"أوتاكو" .. صناعة الشغف المُنتج!

 




جعفر حمزة


كانت تستهيوني الثقافة اليابانية وما زالت، وكحال جيل الثمانينات، كانت الرسوم الكرتونية هي ما تُبهرنا وتأخذنا من مكاننا إلى عالمها، ولم يكن الزمن كفيلاً بأن يخبو أُوار نار ذلك العشق لتلك الرسوم، بحكاياتها ودقتها وعمقها وبساطتها، ومن الأمور التي شدّت انتباهي عند مشاهدتي لعدد ليس باليسير من المسلسلات أو أفلام الأنيمي اليابانية هو كمية الدقة ومراعاة التفاصيل عند عرض مشهد لدكان أو محل أو في شركة، وكيف يكون تعامل الفرد مع محيط العمل الخاص به، من ترتيب ودقة، بدء من الاهتمام بالبضاعة وصولاً إلى تغليفها وتقديمها للزبون والإنحناء له حتى يبتعد عن المحل، وليس بمجرد خروج الزبون منه!

فظننتُ الأمر مبالغاً فيه، إلا أن كثرة الشواهد في تلك المسلسلات والأفلام صنعت صورة نمطية في ذهني عززّها فعلاً ما وقعت عليه من أكثر من مصدر، بأن اليابانيون لديهم ذلك الاهتمام والدقة في القيام بأمورعملهم، حتى وإن بدا بسيطاً، من تنظيف الصفوف في المدارس، إلى بيع السكاكر في دكان صغير بقرية.

وهذا ما يسمونه بـ Gambaru 頑張る، وهو الاهتمام بإنهاء العمل وعدم التوقف حتى بلوغ غايته. وهو استمرار الجهود برغم العقبات، حتى لو لم تنجح، وهذا مفهوم مهم جداً في اليابان، بل يُعتبر جزء لا يتجزأ من ثقافتهم وهويتهم.

بذلك المفهوم يحارب اليابانيون لحظات عدم حبهم لعملهم، فليس كل ياباني محب لعمله طبعاً، لكن هذا المفهوم المتجذر في ثقافتهم، أعان على تخطّي ذلك، فالمهم أن تبذل كل ما بوسعك وباستمرار في عملك، سواء كنت رئيساً تنفيذياً أو حارس أمن. كل ما عليهم فعله هو ترجمة Gambaru في عملك. 

ولا غرو إن بدت لنا اليابان مثل كوكب له طبيعته المختلفة عن بقية الشعوب.

وهذا يمثل الحد الأدنى من علاقتهم بالعمل، وهو مراعاة الدقة والاهتمام بالتفاصيل فيه، وإن كان مسحاً للنوافذ فقط.

فكيف بنا الحال إذا تحدثنا عن مفهوم يتجاوز ذلك بكثير وهو أوتاكو Otaku オタク والذي يعني الشغف بشيء ما لدرجة الهوس، وإن كانت الكلمة مرتبطة في جذرها بالهوس الخاص بالمانجا "الرسوم الكرتونية اليابانية" وجمع متعلقاتها والتمثّل بها، وكل شيء خاص بها، إلا أن هذه الكلمة تم استخدامها أيضاً بمعناها الأعم، وخرجت من مصداقها الأول لمصاديق أخرى معنية بالهوس والشغف في العمل. بل أن الكلمة دخلت في اللغة الإنجليزية.

فما أهمية أن يكون لموظفي شركة أو مؤسسة هذا الأوتاكو؟

عندما زار الرئيس الأمريكي السابق جون كيندي وكالة ناسا سنة 1961، سأل الحارس هناك: ما وظيفتك؟ فرد عليه الحارس: وظيفتي إيصال الإنسان للقمر!

ذلك الرد ينم عن تشرّب هذا الحارس لهدفية ما هو مرتبط به "ناسا"، وما تود الوصول إليه. 

تلك العقلية هي التي تحقق الرؤية الجمعية المشتركة، وتجعل من كل فرد سفيراً فاعلاً مهما كان منصبه ومهمته للشركة التي يعمل فيها، فلا غرو إن قال "ريتشارد برانسون"، بأن العميل الأول الذي علينا الاهتمام به، هو الموظف.

فعندما "يحب" الموظف عمله، لن يقتصر على "أداء واجبه" فقط بل سيتقن في الأداء Gambaru. وعندما يشعر الموظف بأنه ليس "رقماً" في مؤسسته وإنما "وتد" فيها، سيدخل في مرحلة Otaku وهو الشغف الشديد بعمله.


إن وجود الأوتاكو بأي مكان، هو بمثابة وجود تيار كهربائي كبير، يسري في جسد وروح الموظف، لتنتقل عبر الخدمات والمنتجات التي يقدمها للجمهور، وذلك عبر طريقة الرد على الهاتف أو وضع البضاعة أو طريقة الاستقبال أو التعامل والعناية بالزبون بكل تفاصيل طلبه.

ذلك الشغف العفوي سيلقي بظلاله على تقديم أفضل الممارسات داخل المؤسسة وخارجها على حد سواء، ولا يمكن الحصول على هذا الإكسير في العمل إلا بوجود مُسبقات خماسية لا بد منها، وهي:

1. Cause معرفة الهدف

2. Clarity الوضوح في التقديم والتواصل 

3. Consistency الاتساق في العمل والاستدامة

4. Culture توليد ثقافة داخلية مُعاشة، تنعكس على الخارج بشكل آلي

5. Community إنشاء مجتمع، وهو ما يجعل الموظف كما الجمهور مدافعاً عن البراند، وهي آخر مرحلة من قُمع التسويق marketing funnel 


ويبدو أن الأوتاكو، لم يعد خياراً  لتلك الشركات او الجهات التي تود أن تترك بصمتها في حياة جمهورها المستهدف، لا بكونها تبيع منتجاً أو خدمة فقط، بل لكونها تشمل قيمة مضافة ومضرب مثل.


فذلك سيجعل نسيجها الداخلي أكثر ثقة وتماسكاً وحضوراً، وهو رأس مال مهم للمرور عند الأزمات.

فما مر به العالم في جائحة كورونا أعاد النظر لمفاهيم الفردانية ومركزية الفرد، ليكون للعمل الجماعي وكل المفاهيم المرتبطة المساندة في تعزيز الحضور الثقافي للبراند حاضرة ومطروحة على الطاولة للمعاينة، ومن بينها مفهوم الأوتاكو.


فالعاشق المهووس دافعه لذلك الارتباط هو الحب والعلاقة القوية مع ما يعشق "الشركة"، وبالتالي لا يضع الاحتمالات الرياضية البحتة نصب عينيه، وفي ذلك مصدر قوة للشركة/البراند، لأنها تريد فرداً من عائلتها يكون معها عند الشدة كما في أوقات الرخاء طبعاً، من ناحية المكافأة والتقدير والتشجيع والدعم.

وكما يقول الشاعر"وَعَينُ الرِضا عَن كُلِّ عَيبٍ كَليلَةٌ · وَلَكِنَّ عَينَ السُخطِ تُبدي المَساوِيا"


فالعاشق يرى صور محبوبه أينما ولى وجهه، فهل يا ترى نحن في عشق وشغف بالعمل؟ أو أننا حصرنا الأمر بالزمكان (عدد ساعات عمل محددة ومكان محدد للعمل)، وعند خروجنا من ذلك الوقت والمكان، تنقطع العلاقة معه؟

هناك فرق بين من يعشق ومن يكون ترساً في شركة، فالأول يرى الأمر حبًا وعطاء وتحدياً برغم كل الصعوبات وهذا طبيعي أن يكون في كل عمل، والآخر يراه تأدية لواجب ليس إلا في حده الأدنى على الأقل، للحصول على الراتب.


طبعاً لا يكون "الأوتاكو" مكتملاً إلا بثنائية متوقعة بين الشركة والموظف، فالتقدير والاهتمام والتشجيع والدعم والنقد البناء ووضوح الرؤية ووجود روح قيادية بالمؤسسة، تهيأ الأرضية بلا ريب لوجود الأوتاكو لكن لا تضمن نموّه، فهو في الأخير شأن ذاتي ينبع من داخل الموظف، فالعاشق لا يتمرّن على عشقه، بل يعطي دون حساب.

أتتخيل أن تعمل لأشهر معدودة دون مرتّب وتصبر على ذلك بسبب عشقك لعملك أو لقائدك؟

نعم هذا ما كان بالعمل مع المبدع القائد المرحوم موسى العالي، والذي عملتُ معه لأشهر عديدة دون مرتب، فقط لشغفي بالعمل ولإيماني بالهدف، وبسبب وجود قائد مُلهم مثله. طبعاً كانت الظروف المالية بسبب ملّاك الشركة، في حين كان موسى مديراً لها.

هذه صورة في قبال صور شتى نعيشها ونراها ونسمعها وتصلنا لبيئات عمل تشربّت الاتكالية والمحسوبية والفساد والطائفية والاستغلال، وغيرها من مُدمرات العمل المؤسساتي الصحي الأساسي، فكيف بما هو أكثر من ذلك، وهو مدار حديثنا؟


إنّ أكثر ما لدينا هو تشغيل تروس، وليس استثمار رؤوس في شركاتنا ومؤسساتنا وجهاتنا بكل صفاتها الاعتبارية.

نعم لدينا شيء ياباني حتماً وهو Muda  無駄، بمعنى الهدر في الطاقات والإمكانيات، على الأقل لدينا مصطلح ياباني مناسب لبعض ما لدينا إن لم يكن كثيره.


فالأوتاكو هو بذرة الإتقان وهو لدينا صورة عاشق في نصوصنا الدينية، ففي الحديث:

إن الله يحب إذا عمل أحداً منكم عملاً أن يُتقنه"، فتم ربط حب الله لعبده إن أتقن الأخير عمله، وأي عشق أكبر من هذا؟

وهنا الفرق بين أن يكون بمؤسستك رأس عاشق أو ترس موظف.

فالأوتاكو لها القدرة أن تعزز ثنائية الحضور للبراند داخل المؤسسة بين منتسبيها وخارجها بين جمهورها، إن تم فهمها وتوليدها بشكل صحيح ومتابعتها كأولوية، لأن أثرها لا يقتصر على الإنجاز والابتكار فقط، وإنما يمتد للصبر والدعم والنفس الطويل، وبهكذا تُبنى الشركات ذات الأثر العميق.



جعفر حمزة لصحيفة البلاد: من يتحرك من الكرسي وينظر عبر النافذة؟

 

 

 قدرتنا بالتمسك بما ”نعتقده“ ثابتاً وصحيحاً تمنعنا دوماً من القيام من ”كرسي الراحة“ الذي نتشبث به لنتحرك ولو لبضع خطوات لمعاينة الأمر من زاوية أخرى. وبالتالي نفتقد حس الوصول لمنطقة مشتركة تكون أكبر من حجم الكرسي الذي لا نود مغادرته.

 

 بالأمس في إحدى غرف الكلوب هاوس، وفي حديث عن غرفة تجارة وصناعة البحرين، تحدث أحد منتسبيها رداً على سؤال وجهته له، بأن هناك مساحات مفتقدة علينا النظر لها بواقعية وبنَفَس نقدي لأجل التغيير، سواء في مجال:

. افتقادنا لمنظومة تلملم الكثير من المبادرات والتي تصب في مجال واحد، لكن كل يغني عن ليلاه بمعزل عن تشبيك منظم بينهم

. استمرار الفجوة بين مخرجات التعليم وسوق العمل

. التشديد على الميزة التنافسية في البحرين وهي الأقوى، ألا وهو رأس المال البشري.

 

وغيرها من نقاط تم سردها مع أمثلة خليجية مقارنة كالسعودية والإمارات ومثال بنيوي مقارب كسنغافورة.

وهذه نقاط تستحق النظر بحكم الواقع المحلي، وعوضاً عن الرد التحليلي، جاء كلام الرجل من "الغرفة“ بتوصيف توجه النقد على أنه سلبي، ولا ينبغي أن ننتظر من أحد الدعم، وعلينا أن نبدأ التغيير، وكل بقدرته، وشدد على هذه الفكرة في رده الطويل لأكثر من أربع مرات!

 

نحن نتحدث عن منظومة بحاجة لمراجعة جادة وصناعة

Eco-System

بعيداً عن التنظير والعمل الأحادي الذي تقوم به كل جهة على حده، دون وجود خريطة تنظيمية مع توافر

Think Tank

والعودة إلى مقياس مؤشر أداء

KPI

لكل عمل يتم تقديمه في سوق العمل.

 

في حين أن الخطاب العام والتوجيهي يركز على الفرد وعليه "أن لا ينتظر دعماً من أحد ويعتمد على نفسه“، هذا النّفس في الخطاب ”والمكرر“ لأكثر من شخصية في بعض الجهات، هو إخلال بمسؤلية صناعة بيئة تكاملية وتشاركية تهدف لإحداث التغيير، وإلا ما نفع وجود مؤسسات وجهات كغرفة تجارة وصناعة البحرين ووزارة الصناعة والتجارة ووزارة العمل وتمكين ومجلس التنمية الاقتصادي وغيرها من الجهات، إن كان هذا النوع من الخطاب هو أن تعمل لوحدك، دون أن تقدم نقداً ورؤية ومراجعة، بل ولا حتى توصيفاً للواقع؟

 

المتغيرات المحيطة ببعض دول الخليج الشقيقة كالسعودية والإمارات تدفعنا للحاق بمضمار علينا الاستعداد له جيداً، ومن أهم متطلباته تغيير عقليتين مهميتن:

المسؤول والمواطن.

فالأول عليه التمتع بصدر رحب وأخذ النقد وتحويله لطاقة تغيير، والثاني السعي الحثيث وبناء الذات بالاستفادة من كل مورد بين يديه.

فمن دون وجود شجاعة النقد وتوصيف الواقع ووضع اليد على المشكلة، سيكون التقدم آخر ما ننشد. وإلقاء المهمة وحدها وبنسبتها الأكبر على الفرد دون تلك الجهات والمؤسسات أصبحت أدبيات ثابتة -للأسف- لدى كثير جداً ممن هم من داخل تلك المؤسسات، فبدلاً من الاستماع والتشاور، دوماً تكون الردود جاهزة ومعلبة مسبقاً، وكأن الأمر شخصي لا موضوعي.

 

الاستثمار في العنصر البشري هو رأس المال الحقيقي الذي يضع البحرين على خارطة الطريق مع وجود تنافسية عالية جداً في المنطقة، فكما أدركت الهند ثروتها البشرية ونزيف العقول لأبنائها للخارج لأمريكا وكندا خصوصاً، عملت على صناعة بيئة مشجعة وما زالت على أراضيها لتكون تلك العقول خير استثمار يمكن المراهنة عليه، ونفس العملية عند الصين وسنغافورة، والتوجه في ذلك ملحوظ عند الإمارات، والسعودية تتوجه لذلك وبقوة.

 

حديثنا عن "توجه مع تخطيط وتنفيذ“ واستحصال النتائج. ولا يكون ذلك إلا بوجود رؤية شجاعة مع شخص مناسب في المكان المناسب، وتقدير لأكبر عنصر مؤسس لهويتنا كاقتصاد دولة ”الإنسان البحريني“.

 

إن كان الكل يغني على ليلاه، سيكون لدينا تلوث ضوضائي لن يتوقف، وما زلنا على ”كرسينا“ دون حراك، مفتقدين لقدرة التحرك من كرسينا للنظر عبر النافذة.

 

 

وصلة الموضوع بالصحيفة:

https://albiladpress.com/posts/705177.html

 

جعفر حمزة: هي نقطة ترّقي ورحلة اكتشاف أكثر منها تحوّل




 جعفر حمزة خريج هندسة كهربائية من جامعة البحرين ، وسلك سبيلا في التفكير الإبداعي والعمل فيه وصناعة المحتوى ، من خلال عمله في شركات عالمية وإقليمية ومحلية . وكانت حصيلة ما تزيد عن 12 عاماً حصوله على الجائزة الفضية من Creativity Awards من أمريكا وتأليفه لكتابين ومشاركته في كتاب ثالث ، والعمل حاليا على كتابين آخرين ، في مجال الخط والتسويق مدير مؤسسة BOXOBIA المعنية بصناعة الهويات البصرية واستشارات التسويق وصناعة المحتوى . ومبتكر للخط الصعربي ،محاضر وله كتابات عديدة في مجال التسويق والإبداع.


س: كيف تمت نقطة التحول من مهندس كهرباء الى مؤسس و مدير إبداعي لشركة إعلانية؟
هي نقطة ترّقي ورحلة اكتشاف أكثر منها تحوّل.
اخترت الهندسة تخصصاً والابتكار عشقاً، وأينما كان كنتُ معه.
وهنا كانت المزاوجة بين الهندسة كمنهج تفكير وبين الذهاب في صناعة معتمدة على الإبداع والفضاءات المفتوحة.
كنتُ محاطاً بأخوة أحبوا الفن والأعمال اليدوية، كان أخي علي خطاطاً، وعبدالحكيم ممارساً لصناعات يدوية متنوعة، وقد ترك ذلك أثره فيّ إلى جانب معلمين من الابتدائية والإعدادية أثروا فيّ كثيراً للجانب الفني والإبداعي.
وقد كان للمرحوم العزيز الأخ الغالي موسى العالي دوراً بارزاً وجميلاً في ادخالي لهذه الصناعة بشغفه ووضع قدمي في هذه الصناعة عبر العمل في شركة JWT وهي واحدة من أقدم شركات العالم في مجال الإعلانات والتسويق، ومنها كانت رحلة الإبداع، فعملنا مع موسى العالي على تأسيس شركة بحرينية تنافس كبرى الشركات وأسميناها Black Sheep وقد تركت أثرها وما زال في بعض أعمالها، من بينها رؤية 2030. وبعدها انتقلت لعدة شركات حتى حان وقت تحليقي فكانت شركة BOXOBIA، فجمعنا بين الخبرة بالعمل في شركات عالمية وبين الفهم المحلي للسوق، مع التفكير المبادر والذي ميزنا عن البقية، فأطلقنا بالتعاون مع The 9 Center و شركة MidPoint أول جائزة بالسوق الأوسط معنية فقط بالهوية البصرية
وأسميناها BBB Awards، وأطلقنا العام السابق في ظل الجائحة
Brand & Design Forum
واستقطب مئات من المهتمين من أكثر من ٢٠ دولة حول العالم، والعمل جار على النسخة الثانية منه لهذا العام.
وهذه الأمور برغم صغر سن شركتنا فهي نشطة في مجال نشر المعرفة للمهتمين.
وفي جعبتنا الكثير بفضل الله.



س: كتاب الاوريغامي المقدس ما كان هدفك من هذا الكتاب؟
«أفلا يتدبرون»، هذه الدعوة المطلقة كانت الإلهام الأكبر لبدء التأملات والتدبرات حتى خرجت باسم «الأوريغامي المقدس»، وللاسم رمزية عميقة، فالأوريغامي هو فن طي الورق عند اليابانيين، وأرى أن كل صفحة من القرآن الكريم، تحوي عدداً لا ينتهي من التدبر، وكأنك تأخذ ورقة وتعمل منها ألف شكلٍ وشكل بالأوريغامي.
الهدف بيّن من العنوان، دعوة للتدبر في أعظم كتاب للبشرية.

س: جعفر الكاتب ماذا تحب ان تطرح جانب جديد من الكتب؟
كتبتُ في سر العلاقة بين البشر والدمى فكان كتاب «أنا أحب دميتي، قصة عشق الإنسان لصورته الدمية»
وأبحرت في التأمل فكان «الأوريغامي المقدس»
وابتكرت خطأً جديداً فكان «الخط الصعربي» كتاباً.
وعشقت مفهوم تمركز الأنسنة في البراند والتسويق فكتبت «أنسنة الهويات في عصر المشتتات»
وشاركت تجارب الآخرين فكان كتاب On startup
وآخر ما كتبت كانت أفكاراً ومناهج تحليل معنية بالتسويق والبراند في كتاب Highlights
وهناك غيرها

س: لجعفر الكثير من الندوات و الورش المعروفة الذي طرحت أفكار و مفاهيم جديدة فما مدى إقبال الجمهور لورشة رباعية صناعة الهوية ؟
مؤمن بنشر المعرفة وبناء وعي كفيل بالتغيير.
التفاعل جميل ونوعي في ورشة رباعية صناعة الهوية والتي كانت تحت رعاية بنك عمان للتنمية.

س: كيف ترى المجال الثقافي في ظل جائحة كورونا ؟
إن تحدثنا عن البحرين، فالطموح أكبر من نزر يسير نوعاً وكيفاً في الحِراك الثقافي الذي بات فردانياً أكثر منه حركة جمعية يمكنها أن تُحدث نقلة في الذوق العام وتفكيره.
ولا يخلو الأمر من ظهور متنفس جميل من هنا وهناك، أذكر على سبيل المثال لا الحصر، نشاط مركز الشيخ ابراهيم النوعي والجميل، ومبادرات من بعض مؤسسات المجتمع المدني.



س: ماهي نظرتك حول المراكز الثقافية ، هل انت تنخرط مع هذه المراكز؟
هناك اجتهادات جميلة، لكن نفسها قصير، مما يجعل «النية الطيبة» لا تكفي دون «خطة عمل وإرادة من حديد» للمواصلة.

س: ماذا ينقص البحرين في مجال الثقافة ؟
رؤية وتخطيط واستدامة وجدية وتحويل مفهوم الفكر والثقافة لمساحة مبتكرة قد تتحول فيها الثقافة إلى مشاريع منتجة للفرد والمجتمع.
فعندما تغيب الثقافة تغيب الروح عن المجتمع.

س: الجهات المعنية كالهيئة الثقافية تقيم الكثير من الندوات الي أي مدى نحتاج الى منابر كهذه لإثراء الساحة الثقافية لدينا ؟
الإثراء يُولد من خلال الإيمان بدور الثقافة كمكوّن أساسي في المجتمع، فكرياً واقتصادياً واجتماعياً، حينها يكون للثقافة زخماً ودوراً محورياً وكل حِراكها يكون مدعوماً رسمياً وشعبياً. وما زال لدينا الكثير لنعمله في الساحة الثقافية.
س: ماهي مشاريعك الحالية و القادمة؟
على المستوى الشخصي، إكمال الدكتوراة، والإنتهاء من ٣ كتب جديدة، وعلى المستوى المهني، تطوير المحتوى المقدم من الشركة لعملائها، سواء في مجال صناعة الهويات البصرية أو الخدمات المتنوعة الأخرى التي نقدمها، فضلاً عن المحافظة على رتم الحضور والمشاركات بالورش والمؤتمرات والمحاضرات باللغتين العربية والإنكلينزية.


س: ماهي اهم انجازاتك ؟
ابتكار الخط الصعربي، المازج بين الحرف العربي وروح شرق آسيا
والإنجاز الأعظم، عندما أرى أثر ما أنتج على العملاء والأفراد، فعندما تُحدث الأثر في غيرك، حينها يكون امتدادك وحضورك مضاعفاً لا يخبو.

س: ماهي أهدافك المستقبلية ؟
تعزيز أكثر لأنسنة البراند، ليكون الإنسان هو محور الصناعة بتعزيز القيم الإيجابية فيه، سواء من خلال التصميم، التأليف وصناعة المحتوى.
المصدر: إيلين علي زيد - طالبة إعلام بجامعة البحرين


 رابط الخبر:

https://alay.am/p/48pr



ClubHouse إلى أين تأخذنا أصواتنا؟

ClubHouse هي أيام معدودات خضتُ فيها تجربة الدخول على تطبيق

 أو كما يحلو للبعض تسميته بغرف الدردشة الصوتية إثر دعوة من السيد

Fabian Geyrhalter

، مؤلف كتاب

How to launch a brand

 وكتب أخرى.

إن رأى البعض بأن

ClubHouse

 ما هو إلا صورة مطورة عن PalTalk مع ميزات متقدمة، فإن حضوره يبقى مختلفاً لأسباب عدة، منها:

. الدخول على التطبيق لا يكون إلا بدعوة ممن هو بداخله، ولا نعلم إن كان الوضع سيستمرعلى هذا النمط أو سيكون مفتوحاً
. يحوي التطبيق العديد من الغرف والمواضيع ويمكنك الدخول على أي غرفة شئت، إن كانت هناك صلة بينك وبين أحدهم بالغرفة
. الغرف إما تكون مفتوحة أو يمكنك دعوة من تريد لتكون مغلقة
وهناك العديد من المزايا يمكن للقاريء الاطلاع عليها عبر البحث عنها بالإنترنت

لكن ما شدني حقيقة في أقل من اسبوع من تجربتي للتطبيق، هي كمية التفاعل النوعية الموجودة فيه.


تعلمتُ الكثير من الغرف التي يقدم فيها

Chris Do

تجاربه في مجال الأعمال بالتصميم والإبداع، وكانت لي الفرصة بالحديث مباشرة مع الكاتب

Marty Neumeier

مؤلف كتاب

Brand Gap

و

Zag

و

Brand Flip

وكمية إلهام متدفقة من الخطيب المفوّه

Les Brown

، صنعها في دقائق معدودات بكلماته العميقة والمؤثرة في إحدى الغرف.

إن الزخم الرهيب لهذا التطبيق والذي رافقه دخول أسماء كبيرة في عالم البزنس مثل

Elon Musk

ووجوده في إحدى الغرف قبل فترة بسيطة، تقدم لنا تجربة لا يمكننا معها جعل أصابعنا في آذاننا.

أما في الغرف العربية، فكان السعوديون نشطون جداً فيها وبامتياز، بطروحات ثقافية وتقنية وأعمال وبشكل راقي جداً.

ففي غرفة جمعت بين المستثمرين ورواد الأعمال، يقوم رواد الأعمال بعرض مشاريعهم، وأي مستشار مهتم بالدعم للمشروع يتم التواصل بينهما عبر مدير الغرفة للتنسيق. وكأنك تسمع برنامج

SharkTank

، ومن الجميل أن ترى هذا التفاعل المُنتج الحركي في تطبيق سيلعب دوراً فاعلاً ليس في مجال التشبيك والأعمال فقط، وإنما في مجال الإثراء المعرفي بشكل عام والتنمية الشخصية، حيث تم فتح غرف لتشجيع الأفراد لتعلم الإنكلينزية والخطابة وغيرها من معارف، بل ولاحظت حتى غرف لتعليم القرآن لغير الناطقين بالعربية.

ومع اقتراب إتاحة هذا التطبيق لمستخدمي الأندرويد حيث أن التطبيق مقتصر حالياً لمستخدمي الآيفون، ستزداد التجربة اتساعاً وإن بدا البعض تخوفه في حال فتح التطبيق للجميع من الاستغلال السيء، فالأمر ليس بجديد، فكل تطبيق له تلك الثنائية من الجيد والسيء.

ويمكن لهذا التطبيق أن يفتح المجال لأداة تسويقية تفاعلية جديدة، يمكن للكثير من أصحاب الشركات والحكومات وصناع المحتوى استخدامه إن عرفوا "كيف تؤكل الكتف" مع هذا التطبيق.

يمكن إنشاء غرف خاصة للاستماع للآراء والنقد وجمع المعلومات عبر

Focus Groups

، وهذه مهمة جداً للجهات التي تود التثقيف وأخذ الآراء من جمهورها، مثل تمكين وغرفة تجارة وصناعة البحرين وغيرها من جمعيات تخصصية ومهنية.

ويمكن وضع الخبير للبنوك في إحدى الغرف ليقوم بتثقيف الجمهور عن عناوين مهمة سواء في القرصنة المصرفية أو الإدارة المالية وغيرها، ويمكن لأندية

ToastMasters

الاستفادة القصوى منه، إذ تنمي مهارة اللغة والإنطلاق، والقائمة لا تنتهي.

كل الرهان علينا نحن كمستخدمين، كيف نفهم التطبيق، ونستخدمه ونوظفه بشكل عملي ليكون قيمة مضافة لنا كأشخاص ورواد أعمال وأصحاب تجارة وحكومات وجهات خيرية وغيرها.

ما يعطي لهذا التطبيق قوته هو التفاعل اللحظي، فليس هناك ما خلف الكيبورد، أو صورة منمقة أو فيديو ممنتج، وإنما صوتك كما هو، بعفويته وواقعيته، والتي تدفعك دفعاً لتدريب أكثر لعضلات تفكيرك قبل التحدث، وهذه ميزة خفية وجميلة لهذا التطبيق، فالتفاعل المباشر يدربك على التفكير والتحليل السريع وترجمته بمداخلة صوتية قد وزنتها وتأملات فيها مسبقاً.

طبعاً لا يعني أن البعض قد يكون سطحياً وضاراً فيما يطرح، وهنا الرهان على من يدعونه للتطبيق، فضلاً عن مراقبة التطبيق للمستخدمين فيما يطرحون.

هذه الهبّة الجديدة التي جعلت التطبيق كساحة مفتوحة بها طاولات بأعداد كبيرة، وأي طاولة شئت الجلوس عليها والحديث مع من فيها، فالأمر يعود لك، فهذا التنوع الكبير والمفتوح، تدفع المستخدم للتفكير في الاختيار وحسن التقديم، فما أن تفتح فاك إلا وقد رسمتَ صورة ذهنية عنك من صوتك ومفراداتك وطريقة كلامك.

كما يقول

Seth  Godin

عن الداخلين المبكرين

early adopters

في الأمور الجديدة يقطفون الثمار قبل غيرهم.

فنسبة التشبيك مرتفعة جداً في هذه المرحلة، بل أن البعض قد أجرى اتفاقيات وعقد صفقات في أيام معدودات من دخوله التطبيق!

الناس تواقة لاكتشاف الجديد ويدفعها الفضول لذلك، وما إن تميل للتجربة فترغب بإشراك الآخرين فيها، حتى تتحول لرجل مبيعات يحاول إقناع الآخرين بخوض نفس التجربة -وهذا ما أقوم به حالياً بكتابة هذه الموضوع-، فهل يمكننا فعلاً توظيف هذا التطبيق لصالحنا، في مجالات الثقافة والفكر والابتكار والأعمال والمبادرات الإنسانية وغيرها؟ أم يتوقف البعض بسبب "التخمة" الموجودة عنده في التطبيقات، ويغفل عن أمور يمكنه توظيفها لصالح أعماله أو رسالته؟

فهل نندمج ونُطوّع كل جديد لصالحنا أم ننكفأ؟

إنّ كمية التدفق المعرفي مهول، يرافقه صناعة منصات ذكية تعطينا هذه المساحة المبتكرة للتفاعل، ويكون السؤال: كيف نوظف كل جديد مبتكر لصالحنا؟



https://albiladpress.com/posts/692533.html