقف المسؤول عليه أن يحوّل قلمه إلى رئة يتنفّس
بها الواقع، وتزفر “التغيير الإيجابي” لا إلى معدة
خاضعة للشهية وخصوصاً وقت الأزمات، «لتتقيأ »
أحرف تنخر في المجتمع كحمض قاتل.
فالمثقف فيه روح من مسؤولية النبوة بالتغيير للأفضل
من أجل الناس وليكون قلمه كعصا موسى ويد السيد
المسيح وقرآن محمد
وحين الأزمة على المثقف أن لا يكون ممن يجلس على
«التل » لأنه أسلم له. وهو ليس بخائض معاركه -كما
يتخيلها في ذهنه- كمعارك “دون كيشوت” بل هي إليه
رحلة “سلمان المحمدي” وصراحة وجرأة “أبي ذر
الغفاري” وشجاعة “غاندي” وصبر “مانديلا” وثورة
“الخميني”.

تلك المعارك الثقافية هي جزء من تكوين شخصيته، فأنّى
لها أن تكون وهماً وبعيداً عن واقع يعيشه كل يوم؟
إنّ من المثقفين -كما يحب أن يسمون أنفسهم به- من
يحتضر ومنهم من صمد وما اتخذوه سبيلاً. وأيضاً
منهم من فسد، تلك هي فسيفساء الوضع الثقافي في أي
مجتمع حي، ذلك الخليط الغريب وغير المتجانس بين
مثقف ميت يسير ومثقف حي جامد بلا حراك.
ليس للمثقف حلم في لحظة وآخر في لحظة ثانية.

فحلم
المثقف -في السلم والأزمة- هو تجسيد معنى الإنسانية
بعناوينها العامة التي تحترم إنسانية الإنسان وتضعه في
منزلته “الطبيعية” لا المصطنعة من اللحظة التي يدرك
فيها المسؤولية، وذلك صراع خاضه الأنبياء والرسل
والمفكرين والمغيّرين وأصحاب الثورة والمبادئ.


حلم المثقف أن يكون في صف أولئك الذي يجهدون
لإرجاع التوازن الطبيعي لحركة الإنسان مع أخيه
الإنسان، دون تمييز أو بطش أو إسفاف. لذا لا يبقى
مثقف “إنسان” في حاله، فهو محارب لإنسانيته التي
معناها الوقوف في وجه أصحاب المصالح الذاتية
والبرجوازيين الجدد من مفكرين ومتنفذين ومتسلطين
وحكام وغيرهم.
كوقوفه برأفة مُصلحاً ومُبيناً لأولئك “المتثاقلين” إلى
الأرض في مجتمعه وقريته ومدينته وبيته.

حلم المثقف أن يبقى إنساناً أولاً ويسعى ليكون ما حوله
في المجتمع يعيشون الإنسانية في صورها المختلفة
والمتنوعة، ولتكون أدوات المعرفة لديه في ذاك السبيل
لا غير.

ليترك فرعون ويُوظف «عصاه » من أجل حرية
الإنسان ومن أجل موسى «العدالة الاجتماعية »
و »الحرية المسؤولة »
محطماً بفأس «ابراهيم » أصنام البرجوازية الجديدة
والأعراف المُغمضة للعيون والعقول.

http://www.mutak2.com/mutak2up/uploads/12885604741.pdf

مرآة أم قناع؟



جعفر حمزة


تريد أن تكون صاحبة الشأن والمكان عند الحديث عن الجمال الفتّان، فهي الأجمل لا سواها، وجمال الأشياء تأتي بأضدادها. فاقتربت صاحبتنا من تلك المركونة على الجدار، وبادرتها بالسؤال ذاته كل يوم: من هي أجمل نساء المملكة؟
وبالرغم من معرفتها للجواب، إلا أنها تود أن تسمع المقطع الأول منه فقط، إلى حين تولي مسألة المقطع الثاني في أقرب وقت ممكن.
وترد عليها المرآة السحرية بالجواب:
أنت أجمل نساء المملكة، لولا أنا هناك من هي أجمل منك (وتتنفخ أوداج صاحبتنا) وتسأل، وهي تعرف الإجابة:
من هي؟ فترد المرآة "إنها بياض الثلج". وتبدأ مأساة بياض الثلج من تلك اللحظة.

تلكما الصورتان في متخيل القصص المحكية، تمثل صراعاً لا يتوقف بين سيناريو الواقع المطلوب، وسيناريو الأقنعة المفتعلة التي تحرف الواقع عن مساره الطبيعي وترسم له سبيلاً آخر -مُصطنعاً-.

ولئن كانت الملكة وبياض الثلج صورتان نحكيها لأطفالنا عبر قصص مصورة مطبوعة، لتتحول بعد حين إلى تجارة رابحة من خلال أفلام "ديزني لاند" وتوابعها من المنتجات ذات العلاقة. فلئن كان كل ذلك يتحرك في عالم الطفل وربما المراهقة، إلا أن امتداد أصل الصراع ما زال قائماً في كل العالم، لأنها صراع صورتين.
صورة تقدم الحقيقة وأخرى تقدم خلافه، صورة تحكي لك ما يجري حولك، فتكون كمرآة عاكسة لما تقابله، وبين صورة تحكي ما يود البعض أن يراه هو لا كما هو موجود فعلاً، فتتحول الصورة الطبيعية الواقعية إلى أخرى معدلة بجميع برامج تعديل الصور وإخراجها، من فوتوشوب وأقرانه.

وما الحكايا والقصص إلا إسقاط للمجتمع فيما يعيشه ظاهراً أو مخفياً، وقصة صراع الصورتين ما زال قائماً، بين صور تقدم الواقع كمرآة، وبين ما تدعي ما ليس موجوداً كمن يلبس قناعاً، لتصل إلى مرحلة حياة أو موت في بعض المواقع، ليكون الخيار بين تقديم المرآة أو القناع، أي الواقع أو السيناريو المفبرك. ومن تلك المواقع ما عاشتة بريطانيا إبّان القصف الألماني الشديد على العاصمة لندن أثناء الحرب العالمية الثانية، ففي ظل تلك المأساة وأتون الحرب الضروس، كانت بيانات الحكومية البريطانية تتسم بالواقعية والشجاعة في آن معاً، فصارحت الشعب بالواقع برغم مرارته، فرد عليها بما تستحق من دعم، وصمود وشجاعة في التعاضد والصبر. في حين أن من في الضفة الأخرى من المعركة وهم الألمان، قد وضعوا القناع تلو القناع حتى احدودبت ظهورهم، فأسبغوا على أنفسهم القوة والسيطرة حتى سقطت كل تلك الأقنعة وسقط في أيديهم ماكانوا يفعلون.

وتتعدد قصص الصورتين، صورة المرآة وصورة القناع، ومن أقربها في الحرب مثلاً صورتي "العلوج" و"سقوط بغداد"، لتتحول كل تلك الأقنعة التي قدمها "الصحّاف" في حديثه المتواصل عن "العلوج" إلى "مداس" للصورة الملموسة التي يُشم منها رائحة النار والدخان المعطرة بها دبابات القوات الأمريكية الزاحفة من وراء البحار.
ولن تتوقف تلكما الصورتان، لأنها صراع طبيعي بين الملكة وبياض الثلج، بين المرآة والقناع، بين الواقع والتزييف، بين الملموس والمتخيل.صراع تتفاوت حدته وقوته من مجتمع لآخر، وتتوسع قاعدته بين دولة وأخرى، فالمجتمع الذي يقترب من المرآة يبتعد بالضرورة عن القناع، فبالتالي يتعامل مع الأحداث بواقعية عملية فينتج، في حين تكون الأعمال الترقيعية نتاج من يتعامل مع الأقنعة، وتلك نتيجة طبيعية فطرية مكتوبة، في المجتمع البشري، فلأي مجتمع ننتمي أو نميل؟ بل لأي مجتمع نحن فيه الآن؟

يجهد البعض ممن لديه آليات بث الصورة وفبركتها وتصنيعها إلى "تصنيع أقنعة" بدلاً من المرايا، ليتم تفريخ سينايروهات مختلقة هنا أو هناك عن الواقع المعاش، من أجل "تجميل" واقع فيه من الأخاديد والتجاعيد بل والبثور ما يدفعك للتساؤل كل يوم أينما ولّيت وجهك. أهذا واقع أم خداع بصر؟
ولأن كانت عملية المعالجة والرعاية والمصارحة والإصلاح والترميم للمجتمع بحاجة لمال وجهد كبيرين تقودهما نظرة مدروسة وواقعية وتقبّل للنقد ووضع مرآة للإصلاح، فإن أقصر الطرق لتقديم الجميل من الصور -عند الكثيرين- هو نشر الأقنعة.
أليست الأخيرة-أي الأقنعة- بخفيفة الحمل ولا تحتاج لعناية كبيرة مثل المرايا؟

تلك هي المعادلة القائمة على قدم وساق في مجتمعنا المحلي التي تأخذ حيزاً غريباً من اهتمامنا من دائرة الفرد لتتوسع إلى دائرة المجتمع والدولة، لنختار ما نشاء من قناع لنظهر به للآخرين، وهناك أقنعة من الحجم الكبير الذي يسع سلوك مؤسسة أو مجتمع أو حتى سياسة دولة بأكملها وعندما يكبر القناع تتغرب المرايا وتختفي أو تُركن جانباً، وقد تحلّ عليها “الغَبَرَة” لكنها لا تختفي أبداً.
تلك ثنائية تناقض بين رؤية للواقع عبر مرآة ومن ثم معالجته أو عبر وضع أقنعة لإخفاء العيوب. وتزداد الأمور تعقيداً ومسؤلية عندما يتم ارتداء قناع بحجم مهول، قناع بحجم الوطن.

فهناك صورٌ متناقضة بين واقع معاش وصورة معلنة، ثنائية تسعى جهات لترويج “المُعلن” منها فقط ضمن عملية تجميل "صعبة" وما يلازمها من إنفاق “حاتمي” يرى صانعوها أنها لازمة، بل تدخل مرحلة "قداسة" خفية عندما تتلبس لبوس "الوطنية" من خلال بعض الفعاليات، التي تتحول إلى إنغماس في تصنيع الصور المصدرة إلى درجة الإدمان، بعيداً عن بناء الإنسان، وذلك في ظل غياب موازنة معقولة بين تصدير الصورة خارجياً ومعالجة أصل تكوينها داخلياً.
ذلك الغياب الذي يخلق فراغاً هادماً ينخر في الصورة المصدرة ويسقط الأقنعة واحداً تلو الآخر عند أدنى “تعبير” أو مساحة من “فضفضة” حقيقية ترسمها الكلمات التي تُلهمها الصور اليومية في حياة المواطن، من قاعدة مثلث “ماسلو”(1) لا ظهره ولا رأسه.

لا يحتاج المواطن إلى قناع ولا أن تتم معاملته بقناع، يحتاج المواطن كما الوطن إلى “مرآة” لإصلاح العيوب والتنمية المستدامة بحق، عبر توزيع عادل للثروة وإصلاح جذري لبنية المؤسسات الحكومية وتمكين حقيقي للقطاع الخاص والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والأخذ بيدها بروية وضمن خطة مُحكمة المفاصل.
إن الوطن بأمسّ الحاجة لمحاسبة عادلة ومتابعة منصفة ووضع سدود لأنهار الأموال المتدفقة بين ثنايا ملفات “متبرجة” بعناوين شتى لا تنتهي، فضلاً عن تجفيف ثقافة “وضع اليد” التي باتت “طبيعية” في بلد حريٌ به أن يكون دولة مؤسسات بمعنى الكلمة، بعيداً عن مجسّات تتقفّى الثروة الطبيعية وتستملكها دون وجه حق ولا قانون.

كثُرت الأقنعة في الوطن، حتى تم نسيان ألف باء الحركة للتغيير الحقيقي، من قبل المواطن الذي بات مُدركاً للعبة “الأقنعة” فأخذ يتلقفها واحداً بعد آخر في صناعتها والتزلف منها “واواً”-واسطة لقضاء الأمور- وغيرها من أحرف صنعناها وأكلناها ونمنا معها وما زلنا.
ومن قبل مؤسسات وهيئات حكومية باتت الأقنعة موجودة بالقرب من “البصمة الإلكترونية” أو بطاقات الحضور للعمل اليومي، ليأخذها -معظم- الموظفين ويرتدونها جبراً أو اختياراً، ليكونوا في أتون ملفات حقيق أن تكون هامشية إلا أنها تأخذ نصيب الأسد، من تمييز وظيفي وإهمال إداري وبعض من فساد ساد.
ومع كل ذلك نرى الأقنعة تتوالى على هذه الهيئة أو تلك الوزارة لتتراكم دون المساس بتلك البثور ومعالجتها، ليتم تقديم قناعاً وردياً هنا أو أزرقاً هاك، وبالتالي تكتمل “الحفلة التنكرية” وبقي علينا الرقص لا غير. فمن يريد الرقص الآن؟

عند زيارتي لبعض أمريكا وبعضاً من ماليزيا، وعند جلوسي مع بعض خبراء من بريطانيا وآخرين من سنغافورة رأيت ُ أننا في حقل إبداع وثروة طبيعية لا تُقدّر بثمن، إلا أن ما يخرج من كل ذلك للناس ما هو إلا “فُتات” لا يكفي عصفوراً حتّى.

اعتقد كمواطن لي رؤيتي -صحتها وخطأها واردين- أن “ثقافة الأقنعة” قد راجت، حتى أصبح لها تجارها وسوقها ومصنعوها وموزعوها ومروجوها، ونخرت في ثقافة مجتمعنا، ولذلك إسقاطه على الإنتاج الفردي ووصوله لإنتاج الدولة.

وبالتالي يكون المواطن بانتظار لبس قناعه قبل خروجه من المنزل أو ربما قبل ذلك بكثير، ليتعامل مع قناع أكبر في الخدمات والشارع والمؤسسات وأينما ولّى وجهه.
إن الحاصل هو تبرّج مبالغٌ فيه لامرأة من القواعد تجهد للظهور بصورة المرأة الشابة الجميلة الفاتنة، وأنّى لها ذلك، وقد عفى عليها الزمن، وما زالت تخلط بين العود القديم وعطر لانكون.
فهناك التبرج لكثير من الخدمات الأساسية من صحة وإسكان وخدمات أخرى فضلاً عن ضعف تمكين القطاع الخاص بمؤسساته الصغيرة والمتوسطة، بصورة فعلية بيد المواطن.


هي معادلة الإنفاق في السطوح والتعامل مع الجلد الخارجي فقط بألوان ومواد مختلفة، دون الدخول إلى عمق النظام الموجود والعقلية المهيمنة والأقنعة الموزعة والمزروعة في هياكل معظم بل السواد الأعظم من مؤسساتنا الحكومية وما شابهها.
لتأتي بمنظومة جديدة في العمل، عليك بزرع ثقافتها معها، ولا يتأتى ذلك إلا بشفافية واضحة وصراحة “مرآة” لوضع اليد على العثرات وتجاوزها، يمكن أن تأتي بصندوق جديد ومزخرف ولو من ذهب لتفاح، ولا نفع له إن كان التفاح فاسداً.


عملية التبرج لا تدوم، فهي إجهاد لجيب المتبرج وتعب وعمل متواصل، إلا أن صورة واحدة يمكنها أن تكشف عن الوجه الحقيقي للواقع، وبالتالي تذهب كل عمليات التجميل وتصبح هباءً منثوراً.
ولنا في الكثير من ملف العثرات في الخدمات الصحية مثالاً صارخاً، والأمر سيان في الخدمات الإسكانية وما يتبعها. وعند حدوث أزمة أو هزّة ينكشف مدى “ترهّل” ما ظنناه صلداً صامداً.

إنّ الرغبة في تقديم صورة مشرقة للبلاد تأتي من خلال وجود ذلك الإشراق في المواطن الذي ينتظر دوره للدخول على الطبيب، وذاك المتمتع بعلم وخبرة ويرى نفسه -مهمشاً- عاجزاً عن تزكية علمه وخبرته لخدمة الوطن بحكم تقديرات فئوية أو قبلية أو طائفية، وعدّد ما شئت. والآخر الذي يجوب الطرقات يبيع الماء البارد بشرف في لظى صيف جزيرة بلا سواحل. كل أولئك هم الوجه الحقيقي للبلاد عند الحديث عن تنمية بشرية أو صورة مشرقة للبلاد.

"اعطني صورة حقيقية، اعطيك شعورك حقيقياً".

يمكنك بمالك وسلطتك أن تجعل الآخرين يقتنعون -ظاهرياً- بما تود أن تكون عليه، إلا أن الحقيقة من طبيعتها الظهور لا الخفاء، فتظهر إن عاجلاً أو آجلاً. ولو على لسان صغير القوم. كحال الصغير الذي صرخ رافعاً صوته "إن الملك عار".
بالرغم من سكوت من حوله لإيهامٍ مجبرون عليه بأن الملك يلبس ثياباً جميلة لا يراها إلا العقلاء فقط.
فهل يستمر وضعنا بعُري في تقديم الصورة وتصفيق من منظري وواضعي الخطط التسويقية لذلك.
وقد غاب عنهم أن الترويج لبضاعة مهما كانت لا تأتي إلا بعد أن تكون لتلك البضاعة في ذاتها مكامن قوة قابلة للبيع، ومن ثم يأتي الترويج للإعلام عنها.
ما نلمسه هو تراخٍ أو تراضٍ من لدن البعض او اشتغال أو انشغال من لدن البعض الآخر، لتبقى الصورة الحقيقية موجودة عند أصحاب القلوب الصادقة فقط وقليلٌ ما هم -إن وجدوا- للبوح بالنقد على طريقة المرآة؟
أفنرضى بقناع أم بمرآة؟ ذلك هو سؤال الفرد كما هو سؤال الحكومة.

(1)
هرم “ماسلو” نظرية ابتكرها العالم إبرهام ماسلو، وتناقش النظرية ترتيب حاجات الإنسان.

“ريحانة” يبدأ بصرخة ضد العنف على المرأة


مجلة أريج، عدد نوفمبر 2010

يستعد فريق موقع “ريحانة الإلكتروني” المختص بالمرأة إلى تقديم كليب بعنوان “أذى امرأة.. أذى أمة”
Hurting the Women..Hurting the Nation
سعياً إلى تقديم صورة واقعية للمرأة المسلمة حول العالم وإبراز قوتها الكامنة، وذلك في ظل غياب بديل وخطاب إعلامي متزن وعملي يعكس هوية المرأة المسلمة ويتماشى مع التغيرات في كل المجالات الحياتية المحيطة بها أياً كان موقعها ووظيفتها.

وقد اقتنص فريق “ريحانة” فرصة مناسبة عالمية للترويج لمشروعهم الطموح جداً، وهو اليوم العالمي لمكافحة العنف ضد المرأة، والذي يصادف الخامس والعشرين من شهر نوفمبر من كل عام.

ويؤكد مشرف الموقع السيد جعفر حمزة على أهمية ذلك التوقيت؛ يقول “ستكون تلك المناسبة العالمية سبيلاً لإيضاح موقف الإسلام من هذه الظاهرة وفي الوقت نفسه وسيلة لترويج موقع ريحانة، وسيقدم “الكليب” بطريقة إبداعية بسيطة وذات دلالة مباشرة لإيصال هذه الرسالة في وقت قصير جداً.


وسيتم عزف موسيقى تصويرية خصيصاً لهذا الكليب من العازفة زينب أبوادريس”. وهو -أي الكليب- من فكرة جعفر حمزة وإخراج حسن نصر وإنتاج مون ميديا.


وحول الكليب والعمل عليه، يضيف حمزة “سيتميز الكليب بنفس مفهوم “كليبات” مشروع نغزة الدي نشرف عليه حالياً، فمفهوم “نغزة” يعتمد على البساطة وقصر الوقت وغياب الحوار والحركة البسيطة للكاميرا”.


موقع "ريحانة"

www.raihannah.com

«راح البحر» شد الأنظار وانطلق لسوق عالمية


«راح البحر» شد الأنظار وانطلق لسوق عالمية


الوسط - محرر فضاءات

صحيفة الوسط البحرينية - العدد 2981 - الخميس 04 نوفمبر 2010م الموافق 27 ذي القعدة 1431هـ

يبدو أن زواج الصدق مع الإبداع يُنتج ما يُلفت الانتباه ويكون محل اهتمام ومتابعة، وما «راح البحر» ببدع من ذلك كله، فبجهود شخصية بسيطة وبعزم وإصرار كبيرين، وبثقة عالية في النفس، خرج هذا الفيلم القصير جداً جداً، والذي لا يتجاوز الخمسين ثانية أو أقل تحت مظلة مشروع «نغزة» الذي أطلقه نَفَرٌ قليل من الشباب البحريني المبدع الطموح.

خرج «راح البحر» من واقع مُعاش لتقدمه هذه المجموعة من الشباب للعالم بطريقة إبداعية لفتت الانتباه ولاقت الاهتمام والمتابعة، وذلك عبر مشاركات عديدة لم يمل ولم يكل عزم هؤلاء في المضي قدماً لنشر رسالتهم وتقديمها للعالم.

شارك فيلم «راح البحر» في مهرجان الخليج السينمائي 2010، وبالرغم من عدم حصاده لجائزة رسمية، إلا أن الجمهور صفّق له في زمن أطول من وقت عرضه، فضلاً عن إشادات الكثير من المخرجين والمشاركين في المهرجان بتجربة الفيلم، والتي تُعتبر من التجارب القليلة جداً في العالم العربي.

بعدها انطلق «راح البحر» ليُدرج في سوق دبي السينمائي أو ما يُعرف بـ«دبي مارت»، حيث سيكون متاحاً لكبار وأهم العاملين في مجال السينما والمبيعات والاستحواذ في المنطقة والعالم.

يذكر أن «دبي فيلم مارت» هي منصة للتجارة والاستحواذ، والتي أطلقها مهرجان دبي السينمائي الدولي في 2008،

ويهدف «دبي فيلم مارت» إلى جمع السينمائيين من جميع الخلفيات والثقافات، كما يهدف إلى الاشتراك في عملية تجارة وتوزيع الأفلام من جميع أنحاء العالم، مع التركيز على الترويج للسينما العالمية، وخصوصاً السينما العربية والآسيوية والإفريقية. كما يسعى إلى تشجيع عمليات الشراء والتوزيع للأفلام التي يعرضها مهرجان دبي السينمائي الدولي.

و»راح البحر» هو جزء من سلسلة أعمال لمشروع «نغزة»، والذي يهدف إلى تقديم رسائل متنوعة في أقل وقت ممكن لا يتجاوز الدقيقة، مع غياب الحوار والرهان على ذكاء الطرح والربط في النهاية لتقديم الرسالة. وقد تم طرح «نغزات» من هذا المشروع منها: «راح البحر»، «خل بالك في صلاتك»، و»كلام الفتن يُعمي الوطن»، وسيتم إطلاق «نغزة» جديدة وهي بعنوان «قلبك على شغلك؟» يكتب أفكار «نغزة» الكاتب جعفر حمزة، ويُمنتجها حسن نصر ويُخرجها محسن المتغوي، والعمل من إنتاج «مون ميديا».


وصلة الفيلم
http://www.youtube.com/watch?v=70gCNJJHrTg



بين رقص ونظم



جعفر حمزة


اخترقَ سُكون َسَكنهم غريبٌ في الدار، فقام أحدهم بتوديع سريره ليرى من حلّ من غير ميعاد ولا طرق أبواب. فلمح لصاً يهمّ بالسرقة والهرب، فما كان منه إلا دفعٌ عن ماله وعرضه باشتباك مع "اللص" . وبعد انكشاف الغَبَرة تم الاتصال بالشرطة. ليأخذ "القانون" مجراه، إلا أن صاحب البيت "الهزبر" كان له نصيبٌ من "إنفاذ قانون" مشوّه -كما يبدو-، حيث اُجبر على دفع غرامة مالية بتهمة "الاعتداء على سلامة جسم الغير"!!!! (1)


ولو وَسَعني أن أضع كل علامات التعجب في العالم لوضعتها ها هنا

وحقيقٌ بالمرء أن يتعجب إن كان من "يدافع عن نفسه" يُساوَى بمن "ينتهك حرمة غيره". ولئن لم نعرف التفاصيل، فلربما أعَمَلَ صاحب البيت كل "عضلاته" على "اللص الضعيف" فرسم خارطة طريق على جسده، وقد وقد... لا نعرف.

إلا أن خللاً بينّاً يكون بين يدي من يتابع الأخبار ويتلمّس إنفاذ "القانون" فيها، وما عليك إلا قراءة ما تمت كتابته كتعليق على هذا الخبر لتعرف ما أرمي إليه.
فبين ما مسطور من قانون وتجاوز بين سطوره وروحه، يجعل المرء يتساءل كطفل في عفويته، ما القانون؟ ولم القانون؟ وإلى من القانون؟ أسئلة تُعيده إلى عالم الأسئلة البديهية التي قد-وأقول قد- تُخرجه من حالة السُكر الجماعي للحظات، ويقرر بعدها إما المضي قُدماً في عفويته ويصطدم بالعقل الجمعي أو البقاء على ما هو عليه من سُكر وكفى.
فهل نأخذ الحبة الحمراء كما فعل"نيو" ليدخل عالم "ماتريكس" أم نكتفي ببلع كل الحبات الزُرق كل يوم لنبقى على ما نحن عليه؟

فما "القانون"؟

صنعوه ورعوه واختاروا له المواد التي تُضفي هيبةً عليه، ليظهر كما شاؤوا له، مُتقناً مع نقشةٍ بمراعاة التفاصيل وأدقها، ليكون كلوحة لا عيب فيها ولا نقص، فهو المُهاب والصراط المستقيم -على الأقل هذا ما ينشده صانعوه وواضعوه- الذي يضع النقاط على الحروف ويُبقي ضمير المجتمع بالخارج متحركاً فاعلاً نافذاً ومستيقظاً مع ضمير الداخل للفرد.
هو التميمة المقدسة التي تخضع لها الرقاب، بحجة حفظه للنسيج الاجتماعي من الترهل والفوضى، والمحافظ على نَسَق المعيشة ونظامها. والماسك بالأمور وواضعها في نصابها. والكابح لجماح النزوع نحو تحقيق الرغبات وما يشتيهه الإنسان الفرد لذاته فقط، دون مراعاة لشبكة العلاقات الاجتماعية التي قد تتضرر من جرّاء ذلك.
وما زال "القانون" مذ ولادته ما بين قرابته من عدل السماء مرتفعاً ونزوله متثاقلاً للأرض متحركاً في بعضه كحصان طروادة وفي البعض الآخر كمسمار جحا ليكون جسراً لمآرب أخرى تستبطنها قلوب المتنفذين والسلاطين، وهو الركن الوثيق للنماء عند المُنصفين والقائمين بعدل معه وفيه وله.

فالقانون في أصله نظمٌ وضبط ورأب صدع وحفظ لنسيج الحركة في المجتمع، والضابط لنزعات الإنسان الفردية في التسلط والتملك وإشباع الرغبات، ودون هذا القانون -الضمير الخارجي- لأصبحت المجتمعات خبط عشواء ولعلا بعضهم على بعض. لذا استحدث الإنسان -بفطرته- "القانون" لنظم سير المجتمع في علاقاته مع بعضه البعض كأفراد وفيما بينه وبين السلطة المدبرة لأموره الحياتية كمسوؤلة عنه ممثلة له، ليرد عليها بالمثل من احترام وانتاج ونماء.
وبذا يكون القانون "همزة وصل" مُتفق عليها بين الطرفين، لا أداة قمع يتم توظيف هيبة اسم القانون لتمرير مصالح ورغبات فوق مصلحة الناس والمجتمع.
وإلا كان القانون استعباداً وفساداً و"نادلاً" يقدم ما تريده السلطة على طبق من ذهب أو فضة باسم القانون.

كلٌ يدعّي الوصل بليلى، فالقانون لا يُنكره فرعون كما لا يُنكره قدّيس، فهو "ليلى" الجميع "اسماً وصورة" للكثير، دون جوهر حقيقي وروح مغيرة لهم، فقد اتخذوا منه قراطيس مقرطسة لمصالحهم، واتخذوه مركباً لهم ليصلوا إلى ما يشتهون، فكانت الإقطاعية في أوروبا بأبشع صورها تحت اسم "القانون"، وتم حرق العلماء في أوروبا المظلمة تحت اسم "القانون"، وتم الإيغال في التمييز ضد السود في أمريكا تحت اسم "القانون" وكانت دكتاتورية صدام حسين ضمن قانون" وكان القمع في إيران الشاه ضمن "قانون" ، وهكذا يُقدّم القانون ليكون "المقصلة الشريفة" لمن يعارض السلطة برأي أو قول.

لقد تحوّل القانون في كثير من بلدان العالم بغربه وشرقه من مادة صلبة واضحة الملامح إلى مادة هُلامية قابلة للتأويل والتفسير والتمغيط، لتكون الكلمة الهزل وليست بالفصل لمن في يده السلطة، بمنطق فرعوني أصيل "ما اُريكم إلا ما أرى". كما تُمنع المحجبات والمنقبات من تحصيلهنّ العلمي بحجة القانون في فرنسا، يتم إعمال الشدّة والقسوة لمن لا تستر وجهها في افغانستان، وكذا يُمارس قمع وتهميش لفئات مجتمع مختلفة في العديد من الدول بسبب اختلاف في إثنيات أو مذهبيات بحجة القانون.
لقد تم "صلب" روح القانون واتخذوا من جسمه "خِواراً" للكثير من السلطات الحاكمة، بالرغم من إقرارها به، حتى تبدو وكأنها في تناقض بين ما هو مكتوب في القانون وبين ما تقوم به. وبذا يكون هذا الأخير "شمّاعة" للظهور العلني لا أكثر ولا أقل، في حين تغيب روحه وآلياته من وجود على الأرض.

إن تحوّل القانون من مادة صلبة يمكن تلمسها إلى مادة هُلامية لا يمكن إمساكها إلا لمن له القوة في السلطة أو النفوذ، ،يُشكل منفذاً للاستهتار به، فتذهب هيبته ولا يُراعى فيه إلاً ولا ذمة.
وبالتالي يكون محل "تنصّل" من الناس، والتحايل عليه في كثير من الأحيان ومواجهته في أحايين أخرى.
وعند سقوط هيبة القانون يسقط حجر الأساس في بناء المجتمعات وحفظ نظامها وقوامها.فتعم الفوضى وينتشر الفساد ولا ينتظم أمر أحد فيه إلا بلغة الغاب وكفى. وتُستنزف الأموال من أجل إصلاح أو ترميم لواقع سلبي اتخذه البعض بعيداً عن القانون وروحه.

تلك بديهيات يفهمها الطفل الصغير عند فرض قوانين بيتية عليه لحفظ العلاقات في المنزل وما في البيت، إلا أن الكيل بمكيالين لطفل دون آخر يجعل منه يشعر بهضيمة نتيجة إنفاذ القوانين عليه دون قرينه وليتحول إلى متنصل عن القانون الذي لا يؤمن بجدواه، بل وليكون القانون إليه أداة قمع لا غير، وهو أقصى مراتب الخطر، حيث يكون مرجع حفظ النظام مصدراً لعدم الثقة ومن ثم للإخلال به، كنظام حاسوبي يخرب ذاته بذاته نتيجة وجود فيروس بداخله.
وقد تضطر بعض الدول نتيجة العولمة وسياق التغيير المتسارع إلى تعديل قوانينها بما يتناسب مع قطار العولمة السريع، فتبدو وكأنها تسير في درب التغيير، وقد تُثبت ذلك حبراً في قوانينها ودساتيرها، رفعاً لتكليف دولي أو "موضة" معولمة، إلا أن العقلية السائدة في تلك المجتمعات تحول دون سير تلك القوانين من حبر إلى أرض. بالتالي تكون "حبراً على ورق"، فعندما تكون هناك سرقات في وضح النهار من ممتلكات الدولة والشعب يكون القانون "حبراً على ورق"، وعندما يتم الاستهتار بعرق الناس وأخذ ما تعبوا من أجله وادخروه دون ضمانات يكون القانون "حبراً على ورق" ، وعندما تُستنزف من خزينة الدولة الملايين لمشاريع لا يكون الناس فيها لا ناقة ولا جمل، يكون القانون "حبراً على ورق"وعندما تُقلّم أظافر التعبير عن الرأي بحجة القانون، يكون الأخير "حبراً على ورق".
وليس للمجتمع عذر إن نَفَر من القانون واتخذ من الأساليب الملتوية باباً له للخروج من نظم القانون وسلوكه، والحبر موصول للأفراد في سلوكهم، فعندما يتجاوز المرء القانون لركونه إلى نسبه وأصله يكون الأخير "حبراً على ورق"، وعندما يبسط البعض "عضلاته" لإنزال "حق" يظنه له يكون القانون "حبراً على ورق"، وعندما يتجاهل الفرد حقوق الآخرين، من جار أو شارع أو مصلحة عامة يكون القانون "حبراً على ورق".
بهذا يتم سكب "محبرة" القانون من متنفذ هنا ومن متهور هناك، ومن صاحب سلطة ومن صاحب دكان، وهكذا ينتشر "فيروس" تمييع القانون، وعندها يقوم الضعيف بالتنصّل منه، ويقوم القوي بمجاهرة الوقوف أمامه. وما بينهما تضيع هيبة القانون، وتحدث عملية "ترقيع" له، ليكون النتاج "قانوناً" مشوهاً غير سوي.، متذبذب تقرضه مصالح المتنفذين ذات اليمين ويدفعه تملّص المتجاهلين ذات الشمال.

وما يحوّل القانون إلى أداة "بغيضة" لا يود المرء النظر إليه حتى، عندما يساوي الضحية بالجلاد، أو عندما يقص أظافر من له الحق ويُطيل أظافر الآخر البعيد في حركته عن أمن المجتمع. عند ذلك لا يكون معنى للقانون، فحين يُعتدى عليك في بيتك من قبل لص يريد سرقتك وتقوم بالدفاع عن نفسك وأهلك ومالك، يكون نصيبك دفع "جزية" التعدي على السارق بتهمة التعدي على سلامة الغير!!؟!

إنّ مهابة القانون ومكانته تذوب عندما يتم إطلاق سراح من اعتدى جنسياً على أطفال في مرات عدة فلا يطول به المقام في السجن، كونه أحد أبناء قوم لا يليق بهم المكوث في مكان كذاك، وبذا لا مهابة للقانون حيث يعيث الوحش البشري جهاراً نهاراً وذوو الضحية يكتون بنار القانون!

وتتعدد صور "التلاعب بالقانون" أو "القفز عليه" أو "تأويله" أو "نسيانه" أو "تشويهه"، ليكون محلاً لعمليات "تجميل" أكثر مما تقوم به الكثير مما تُسمى بالنجمات.
وليتحوّل "القانون" إثر كل ذلك إلى "قانون" له أوتاره بدل مواده، وسيكون "القانون" حليف من يعرف الرقص على أوتاره، وحينها تسقط "هيبته"، فلا هيبة لمن يكون للرقص "باعثاًِ" و"مُشجعاً".
قد تحول القانون إلى” قانون” له نغمه الموسيقي الخاص ، فما أن يُذكر حتى تخشع له قلوب الناس مخافة وهيبة، وترنّ الآذان منه احتراماً وإكباراً، وتسري العرشة في قلوب البعض وتنتعش في قلوب آخرين، ويرقص من له القوة على أنغامه لا اتباعاً لمواده.

وبذا يكون القانون "آلة قانون" يرقص على أنغامها البعض، قد أخرجها من بين يديه، لتكون له "مظلة" وزينة، مظلة لإعمال ما في القانون على ما دونه، وزينة يُظهرها للآخرين، وما بين مظلته وزينته تضيع هيبة القانون، إلا عندما تُرفع البنادق وتنتشر البيادق. فحينها تذهب روح القانون ويبقى جسداً كعجل السامري مركونٌ كشمّاعة أو مرفوعٌ كقميص عثمان.

إن إردنا “تعطيل” أوتار “القانون” الذي يعزف عليه “المقتدرون” وممن يُرفع عنه الحساب والكتاب، ومن أجل إيقاف “الراقصين” عليه، لا بد من جبهتين لا غنىً لأحدهما عن الآخر. هما جبهة من “يصدر” القانون و”ينفذه” وجبهة من “يلتزم به “ وينصاع إليه.

فإذا التزمت جبهة “التصدير” للقانون بما جاء فيه دون اسثناءات تُشوّه قوة القانون وهيبته، فقد نصل إلى تحقيق لعدالة القانون الضامنة للاستقرار والتنمية، فالاستناءات فراغات تحوّل القانون إلى منخل لا يمكن التعويل عليه.

وعندها يغيب “القانون” -للرقص- ليتحول إلى “قانون” -للنظم-. ولا يتأتّى ذلك إلا عبر شحذ همم من المجتمع لإعمال القانون عبر أكثر من طريقة تُفحم “المتجاوز” و”القافز” و”الراقص” على “القانون” و”المطبل” له لا العارف به.

فمن “واضعيه”، عليهم “ضمان” إنفاذه للجميع لكي لا يكون مصدر وهن ومحسوبية، وبالتالي يكون قانوناً منحازاً، ويسقط هدف ظهوره.
ومن “متلقيه”، عليهم العيش فيه وبه، والامتثال لأمره ما دام محافظاً على نَسَق الأمن وقبله كرامة الإنسان.
ومن بين هذا وذاك، نخرج من إشكالية البيضة والدجاجة، من عليه أن يبدأ ومن عليه أن يتبع؟ من عليه أن يُنفذ فيه القانون ليتبعه الآخر؟
“كيفما تكونوا يُولّى عليكم” أم “الناس على دين ملوكهم”؟
عندها نخرج من دائرة الرقص على “القانون؛ إلى دائرة نظم السلوك في ظل “القانون”، وشتّان بين القانونين.


(1)
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 2940 - الجمعة 24 سبتمبر 2010م الموافق 15 شوال 1431هـ
http://www.alwasatnews.com/2940/news/read/476134/1.html


الكسره المسروقة، استنساخ "بصري" صارخ للرسائل الإعلامية






جعفر حمزة*
أسواق، ٢٦ سبتمبر ٢٠١٠
www.aswaqnews.net



“حطّي الكسره وغيري"، قد رآها البعض منا في الأيام القليلة الماضية، عبر إعلانات أعمدة الإنارة، وقد وتم ادراجها في بعض الصحف بصورة مستقلة كنوع من "التشويق"، أو ما يُمسى بــ
teasing
بالمصطلح الإعلاني. ويبدو من ظاهرها أنه يخاطب المرأة لتمكينها سياسياً-كما أتوقع-، ونحن على مشارف الإنتخابات النيابية التي ستشهدها البلاد في شهر أكتوبر القادم.
ولستُ ممن يرجم بالغيب، لكن ممن يتنبؤ بالأمور بناء على معطيات ملموسة أمام ناظري، ولئن كان الأمر كما أتوقع عبر هذه الحملة التسويقية والرسائل النصية المُعلنة حالياً من خلال هذه العبارة "حطّي كسره وغيري" والتركيز على "غيري" بالبنط العريض. فإن رسالة تمكين المرأة عبر هذه العبارة تصل بصورة مبتكرة وتُلفت الإنتباه، ويمكن الإشادة والتقدير لصاحب الفكرة وراعي الحملة معاً من باب الاهتمام بجنبة التمكين للمرأة و..... لحظة
ونقول لمن يُقيم على هذ الحملة أن الناس لها أعين يبصرون بها ولهم آذان يسمعون بها، ولهم انفتاح يتواصلون به مع العالم، فليس هناك مجال لاستخفاف العقول أو تهميشها بوضع فكرة "مستنسخة" لكن بلهجة بحرنيية صرفة.
فحملة التمكين للمرأة هذه مستنسخة طبق الأصل من حملة لبنانية في العام الفائت، استهدفت المرأة اللبنانية لتمكينها سياسياً واجتماعياً في لبنان. وتم اعتماد "الكسرة" كعامل للتغيير والمخاطبة للمرأة، كون "الكسرة" تُشير للأنثى، ،

إذ تكون الكسرة هي مدار التغيير في المخاطب من الذكر للأنثى. وقد بدأت الحملة "اللبنانية" عبر لافتات إعلانية في كل لبنان، وتم إذاعتها في البرامج والإذاعية المختلفة، وكان محورها ثلاث كلمات، هي: مسؤوليتك، حقك، إراداتك (من دون تشكيل)، فلا تعرف نوع المخاطب هنا. وبعد فترة وجيزة تم إضافة الكسرة للكلمات الثلاث لتكون موجهة حصرياً للمرأة.

ورافقت الإضافة عبارات توجيهية تشجع المرأة عى الأخذ بزمام الأمور وتغييرها، وذلك مثل عبارة "خذي كسره وحركي الأمور
وعبارة "بحركة صغيرة منك يبدأ التغيير، وعبارة "اضغطي على المجتمع وعبري عن حالك"
وبذاك انتشرت الحملة بطريقة ذكية، ونزلت للناس في شوارعهم وحدائقهم وفي أماكن عملهم بطريقة تفاعلية جذابة، وشارك .فيها الرجال والنساء على حد سواء

تلك بعض تفاصيل قصة "الكسره"المسروقة، والتي يبدو أنها وردت في ذهن صاحبنا/صاحبتنا هنا في البحرين بنفس المفهوم والهدف والوسيلة. توارد خواطر؟ بعد عام كامل؟ ربما!!
ليطمئن صاحبنا/صاحبتنا بطريقة أو بأخرى ويضع في "بطنه بطيخ صيفي"، بأنه أنجز المهمة الموكلة إليه على أكمل وجه.-
تلك سرقة صارخة واستنساخ بالشعرة-كما يقولون- لجهد لبناني خالص، تمتع بالابتكار، فما كان من البعض هنا إلا الاستنساخ و"بحرنة" العنوان، لا غير.
هي صورة تبتعد عن الاحتراف وتقترب من التهوين بالمشاهد والمتلقي، فضلاً عن العميل صاحب الحملة .
إن عملية الاستنساخ قديمة قدم التاريخ، لكن أظافرها يتم تقليمها حين الوصول إلى رسائل اجتماعية يُراد منها مخاطبة المجتمع بلغته ولهجته وفكرته وأصالته، دون الاتكال على أفكار الآخرين ووضعها في قالب محلي ظاهرياً، مع أن الرسالة هي الرسالة والفكرة هي الفكرة، دون مراعاة لحق صاحب الفكرة، أو للحقوق الأدبية.
نحن بحاجة إلى إدراك مسؤول للمهنة الإعلانية التي باتت في معظمها "نسخ ولصق" أو في أحسنها تقديم المتعارف عليه والممل أحياناً، وكأن الإعلان موجه لصاحبه لا لمستهدفه.. ومن هنا يبدأ غياب الأثر المغير من رسالة الإعلان.

ولئن كان هناك اتفاق ما بين أصحاب الفكرة الأم ومن "بحرنها" هنا، فالأولى أن تكون الفكرة تتناسب مع المجتمع البحريني وتكون أصيلة فيه، لا "مبحرنة". ولا يبدو أنها المرة الأولى التي يتم فيها "بحرنة" الأفكار من الخارج، إذ "عقمت" العقول هنا من أن تخرج بأفكار أصيلة من المجتمع وإليه.

والمجتمع البحرين يتميز بنضجه البصري في انقد والفهم والتفاعل، إلا أنه بحاجة إلى "استفزاز" جديد يحرك تفاعلاً إيجابياً في داخله ويُحدث أثراً ملموساً. ولا يتأتّى ذلك باستنساخ أو بتقديم المتعود عليه له.

وهنا بعض النقاط المتعلقة بالموضوع:
أولاً: الحملة ضمن برنامج تمكين المرأة في لبنان تحت عنوان «خذي كسرة وحركي الأمور» لمصلحة مؤسسة الحريري لدعم قضايا المرأة اجتماعياً وسياسياً
ثانياً: المشرف على الحملة، شركة ليبو برنت، بيروت
ثالثاً: مقال عن الحملة رابعاً: الحملة الإعلانية موجودة على موقع عالمي للإعلانات في هذه الوصلة* مختص في ثقافة الصورة والاقتصاد المعرفي

"نغزة" جديدة عن الوطن



فريق "نغزة" ينتقد أدبيات ملفات الوطن
البلاد، ١٤ سبتمبر ٢٠١٠
أجواء، ص٢١

يبدو أن تسارع وتيرة الأحداث السياسية في البحرين، قد دفع البعض للتعامل مع الأمور -في الجانب الإعلامي- بنوع من الابتعاد عن الحرفية في تداولها، وبالتالي ظهور نتائج أو تعبيرات بصرية تتناولها بعض الأقلام بنوع من التهويل دون الأخذ بأدبيات القانون وهيبته.

ولم يكُ الفن والتعبير البصري في خضم هذه الأحداث ببعيد عن فريق "نغزة" الذي يضع سبابته في ملفات مختلفة يهدف من ورائها تسليط الضوء عليها من زاوية فنية مختلفة، تركّز على الرسالة في بساطتها وقصرها ودلالتها للمشاهد.
وقد أدلى فريق "نغزة" بما في جعبته هذه المرة في الجانب السياسي الإعلامي للأحداث الأخيرة التي جرت في مملكة البحرين، عبر تسليطه الضوء على زاوية ساهمت بطريقة أو بأخرى في إيجاد أدبيات سلبية بتناول تلك الملفات التي تتحرك بسرعة.
وحول "نغزة" الفريق الجديدة يتحدث صاحب فكرة المشروع الكاتب جعفر حمزة بالقول :"إن قيمة الفن لا تظهر في أوقات اليُسر في المجتمع فقط، فقيمته العُليا والإنسانية الخالصة تبرز في أحلك ظروف أزمات أي مجتمع، وإلا تحول الفن إلى "ترف" و"مكسرّات" نتناولها أثناء الراحة والتنظير للأمور"، وعند سؤاله عن فكرة الرسالة الجديدة التي يقدمها الفريق في "نغزة" الجديدة، يُضيف حمزة :"نهدف من خلال نغزتنا الجديدة توصيف بصري بسيط لواقع بعض الجهات والأقلام في وطننا والتي تُساهم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في تأجيج المشاعر وتوجيه الخطاب بلون واحد سلبي عبر أدبياتها الشديدة اللهجة والبعيدة عن الحرفية واتخاذ الجنبة القانونية ومراعاة الحفاظ على السلم الأهلي للمجتمع البحريني. تلك الرسالة مفادها أن اتساع بقعة حبر تلك الأقلام وذلك النوع من أدبيات الخطاب في بعض وسائل الإعلام،سواء كانت صحف أو مواقع إلكترونية أو غيرها، يؤدي إلى حجب الرؤية الحكيمة في تناول الملفات المهمة التي تعني بهذا الوطن العزيز في جميع زواياه، لنرى بعدها أن كرة ثلج ضخمة حاضرة في أدبياتنا الإعلامية، والتي عليها بالمقابل أن تتسم بالمصداقية والواقعية والحرفية في تناول أي ملف يمس أمن المجتمع وسلمه الأهلي، ليكون اليد الأخرى في إصلاح الأمور مع يد القانون".
ويُشير حمزة إلى أن رسالة "نغزة" الجديدة تنطبق على أي ملف قد تتناوله الأقلام من أي جهة كانت، والتي لها دور مباشر في حِراك المجتمع معها بطريقة سلبية. حيث نود أن نقول ضعوا مصلحة الوطن نصب أعينكم واتخذوا من الحرفية والمهنية سبيلاً لذلك.

وعن فحوى الرسالة من "نغزة" الجديدة يقول المخرج محسن المتغوي،"إنها واضحة وبسيطة ومؤلمة في ذات الوقت، حيث نرى شخصاً يتخبط في سيره ولا يهتدي إلى سبيل، لنكتشف بعدها أنه مُصمد العينين بأخبار وعناوين تتناول ملفات مهمة بلدنا الغالي، وتنتهي الرسالة بعنوان يعكس واقع بعض الأقلام التي تبتعد عن الحرفية وحب الوطن عنوانها "كلام الفتن يُعمي الوطن"."

وسيتم بث "نغزة" الجديدة على موقع اليوتيوب في غضون الأيام القليلة الماضية.
من الجدير بالذكر أن فريق نغزة قد أنتج من قبل "نغزة" عن واقع ردم البحر وآخر عن الصلاة، وثالث عن أخلاقيات العمل،الذي سيتم بثه بعد شهر رمضان المبارك.
يكتب أفكار "نغزة" الكاتب جعفر حمزة، ويخرجها محسن المتغوي ويشرف على الإنتاج حسن نصر في استديو مون ميديا.


وصلة "نغزة"
http://www.youtube.com/watch?v=3jKBx3Pso9I

إلهي من لي غيرك؟

اضغط على الصورة لتظهر بحجم أكبر










«نغزة» تقدم غمزتها في الشهر الكريم


فريق عمل أفلام «نغزة» يواصل غمزاته في الشهر الكريم


«راح البحر» كانت مجرد البداية، فمشروع «نغزة» الذي يقوم عليه الثلاثي الكاتب جعفر حمزة والمخرج محسن المتغوي وصاحب استوديو “مون ميديا” حسن نصر، هذا المشروع ما زال يحث الخطى ويختار الرسالة المناسبة في الوقت المناسب والجمهور المناسب.

فبعد انتهائه من تسليط الضوء على الردم الجائر للبحر من خلال نغزته الأولى «راح البحر». وبعد أن أركن أخلاقيات العمل عبر نغزة أخرى بعنوان «قلبك على شغلك؟» والذي سيتم إطلاقه بعد شهر رمضان. بعد تلك النغزتين، يبدو أن فريق عمل هذا المشروع المميز والذي يقدم الرسالة البصرية في أقل من دقيقة ودون حوار متبعاً أسلوب “هايكو سينما” في التقديم، قد وضع اللمسات الأخيرة لنغزته في شهر رمضان من خلال فيلم جديد يتناول مسألة عبادية يومية وهو شرود ذهن المسلم أثناء أدائه الصلاة، وبطريقة جديدة ومعبّرة.

فالسيناريو المكثف، مع عنصر المفاجأة لدى المشاهد، فضلاً عن الاستغناء الكلي للحوار، كانت هي العناصر المشتركة في “نغزة” في كل مرة، وقد عمل الفريق على هذه النغزة الرمضانية في وقت قصير جداً، وبجودة عالية كون الفكرة واضحة لفريق العمل فضلاً عن بساطتها ومباشرتها.

ومن المؤمل كما يقول مشرف العمل الأستاذ جعفر حمزة أن يتم بثه في بعض القنوات الفضائية -منها قناة المعارف- خلال الشهر الكريم، والعمل جار لبث «النغزة» على فضائية البحرين فضلاً عن توسعة رقعة انتشاره برفعه على اليوتيوب وقنوات التواصل الاجتماعي عبر الإنترنت.

وسيعمل الفريق على نغزتين جديدتين بعد الشهر الكريم تتناول مواضيع اجتماعية وتربوية متنوعة.


لمشاهدة "نغزة" خل بالك في صلاتك، ارجاء زيارة الوصلة التالية:
http://www.youtube.com/watch?v=k6cCE6bzz2Y

صحيفة الوسط البحرينية - العدد 2911 - الخميس 26 أغسطس 2010م الموافق 16 رمضان 1431هـ
http://www.alwasatnews.com/2911/news/category/FDT/1.html

وُريقات رمضانية، الحلقة الأولى

اضغط على الصورة لتظهر بحجم أكبر.

نمر من عرق، وقطٌ من ورق، قراءة من سياحة لواقع الأمة الماليزية ونجاحها








جعفر حمزة

بدأ يسرد حكاياه علينا، ونحن مأخوذون بجمال طبيعة بلاده التي أخذت بألبابنا، وقد توسدنا كراسي الحافلة التي أقلتنا من جنة إلى أخرى، ومن محفل إلى آخر. كان ثري المعرفة، ليّن الجانب حازم الأمر، سمح الملامح، قد أكسبته سمنته نكهة جميلة لشخصيته. ولم يكُ اسمه بغريب عنه، فهو "عارف" الذي أصبح "مرشدنا السياحي" في رحلتنا بين أحضان نمر طالما تمنيت القرب منه أو التقرّب إليه، هو ذلك النمر الآسيوي المسلم" -ماليزيا-.
وما إن تحدّث عن اختلاف الأعراق في هذا البلد المتعدد الديانات والثقافات، حتى اشرأبت عنقي، وذهب التعب من عيني وجسدي المنهكين لرحلة برية استمرت ساعات طوال، لعلي أجد في طيّات حديثه ضالتي لبلد أعيش فيه وأتمنى أن يكون "نمراً" خليجياً، نمرٌ من عرق لا غير.

واتسعت حدقتا عيني عندما تحدث وبكل عفوية عن عرقه الملايو -أي أنه ماليزي أباً عن جد-، وأشار إلى سائق حافلتنا ذو الملامح الهندية. قائلاً: تتعدد الأعراق في بلدي ماليزيا، فهناك المواطنون الأصليون كحالي أنا، وهناك من ينحدرون من الصين، وهناك من ينحدر من أصول هندية كصاحبنا السائق "فلان" -نسيت اسمه- وأشار إلى السائق وعلى محيّاهما الابتسامة.

لم أكُ استوعب الموقف الذي ظننتهُ موقفاً من مشهد تمثيلي متفق عليه، إلا أن الحقيقة الملموسة في هذا البلد القوي في مجتمعه واقتصاده جعلتني أغلق "تلفاز التمثيليات" من دماغي وأعيش واقعاً لمسته كل يوم هناك. هو واقع التعايش الحضاري بين مختلف الديانات والأعراق في بلد تداخلت فيه، ليكون بحق "آسيا الحقيقية" الجامعة لمختلف التوجهات والديانات.
وأردتُ أن أقطع الشك باليقين بالنسبة لمسألة التعايش التي لم استوعبها بعد، فرأيتُ اختلاف الأعراق تبيع تحت سقف مجمع واحد، وأردتُ المزيد، فرأيتُ المعبد البوذي الهندوسي بقرب المعبد البوذي الصيني، لا يفصلهما إلا شارع، وتواجه بوابة كل معبد بوابة المعبد الآخر، في سيمفونية قلّ نظيرها إلا في بعض الدول الغربية، إلا أننا هنا نتحدث عن بلد دينه الرسمي الإسلام.
وأخذت أبحث ذات اليمين وذات الشمال عن دلالات وصور أخرى على التعايش الفعلي بين الماليزيين، فرأيت الصداقة جارية بين الأصفر والأسمر، وبين الأبيض والأسود، وعندما أدرت التلفاز المحلي -فضولاً ومعرفة- لم يكُ مقدموا من عرق واحد، بل من أعراق شتى.عندها اطمأننت بأن التوجه في التعايش السلمي الحقيقي لا المُدعى حاصل من محل بسيط في مجمع تجاري إلى التلفزيون الرسمي للدولة، بل أن شرطتهم “كوكتيل” من ذوي السنحات الصفراء والسمراء.

وبمقدار حرية المعتقد للماليزيين، فهناك احترام للآخر فيما يؤمن ويعتقد، بل أكثر من ذلك، حيث تفتح بعض المعابد أبوابها للزوار للتعرف على معتقدات روادها، ودخلتُ معبداً بوذياً لأرى بأم عيني وأبيها مقدار الإنفتاح والاحترام والتقدير لمختلف الديانات، فترى ذلك الفسيفساء الجميل بين معبد بوذي وجامع مسلم وكنيسة مسيحية.

كانت الرحلة التي قطعها الماليزيون مجهدة مُتعبة، واستثمروا المأساة لصنع المجد تحت رؤية قائد ملهم كرئيس وزرائها الدكتور مهاتير محمد، كانت بداية الرحلة في فرض الاحترام وعدم التمييز بين الأعراق والديانات بعد الأحداث الدامية التي شهدتها ماليزيا بين الملايو المسلمين والصينيين البوذيين في عام ١٩٦٩، إثر انفصال سنغافورة عن ماليزيا عام ١٩٦٥. وبعد تلك الأحداث وضعت ماليزيا دستوراً يحترم الأعراق وفعلّت سياسة اقتصادية جديدة تراعي التوازن الاقتصادي بين المجموعات العرقية المختلفة التي تشكل سكان ماليزيا، وأخذت على عاتقها سياسة التنمية القومية، والتي كان لها عظيم الأثر في إيجاد تناغم عملي منتج بين مختلف الأعراق وأثر ذلك في الاقتصاد الوطني لماليزيا.
وما يجعل المرء يحترم تجربة هذا النمر الآسيوي المسلم هو في صعوبة صهر كل تلك الاختلافات ضمن نسيج واحد متآلف، فالحديث لا يدور بين طائفتين من ديانة واحدة، بل من ديانات شتى وأعراق مختلفة وثقافات متباينة، فهناك الملايو والهنود والصينيون، والمسلمون والبوذيون والمسيح. فما كان سر النجاح إذاً؟
كانت الخلطة السرية التي استخدمتها ماليزيا عبر سلطتها هو تفعيل العدالة الاجتماعية، ووقوف تلك السلطة ضد التمييز العرقي والسعي الحثيث للوصول إلى قواعد مشتركة بين تلكم الأعراق بما يخدم البلاد كلها دون استثناء، ودون تقديم عرق على آخر أو طائفة على أخرى.
وفي مقابلة معه في مجلة
SALAAM BAHRAIN
عند زيارته للبحرين، يذكر رئيس وزراء ماليزيا السابق في معرض الإجابة عن السر في نجاح التجربة الماليزية بالقول:

أعتقد أن أساس نجاحنا هو في خلق جو من الاستقرار السياسي في ماليزيا.، والذي رسم نجاحنا.
وماليزيا بلد يضم ثلاثة أعراق مختلفة و 30 قبيلة مختلفة، فجمعناهم وصهرنا الاختلاف لنقدم مجتمعاً حديثاً، وذاك كان سر نجاحنا، وما زال. (١)

إنّ ما وصلت إليه ماليزيا الآن أتى من خلال رؤية حكيمة طموحة رسمها رئيس وزرائها السابق، الذي استطاع أن يفك طلسم المجتمع المتعدد الأعراق من جانب، ومن جانب آخر هو إيمان متأصل في الشعب الماليزي بضرورة التعايش فيما بينهم لتكون القاعدة للتطور بعدئذ، ولم يأتِ ما تجنيه ماليزيا الآن من فراغ، فقد مكّنت رؤية الدكتور مهاتير محمد الماليزيين من الرقي والحصول على أسباب القوة، وذلك من خلال توفير الحكومة لمستويات عالية من التعليم والتكنولوجيا، ودفع الماليزيين لتعليم اللغة الإنكلينزية، وذلك عبر ارسال الحكومة للبعثات التعليمية للخارج والتواصل الفعال المدروس مع الجامعات الأجنبية.
لقد عمل الدكتور مهاتير على تجهيز المواطن الماليزي بأسباب القوة ما أمكنه ذلك، لتنتفح عليه كل الثقافات ويتفاعل معها إيجاباً ونتاجاً، ومن ثم سيكون المواطن الماليزي قادراً على الخوض وبجدارة في سوق العمل، لا لتكون نظرته ضمن حدود بلاده، بل ليكون ضمن توليفة عالمية تُراعي مكونات القوة الاقتصادية على أعلى المعايير. وقد نجح الماليزيون في ذلك فزادت الإنتاجية وانخفضت مستوى البطالة بين أفراد الشعب. وتحولّت ماليزيا بعدئذ من دولة زراعية يعتمد اقتصادها على تصدير السلع الزراعية والمواد الأولية البسيطة مثل المطاط وبعض المعادن إلى دولة صناعية متقدمة يُشار لها بالبنان، وما زالت تبتكر الوسال الجديدة للتمكن في عالم اقتصاد اليوم، وتحتل المرتبة الأولى في العالم في إنتاج المواد الغذائية “الحلال”، فضلاً عن تربعها في سوق الاستثمارات الإسلامية، وتُعتبر الصناعات التقنية من أولى صادراتها للخارج. ومن الجدير بالذكر أن القطاعين الصناعي والخدمي يسهم بنسبة ٩٠ ٪ من اقتصاد هذا النمر الآسيوي المسلم. وقد ساهم ذلك في زيادة نصيب دخل الفرد الماليزي، وتطرق صاحبنا “عارف” عن حجم التسهيلات التي تقدمها الحكومة للمواطنين من سكن ومواصلات وكهرباء وماء، إلى جانب الطبيعة التي تقدم لهم ما يشاؤون من مواد غذائية. لتُعد بحق ماليزيا واحدة من أنجح الدول الصناعية في جنوب آسيا.


وعند زيارتي الأخيرة لماليزيا لمستُ ذلك التطور في التخطيط العمراني، والانفتاح الاقتصادي ومستوى العيش الفردي، لقد عشته وتنفسته في كل لحظة، وعند كل زاوية من زوايا هذه الدولة الفتية التي عرفتْ كيف توظف الاختلاف بين معتقدات وأعراق شعبها ليكون قوة لا ضعف، وتقدم لا تراجع.

هي ماليزيا واحدة، تلك كانت حملتهم الإعلامية والإعلانية في الفترة الأخيرة وما زالت، ماليزيا واحدة باختلاف أعراقها، وكان الرقم واحد والعلم الماليزي أيقونة رأيتها على وريقة إعلان صغيرة لبيع الآيسكريم إلى إعلان ضخم على مجمع تجاري في وسط العاصمة كوالا لامبور، بل حتى على حافلات السياحة لم تخلو من هذه الأيقونة

لا يهم من أي عرق أنت وإلى أي ديانة تنتمي، ومن أي طائفة تعتقد، المهم أن تكون على هذه الأرض تخدمها وتسعى لتطويرها ما أمكن.
وما عزّز ذلك الشعور مبادرات الحكومة على أكثر من صعيد، كونها حكومة عادلة وأمينة، والشعب يتمتع بالحرية والاستقلال، ومتمكن من العلوم والمعارف بفضل السياسات الحكومية التعليمية والتطويرية في مجال البحث والتطوير، إلى جانب التنمية الاقتصادية الشاملة والمتوازنة، وتحسين نوعية الحياة للمواطنين، وحفظ حقوق الأقليات والمرأة، ونشر القيم الثقافية والأخلاق الحميدة في المجتمع، وحفظ وحماية البيئة.
وتلك هي بعض من المبادىء العشرة للإسلام الحضاري كما قدمها الدكتور مهاتير محمد وآمن بها وعمل بها في ماليزيا.

عشتُ التجربة الماليزية في شوارعها، ونظامها في السوق والتنمية، وفي كل زاوية وطأت قدماي فيها، عشتُ واقع مجتمع فيه من الاختلاف والتنوّع أكثر مما نحن فيه في جزيرة صغيرة، رأيتُ كيف أن الناس هناك لا يهمهم من أي عرق أو دين أو طائفة تكون، ليكون الإنتاج والعمل هو الفيصل في العطاء وهو السر في التقدم نحو رؤيتهم التي رسمها الدكتور مهاتير ، رؤية ٢٠٢٠


ودعتُ "عارفاً"، وهو ليس بعارف ما يجري في جزيرة هي موطني التي لا يتعدى طولها مساحة ساحل عام عندهم في ماليزيا، أو مدينة صغيرة عندهم. ودعته وهو ليس بعارف أو ربما قد لا يستوعب أن مجتمعاً "متآلفاً" متجانساً، قد تم إقحام أعراق فيه مختلفة لا لتضيف للبلد علماً أو تنمية، بل لتزيده احتقاناً، ولتكون موارد هذه الجزيرة أقل مما يوفي لساكنيها حقهم.

كانت الأعراق باختلافاتها وتنوعاتها طبيعية في بلاده كطبيعة الجبال والوديان والسهول فيها، وتوحدت ضمن رؤية وعمل ومصداقية حقيقية للدولة، وما زالوا يقولونها برفيع الصوت "ماليزيا واحدة"، وينبؤك عن قوتهم اقتصاد دولتهم وتقدم مجتمعهم.
في حين يقوم البعض هنا بصنع "فسيفساء" مشوهة كريهة، غير متجانسة، ظناً منه أن ذلك قد يحفظ توازناً أو يجمّل شكلاً أو يكون له ركن وثيق.
كانت أعراقهم باختلافاتها طبيعية فتغلبوا عليها برؤية حكيمة، في حين أن ما لدينا أعراق مصطنعة، تحاول حتى النيل من سكان هذا البلد الأصيل، بدعم خفي أو مسكوت عنه.
في ماليزيا لا يتجرأ أحد على النيل من عرق أو ديانة أو ملة، فهمهم البناء والتطوير والتقدم وملاحقة ركب الدول الكبرى في الصناعة ورفاه المجتمع، أما في جزيرتنا يا “عارف” فهناك من يستلذ أكل جيف الفتنة والتفرقة ودق أسفينها، لا في المنتديات الإلكترونية فقط، بل عبر أقلام صحفية، بل ويظهر بعضها للعلن بطريقة فجة سمجة قبيحة، كما في الإعلان الموضوع عند مدخل سوق كبيرة في مدينة حمد “سوق واقف”!





فأين الثرى من الثريا؟
أين من بلد تتنوع الأعراق فيه طبيعياً لتنتعش أسواقه وصناعته لرحابة صدره، وبين بلد يتم فرض أعراق عليه وتمزيق النسيج الأمني المجتمعي فيه لتُقطع الأرزاق فيه؟
هناك نمرٌُ من عرق وتعب وحسن تخطيط، نمرٌ تكون فيه الاختلافات العرقية طبيعية كطبيعة الخطوط على جلد نمر، لا لتشوهه، بل لتعطيه جمالاً أخّاذاً، في حين يكون هناك قطٌ مواؤه أكبر من حجمه، قطٌ من كلام فقط، قطٌ من ورق لا غير.
قد يصلح أن يكون “أوريغامياً” (٢) جميلاً نضعه على الرف أو ليلعب به الأطفال لا غير.


(١)

SALAAM BAHRAIN
العدد مايو 2010
(٢)
الأوريغامي
هو الفن الياباني لطي الورق الذي يجعل خدع الورق مليئة بالحماس

التلوث البصري، الأزمة عمقت الاعتماد على الوكالات الصغيرة والهــــــــــــــواة في سوق الإعلان


التلوث البصري

حمزة: الأزمة عمقت الاعتماد على الوكالات الصغيرة والهــــــــــــــواة في سوق الإعلان

صحيفة أسواق الاسبوعية البحرينية
الأحد ١٨ يوليو ٢٠١٠


يتخذ هذا المتخصص في الاقتصاد المعرفي وقراءة الصورة جعفر حمزة له مسافة منذ فترة ليست بقصيرة، يراقب خلالها حراك إعلانات الشوارع وكيف تدار قواعد اللعبة، ليجزم في المحصلة أن مساحة الإبداع محدودة، وأن تجارب الابتكار زهيدة على الساحة، ولا رؤية لافتة. لا شيء في كثير منها سوى البهرجة التي لا تخلو من إزعاج، ويكون السواد الأعظم بلا مقاصد واضحة ولا أهداف تحقق مبتغاها، أفكار تُعاد وتتكرر على نحو آلي، وهذا ما قد يفسد الذائقة البصرية لمشاهدها على حد قوله.

يرى حمزة أن موجة إعلانات الطرقات التي عمت قطاع الإعلانات في السنوات الأخيرة الماضية، أخذت بالتصاعد على نحو لا يبدو أنّه يدنو من استقرار ولا تؤشر إلى حالة صحية في سوق الإعلانات بقدر ما تُشير إلى فوضى إعلانية تستخدم فيها إعلانات الشوارع في كل المناسبات بغض النظر عن تناسبها كوسيلة اتصالية مع أهداف الرسالة الإعلانية مما يؤثر سلباً على ضمان وصولها إلى المستهلك أو المستقبل.

ويقول: «ما يحدث لا يتعدى كونه ـ في أغلبها ـ من ولادة لأجنة ميتة، هي سياسة لا تخلو من أخطاء وتحول. وفي المحصلة فإنّ المتعمق في الحراك الدائر يتوصل إلى حقيقة مفادها الفوضى البصرية الحاصلة في الغالب الأعم، مع لحاظ بعض التجارب المميزة»، مؤكداً أن لكل إعلان رسالة يود إيصالها عبر الإعلانات المختلفة في أشكالها وتصاميمها وأحجامها، بيد أن ما يحدث يكاد يخلو من المقياس والمرجعية وحتى التدقيق لاختيار المكان الأنسب في وضع الإعلان.

ويلفت حمزة إلى أنّ الحملات الترويجية والتسويقية في الشوارع هي ذاتها المنشورة في الصحف بلا تعديل أو جهد يكيف الإعلان بحسب وسيلة النشر، ويقول: «صار من المألوف أن ترى الإعلانات المكتظة بعدد كبير من الكلمات والألوان والصور، من دون مراعاة لقدرة المتلقي على التقاط المعلومات وهو يقود سيارته في الشارع»، معتبراً ذلك تقديراً غير مدروس لدى المعلن، غير مستبعد ما أسماه «كسل المُعلن» والميل إلى تكرار ما هو مطروح ومتوافر بلا جهد إضافي يزيد من الرصيد الإبداعي أو يكيف صيغة الإعلان وشكله بحسب وسيلة النشر.

ازدياد المنافسة

لا ينفي حمزة نمو السوق الإعلاني خصوصاً سوق اللوحات الإعلانية في شوارع المدن والقرى البحرينية بعدما برهنت لوحات الطرقات على أنها إحدى أفضل وأنجح الوسائل الإعلانية التي تحقق مردوداً سريعاً بلحاظ «توالدها» المتزايد، مما يدفع لحدة المنافسة بين الشركات العاملة في القطاع. غير أنّه يؤكد أن اتجاه المعلنين نحو إعلانات الطرقات مرتبط باختيار مواقع ذات كثافة مرورية كبيرة يكون للوحة الإعلانية والرسالة التي تحملها تأثير كبير في أذهان المستهدفين الذين يبقون في سيارتهم في تلك الطرق، بسبب الزحام خصوصاً أوقات الذروة.

بيد أن ما يحدث لا يتعدى كونه استغلالا لكل أعمدة الإنارة سواء في الطرقات السريعة التي تخلو من الزحام، أو في بعض الطرق التي لا تكون حاضنة للفئة المستهدفة من الإعلان. وهذا ما أسماه بالوضع غير المدروس، ويقول: «إعلانات الطرقات لها خصوصية وسحر لا يتقاسمها معها أي وسيلة إعلانية أخرى، الرسالة فيها يجب أن تكون مختصرة ومركزة، أما التفاصيل فتعنى بها إعلانات الصحف أكثر (..) لكن ما يحدث لا يتعدى كونه فوضى إعلانية تشاغب السائق أينما ذهب وتهدد أمن وسلامة القيادة لبعض اللافتات غير المثبتة جيداً، وهو شأن يجب أن تلتفت إليه إدارة المرور لتنظمه على غرار باقي تجارب الدول الأخرى التي تخصص أماكن محددة للإعلانات، لا في كل الشوارع والطرقات».

العاصمة نموذجاً

ويضيف «هناك كم إعلاني كثيف في منطقة واحدة، والعاصمة نموذج تدلل على ذلك بجلاء، إذ يصل سعر أصغر حملة إعلانية تستخدم عشرة إعلانات فقط على أعمدة الإنارة في المنامة قُرابة 750 دينارا، حيث يصل سعر الإعلان الواحد إلى 250 دينارا في العاصمة وينزل إلى 154 دينارا خارج العاصمة، وعادة لا يقبل المعلنون حملات يقل عدد الإعلانات فيها على عشرة إعلانات، وكأن إعلانات الطرقات أصبحت فجأة «موضة» على الشركات والمؤسسات أن تسايرها وإلا كانت خارج الصيحة الأحدث (..) على المعلن أن يسأل نفسه دوماً ما الذي يريد إيصاله من هذا الإعلان؟ أي الفئات يستهدف؟ وما هي الوسيلة الأنسب لإيصال الرسالة؟ وجزء من تلك المسؤولية يحملها حمزة على البلديات التي وجدت إعلانات الشوارع «الدجاجة التي تلد ذهباً» من دون مراعاة للضوابط وثقافة الإعلان والتخمة البصرية التي خلفها الاستغلال غير المدروس لأعمدة الإنارة واللوحات الإعلانية الأسمنتية في كل مكان». بل إنّ البعض أخذ به الهوس إلى استخدام أسقف المنازل المطلة على الطرقات السريعة للإعلان للهجوم البصري على السائق أينما توجّه.

حمى جديدة

حمزة يرى حمى إعلانات الطرقات تسير إلى تصاعد في الشهور القليلة المقبلة مع بدء العد التنازلي لانطلاق إعلانات المرشحين للانتخابات النيابية والبلدية، وهذا على حد قوله ما قد يزيد الطين بلة، داعياً إلى المزيد من التنظيم وتخصيص مساحات معينة ومجدولة لنشر الإعلانات، لافتاً في الوقت ذاته إلى الأخذ بنظم السلامة في التعامل مع الإعلانات التي لا تُثبت بإحكام ويشكل تهاويها خطورة على حياة المارة والسواق.

وفي بُعد آخر لفهم المسألة، يذهب حمزة إلى أن الامتداد الإعلاني حري أن يُرافقه امتداد إبداعي خصوصاً في مرحلة ما بعد الأزمة المالية التي غيرت توجهات الشركات واستخدامها للإعلانات، مؤكداً أنّ بعض الشركات فضّل الاعتماد على نفسه في تصميم الإعلانات واستغنى إما كلياًّ أو جزئياًّ عن خدمات الوكالات الإعلانية جراء نقص السيولة المخصصة للإعلانات، مقابل فريق آخر بقي على ما هو عليه قبل الأزمة في الاعتماد على الوكالات، بالإضافة إلى فريق ثالث من الشركات الذي صار يفضل الاعتماد على الوكالات الصغيرة والهواة في سوق الإعلانات الذين نشط سوقهم في الفترة الأخيرة. متوقفاً عند نقطة يعتبرها غاية في الأهمية وهي قياس الأثر من الإعلان والمردود الذي تحقق للشركة المعلنة من ورائه، معتبراً ذلك هو الطريقة المثلى لمعرفة الوسيلة الأنسب للنشر.

وفي هذا الاتجاه يؤكد حمزة أنّ الأزمة المالية أنعشت أعمال المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وزادت من حجم المنافسة على الإعلانات الأرخص كلفة بغض النظر عن الحرفية والرؤية العامة لاتصالات التسويق، في قبالة نسخ وتكرار وحتى سرقة الأفكار بلا أي تحسب للملكية الفكرية أو ثقافة الإبداع وكسر المألوف، موضحاً أنّ المعلن لم يعد يبحث عن الفكرة التكاملية ولا الجديدة كلياًّ إذ يختار من عدة خيارات يطرحها أمامه الوكالات الإعلانية من دون دراسة للأثر وفهم حقيقي للفئة المستهدفة في تفكيرها وسلوكها ومزاجها.

الاقتصاد الجديد

ويرى حمزة أن الأزمة المالية أوجدت اقتصاداً جديداً يختار الإعلان بشكل أكثر تأنياً، وأنّ العملاء أصبحوا يختارون الوسيلة الإعلانية وفقاً لمعدل الانتشار، فوسائل استطلاع انتشار وسائل الإعلام تحدد مدى قبولها كوسيلة إعلانية لدى العميل، خصوصاً في ما يتعلق بالصحف أو الإذاعات المحلية.

إلى ذلك، يقول: «هناك خوف مستوطن لدى الوكالات الإعلانية من كسر ما هو سائد يدعمه خوف العميل، وهذا بالتحديد ما يدعم نسخ الأفكار وتكرارها على نحو ممل، يعزز ذلك غياب الجوائز في التمييز الإعلاني التي ترفع من سقف الإبداع والجرأة في دخول مناطق طرح جديدة وترفع من حدة المنافسة والابتكار والتجديد، وهذا يؤثر بطريقة غير مباشرة على رواتب العاملين في هذا القطاع، فبدلاً من البحث عن عقول مبدعة، يكون البحث عن أيدٍ منفذة، والأخيرة أقل تكلفة من الأولى».

ويضيف «معظم الوكالات لا تبحث عن العقول المبدعة بل إلى منفذين ينسخون ما هو سائد»، مطالباً بتنظيم أكبر للقطاع تلعب فيه جمعية المعلنين البحرينية والبلديات ووزارة الإعلام وشركات الاتصال التي تعتبر أكثر حيوية بصرية وأن يكون لها دور أكبر في تشجيع الإبداع عبر مسابقات تستثير الهواة وتستفز العاملين المبدعين وتقودهم إلى الاحترافية.

ومع حركة نشطة للسوق المحلية وهي نتاج حراك عالمي لا يتوقف عن البيع والشراء، يرى حمزة أن التركيز على صناعة سوق الإعلان بات أمراً لا بد من التحرك عليه بصورة عملية، حيث يشير حمزة إلى قدرة القطاع التعليمي في التركيز على أكاديمية وحرفية هذا القطاع من خلال التخصصات المطروحة، وتخريج كوادر محترفة يمكنها أن تتبوأ مراكز ريادية في هذا القطاع، في حين نرى في الوقت الحالي تربّع الأجانب في تلك المراكز، ويكون البحرينيون منفذين لا أصحاب إدارة وقرار في هذا الجانب، ففي الأخير «أهل مكة أدرى بشعابها»، ونتيجة لتغلب من ليس بأهل البلد في مجال إدارة التفكير الإبداعي، نرى الكثير من الأفكار التسويقية التي تفتقر إلى التواصل الحقيقي، فضلاً عن غياب فرص حقيقية لتولد أفكار ستحدث أثراً، ليس في السلوك الشرائي فقط، بل في السلوك العام والتفاعل مع القيم المختلفة للمنتج أو الخدمة.

تناسب الوسيلة

في هذا السياق، تتناسب إعلانات الفيس بوك والبريد الإلكتروني والإنترنت بصورة عامة مع فئة الشباب وطلبة الجامعات بل حتى رجال الأعمال، فيما تتناسب إعلانات الراديو مع العاملين والموظفين وكبار السن في وقت قبل بدء الدوام وبعده، وتخاطب إعلانات الصحف والشوارع العموم. فيما أصبح الإعلان على الإنترنت وفي وسائل الإعلام أكثر تفضيلاً من العملاء مع انخفاض سعره، وتغير استراتيجية الشركات نحو زيادة المبيعات.

في اتجاه آخر، يشير مشتغلون في قطاع الإعلانات إلى أن هناك من شركات الإعلان التي تعاني من نقص في السيولة النقدية، بسبب عدم قدرة عملائها على الاستمرار في سداد مستحقاتها، مع تراجع أنشطتها وعملياتها التجارية بسبب تداعيات الركود الاقتصادي العالمي وتأثيره محلياًّ.

وهذا يشكل فرصة وليس تهديداً للبحث عن الوسائل البديلة الأكثر انخفاضاً في التكلفة والأوسع انتشاراً وتأثيراً وتفاعلاً مع الجمهور. ومع تصاعد الثورة الرقمية في التواصل، ما زال هناك الكثير من الفرص في رحم السوق البحرينية التي تعتبر غضة طرية وتحوي بين جنباتها الكثير من الفرص والأفكار التي ستُحدث فرقاً وتكون حديث المدينة قولاً وفعلاً، لتحقق غرض الإعلان، وهو إحداث الأثر للسلوك الشرائي مع تثبيت القيمة الإيجابية في الفرد.



http://www.aswaqnews.net/ArticleNews.aspx?Id=3399&IssueId=76