الغداء مع الأنبياء




"الغداء مع الأنبياء"
الذبح الحلال والتصفية المقدسة
جعفر حمزة


يتم قطع رقابهم، وتُرمى أجسادهم في المزابل أو في الأنهار، وقد يكون "العرض" المقدم جماعياً، فيتم حصد أرواحهم بالجملة عبر سيارة مفخخة يقودها "استشهادي" –أو هكذا يسمون أنفسهم- آثر إلا أن "يتغدى" مع الرسول الأكرم )ص(، فيُقدم عليه واضعاً بين يديه "قرابين" من شيوخ ونساء وأطفال "عربون" محبة و"تذكرة" مختومة بدم الأبرياء لدخول الجنة بلا حساب ولا كتاب!

وكلما قتلت منهم أكثر كان نصيبك من الحسنات وجمع الدرجات أكبر، ويكأنها لعبة "ماريو" حيث يجهد في جمع النقاط من مكان إلى آخر، وأفضل منطقة يستطيع "ماريو" المجاهد أن يكون فيها، تلك التي تضم "أشياءً" لا تنتمي إليه فكراً ومنهجاً وعقيدة، وبالتالي تُصبح عملية "الإفناء" مطلوبة بل وواجبة، فأولئك مثل "الجراثيم" التي لا بد من القضاء عليها والتخلص منها، لما تمثله من "خطر" يهدد بيضة الإسلام وقوته، فهل يؤنبك ضميرك عندما تمسح "البلاط" بالمنظف؟!

لم تكن تلك القراءة "السوداوية" إلا نتيجة للصور اليومية ووقوفي على سواحل منتديات ومواقع تضع على واجهة "محلاتها" الفكرية مسميات قرآنية، لساعة أو أقل لأقرأ وأشاهد واستنتج تلك الصور "المقدسة" في نظر أولئك "اللافظون" و"القاتلون" للآخر في عنوانه الإنساني والإسلامي.

فهل يشكل الإختلاف في العقيدة والفكر "إجازة شرعية" لإعمال "الذبح الحلال" في العباد بل وذبح الأوطان؟
وللإجابة على هذا السؤال "الدموي" لا بد من قراءة تفكك شفرات تلك "الإجازة الشرعية" لنعرف عن أي "شرعية " نتحدث وعن أي "حلال" نتناول.

لقد كان السيناريو الأول والذي تحدث عنه التاريخ وذكره القرآن الكريم في العديد من سوره وآياته حول دول وحكومات وممالك أعملت الذبح والقتل والحرق في أقوام لم يكن لهم من ذنب سوى "اتباعهم" للأنبياء و"إيمانهم" برسالاتهم.
فمن قصة أصحاب الأخدود إلى الويلات التي ساقها فرعون موسى على اليهود، فضلاً عن التنكيل والصلب لاتباع السيد المسيح)ع( ومروراً بقتل وتعذيب وتهجير المسلمين الأوائل في بداية الدعوة الإسلامية.

وتنقلب الآية بعدئذ ليكون السيناريو الثاني هو تحول الدين من خلال مفهوم "المتمصلحين" من رسالة سلام ورقي بالإنسان إلى أداة قتل جماعية و"محراث" للبشر من أجل المصلحة.
لقد تحول الدين في بعض سيره من "واهب" الروح للمجتمعات إلى "آخذ" لها، ويشكل هذا التحول في العلاقة بالدين مرحلة مهمة تستدعي التأمل والدراسة، وإن لم تأخذ نصيبها من البحث بدقة أكبر وعرض تفصيلي أوسع.

وهذا التحول الغريب يذكرني برواية الكاتب الإنكليزي "روبير لوي ستيفنسون " الذي تناول الإزدواجية الإنسانية عندما يذكر تحول الدكتور "جيكل" الطيب في النهار إلى المستر "هايد" الشرير في الليل.
ولم يكن التحول إلا نتيجة توظيف النص المقدس تأويلاً وتحويلاً من أجل الظفر بالقوة، سواء كانت سياسية أو دينية، وبدلاً من قراءة ما بين السطور للنصوص الدينية كانت القراءة لسطور النصوص نفسها، وبين تلك القرائتين مساحة شاسعة بين مد اليد للآخر إلى قطع رقبته.
وقد عمل اليهود على القراءة "المصلحية"، إذ تبينها الآية الكريمة التالية "قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا".
وتصل القراءة إلى حد يكون الآخر ليس في موضع خلاف فحسب، بل في موضع وجوب "القضاء" عليه، لما يمثله من "خطر" وتهديد للدين –بحسب مفهوم أصحاب القراءة الناقصة-، وقد كان الخوارج من أوضح الأمثلة على القراءة الناقصة للنصوص الدينية، حتى شهروا السيوف في وجه الخليفة الشرعي آنذاك، وهو الإمام علي بن أبي طالب)ع(، وأحدثوا في خلق الله ما لم يحدثه من كان خارج ملة الإسلام، حيث نهبوا الناس وقتلوهم، وبقروا بطون النساء الحوامل، لا لشيء سوى أن "الضحايا" ليسوا على النهج الذي تبنوه الخوارج.

ولم يكن قطع الرقاب وإعمال القتل في المخالفين للفكر والمذهب هي الصورة الأبرز لمفهوم "التكفير" و"التطرف" فقط، فهناك "الإقصاء" و"التهميش" فضلاً عن تقديم النصوص الدينية بتأويلاتها الموجهة ضد جماعة أو أصحاب مذهب، والتي تمثل "قميص عثمان"، والذي يستدعي "الثأر" و"رفع العقيرة" و"شحذ الهمم" لاسترجاع الإسلام الأصيل من خلال "الجهاد" لـ"حصد" أرواح "أعداء الإسلام" ومدعيه.

وتمثل "الطائفية" بجرعاتها المختلفة من السلطة والمجتمع "فرزاً" للأفراد لوضعهم في "كانتونات" ملونة تمهيداً للذبح الجسدي والاجتماعي، فلا فرق بين "إزهاق الأرواح" على الهوية، وبين "هدر الفرص وغياب العدالة" على الهوية، فكلاهما يُفضيان إلى إخلال اجتماعي وعدم استقرار للمجتمع والدولة على حد سواء.

ولئن كانت الطوائف والمذاهب تعمل بمثابة "التروس" في المجتمع، والتعايش يمثل "الحزام" الرابط بينهم، للقيام بتنمية المجتمع، فإن الفكر الإقصائي، سواء كان "التكفيري" أو "الطائفي" يمثل السكين التي تقطع ذلك "الحزام" ويجعل من تلك "التروس" تدور حول نفسها بلا فائدة.

وبذا يتساوى "التكفير" و"الطائفية" في النتيجة، وإن كات الأولى إحدى صور الثانية، والثانية تمهيداً للقيام بالأولى.

ولا يمكن غض النظر عن كل رسائل الطائفية والتي تعززها السلطة من جهة والقوى المجتمعية من جهة أخرى، لنصل إلى مرحلة "الفرز المذهبي" والنظر للآخر بأنه "آخر منبوذ"، لأنه ببساطة لا يتوافق مع الرؤية "الإسلامية الصحيحة"، وبالتالي تكون عملية الإقصاء لأصحاب المذاهب والمدارس الفكرية الأخرى فضلاً عن التهميش مسألة طبيعية وقد تصل إلى مرحلة تقديمهم الآخر كتذكرة للظفر بـ"غداء" مع الرسول الاكرم)ص(.

ويبقى السؤال حول الآلية التي يمكن من خلالها وضع النص الديني بعيداً عن الطريقة اليهودية "المقرطسة" –أي جعله قراطيس-، والعمل على تجفيف روافد خوارج العصر التكفيري فكراً وممارسة وتمويلاً، ويتأتي ذلك من خلال تكاتف السلطة الحاكمة في أي دولة مع أطياف المجتمع المختلفة، فضلاً عن وجوب محاربة الخطاب الطائفي الممهد بصورة أو بأخرى للأفكار المتطرفة.

ونبتعد بعد كل ذلك عن أي حديث للغداء مع الرسول الأكرم)ص(، والذي مثل عمق الرحمة السماوية على الأرض، ليس للمسلم فحسب، بل تعداه لكل الإنسانية، بل ولكل كائن حي على هذه الأرض، ويختصر الآخرون الرسول الأكرم في إقصاءهم للمخالفين معهم في الفكر والمذهب.

افتحوا الحنفية


افتحوا الحنفية
جعفر حمزة

تصميم داخلي حديث، ونظام إلكتروني للإنتظار وشاشات مسطحة "إل سي دي" تعرض المشاريع الإسكانية التي "رسمت الابتسامة" على وجوه "الآلاف" من المواطنين، ولفت إنتباهي أثناء مشاهدتي تلك "الإنجازات" تعليق أحد الشباب الذين ينتظرون دورهم بالقول: (هذا في البحرين؟)، ولم أعرف ما الذي كان يقصده، أكان سؤاله "تعجباً" أم "تهكماً"، وفي كلتا الحالتين يحق له ولغيره السؤال عن أزمة ما زالت قائمة وتلقي بتبعاتها على جميع فئات الشعب، وهي الأزمة الإسكانية "الخانقة" والتي تتم معالجتها أو الحديث عنها بنظام " التقطير البطيء"!
وما لفت إنتباهي بين الديكور والشاشات والتصميم الحديث في قسم المراجعين للطلبات الإسكانية هو "تنهّد" رجل كهل لم يستطع رؤية الرقم الظاهر على شاشات الإنتظار، وكان ممسكاً بيد ترتعش رقماً وأظنه 221، على أمل الحصول على وحدة سكنية طال انتظاره لها لـ 20 عاماً أو أكثر، وقد عرفتُ ذلك منه عندما سألته ما هو طلبك. وأظنه تمنّى أن لا يكون انتظاره كبيراً كما هو حال رقمه.
وكان إلى جانبي شاب بادرته بالسؤال عن طلبه، فقال إنه مضى على طلبه 4 سنوات للحصول على وحدة سكنية، وعندها ابتسم الرجل الكهل وكأنه تذكر أيام شبابه في السنوات الأولى بانتظار الفرج، وقال للشاب "توها الناس يا ولدي، لحد اللحين إنت ما انتظرت بعد".
ولم يكن سؤالي للكهل والشاب إلا مجرد الدخول في حفرة الأرنب كما يقولون لأسمع حكايات تفوز بجوائز الأوسكار في الدراما والقصص الواقعية.
يبدو أن الحسابات الرياضية تتوقف عند الحديث عن بُنية أساسية في توفير "العيش الكريم" للمواطن البحريني متمثلاً في سكن ملائم، فالدولة نفطية وبدأت باستقطاب رؤوس أموال ضخمة من حول العالم، حتى باتت "قبلة" الاستثمارات في المنطقة مع مدينة "دبي"، فضلاً عن "تدفق" لا ينقطع من المشاريع في شتى المجالات، ومع الزيادة الحاصلة في سعر برميل النفط حول العالم، تزداد قائمة "المدخولات" للدولة بشكل كبير جداً في قبال نقص و"شح" لا يمكن إغفاله في البُنية التحتية فضلاً عن الخدمات والمبادرات التنموية الأخرى التي من المفترض أن تكون "ألف" التنمية قبل "يائها".
إن ما يشكل نمط الحركة في المجتمعات الحديثة هو مستوى الوعي بالحقوق الأصيلة مع قليل من المنطق الرياضي البسيط، وما تعدد الاعتصامات المطالبة بوحدات سكنية في هذه المنطقة أو تلك إلا دليل على ذلك، ولضمان وجود الزخم المالي والجاذب للاستثمارات في البحرين ينبغي إشباع هرم "ماسلو" المتمثل في "الأمن والسكن والعمل"، تلك الثلاثية الذهبية التي تمثل الثقب الأسود لكل تطور وازدهار في أي مجتمع، لتنطلق بعده الإبداعات والتميز من خلال الاستثمار البشري وهو رأس المال الأساس في هذا العالم.
لا تعاني البحرين من قلة الأراضي، وإذا أردت الدليل عليك بمحرك البحث "جوجل إيرث" لتعرف حجم الأراضي "المُشاعة" و"المحرمة" أو "الخاصة" و"العامة".
ما نمر به من تحول عمراني يلقي تبعاته السلبية على بقية رئاتنا الطبيعية من مساحة خضراء وبحر وسواحل، لم تضق أرض البحرين بما رحبت،لكن البعض "حجز" مساحته في الداخل وأراد أن "يتمغّط" خارج بر البحرين على حساب البيئة والناس.
نؤمن بأنه يمكن وضع البحرين في قلوب أهلها قبل وضعها على خارطة العالم من خلال "فتح" حنفيات التدفق المالي، وخصوصاً بعد ارتفاع أسعار النفط لتتم المشاركة الحقيقية عبر سيناريو عملي يشعر بل ويعيش معه كل بحريني أصيل.
ونؤمن أيضاً أن "حنفية" كل بحريني يجب أن تكون مفتوحة عندما يريد ذلك، ليكون من ضمن معادلة تنموية حقيقية يجهد ويعمل ويبدع لبحرينه.
إن افتقاد قاعدة هرم "ماسلو" من سكن وعمل لن يبلغنا القمة، وما يترتب عليه ذلك من فقدان الاتزان المطلوب لأي مجتمع يريد النهوض والتطور.
ومن المعقول جداً أن يتم "فتح" الحنفيات على مساحات تغطي طلبات الإسكان، ليمكن الحديث عندئذ عن ملفات قريبة من قمة الهرم.
ما زالت نظرات ذلك الرجل الكهل في مخيلتي، فهل يأتي اليوم الذي يظفر ابن العشرين أو الثلاثين بمنزل دون أن يكون يبلغ عمر الديناصورات، ربما في عام 2030!



بحريني متصيِّن!











شعار
"Yen Yang"
شعار "درة البحرين"

بحريني متصيِّن!
جعفر حمزة


ظننتُ من النظرة الأولى أن الشعار الموضوع على أعمدة الإنارة في أكثر من مكان في البحرين لمنتج إلكتروني أو ما شابه ذلك، فالشكل الدائري الذي يتوسطه شكلان متداخلان في بعضهما البعض أرجع صورة "سوني أريكسون” إلى ذاكرتي، لذا لم يكن استنتاجي بعيداً عن "الإبداع" أو "التكهّن المنطقي"، إلا أنني استدركتُ الأمر بربط الشعار بشعار "تايجي " التقليدي الذي يرمز لقوى "ين يانج" وهو معروف جداً، إذ يتداخل فيه شكلان الأسود والأبيض مع بعضهما ضمن دائرة متكاملة، ولم يخالطني الشك في ذلك، فما عليك إلا وضع اللونين الأسود والأبيض لترى أن شعار "درة البحرين" هو نفس ذلك الشعار الذي يرمز لكيفية عمل الأشياء في العلم الصيني القديم.
ولم يكن حكمي ذاك مُستعجَلاً فيه، فقد أتي الشعار إلى يديّ آخذاً مساحة صفحة كاملة في الصحيفة، ولم يدم الأمر في التمعّن كثيراً حتى وصلت إلى نفس الاستنتاج، وهو أن شعار إحدى أكبر مشاريع العقار في البحرين هو مجرد صورة من شعار صيني قديم لكن بألوان باردة وحارة "الأزرق والبرتقالي"، وكأنه تمثيل مباشر ليس لشكل الشعار "ين يانج" فقط بل حتى معناه، حيث يمثل الشكلان الأسود والأبيض في الشعار الصيني من ضمن الدلالات تداخل التناقضات مثل البارد والحار. فهل هي مصادفة؟
تمثل إعادة هوية أي مشروع من خلال ما يُسمّى بـ"ريبراندينج" وهي عملية يتم تطوير المنتج أو الخدمة بغرض تقديمها بهوية جديدة، تمثل خطوة عملية تتطلب دراسات مستفيضة للسوق ومعرفة جو المنافسة –إن وُجدت-، هذا بالإضافة إلى أن تكون تلك العملية هي إنعكاس مباشر أو رمزي للمنتج أو الخدمة.
ومما تهدف إليه عملية "ريبراندينج" هو تجديد الصورة المطروحة سابقاً نتيجة تطور في الرؤية أو تقدم خطوة في مجال التميز في السوق المنافس، فضلاً عن لفت النظر وشد الإنتباه.
إن الطبيعة المميزة للخدمة أو المنتج تبقى العلامة التجارية حاضرة على الدوام، وتُعتبر عملية "ريبراندينج" من أهم وأصعب العمليات التي تتداخل فيها "كومينيكيشين ماركتينج" مع "أدفيرتايزينج"، فهي بمثابة "تبدّل" لجلد العلامة التجارية أو خروجها من "شرنقة" لتتحوّل إلى "فراشة"، بعبارة أخرى هي عملية تحوّل طبيعية في عالم العلامات التجارية.
وعوداً إلى شعارنا الذي يقدّم قاعدة جديدة في هوية المشروع من خلال عبارة "حياة عصرية بأسلوب أهل الجزر"، ولئن كان الدمج مميزاً من ضمن هويات متعددة لمشاريع مختلفة في البحرين، إلا أن اتخاذ الشعار بالشكل الحالي يمثل "تراجعاً" في مستوى التحدي لمشروع تبلغ ميزانيته الملايين.

وبعيداً عن التحليل التسويقي للشعار، دعونا نقرأ هذا السيناريو المفترض، والذي يمثل قراءة واقعية وعملية للشعار ومفهومه:
يستوقفه الشعار الموضوع على منصة الترويج لمشروع "درة البحرين" في معرض عقارات ويقترب متمعنّاً فيه، لا يبدو عليه مهتماً بالمشروع قدر اهتمامه بالشعار بالرغم من أنه رجل أعمال وهو يبحث عن الفرص حول العالم للاستثمار والتطوير، ومع ذلك نسى المشروع برمته وأخذ يقلّب عينيه حول الشعار، وبدرت منه ابتسامة صغيرة مشوبة بغضب خفيف، وكأنه اكتشف سراً لا يمكن السكوت عنه، وهو يقول في نفسه : ألا يعرفون أن هذا الشعار يرمز إلى فكرة دينية نشأت في بلدي الصين، وقد بات معروفاً حول العالم، ويكفي أن تبحث في "جوجل" عن "ين يانج" ليعرفوا ليس مدى التقارب الشكلي فقط، بل مدى أخذ المعنى منه في شعارهم الجديد؟ لا أعتقد أن الإنترنت كان مقطوعاً عندما عملوا الشعار!"
حوار افتراضي وسيناريو مختلق قد لايكون واقعياً، لكن النتيجة والتحليل لن يبتعدا كثيراً عن أذهان من ينظرون لشعار مشروع "درة البحرين"، بل حتى الصغار أثاروا نفس السؤال "أليس هذا الشعار معمولاً به من قبل؟، لكن الألوان مختلفة!".



لقد أصبحت السوق "حامية الوطيس" وهو مدعاة لمنافسة تستند على الإبداع والتميز وتمثيل خصائص ومميزات أي منتج أو خدمة عبر هوية قائمة بذاتها، مُلفتة، قوية، مرنة، ذات دلالات فريدة، فضلاً عن حضورها الشكلي في الألوان والخطوط والتطبيقات العملية لها.

والغريب في الأمر أن يكون اسم المشروع محلي وذو طابع نفتخر به منذ القدم، وهو اشتهار هذه الجزيرة المعطاءة باللؤلؤ الطبيعي والثروة البحرية، في حين نرى أن الشعار يعكس نمطاً وثقافة من أقاصي شرق آسيا، وكأننا نتحدث عن بحريني متصيِّن "أي صيني"، فضلاً عن عدم تقديم المشروع لبدائل طمر المساحة المائية، وذلك من خلال بيئة طبيعية للأسماك والحياة البحرية بصورة عامة، ولا يكفي دعم دراسات عن الحياة البحرية لهذه الجهة أو تلك ما دمت تدمر أساس الحياة البحرية، ومع وجود "..بأسلوب أهل الجزر" في الشعار!

موقع مشروع درة البحرين
http://www.durratbahrain.com/

Power of clothes

trying to introduce some of Political and cultu... (more)
Added: December 06, 2007
trying to introduce some of Political and cultural Arabs issues through clothes.one of the issues was the Arabic Heritage through Arabic Calegraphy, and the other about Iraq.
to answer the Question, how we can show our issues through fashion style

عنواني ما يكسر ظهري







عنواني ما يكسر ظهري
جعفر حمزة


(رن جرس الباب.. أهلاً وسهلاً.. شرفتم فيلامار.. كم أنا مشتاق لكم.. ما شاء الله لم تتغيروا كثيراً.. يبدو أن الراحة والطمأنينة جعلت صحتكم وكأنكم ما زلتم في العشرين من أعماركم.
محمد وين عنوانك؟ من أشهر عدة انتقلت إلى فيلا فاخرة في جزر أمواج.. ما عدت أحتمل التلوث في المحرق.
جاسم وين عنوانك؟ إن شاء الله الأسبوع المقبل تفضلوا على العشاء عندي في الرفاع فيوز.
راشد وين عنوانك؟ والله حالياً ساكن في فيلا بنيتها قبل عدة سنوات ولكن في أشهر سأنتقل إلى فيلا جديدة في درة البحرين، دعواتكم لنا.) (١)

تلك هي الصورة التي يرسمها الواقع السكني "المُعلن"، إذ يكفيك الإعلانات على مد البصر لمشاريع سكنية وعقارية تشعر معها بــ"غبطة الأسى"، إذ يُفرح البحريني أن يرى تلك المشاريع قائمة على أرضه، إلا أن الأسى يبقى المسيطر دائماً عند النظر إلى الفئة المستهدفة من تلك المشاريع، في حين أسقف بيوت الكثيرين ما زالت "خاشعة" تريد أن تركع أو تسجد على ساكنيها!

أصبحت لغة "الوردية السكنية" طافحة في كل مشروع عقاري تقريباً، حتى إنتهت عبارات "السكينة والرفاهية والتميز والرقي والفخامة و.....”، إنتهت كل تلك العبارات من قاموس اللغتين العربية واإنكليزية، لتبدأ حملة العناوين المركبة التي لا تنتهي.
ما يُقلق البحريني هو خطاب عقاري وآخر إعلاني، فالأول تتركز فيه رؤوس الأموال الضخمة في مشاريع عقارية للطبقة المرفهة و"المتروس جيبها" من بحرينيين وأجانب، والخطاب الإعلاني يعزز تلك الصورة من خلال إيحاءت صورية ولغوية يتم تركيبها لتأصيل خطاب "طبقي"من أجل عيون فئة قليلة، في حين تستمر تحركات المطالبة بوحدات سكنية هنا واعتصامات هناك، وترتفع وتيرة البحث عن مطلب طبيعي أصيل لكل مواطن بحريني في السكن على أرضه، وعند النظر للأرقام التي تتحدث عن حجم الأصول العقارية البالغة ٣٠ مليار دولار أمريكي من جهة، وفائض الموازنة للدولة بعد إرتفاع سعر النفط إلى ٩٠ دولاراً للبرميل، وهو ما يوفر ما قيمته مليار دولار سنوياً وهي التي تكفي لبناء أكثر من ٣٠ ألف وحدة سكنية من جهة أخرى.

يتبيّن من كل ذلك ضرورة وجود رؤية تنتهجها الحكومة والقطاع الخاص من خلال دعم المشاريع التي تقدم "التنفس الصناعي" لذوي الدخل المتوسط والمتدني، لكي تتم عملية التوازن التي إن فُقدت، فإن الأمن المجتمعي سيتعرّض للتهديد لا محالة في ظل هذا الواقع وهذا النوع من الخطاب والممارسة الإعلامية الشاحنة لذلك الذي شاب رأسه قبل أوانه للبحث عن حل سكني، في حين يرى الأرضٍ على مد البصر يتم تقديمها كقطع الكعك المحلاة مع الكريمة لفئة تبحث عن "التميّز" و"الرفاهية" و"الطمأنينة" في قبال فئات بدأت تتآكل من الداخل وهي مام الأمان في بقاء التوازن المجتمعي موجوداً، وهي الفئة المتوسطة الدخل.

ما هو موجود من مشاريع قد تم تقديمه بطريقة صورية إعلانية تُسهم في تعزيز الطبقية والشعور بها، ويبدو أن هذا السيناريو لم يكن المسيطر والسيد في معرض البحرين للدولي للعقارات "بايبكس 2007”، إذ تم تقديم مشاريع وحلول سكنية لذوي الدخل المتوسط، وهذا يمثل إنجازاً وخطوة للتخفيف من الهوّة المحتمل توسعها بين الطبقات في المجتمع.

ومن المُلفت للنظر-واعتقد أنها أول مرة في البحرين في المجال العقاري- أن ترى إعلانين لفئتين مختالفتين وتم استخدام نبرتين مختلفتين في تقديم خيار سكني و حل سكني. ففي مجلة "العقار" العدد ٢٩ ، وفي صفحتين متقابلتين -وكأنها تحكي الواقع- يتم تقديم خيار سكني يعتمد فيه على التميّز في الموقع مما يعكس نمط معيشة لطبقة معينة وهو مشروع "فيلا مار"، وفي الصفحة المقابلة يكون الحل السكني حاضراً من خلال مشروع "بوابة سار" لذوي الدخل المتوسط، وقليلة هي تلك المشاريع التي تقدم حلولاً سكنية لتلك الطبقة المحصورة بين خيارات سكنية لا يمكنها أن تأخذها.

فلم يكن لتلك المشاريع الوردية شريك، ومن حسن الحظ أن تكون هناك مشاريع تقدم الحلول بدل الخيارات بين "الرفاع فيوز" و"فيلا مار" و"أمواج" و"درة البحرين" والقائمة تطول، ليكون ما يبحث عنه المواطن البحريني هو مسكن قادر عليه يناسب حاله ويقدم له الجودة والمسكن الملائم له ولعائلته، ليقول على لسان الحال عند الحديث عن مسكنه القادر على امتلاكه وبملأ الفم:(عنواني ما يكسر ظهري).

(١) “عنواني فيلا مار"، إبراهيم بوجيري. الوقت، العدد 635

يحب الكتابة والاختراع وتحدي المجهول








يحب الكتابة والاختراع وتحدي المجهول




جعفـــر حمــزة: البحريــن تتميـــز باقتصاد المعرفة.. والاهتمام بالمبدعين غاية




صحيفة الوقت، 31 أغسطس 2006
الوقت - زينات الدولاري:




كان الإبداع وحب الاختراع رفيقيه أثناء صغره. دائماً ما كان يبحث عما هو مميز ومبتكر. طفولته المليئة بحب الاكتشاف والمعرفة قادته إلى شباب مليء بالنشاط والتميز والإبداع، فالشاب جعفر حمزة يمكن وصفه بأنه الكاتب والشاعر والمبدع الذي يملك براءات اختراع.وأجرت ‘’الوقت’’ لقاءً مع الشاب جعفر حمزة للتعرف أكثر على شخصيته واهتماماته والمحطات التي أثرت في حياته.


مرحلة الطفولة

تميزت طفولة جعفر حمزة بحب الاستكشاف والتعرف على المجهول، فكانت تلك الفترة بالنسبة إليه من أنقى المراحل بعيدة عن التخوف من المستقبل، إضافة إلى كونها من أهم مراحل الإبداع، فقد ألّف قصيدة عن دولة فلسطين وهو في الصف السادس الابتدائي، إضافة إلى اشتراكه مع الشاعر عبدالله القرمزي في تأليف مسرحية، ومنها انطلقت تجربة المسرح، ومن بعدها موهبة الخط العربي الذي أبدع فيه وانجذب إليه، وقد كانت المرحلة الإعدادية بالنسبة إليه الفيصل في اتخاذ خط فكري معين، فقد كان يكتب مقالاً يومياً من بنات أفكاره، وذلك لمدة سنة كاملة تقريباً وقد سانده في ذلك أستاذه صادق.


أبرز حوادث مرحلة الشباب

برزت موهبة الخطابة لجعفر حمزة في المرحلة الثانوية، فقد كان مشاركاً دائماً لإذاعة طهران الناطقة بالعربية، وقد كان أول مشارك في تلك الفترة بعيداً عن التخوف، فالناس في تلك الفترة كانت تتوجس من متابعات الإذاعات التي تتناول شؤوناً سياسية، على رغم أن الإذاعة في حينها كانت تناقش قضايا ثقافية واجتماعية هادفة، واستمر في المشاركة في إذاعة طهران لمدة 10 سنوات تقريباً، وقد أعجب القائمون على البرنامج من أسلوب جعفر الفكري وجرأته في المشاركة في جميع الموضوعات التي كانت تطرح، الأمر الذي جعلهم يقدمون له دعوة خاصة لزيارة طهران للتعرف عليه شخصياً وأخذه في زيارة للتعرف على الأقسام الموجودة فيها. بعدها تخصص جعفر في جمع الكتب وقراءتها وقد كان يفضل قراءة كتب علم النفس، فالكتاب بالنسبة إليه نافذة تفتح على العالم.اختار جعفر دراسة الهندسة الإلكترونية فقد كان يعشق الابتكارات، فالهندسة بمنظوره ناتج معادلة أهم متفاعلاتها ‘’الفكرة + الوسيلة + الإقناع’’، وقد رُشح لأول مجلس طلبة في الجامعة باعتبار المجلس البوابة التي من خلالها يقدم الطلبة الأنشطة والفعاليات المختلفة التي تخدم الطلبة.وبعد تخرجه من الجامعة اعتمد ‘’فلسفة الاحتمالات’’، فقد كان يبادر في تقديم أوراقه لجميع الشركات والوزارات عله يحصل على وظيفة تتناسب ومؤهله الجامعي. وبالفعل بعد أسبوعين من التخرج توظف في إحدى الشركات الخاصة، واستمر بها لمدة 8 شهور فقط، وبعدها انتقل للعمل في وزارة التجارة والصناعة، حيث كان من ضمن الأربعة الذين اختيروا للعمل في الوزارة من مجمل 100 شخص، لكنه لم يستمر طويلاً في العمل هناك، إذ لم يجد التقدير المطلوب والجو المهيأ للإبداع، حسب قوله. انتقل بعدها لوظيفته الحالية في شركة إعلانات أجنبية في ترويج الخدمات للزبائن بصورة مبتكرة، وقد بادر بتسجيل 4 براءات اختراع في أميركا، ولكن الموازنة لم تسمح في تلك الفترة والقوانين لم تكن واضحة، ولكن على رغم ذلك تفاوض مع كثير من الشركات لبيع أفكاره.يرى جعفر مملكة البحرين تتميز بالموقع الاستراتيجي لتنفيذ كثير من الأفكار وكذلك تتميز باستخدام اقتصاد المعرفة، فلابد أن تهتم بالشباب الذين يمتلكون براءات اختراع، وأن تكون لهم جهة حكومية خاصة ترعاهم. إلى جانب ذلك، يجد أن مجلس التنمية الاقتصادية هو الأفضل لرعاية وضم الموهوبين برئاسة ولي العهد سمو الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة.


دور المشجعين في حياة جعفر حمزة

لقي جعفر حمزة التشجيع والمساندة من قبل والديه، خصوصاً والدته التي كانت بمثابة الأم والصديق والأستاذ، وبعد الزواج لقي التشجيع والرعاية من قبل زوجته.








أهم إنجازات جعفر حمزة:

* خريج جامعة البحرين، بكالوريوس هندسة كهربائية، ودبلوم هندسة إلكترونية.

* اختصاصي رقابة ملكية صناعية بوزارة التجارة 2004-.2005


* كاتب إعلانات في شركة ‘’جي دبليو تي’’، من 2005 حتى الآن.


* مشرف صفحة ‘’الفن السابع’’ في صحيفة ‘’الميثاق’’ اليومية البحرينية 2004-.2005


* محرر ملحق ‘’خيوط الضوء’’ السينمائي بصحيفة ‘’الوطن’’ البحرينية اليومية.


* نائب رئيس اللجنة الثقافية في مجلس طلبة جامعة البحرين في دورته الأولى.



* رئيس اللجنة الثقافية في جمعية كلية الهندسة بجامعة البحرين لأكثر من ثلاث سنوات.


* نائب رئيس جمعية كلية الهندسة قبل التخرج.

*عضو مجلس إدارة بجمعية ملتقى الشباب البحريني.

* نائب رئيس المجلس الثقافي الشبابي بقرية المالكية.

* تنفيذ فكرة أكبر لوحة بصمات في العالم.

* مبادرة لتسجيل 4 براءات اختراع في أميركا.




اللباس انعكاس ثقافة خاضع للتغيير إنساني الأساس


اللباس انعكاس ثقافة خاضع للتغيير إنساني الأساس


أجرت اللقاء - سماح علام

:الحديث عن اللباس لا يعد ترفا فكريا بل هو شكل من أشكال الحراك الثقافي وصورة من صور الاهتمام المباشر بأحد أشكال الثقافة الخاصة بكل مجتمع، وبلا شك فإن هذا النمط الثقافي يختلف من مجتمع إلى آخر وقد يتنافر في أبعاده بين الشرق والغرب.جدلية اللباس واختلافات مفهومه هو المحور الأساسي لفكرة إصدار الشاب جعفر حمزة الذي يعمل على إعداده في شكله النهائي ومن المتوقع قريبا إصداره، حيث سيضم بين أجزائه مفهوم ثقافة اللباس وعلاقته باستغلال المرأة وكيفية استغلال اللباس كمفتاح لأبواب الكسب وجلب المال والاستثمار.
علاقة الجسد واللباس وموقعهما في حركة الفكر الغربي هو أول محطة في حوارنا هذا، ومن ثم نعرج على العلاقة بين شكل الزي ومفهوم الثقافة واللباس الغربي ومن ثم ثقافة الصورة والجذب الاستثماري، والموقع السياسي والديني للباس في المجتمعات الغربية لنختم الحوار بتأثير المفاهيم الغربية للباس على المجتمعات الشرقية.يقول حمزة إن اللباس هو احد أشكال الحراك الاجتماعي الذي تغير على مدى 15إلى 20سنة الماضية، حيث يعكس صورة مصغرة لأشكال التغيير الرئيسية، فالتغييرات الاجتماعية تنعكس في الصورة الظاهرية لأي مجتمع وبالتالي قد يكون من أكثر الأمور التي يمكن أن تتعرض للتغيير والتبديل.. جاء هذا كنتيجة بحث استمر لعامين تجهيزا لمؤلفه القادم.فلبس المرأة تحديداً من أهم الجوانب التي تمثل هذا التغيير حيث بدأ في التطوير البسيط وصولاً إلى مجاراة صرعات الموضة الموسمية.
ألهنة السوق

إن فكرة ألهنة السوق فكرة قديمة إلا أنها تجسدت في شكلها النهائي حيث أصبح السوق كالإله المتبع، ودور عبادة هذا الإله هي دور الأزياء أما الرسل فهم الممثلين والمشاهير، وهذا حسب وصف جعفر، ثم يتطرق إلى أمور عدة منها معنى اللباس وفلسفته الخاصة، ومصادره التي تتأرجح بين كفتي مفهومين الأول التزيين والثاني اعتبار اللباس المسكن الثاني للجسد. سألنا جعفر عن كيفية تبلور هذه الفكرة لديه، فأجاب: »انه نتيجة تغيير ثقافة اللباس من مجتمع إلى آخر إضافة إلى نوعية التغيير الطارئ عليه كان لابد من الوقوف عند هذه النقطة والتأمل فيها، ومن هنا وضعت خطوطي العريضة التي تتمثل في اللباس في الإسلام ومن ثم اللباس عند الغرب، وصولاً إلى اللباس في الحضارات الأخرى لا العربية ولا الغربية مثل اندونيسيا وإفريقيا«.ويسترسل جعفر في توضيحه: »بعد التعمق في هذه المواضيع بدأت استنتج انه لابد من معالجة أصل المشكلة، وأصل المشكلة كما تبين لي عند الغرب كونهم مصدر قوة«.. يصمت برهة ثم يقول: (من فمك أدينك، وهذا ما أريد إتباعه في هذا الإصدار، حيث سيكون المنطق والموضوعية هو الأساس).
اللباس واستغلال المرأة

كيف وجدت علاقة المرأة باللباس؟ سألنا جعفر، فأجاب: »إن المجتمعات الغربية ذات حس إنساني لا يمكن إغفاله، فمثلا تجد إن البلغاريين أو الماليزيين لا يزالون يرفضون فكرة استغلال المرأة والدليل مناهضتهم المستمرة لمبدأ استغلال المرأة.. فهذه المجتمعات لا تزال تملك بذرة خير«.دلالات اللباس محور جديد في لقاءنا، وحول الدلالات يقول جعفر: »لابد من الاهتمام بدلالات اللباس الغربي وما تعكسه من معاني فضلا عن أثرها على المجتمعات الشرقية، فعلى سبيل المثال نجد أن المجتمعات الشرقية سريعة التأثر بموضة الغرب بينما لم تستطع هذه الأخيرة التأثير بشكل كبير على المجتمع الياباني، في ظل اعتزازهم بلباسهم ذي التركيب المعقد«.ضمن المحاور التي اهتم بها جعفر عقد مقارنة في نوعية اللباس وربطه بنمط تفكير المجتمع المنسوب إليه، مسلطا الضوء على اختلاف أنماط اللباس في المجتمعات، مع التوجه نحو نوعيته في العصور السابقة كالعصر الفيكتوري مثلا والذي يراه بأنه أفضل العصور بتحقيقه الستر.إن تغير مفهوم اللباس حقيقة واقعة خاصة بعد التحول الذي شهدته الكنيسة، إلا انه من الملاحظ استغلال اللباس في الاقتصاد كطريقة لجلب الأموال، دون الاهتمام إلى شكل طريقة استخدام (استغلال) الجسد.
لغة الجسد*

بعيدا عن النظرة العامة هل لنا بفكرة تفصيلية عن فصول إصدارك القادم؟ يجيب جعفر: »بداية ستكون هناك مقدمة خاصة بموضوع الكتاب فضلا عن مقدمة تعنى بتوضيح طريقة استخدامه الذي سيكون مدعم بالصور والتعليقات الجانبية ليحقق طريقة العرض الجذابة«.بعد ذلك - والكلام لا يزال لجعفر - يتم الولوج في موضوع الجسد واللباس وتحديد موقعهما في حركة الفكر الغربي، سواء كان من الناحية التاريخية التي حددت ببداية العصر الروماني وصولاً إلى ما قبل الفيكتوري، أو من الناحية الدينية والتطرق إلى الاختلاف بين مفهومي العري والتعري في دلالاته وعلاقتهما بالتحلل الأخلاقي، إضافة إلى الناحية الفنية من الجانب الفني والجمالي، وكيفية ربط كل ذلك بقضية الترويج الاقتصادي والإعلامي.الفصل الثاني كما أوضحه جعفر يتأتي في العلاقة بين شكل الزي ومفهوم الثقافة، والذي سيشمل معنى الإنسان في الثقافة الغربية، حيث يوضح إن الإنسان بات أداة تستخدم لعمر معين ثم ينتهي، الأمر الذي يوضح استغلالهم لطاقات الجسد، إلى جانب موقع المرأة في الثقافة الغربية والذي يعد كنواة لما وجد في الغرب، إلى جانب توضيح ثقافة الظهور الجسدي بدلالاته الاجتماعية والنفسية، وصولا لتحديد سيكولوجية العربي عند الغرب.
مفتاح للاستثمار

ينقلنا جعفر من علاقة الزي بالثقافة إلى واقع اللباس الغربي بين ثقافة الصورة والجانب الاستثماري بكل ما يحويه من دلالات صورة اللباس في الإعلام الغربي والخطاب الاقتصادي وحركة العري وتوظيف وسائل الإغراء في الترويج، مروراً بالموضة كتعريف واستمراره بين السابق والآن، ومن ثم تحديد ثقافة الاستغراق في الجسد.الموقع السياسي والديني للباس في المجتمعات الغربية هو محور الفصل الرابع في تبويب جعفر وعنه يقول: »الحركة السياسية الغربية في اللباس ومن ثم اللباس النسوي الإسلامي وانعكاساته على الغرب الذي جاء نتيجة لانتشار الجاليات الإسلامية في الدول الغربية كونها تعطي صورة مصغرة لمجتمعاتنا«. الفصل الأخير حسب جعفر هو تأثير المفاهيم الغربية للباس على المجتمعات الشرقية، والذي يتمثل في التمازج الثقافي والنماذج والدلالات الموجودة والمفهوم الأنثوي للمرأة وحركته في الشرق، وفي ختام البحث سيذهب جعفر حمزة إلى الخروج بنتيجة نهائية من كل هذه المحاور.سألنا جعفر حمزة عن مدى ورود فكرة اعداد جزء آخر، فأجاب انه لابد من جزء آخر يعنى بالمفهوم الإسلامي والتطور الذي طرأ عليه، وهذا ما سيعتزم القيام به.أما بالنسبة للإشكاليات التي يمكن أن تواجهه يقول جعفر: »تتلخص الإشكالية في وضع الصور، والتي يراها بأنها ضرورية وتعطي صورة حية عن ما يتم توضيحه في الموضوع، إلى جانب مشكلة تداخل الأفكار وتشابكها، فضلا عن إمكانية توثيق مصادر الانترنت كمصدر للمعلومات«. هذا الكتاب بحاجة إلى ترجمة ليتمكن من مخاطبة الفكر الغربي، ولتحقيق هذه الغاية يقول جعفر انه سيتم التعاون مع إحدى أساتذة الجامعة لتتم الترجمة. بعد هذه الوقفة يظل واقع اللباس وجدليته الخاصة موضوع ذو أفكار متشعبة، يحتاج وقفات كثيرة وقراءات أكثر.

بين خاتم سليمان وعلي بابا


بين خاتم سليمان وعلي بابا
جريدة التجارية الاسبوعية، ٢٨ نوفمبر ٢٠٠٧

تمثّل الصورة الفارقة بين التقارير الدولية التي تشيد بالإقتصاد البحريني "إنفتاحاً" و"تطوراً" و"نماءً"، فضلاً عن الصور العملية المتمثلة في المشاريع الإستثمارية "الضخمة" وعلى مد البصر وبين الوضع المعيشي للإنسان البحريني "راتباً" و"إلتزامات معيشية" و"حبال قروض لا تنتهي"، فضلاً عن صور لا تُنطق بل تلمسها لمس اليد للشريحة الأكبر من المواطنين ممّن يكتوون بنار الغلاء ولا يجدون من "رواتبهم" المُستهدفة من كل جهة إلا "فتات" قبل نهاية الشهر!!

تلك الصورة الفارقة تؤصل لسلوكيات ومفاهيم جديدة على المجتمع البحريني، حيث أن وجود الإستثمارات الضخمة والتي بمعادلة منطقية بسيطة يجب أن تنعكس على الوضع المعيشي للبحريني،لا نرى حتى غبارها والمتمثل لى أقل تقدير في توظيف عدد من الخريجين العاطلين في الوظائف التخصصية، وتوظيف العاطلين الآخرين في الشركات القادمة من وراء البحار.
وغياب "رذاذ" الاستثمار الأجنبي الذي من الممكن أن يبرّد لظى المعيشة التي يعانيها المواطن، ستؤدي المواطن إلى"الكدح المتواصل"، وبالتالي نفاذ الوقت لديه في أكثر من عمل لسد جوعه وجوع أهله، فضلاً عن البحث لسقف يظله، وبالتالي تتآكل الروابط الإجتماعية ويقل الإحتكاك مع الأهل والأصدقاء إلا من رحم ربك، وتتأصل بناءً علي ذلك البحث عن "إكسير الحياة" النتائج التالية:
أولاً: ظهور عقلية "Show Off" مع وجود العقل الجمعي في المجتمع الآن، والمتمثل في المظاهر المادية التي تفرض على الفرد "الذوبان" فيه، ولذلك الذوبان "ثمن" قد يصرفه في سيارة "رزّة" أو ثياب "آخر موضة" أو ما شابه ذلك مما ليس "ضرورياً" –على الأقل هو يؤمن بعكس ذلك-.
ثانياً: تآكل الوازع النفسي، نتيجة وجود "المفاتن الصورية" في المجتمع نتيجة "التدفق الإستثماري" في البلد والإنفتاح "الكريم"، وبالتالي الإندفاع للإستملاك والسيطرة -لمن لديه قلب الأسد- عبر السرقات والمتاجرة بالدعارة والمخدرات والخمور والممنوعات.
ثالثاً: السعي للربح السريع، وهي ما تقوم به الكثير من الشركات، وذلك من خلال "إمسح واربح" والدخول في السحوبات، وذلك كمنقذ للفرد ممّا هو فيه من إلتزامات مالية.
وتلك العقلية الثلاثية إما أن تفضي لإنفجار إجتماعي متوقع، من خلال ظهور "حركات إجتماعية" خفية تسعى للإستملاك عبر أكثر من طريق، وهي نتيجة طبيعية وإنعكاس متوقع لحالة الإستملاك التي يقوم بها المتنفذون و"الهوامير".

ومع الإنفتاح الإعلامي اللامحدود، فستكون الصورة الناطقة هي الصورة المعاشة وليست "المُعلنة"، وبالتالي تسقط "ورقة التين" عن رافع راية "الجنة المفقودة" ..، وتلك "الجنة" يدافع عنها شريحة ليست بالهيّنة في استعمالها لوسائل الإعلام المختلفة "إستنطاقاً" لحالها الذي تريد الإفصاح عنه.

وبعبارة أخرى، تنامي الإستثمارات من جهة متصاعدة وارتفاع أسعار النفط، وتصاعد صيحات موجات الغلاء و"التذمر" المباح والمنطقي من جهة أخرى سيُفضي إلى خلق حالة ترنو إلى لبس خاتم سليمان لتحقيق ما تريد، وذلك عبر "الإستجداء" وتأصيل عقلية "العطايا" بدل الحقوق، أو إلى حالة "جرأة وشجاعة" علي بابا ليقوم بــ..، وتعرفون البقية.

غابات حول بيت الله الحرام


غابات حول بيت الله الحرام
جعفر حمزة
لم أكن سوى نقطة تسبح في مشهد مهيب يضم مئات الآلاف من البشر، يجذبها إلى مكان واحد عشق سماوي لا يمكن وصفه إلا عندما تكون هناك في أجواء بيت الله المعظم بمكة المكرمة. وهي البقعة المباركة التي لا تخلو من العاشقين طوال العام، ويكون موسم الحج الأكبر هو الذروة الزمانية والمكانية لشعيرة من أكبر شعائر المسلمين، وقد شكل العدد المهول من الحجاج والمعتمرين الذين يفدون مكة المكرمة طوال العام تحديّاً متواصلاً وجاداً لحكومة المملكة العربية السعودية في توفير الخدمات المتمثلة بالسكن والتسهيلات الأخرى، وقد نجحت المملكة إلى حد كبير وواضح في تخطي الكثير من المعوقات وتقديم ما يليق بحجاج بيت الله الحرام، وذلك عبر مشاريع عديدة ومتنوعة إلى درجة أصبحت مسألة توفير السكن ليست هي المسألة، بل البحث عن مستويات أرقى وأرفع في نوعية خدمة السكن، وهو ما يفرض طرح تصورات جديدة من الخدمات والحلول السكنية لزوار بيت الله الحرام. والحركة العمرانية في السنوات الأخيرة في مكة المكرمة تمثل ترجمة لرؤية متسارعة في تقديم تلك الحلول، ليدخل على خط تلك المشاريع عناصر جذب أخرى يمكن الرهان عليها في ظل منافسة محمومة، ومن تلكم العناصر التي تمثلت في "ثيمة" كانت وما زالت هي العنوان السكني المتميز لزوار الحرم المقدس، وتلك الثيمة هي "الجوار المقدس والإطلالة المباركة" على البيت الحرام، لتصبح المنافسة على أوجها ويبدأ "سباق الجوار المقدس" بصور متعددة. ومما يعزز أوج تلك المنافسة هو سعر الأرض الضخم في مكة المكرمة، حيث يبلغ قيمة المتر المربع في حوالي 50 ألف باوند مما يجعله أغلى متر مربع في العالم.(1) وعوداً إلى الجو الروحاني الذي لمسته عندما كنت في بيت الله الحرام، فلقد لفت إنتباهي "تطاول" أكثر من بناية أو شبه ناطحة سحاب وكأنها تمد رقبتها، ليظفر ساكنوها بإطلالة مباشرة على الحرم المكي، وهم في شققهم أو غرفهم ذات الخمسة نجوم! وتشكل تلك الإطلالة تأسيس لمبدأ المشاريع العمودية التي تستند على الارتفاع للحظوة بتلك الإطلالة المقدسة، ولئن كان هذا المبدأ العمراني الجديد من ضمن الحركة المتوقعة –وربما المطلوبة- للتطور السكني حول الحرم المكي، إلا أن ذلك سيفتح الباب على مصراعيه في تلك المنافسة العمرانية العمودية، والتي ستتسبب بخفوت الصورة المركزية البصرية لبيت الله الحرام، فقد كان في السنوات القليلة الماضية مركزاً بصرياً وحيداً، أما الآن فالصورة مشتتة مع وجود تلك المشاريع المزاحمة بصرياً، ونخشى أن تتم "محاصرة" البيت الحرام بغابات من العمارات والفنادق والتي "تضيّق" فسحة الفضاء حول البيت، لنصل إلى الوقت الذي "نألف" فيه صورة البيت الحرام وهو "غارق" في غابة المشاريع العمودية المحيطة به. ويمثل مشروع "الشامية" أنموذجاً تمت مراعاة تلك الملاحظة، فضلاً عن بقية الإعتبارات الخاصة بالتكوين الطوبغرافي وتضاريس المنطقة، حيث اعتمد المشروع على التضاريس الطبيعية المحيطة بالبيت الحرام، بدلاً من عمليات القطع والردم التي تستند عليها الكثير من المشاريع المقامة حول البيت الحرام. ويتميز المشروع بـ"إطلالة" على البيت الحرام بطريقة طبيعية دون "مزاحمة" للحرم الشريف ، وقد كانت تلك النقطة من أهداف مشروع الشامية وهو "التخفيف من ضغط التطوير العمراني في المنطقة الواقعة على حدود الحرم الشريف مباشرة" (2) ومن الجدير بالذكر أن الساحات الداخلية في المشروع قد تم تصميمها بطريقة تتكامل مع ساحات الحرم الشريف لجهة مراعاة اتجاه القبلة وتأمين الاتصال البصري بالحرم لتأمين إمكانية إقامة الصلاة فيها. ويحتسب كميزة أساسية لمشروع الشامية -الذي يقع شمال الحرم المكي الشريف- دون غيره من المشاريع توسعة ساحات الحرم الشريف من جهة الشمال وشمال غرب بمعدل عمق 120 متراً.هذا فضلاً عن الكثير من المزايا التي تمت فيها مراعاة الطبيعة السكانية والمعمارية والتضاريس للمشروع الذي يقع ضمن مساحة إجمالية تبلغ 125.97 هكتاراً وطاقته الاستيعابية 151164 نسمة(3). مما يشكل أنموذجاً حياً وملموساً للمشاريع المتقدمة والتي تحفظ المكانة البصرية للحرم الشريف. وتمثل مجمل المشاريع المقامة في المدينيتن المقدسيتن مكة المكرمة والمدينة المنورة تحدياً ثقافياً أكثر من كونها تقديم لحلول إسكانية لزوار تلك المدينتين. وسيكون المطلوب التخفيف من حدة سرعة انتشار الغابات العمرانية حول الحرمين الشريفين وترك مساحات أرحب للمد البصري لهما وتفردهما روحانياً ومكانياً، ليكون النظر إلى بيت الله تعالى وحده دون "إطلالات" تشوه تلك السكينة البصرية بحجة "الجوار المقدس"!
(1)تبلغ قيمة المتر المربع في المدينة المنورة حوالي 28.500 باوند، مما يجعل سعر المتر المربع في كل من مكة المكرمة والمدينة المنورة الأغلى في العالم مقارنة بسعر المتر المربع في مدينتي "مايفرد" بلندن و"مانهاتن" بنيويرك، حيث يبلغان سعرهما 20.452 باوند و 10.700 باوند على التوالي.
(2)http://www.makkah-development.gov.sa/
(3)www.mpd.gov.sa

يوميات مدير عام


يوميات مدير عام
جعفر حمزة

مراجع، فرّاش، مراسل، مسؤول، عامل قهوة والقائمة تطول.
كانت تلك الشخصيات التي تقمصها ببراعة وإتقان الفنان السوري أيمن زيدان في دوره كمدير عام في مسلسل "يوميات مدير عام"، حيث كانت تلك الوسيلة الفعالة لمعرفة الخلل في دائرته ومعالجته، والتي كانت تفيض بالفساد الإداري والمالي، بدءً من المدير المساعد وصولاً إلى ميكانيكي الدائرة.

ولم تكن جولاته كل يوم مع قضية فساد أو تسرب أو إختلاس إلا صورة مصغرة لما يجري في الشركات والوزارات والحكومات التي تعاني من الفساد الإداري والمالي، والتي تمثل همّاً عالمياً تُوليه المنظمات والدول السائرة نحو التنمية والتطور كل اهتمام.

ويمثل ميثاق الأمم المتحدة لمكافحة الفساد (يونكاد) تطوراً بارزاً في هيكلية الاتفاقيات الدولية لمكافحة الفساد. حيث يذكر الميثاق بخصوص الفساد أنه "لم يعد الفساد مسألة محلية وإنما ظاهرة تتخطّى الحدود القومية وتؤثر على جميع المجتمعات والاقتصادات، جاعلة التعاون الدولي لمنعها والسيطرة عليها أمراً لازماً".

وأما البنك الدولي فقد حدد الفساد كأكبر حاجز فردي يواجه التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
ويُقاس مستوى تطور المجتمعات عبر محاربتها للفساد بنوعيه الإداري والمالي، وتسعى الحكومات لتحقيق أعلى نسب الشفافية ومكافحة الفساد، لتكون البوابة الآمنة لرفع المستوى المعيشي وجذب الاستثمارات الأجنبية.
ولم يكن تصريح ولي العهد ورئيس مجلس التنمية الاقتصادية (إي دي بي) الشيخ سلمان على خلفية ضبط الاختلاسات في كل من شركتي "ألبا" و"أسري" إلا مؤشراً على الإقدام الجاد للحد من الفساد أياً كان مصدره.
يقول ولي العهد (ثقوا تماماً يا إخوان، أن حملة مواجهة الفساد لن تستثني أحداً، وستطال يد المحاسبة والعدالة أي وزير أو مسئول في حال ثبوت تورطه في قضايا الفساد، وهذه الرؤية لن نتراجع عنها).
وبتلك الرؤية سيمكن الحديث عن رفع مرتبة البحرين في مكافحة الفساد من المرتبة 36، وتحقيق أكثر من 5.7 نقطة كما كان في مؤشر مكافحة الفساد لعام 2006.
ووجود تلك المؤشرات الدولية هي بمثابة شهادة جودة "آيزو" للحكومات في مكافحتها للفساد، والذي يعتبر بمثابة الثقب الأسود الذي يسحب كل الميزات والثروات نحو نقطة واحدة، وهي نقطة المتمصلحين والمفسدين، والأسباب التي تدعو لردم ذلك الثقب الأمور التالية:
إساءة تخصيص الموارد، خفض مستويات الاستثمار، الحد من المنافسة والفعالية، زيادة الإنفاق الحكومي، خفض الإنتاجية وتثبيط هِمّة الإبداع، خفض مستويات النمو، المساهمة في تفاقم الفقر وعدم المساواة، تُقويض حكم القانون، زيادة عدم الاستقرار السياسي، المساهمة في رفع مستويات الجريمة العالية.(1)
مع ملاحظة كل تلك الأسباب سيكون الحديث عن معالجة الفساد أمراً يحتاج للكثير من الخطوات، منها على سبيل المثال لا الحصر:
أولاً: الرغبة السياسية في القضاء على الفساد.
ثانياً: وضع استراتيجيات وآليات جادة لمحاربة الفساد.
ثالثاً: رفض المجتمع المدني للفساد كوسيلة للعيش.
وتلك كانت الوصفة السنغافورية للحد من الفساد بصورة ملحوظة، ولتكون في مصاف الدول في العالم في مكافحة الفساد، حيث أنشأت سنغافورة "مكتب التحقيقات في ممارسات الفساد الذي تم إنشاؤه في 1952م.


ويمكن إيجاز دور المكتب في التالي:

- إتباع سياسات من شأنها مكافحة الفساد في الجهاز الإداري والقطاع الخاص.
- التحقيق في سوء استخدام السلطة من قبل المسئولين.
- إرسال التقارير إلي الجهات التي يتبعها المتهمون بممارسة الفساد.
- مراجعة منظومات العمل في الهيئات الحكومية المختلفة وإعادة هندستها بما يعمل على التقليل من ممارسات الفساد.
- تقديم مقترحات لمكافحة الفساد في الجهات المختلفة.
- عمل لقاءات مع المسئولين خاصة الذين يتعاملوا مع الجمهور للتأكيد على مبادئ الشرف والنزاهة ومكافحة وتجنب الفساد.
- التحقيق فيما يرد إلى المكتب من شكاوى تفيد وقوع ممارسات فساد في أي جهة.
- التحقيق في ممارسات الفساد التي قام بها مسئولين في الحكومة.(2)
وبعد العروج على التجربة السنغاقورية، يمكن الحديث عن طريقتين في التعامل مع الفساد، الأولى وهي استصدار القوانين لمكافحته، وهذا سيفضي لزيادة كبيرة في القوانين، والثانية سياسة فتح الأبواب والشفاية وحرية المعلومة، ويمكن تعزيز ذلك عن طريق إعطاء المحققين سلطات مراقبة ورصد للحكومة عن كثب لمنع الهدر، والاحتيال، وإساءة الاستخدام.
وعوداً إلى المدير العام الذي اتبع الأسلوب الثاني في معالجة الفساد المستشري في دائرته، وقد كانت له الإرادة في محاربته، حتى لدى أقرب المقربين لديه.


(1)ورقة قضايا الإصلاح الاقتصادي، العدد 0409، 22 أيلول/سبتمبر، 2004.
(٢) وزارة الدولة للتنمية الإدارية، جمهورية مصر العربية.

البسكويت أو الخبز؟!




البسكويت أو الخبز؟!
جعفر حمزة
عندما هاج الشعب الفرنسي أثناء الثورة الفرنسية وسار إلى القصر الملكي، خرجت الملكة "ماري إنطوانيت" إلى الشرفة، وقالت: لماذا هم غاضبون؟ ماذا يريدون؟، فأجابوها: يريدون أن يأكلوا ولا يجدوا خبزاً، فقالت: لماذا لا يأكلون البسكويت؟! ويبدو أنها لم تكن تدرك الوضع المعيشي فضلاً عن إنطلاق الثورة الشعبية الفرنسية، وهذه مشكلة، أو أنها كانت تدرك وكان جوابها "البسكويتي" هو إشاحة وجهها عن الواقع وبسط "نرجسيتها" في خطابها، وهذه مشكلة أكبر. تأخذ التغيرات السلبية السياسية والاجتماعية مساحتها "الثائرة" في المجتمعات البشرية، نتيجة غياب العدالة "المعيشية" وخلق "الطبقية" وتعزيزها عبر الكثير من الصور الاجتماعية، وبالتالي تآكل الطبقات المتوسطة واختلال الميزان الاجتماعي عبر "تضخم" في الطبقات الغنية و"تخمتها" و"نحافة" الطبقة الفقيرة، وبالتالي يحدث الإختلال والهزات الإجتماعية المتتالية، وذلك لإعادة المعادلة إلى وضعها الطبيعي الكوني. "ما جاع فقير إلا بما مُتّع به غني"(1) معادلة رياضية بديهية تقدم "الطرح" في الحقوق من خلال إستلاب "ألف باء" حقوق المواطن في السكن والعمل المناسب والأمان والتعبير عن الرأي، ليكون حاصل ذلك هو "الجمع" الذي تأكله طبقة تتمتع بيد طولى لا أول لها ولا آخر. ولا يُساهم في تثبيت عملية الإتزان الطبيعي في المجتمع السلطة الحاكمة فحسب، وإن كان لها النصيب الأكبر من الدور في وضع الاستراتيجيات والميزانية العامة ورفع المستوى المعيشي العام للمواطن، ومع ذلك يكون للقوى المجتمعية الأخرى دور في رفع العَوَز وتحويله إلى استثمار بشري، وذلك بلحاظ "الاقتراب" التي تتمتع به تلك القوى من القواعد الشعبية من جانب، وقدرتها على توجيه القدرة المالية لها من جانب آخر، وتلك ميزة تغيب في أكثر الأحيان ضمن الخطاب السياسي الجماهيري الحالي، ويتم تسليط كل الأضواء على السلطة، مع إغفال ترك "مصباح" واحد على الأقل يسلط الضوء على البيت الداخلي للقوى المجتمعية وقدرتها المالية والشعبية، لتحويل معادلة "الطرح" الدئمة على الطبقات الفقيرة إلى عملية "قسمة" تؤثر في الحساب العام للوطن. الإهتزازات المتتالية للقمة عيش المواطن، والمتمثلة من جانب السلطة في ثبات مستوى الرواتب وارتفاع مستوى الغلاء المعيشي، وغياب خطة النهوض بالمستوى المعيشي من جانب القوى المجتمعية السياسية المؤثرة من جانب آخر، مما يجعل المواطن يعيش في أزمة دائمة مع "الدينار والدرهم"، ولذلك تداعياته الاجتماعية والتربوية، وانعكاساته في مجال العطاء الوظيفي بصورة عامة، إذ يكون هم المواطن "تغذية" منشار الإلتزامات المالية، وبالتالي تغيب روحية العطاء والإبداع في المجمل العام، وما هو موجود أقل من الحد الأدنى بكثير. الهمّ الذي يعيشه المواطن رسمته العديد من الخطب الرسمية "البسكويتية" والتي تقدم مرئياتها "الوردية" بعيداً عن واقعية مستوى معيشة المواطن، من خلال إعلامه، خطبه، خططه في الجوانب المعيشية بمجملها، مما يرفع من المستوى المعيشي للمواطن "صورة" لا واقعاً، وعبر خطاب "مكانك سر" في كثير من الملفات الساخنة اليومية، من توظيف وكهرباء وماء واحترام صوته السياسي والأمني، وغيرها من خطابات "البسكويت" الموزعة، في حين يبحث المواطن عن "خبز" يأمل أن لا يرتفع سعره هو الآخر. وفي قبال ذلك تتوجه خطب العديد من القوى المجتمعية "النارية"، لتزيد على حرارة المواطن حرارة، بدلاً من أن تقدم له سنداً عملياً وحلاً واقعياً لا يتعارض مع تقديم رؤيتها وأجندتها السياسية. حيث يكون وقودها "حرارة الناس" من المستوى المعيشي، في حين يمكن موازنة الخطاب وتقديم خططاً عملية وذات مردود ملموس للمواطن، عبر استثمارات داخلية وتدوير القروض الذكية من خلال مؤسسات وشركات تديرها القوى المجتمعية. ومن خلال خطاب حكومي يبتعد عن "الوردية" وخطاب شعبي يبتعد عن "السوداوية"، من حق المواطن العيش بكرامة اقتصادية دون الإستخفاف به بـ"البسكويت" ولا استغلاله لحاجته للـ"الخبز". ومن الجدير بالذكر أن "ملكة البسكويت" كانت نهايتها مأساوية، فقد أعدمت الملكة "ماري أنطوانيت" عام 1793م. بعد أن اقتيدت بعربة مكشوفة دارت بها شوارع العاصمة باريس، ليرميها الناس بكل ما يقع تحت أيديهم، ثم قاموا بعد ذلك بقص شعرها الطويل ليضعوا رأسها في المقصلة وينفصل عن جسدها.


(1) نهج البلاغة، الإمام علي بن أبي طالب (ع).

شباب البحرين والخيارات المقدسة وغيرها


دراسة علمية حديثة لشباب البحرين!

عمر نوح أو مال قارون هما السبيل لإيجاد مسكن يأويك..

جعفر حمزة
هي ليست حسبة "ضيزى" كما يقولون بل إنها عملية حسابية بسيطة ومؤثرة في نفس الوقت، ولا يريد الكثير منا تذكرها لا لشيء إلا أنها حاضرة على الدوام حتى في المنام (كوابيس بطبيعة الحال).

عملية رياضية لا نستخدم فيها الجذور التكعيبية ولا التربيعية فيها، كل ما نستخدمه العمليات الأساسية من جمع وطرح وقسمة لا غير..

لو كنّا عصافير أو قططا لأصبح الحساب مختلفاً وبسيطاً جداً، إلا أننا بشر ويلزم لكونك بشراً أن تتعقد كل العمليات المتعلقة بك من مأكل ومشرب و"مسكن"!
لنأخذها ببساطة على متوسط عمر الشباب البحريني المتخرج:
عمر الشاب المتخرج: 23 سنة.
متوسط سنوات الاستقرار في وظيفة ليبدأ التفكير الجاد في الزواج: سنة أو سنتين، والشباب "المتحمس" يلزمه أقل من ذلك بكثير.
ولدينا هنا خياران أولهما أن "يسكن" في بيت أبيه: وهو ما يقوم به الكثير من الشباب المتزوج نتيجة قلة الميزانية "للاستقرار" في شقة.
والسؤال إلى متى سيستمر في السكن مع "أهله"؟ خصوصا بعد إنجاب الأطفال..
والخيار الثاني أن يسكن في "شقة" مع دفع الأجار الذي يبلغ متوسطه الآن 100 دينار فقط! (تمت كتابة هذا المقال قبل ٣ سنوات، وأجارات الشقق في ازدياد).
وللشاب البحريني للحصول على سكن بعد "الزواج" طريقان، هما:
أولا: أن يتقدم للإسكان بطلب وحدة سكنية وهذا يلزمها انتظار سنوات تصل إلى 12 سنة تقريباً (يق،ل،ن ستتقلص الفترة لتصبح أقل من ذلك، ربما 11 عاماً و11 شهراً)، بعبارة أخرى سيصل عمره حين "استلام" "البيت" ما بين 35 سنة إلى 40 سنة!
وإن كان يسكن في شقة يدفع إيجارها الشهري 100 دينار، فهو قد قام بدفع مبلغ قدره 14400 دينار في انتظار الحصول على "الوحدة السكنية"، ليس مبلغاً كبيراً من أجل الانتظار!
ثانيا: أن يتقدم بطلب "قرض شراء" وأقصى حد لقرض الشراء هو 40.000 دينار حتى لو كان راتبك 1000 دينار!

وهذا المبلغ غير كافي لشراء بيت قديم، ويلزمك الانتظار بين 2 إلى 3 سنوات للحصول على ذلك القرض وخلال هذه الفترة ستزداد أسعار العقارات تباعاً، بمعنى آخر ليس هذا الخيار مناسب أبدا للشاب أن يفكر فيه.
ومع استبعاد كل الخيارات الأخرى غير الطبيعية منها وغير الطبيعية كالفوز بجائزة ضخمة، أو الفوز باليانصيب، أو العثور على كنز مدفون، بالإضافة إلى "واسطة" كبيرة "تشفع" له عن سنوات الانتظار بالإضافة إلى "مكرمات" تستحق الانتظار!
مع استبعادنا لكل هذه الاحتمالات والنظر بواقعية طبيعية إلى الأمور سيكون للشاب البحريني أمران لا ثالث لهما:
الأول: إما يسكن في بيت أبيه بانتظار "الفرج" في الحصول على وحدة سكنية حتى لو ضاقت عليهم الأرض بما أنجبوا من أطفال، وهم ليسو الوحيدين في البيت بالطبع وهو خيار لا يخلو من "عدم استقرار" يؤثر في التربية والاستقرار النفسي للعائلة الجديدة في بيت الوالد.
الثاني: دفع مبلغ وقدره 14400 دينار خلال فترة الانتظار، هذا إذا لم تزد نسبة الأجار، فضلاً عن أخذه "قرضاً" للبيت الجديد.
وقد يلزمنا عمر نبينا نوح للحصول على وحدة سكنية أو لنرى أحفادنا على الأقل، أو نسأل الله تعالى أن يرزقنا مال قارون لنشتري به سكنا لنا.

ويمكنك سؤال الباري أن يجعلك من تلك العوائل "المقدسة" التي تسير لهم الأمور كما يريدون مثلهم مثل نبي الله سليمان عليه السلام.

فإما أن تكون نوحاً أو سليماناً أو يكون لك مال قارون، فاختر ما شئت وأدعو ربك أن يرزقك "قبرا" تعيش فيه على هذه الأرض قبل أن تسكن قبرك الذي لا أجار عليه لحد الآن!
ويمكنك أن تسأل الله أن يُلهمك صبر أيوب عليه السلام


ولادة فأر-The Quiet Wagon



ولادة فأر
جعفر حمزة
جريدة التجارية الاسبوعية ٢١ نوفمبر ٢٠٠٧

كانت تلاحقني أينما ذهبت، في مكان العمل في المنزل في الشارع، كانت تريدني بإصرار غريب أن تُثيرني أو على الأقل أن أُلقي عليها نظرة، ولم يكن لي بدٌ سوى التسليم لها، فصعب عليّ أن أغضّ النظر في كل مكان أذهب إليه، وظفرت بنظرات منّى إلا أنها لم تُلفت إنتباهي.
هي تلك الإعلانات التي ضاقت الأرض والسماء بما رحبت، فليس هناك بقعة إلا تم وضع إعلان فيها ولئن وجدتَ مساحة يمكن الإعلان عليها، فانتظر أيام قليلة لترى أنها تحولت إلى مساحة لحجز الإعلانات، وهكذا يتم السبق على حجز مساحيتن، مساحة الأعلان في الخارج ومساحة تأثيره في الداخل للفرد، ولم أكن خارج تلك المساحة، فلقد همّتَ بي وهممتُ بها!

تلك المساحات المحجوزة على الدوام هي حصيلة التوسّع العمراني والإنفتاح الاقتصادي في البحرين والمنطقة، ولا أدل على ذلك هو حجم الإنفاق الإعلاني، حيث ذكر رئيس مجموعة ماركوم الخليج الإعلانية السيد "خميس المقلة" أن حجم الإنفاق الإعلاني الخليجي في عام ٢٠٠٧ وصل إلى ٥.٦ مليار دولار مقارنة بــ ٤.٥ مليار دولار عام ٢٠٠٦، وذلك بزيادة قدرها ٢٠٪. وأما حجم الإنفاق الإعلاني في البحرين فقد ارتفع بنهاية العام ٢٠٠٧ إلى ١٢٣ مليون دولار.

ويحضرني وأنا اشهد هذه الطفرة "المحجوزة" للإعلانات بالطفرة الاقتصادية والاجتماعية التي تبعت ظهور النفط، حيث بدأت العديد من الشركات في الظهور إلا أن القليل منها استمر والكثير منها تقزّم واندثر، ويبدو أن العملية تُعيد نفسها مع وجود ثورة اقتصادية في المنطقة والعالم، فهناك العديد من وكالات الإعلان وعدد لا يُحصى من الشركات التي تريد أن تحجز مساحة وتضع لها قدم في خضم هذا السوق المتلاطم من المنافسة، ووصلنا إلى وضع يريد الكل أن يبيع نفس المنتج وبنفس الطريقة، دون أن تكون هناك هويّة جاذبة للفرد ليعيش ويتفاعل مع الماركة، لقد أدى التسابق بين الشركات إلى حجز المساحات إلى توالد الأفكار المكررة "كليشيه".

فبالرغم من وجود هذا الكم الهائل من الإنفاق الإعلاني إلا أن مرحلة الإبداع في الإعلان لم تتضح ملامحها بعد، ونعتقد أنها مسألة طبيعية في هذه المرحلة شريطة أن لا تطول مدتها، فالتطور الاقتصادي يؤدي إلى مزاحمة في تقديم الصور (الإعلانات) عن الشركات نتيجة تسارع الوقت وقصر التجربة عن النظر إلى مستويات مختلفة من الإعلان في الخارج، ويبدو أن المسألة تعدّت عقد إتفاقيات ثنائية بين الشركات ووكالات الإعلان لتكون محل إعادة نظر في طبيعة العلاقة القائمة بين الجهتين ونتاج الصورة المقدمة للفرد.

"ليس من المهم ماذا تبيع، بل ماذا تشعر بأنك تريده، وهذا ما نحتاجه في إعلاناتنا، شيء من قبيل السحر والخيال. وهو ما جعل مخازننا معروفة بأنها "مسرح”، لأنهم إن لم يكونوا مهتمين ومتأثرين ، فكيف السبيل إلى دعوتهم لمخازننا؟"
هذا ما ذكره السيد "توماس لاندجرين" مدير ومبتكر شركة "ذا ون" للأثاث في معرض حديثه عن مستوى الإعلان في المنطقة والعالم.
وقد صدم مستمعيه أثناء إلقائه كلمته في ندوة "ميديا اند ماركتينج" بدبي عندما قال إن "صناعة الإعلان تحتضر" ، ولا نعتقد أن "
الأمر مبالغ فيه إذا عرفنا مقدار الجهد المتواضع جداً من الإبداع المدروس الذي يتم توظيفه في صناعة الإعلان بالمنطقة. فالإعلان هي معادلة تقدم من خلالها المنتج أو الخدمة أو الرسالة للفرد ليتفاعل معها، لتكون جزءً من حياته كرسالة وصيغة جمالية إبداعية، بدل أن تكون "ضيفة ثقيلة الظل" تلاحقك أينما كنت برسائلها التقليدية وبألوانها الفاترة وبأفكارها التي لا تقدم الشيء الجديد المبتكر، وتلك العناصر المفقودة في معادلة الإبداع وصناعة العلاقة بين الفرد والإعلان.
ومن الجدير بالذكر هنا هو أهمية فهم العمليات التي يتأثر بها الفرد في علاقته بالمؤثرات البصرية والسمعية للإعلان، وهي مجموعة مختصرة ففي كلمة
"AIDA”
والتي ترمز للتالي:

1. Attention لفت الإنتباه، عامل ضروري لضمان استمرار عملية التفاعل بين الفرد والإعلان.
2. Interest يجب أن تكون الرسالة الموجهة موضع إهتمام الفرد.
3. Desire تولّد الرغبة في الفرد لتلبيتها من خلال الإعلان.
4. Action البدء بالفعل من خلال شراء المنتج أو استعمال الخدمة أو التفاعل مع الرسالة الموجهة في الإعلان.


ونتيجة للتخمة المتزايدة في كمية الإعلان من جهة وتحركه خارج دائرة الإبداع التفاعلي المؤثر من جهة، يبقى السؤال عن حجم الإنفاق الحقيقي للإعلان المبدع، وذلك من أجل الوصول إلى إعلان يحترم البصر والفكر عبر تقديمه وصناعته لعلاقة يستشعر بها الفرد بعيداً عن ضوضاء الصورة المزدحمة التي تلاحقك أينما كنت كضيف ثقيل الظل
.
ونتمنّى أن لا يكون ذلك الإنفاق ونتيجته كحال المثل العربي القائل "تمخّض الجبل فولد فأراً".


The Quiet Wagon
By Jaffar Hamza

(translated into English by Ali Al Saeed)

Following me wherever I go, at the workplace, at home, out on the streets, as it wants me so bad, wants to provoke me, get a reaction from me, at least to throw a glance at it, just one glance, and I was helpless, I had to oblige. It was impossible to keep looking away, avoiding it, I couldn’t keep my eyes closed.

Those advertisements. Filling every inch of our world, every spot, every space. No matter where you turn your head. They are there staring right back at you. And if there was one empty space, it would be only a matter of minutes before it was branded with yet another advertisement.

The constantly book advertising spaces are a result of the ongoing architectural development and economic openness in Bahrain and the region. And that is reflected in the annual spenditure by companies and business on advertising which witnessed a significant increase over the past few months. According to chairman of Marcom Gulf Advertising, Ahmed Al Muqla, Gulf spenditure on advertising in 2007 has reached a total of US$5.7 billion, compared to just US$4.5 billion the previous year, representing an increase of 20%, while spenditure on advertising in Bahrain totaled US$123 million in 2007.

Similarities can be drawn at this stage between this era of advertising and the period when oil was first discovered in the region. As a result of that, many firms and companies sprung up, but few managed to survive and sustain themselves. I see this repeating itself now with this new economic revolution in the region and the world as there are many advertising agencies and even more companies fighting fiercely for those same advertising spaces, so much so that we have arrived at a point where everyone wants to sell the same product in the same fashion without having a unique identity with which the individual can interact and relate to. This fierce rivalry between companies can be blamed for many of the current “clichés” within the advertising industry.

But in spite of that enormous financial influx into the industry, the creative aspect of it has been lagging behind, perhaps even suffering from it. This, again, is natural considering the circumstance as well as the period of time, as long as it does not stretch any further. The economical progression is in effect having a direct impact in how these advertisements are presented, once again, due to the competitive nature of the advertising companies, always in a race against time to be the first to reach the top. So much so, that it is now essential to revaluate the working relationship between companies and their advertising agencies to ensure a better product.

"It's not important what you buy; it's what you feel you want. That's what we need in our advertising, something magical,” said founder of The One stores, Thomas Lundgren, “That's why our stores are known as ‘theatres', because we need to excite our own people because if they don't get excited how do we get the people to come to our stores?" He added.

Mr Lundgren was addressing the 2007 Media & Marketing forum in Dubai when he shocked all present with his controversial quote “Advertising is dying!” which is a valid argument seeing that the creative input employed by the advertising agency currently can only be described as humble at its best. Advertising is an equation that presents the product, brand or service in a way that interacts with the consumer to the point of it being an impartial creative message, and avoids being “the unwelcome guest at the party” so to speak.

It is noteworthy to mention at this time the importance of understanding the basic and fundamental elements that have a direct influence on the individual which are known simply as the AIDA Model, a term used to refer to the following:

ATTENTION: attract the attention of the customer.

INTEREST: Interest: raise customer interest by demonstrating features, advantages, and benefits.

DESIRE: Desire: convince customers that they want and desire the product or service and that it will satisfy their needs.

ACTION: Action: lead customers towards taking action and/or purchasing

The question regarding the size of spending into advertising remains, because without it being creative and innovative, the message at the end of the day will be lost and it will be no more than a loaded wagon that makes no noise.


مغناطيس الطائفية


مغناطيس الطائفية، وخيار التفتيت!
جعفر حمزة


"أنا شيعي، وأنت سني، ما الفرق؟"، يقدم سؤال "الفرق" هذا نتيجة طبيعية لتركيبة المجتمع، من خلال "فسيفسائه" المتوقع والمنطلق من معادلة كونية ثابتة لا تتغير، "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم"، وبهذا النداء السماوي يفهم الإسلام معنى الإختلاف المتوقع والخاضع للفهم البشري الناقص، والتي تحركه وتُصيغه عوامل عدة، ويبقى المشترك في الحركة هو "الإقتراب" لا بمعنى الذوبان وهو ما لا يمكن تحقيقه، ولكن بمعنى "الإنفتاح" على الآخر في الفهم والسلوك والمفهوم "لتعارفوا"، ليكون المقياس في العمل هو الفيصل في الحكم "أتقاكم". فالمجتمع مكون من جماعات مصالح أو انتماء أو اعتقاد. ومن الطبيعي أن يشعر كل فرد بتعاطف أكبر مع الأفراد الذين يشاركونه المصلحة أو العقيدة أو الثقافة أو الموقع الاجتماعي الذي يحتله. (1) وتمثل "الطائفة" أجلى صور "التجمع" و"الجذب" المستند على مشتركات دينية وفكرية وثقافية وسلوكية معينة، ولها طابع خاص يميزها عن بقية المدارس الفكرية الأخرى، وتكون بمثابة "المجتمعات المسيّجة" التي تخف أو تشتد عقبات الدخول إليها اعتماداً على "إنفتاحها" و"تقبلها" للآخر، لتكون أرقى مستويات الطائفة عندما تتحول إلى المفهوم القرآني "قل ادعو إلى ربك بالحكمة والموعظة الحسنة" أي بالمنطق وأسلوب التقديم. والطوائف أمر طبيعي لا بد منه، وهو ناتج عن اختلاف الفهم البشري للنصوص المقدسة السماوية، فبالرغم من "وحدوية" الرسالة المسيحية إلا أن وجود المذاهب المسيحية تعكس "النوافذ" التي تم فتحها لفهم المسيحية، والأمر سيان في الرسالة الإسلامية، فالنوافذ وصلت إلى 72 "ستفترق أمتي إلى 72 فرقة"، وأكبر نافذتين ماثلتين للعيان في العالم الإسلامي الآن، هي نافذتي الشيعة والسنة. فهل من اللازم "تكسير" نوافذ الآخرين، لتتم مشاهدة الإسلام عبر نافذتك فقط؟ أو هل من الضروري أن تفقأ إحدى عينيك لترى بعين واحدة وكفى؟! وجود الطائفية كواقع ممارس أمر لا بد منه ولا خوف منها، ما دامت تعكس التنوع والإختلاف الإنساني، وهي –أي الطائفية- بمثابة حقول مغناطيسية تجذب أتباعها كبرادة الحديد، ويزداد اتباعها كلما زادت قوتها الجاذبة، ووجود تلك الحقول المغناطيسية في المجتمع لا تشكل خطراً مادامت مساحتها تنحصر في الميدان الاجتماعي كممارسة ديمقراطية للشعائر والإنتماء الفكري، وينتقل التعامل مع "الطائفية" من خطاب "الواقع" الذي لا بد منه إلى خطاب "التصدي" لها والذي لا مناص للمجتمع أو الدولة إلا القيام بتلك الخطوة، في حال تداخل "الحقول المغناطيسية" واقترابها من بعضها البعض وخصوصاً إذا كان نمط الخطاب تنفيري، فإن النتيجة المتوقعة لتقريب قطبين سالبين أو موجبين هو "التنافر" لا محالة. ومن تلك المعادلة المتوقعة، دعا الإسلام إلى "الإنجذاب" إلى مغناطيس مشترك للابتعاد عن كل من شأنه أن يشوه الإسلام فهماً وسلوكاُ وفكراً من خلال "واعتصموا بحبل الله جميعاُ ولا تفرقوا". ولا تشكل الطائفية خطراً على المجتمع إلا إذا تحولت إلى أداة "إقصائية" للأطراف الأخرى في الجوانب الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، حيث يتحول المجتمع حينئذ إلى "كانتونات" لا يمكنك دخولها إلا عبر "كلمة سر" و"صك غفران". ويذكر المفكر العربي "برهان غليون" بخصوص إسقاط الطائفية وغلبة مصلحة طائفة دون أخرى على السلطة "الدولة" بالقول: (استخدام الولاء الطائفي للإلتفاف على قانون المساواة وتكافؤ الفرص الذي يشكل قاعدة الرابطة الوطنية الأولى، وبالتالي لتقديم هذا الولاء على الولاء للدولة والقانون. وتحويل الدولة والسلطة العمومية من إطار لتوليد إرادة عامة ومصلحة كلية، إلى أداة لتحقيق مصالح خاصة وجزئية. إنها تشكل ما يشبه الاختطاف للسلطة السياسية التي هي أداة تكوين العمومية لأهداف خصوصية. إن الطائفية تنشأ عندما تنقل إحدى هذه الجماعات هذا التضامن والتكافل إلى مستوى الدولة).(2) وبعبارة أخرى يتم دق ناقوس الخطر عندما يتم إنتقال مغناطيس الطائفية في المجتمع ومكانه أمر طبيعي إلى ساحة الدولة ومؤسساتها، حيث تتحول الطائفية حينئذ إلى أداة جذب كبيرة لمنتسبيها، وخصوصاً مع وجود أدوات قوة ومتمكنة من خلال وجودها في تلك المؤسسات؛ وبالتالي تكون النتيجة سقوط عناوبن المساواة والعدالة والكفاءة والموضوعية والمنافسة النزيهة، لتتحول الدولة إلى مركز سلطة ذات لون واحد لا أكثر. وبالتالي ينحرف مفهوم الدولة بذلك عن كونها سلطة عامة تضمن وحدة نسيج المجتمع باختلاف طبقاته وطوائفه، إلى "شركة خاصة" تضمن المصالح الخاصة والمنافع لفئة دون أخرى، وبالتالي تعزيز الجذب الطائفي السلبي، حيث يميل كل فرد وبشدة إلى طائفته للاستناد عليها "للاستقواء" على وضع التمييز ضدها. فهل ستبقى مغناطيس الطائفية الطبيعية في المجتمع، أم تتعاظم وتتكاثر في مراكز السلطة السياسية والاقتصادية في البلد لفئة دون أخرى ليتنوع الخطاب "المنفر" ونصل إلى مرحلة تكسير الحقول المغناطيسية التي تنتهي إلى "برادة حديد" متناثرة دون هوية؟


(1) برها ن غليون، مجلة الآداب البيروتية كانون الثاني 07

النبيان موسى ويوسف في شركة "دريم ووركس"







قراءة في الرسوم الدينية
النبيان موسى ويوسف في شركة "دريم ووركس"


جعفر حمزة

" ما زالت التقنية الحديثة في الإنتاج الكرتوني للأفلام تقدم أكثر من مجرد صورة، فهي تحاكي المشاعر وتنسج الأحلام، بل وتصيغ التاريخ وتعرضه من جديد". لم يكن الحديث فضلاً عن التنويه بالحقائق التاريخية الدينية في تاريخ السينما الأمريكية بالخصوص بأمر يمكن الدخول فيه بسهولة، فمن خلال أشواط متعددة في "الجرأة الدينية السينمائية" في الطرح مثلّت بيئة خصبة لكسر "الطوق الديني" الذي كان منسوجاً من قبل التزام كان جزء من البيئة الأمريكية في فترة من الزمن. واستعراض التاريخ الديني كان كلاسيكياً في كثير من الأحيان عبر السرد المستند على الكتب المقدسة أو الروايات الدينية، وفي قليل من الأحيان كان إبداعياً في طرح الصورة والفكرة، إلا ن القاعدة المشتركة لكل تلك الأفلام هو عرض المقدس من خلال دور السينما، وانتقلت مرحلة الأفلام الدينية لتدخل عصراً جديداً لم يكن معهوداً من قبل لا من ناحية التقنية ولا من ناحية السرد القصصي المحكم، والذي دخل إلى عالم الأطفال وتعداه إلى الكبار من خلال أفلام "الأنيميشن"، فهل هي مرحلة جديدة ترسم ملامحها بعض شركات الإنتاج السينمائي العملاقة لتكون "الأب الروحي" لصناعة جديدة من التاريخ والدين عبر الصورة الكرتونية؟ "أعمال الأحلام" هي الأيقونة التي بدأت في تأسيس فعلي لمفردات السينما الدينية الكرتونية - إن صح التعبير-، فشركة "دريم ووركس" التي تأسست في عام 1994 بتعاون كل من المخرج الشهير "ستيفين سبيلبيرغ"، "جيفري كاتزينبيرغ" و"ديفيد كيفن"، تعدت عملها كشركة لتصنيع الأفلام ومنها أفلام "الأنيميشن" لتكون منتجة لأفلام التلفزيون، والشبكات التلفزيونية في أمريكا، بالإضافة إلى الفيديو المنزلية الترفيهية.
"أمير مصر" بين الحقائق التاريخية والميول الدينية:
رسمت شركة"دريم ووركس" منهجها الكرتوني في المساحة الدينية من خلال إنتاج أول فيلم ديني كارتوني يتمتع بقوة إبداعية تأخذ بالأبصار نتيجة التركيبة الممتازة والاستخدام الأمثل للون والإضاءة والصوت والسيناريو، حيث يُعتبر فيلم "أمير مصر –برينس أوف إيجيبت " وهو من إنتاج سنة 1998م تُحفة فنية تأخذ ببصرك وسمعك وكل أحاسيسك بغض النظر بكل ما تعتقد حول نبي الله موسى (عليه السلام)، حيث أن ما تشاهده هي الصورة التي امتلكت القوة لتكون حاضرة بين يديك، والقصة مُصاغة بطريقة ممتازة وحبكة أحداث لا تستطيع أن تدير وجهك عنها حتى تُنهي الفيلم بأكمله (مدة الفيلم 93 دقيقة)، ونحن شخصياً شاهدناه أكثر من خمس إلى ست مرات لما فيه من إبداع لا يسعك إلا النظر إليه، وهناك الكثير مما ورد في القرآن الكريم فيما يخص المعجزات التي أجراها الله تعالى على يد نبيه موسى (عليه السلام) من الضفادع والقمل والدم والجراد والجفاف فضلاً عن انقلاب العصا إلى ثعبان عظيم وانشقاق البحر وهو أقوى المشاهد التي يقف معها شعر الإنسان. (تحكي قصة فيلم "أمير مصر" على إظهار سيدنا موسى كداعية للحرية لشعب بني إسرائيل ضد استغلال واضطهاد المصريين القدماء الذين هم "نازيو القرون الماضية"!. والفيلم يبدو في مظهره بريئًا، ولكنه مخادع أشد الخداع، بما يبثه في وعي المشاهد، من خلال الإبهار البصري اللوني والضوئي والسمعي الموسيقي والمرئي والحوار من خلال التشكيل الفني للحركة، واستخدام الشخصيات الكرتونية التي تضفي البراءة على الشخصيات الإسرائيلية، واستخدام الخطوط الحادة المقوَّسة، التي تبرز ملامح القسوة والعنف على الشخصيات المصرية!)، وهذه المقولة تعني بعبارة اخرى تزوير لحقائق تاريخية قدمها الفيلم بدون أدنى دليل، يقول الأستاذ عبد الحليم نور الدين الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار وعميد كلية الآثار جامعة القاهرة فرع الفيوم في كتابه "آثار وحضارة مصر القديمة": ( أن السينما الأمريكية قد اسهمت بدور كبير في الافتراء على التاريخ المصري ضارباً المثل بالفيلم الذي دعمه "ستيفن سبيلبيرغ" (أمير مصر). ويقول نور الدين: ( إن كل من شاهد الفيلم الكرتوني "أمير من مصر" للمخرجين برندا شابمان، ستيف هكنر وسيمون ويلس، يعتقد أن المصريين كانوا يدبرون مؤامرة لبني إسرائيل، حيث حرص الفيلم على تصوير جداريات وهمية تسجل قتل أبناء اليهود، وهذا افتراء واضح فلا توجد لوحة أو بردية أو رسم يشير إلى ذلك إلا في خيال المخرج".
"ستيفن سبيلبيرغ" رسول يحمل الكاميرا
( وُلد ابني يحمل الكاميرا بيد والتوراة باليد الأخرى) تلك مقولة منسوبة لوالدة المخرج الأمريكي الشهير "ستيفن سبيلبيرغ" وهو أشهر من نار على علم، حيث أُشتهر بأفلامه الضخمة المتنوعة والإنسانية، منها فيلم "الفك المفترس" و "الحديقة الجوراسية" و"التيرمنال" وآخر أفلامه هي "حرب العالم"، ما يضع الكثير من علامات الاستفهام التي تتبدد عندما نقترب من الرؤية السينمائية الخاصة لهذا المخرج حول بعض القضايا الحساسة، ومنها القضية الصهيونية، وتعاطفه الملموس مع مدعيات المحرقة النازية لليهود، وذلك عبر إخراجه لفيلم "قائمة شليندر" التي تدور أحداث الفيلم حول تلك المدعيات، وترسم هذه التوجهات الرؤية العامة التي تنسج الحركة المميزة لسلوكه السينمائي في الإخراج. كان "سبيلبيرغ" من المؤسسين الأوائل لشركة "دريم ووركس" التي انتهجت سلوكاً تقنياً ميّزها عن غيرها، فهي من الشركات التي عملت وطورت تقنية (كمبيوتر جينيريتد- سي جي)، ويبدو أن ثنائية التقنية الحديثة والإبداع الإخراجي كانتا الذراعين التي مكنتا "سبيلبيرغ" في تقديم "رؤيته التوراتية" الخاصة بأسلوب "الأنيميشن" الذي لم توظفه بقية شركات الإنتاج الأمريكية كمثل الذي عملته "دريم ووركس". ويبدو أن المقولة المنسوبة إلى والدة المخرج لن تكن اعتباطاً او لغواً، حيث تثبت تجربة هذا المخرج المخضرم صحة الرأي القائل بأن "سبيلبيرغ" ما كان إلا رسولاً يحمل كاميرته بين يديه، في إشارة إلى التوجه الفكري الديني في بعض أفلامه، فهل تتكرر نسخ "سبيلبيرغ" عبر الرسوم المتحركة كمنفذ أولي لسبيل بات خصباً لتقديم الحقائق التاريخية أو تحريفها!
يوسف ملك الأحلام!
إحدى الروائع التاريخية الدينية التي أنتجتها شركة "دريم ووركس"، تحكي قصة الفيلم الكارتوني قصة صبي امتلك موهبة رؤية المستقبل في منامه، وبسبب تفضيل والده له دون أحد عشر أخاً مما كان سبباً لأخوته بأن يتخلصوا منه ويدعوا بأن الذئب قد أكله، وتتوالى الأحداث لتوصل يوسف إلى مُلك مصر بعد أن قام بتأويل ما رآه الملك في منامه، وأنقذ شعب مصر من المجاعة.
يتميز الفيلم بالبراعة اللونية في الإخراج، والتركيب المكاني الجميل بالإضافة إلى الاستعانة بالغناء كعنصر جذاب للأطفال، يقول المحلل السينمائي "ستيفين د.جريدانيوس" بشأن المقارنة بين فيلمي "أمير مصر" و" يوسف، ملك الأحلام"، بأن فيلم "أمير مصر" أكثر من مجرد فيلم كارتوني للأطفال، بل أنه يخاطب الكبار أيضاً، سواء من ناحية الشخصيات أو السرد القصصي.
الكتاب المقدس بعيون كرتونية
بالرغم من انقطاع التواصل الديني الكرتوني بعد تجربتي "أمير مصر" 1998 و "يوسف، ملك الأحلام" 2000، فإن تسليط الضوء على ما هو شرقي لم ينقطع من خلال إنتاج أفلام تتناول التاريخ العربي "سندباد" 2003، ونعتقد أن الحصيلة الدينية بصورة كرتونية ستكون على موعد معنا في قصص قد تلامس الخطوط الحمر لبعض الأديان والتاريخ لبعض لشعوب التي لم تسلم من تزوير تاريخها من قبل "هوليوود" فلا أقل من المساس بذلك التاريخ وإن كان دينياً بصورة كرتونية.

فراشة «شريعتي» النبيهة..



فراشة «شريعتي» النبيهة..
جعفر حمزة:
ست سنوات ‘’سِمان’’ كان بمقدروها أن تفكك جزءاً لا بأس به من الرموز ‘’المقدسة’’ التي تشربتها وترعرعت عليها ‘’فكراً’’ و’’سلوكاً’’ في مجتمع ديني محافظ، ست سنوات كانت مفاتيح ‘’شريعتي’’ تتوالى عليّ تباعاً لأفتح باباً تلو باب، وهي ليست أبواب عجائب لـ’’أليس في بلاد العجائب’’، ولا أبواب ضياع وتشتت لـ’’نيو’’ في المصفوفة ‘’The Matrix’’، بل أبواب لفك الشيفرات ‘’المُبهمة’’، والتي يصعب الوصول إليها من مداخل طبيعية. فتح هذه الأبواب يتيح لي أن أقرأ ما يحيط بي قراءة بسيطة لا تعقيد فيها ولا ‘’تهويل’’، قراءة ‘’اقرأ’’ فقط. من ‘’سِمان’’ تلك السنوات بدأت قصتي مع شريعتي.
بين خيار اللمس والفتح!
كانت البداية في الفصول الأولى من دخولي جامعة البحرين، حيث العالم الجديد والمهمة الصعبة. كان السيناريو الطبيعي بالنسبة لي كطالب جامعي، هو التحصيل الأكاديمي فقط، لم يخطر ببالي أن الأنشطة الدينية والاجتماعية التي تمرنت عليها في قريتي المالكية، ستدخل معي إلى الجامعة، تلك التي يحك جلدها حساسية دائماً لدى سماعها ‘’أنشطة طلابية’’ خارجة عن فلك قبلتها ‘’الروتينية’’ التي لا شريك لها.
لم يلقَ السيناريو الذي وضعته بداية، صدىً في نفسي، إذ كان المخرج هو غيري ‘’عرفت الله بفسخ العزائم’’ .( ثمة كتيب خجول استلمته من صديقي ‘’علي شمس’’، كان بداية لتبدل الحوار والأدوار ومواقع التصوير، في سيناريو الطالب الجامعي عندي.
تغيير عقلية طلاب الجامعة، كانت المقدمة التي أعارني بها ‘’علي شمس’’ ذلك الكتيب. لم أدرك حينها أن الوريقات الصغيرة التي يضمها عنوان ملفت ‘’النباهة والاستحمار’’ كان المفتاح الأول للبحث عن المفاتيح الأخرى، للغوص عميقاً في الإنسان، والإنسان الشيعي بالخصوص لما لديه من قدرات فكرية غنية تحتاج تفعيلها بصورة أكبر.
ففي كل معتقد سواء كان سماوياً أو أرضياً صحيحاً أو خاطئاً معتقدات وأفكار تضعك في حجرة قد تكون واسعة وقد تكون ضيقة، إلا أن المشترك بينهما هي أن الحجرة لديها أكثر من باب وعلى كل باب ‘’معتقد’’ أو ‘’مقدس’’ أو ‘’ثقافة’’ أو ‘’عُرف’’، ولا يمكنك سوى العيش داخل تلك الحجرة بوجود أبواب لا مفاتيح لها، ما عليك إلا العيش داخلها وكفى.
تلك كانت العقلية ‘’الجامدة’’ لدى الأمم، والتي أرسل لها الله أنبياءه ليخرجوهم من تلك الحجرة إلى فضاء أوسع ‘’ليخرجهم من الظلمات إلى النور’’.
كان الأنبياء وأوصياؤهم يرشدون الناس إلى المفاتيح الصحيحة ليخرجوهم من عتمة المكان الواحد، إلى ضياء الفضاء. أي ضياء ما وراء الأبواب المغلقة.
وتأتي مهمة ناقصي الفهم والمندسين وحكام السلاطين والمثاقلين إلى الأرض ليعطلو عمل تلك المفاتيح من خلال ‘’التلاعب’’ في شفراتها في حياة الأنبياء وبعدها.
لقد كان ‘’النباهة والاستحمار’’ المفتاح الأول الذي لم أدرك معناه جيداً، إلا أنه أشعل فيّ البحث عن المفاتيح الأخرى، فكانت بداية التغيير. لم يكن التغيير في أحلام اليقظة أو عبر أفكار ترسمها الكلمات أو عبر مقال هنا أو خاطرة هناك. بل عملت هذه البداية مع الصديق ‘’علي شمس’’، على غرس أرضية للتغيير انطلاقاً من العمل داخل الجمعيات الطلابية في الجامعة. فكانت صولاتنا عبر شتى القنوات التي استمرت حتى بعد تخرج ‘’علي’’ من الجامعة، فما دام المفتاح معك، فليس من الهم أن يكون معك ألف شخص أو بمفردك، لأن الهدف هو فتح الباب.
عرفتُ كتب’’علي شريعتي’’ من ‘’علي’’، وعرفت ‘’شريعتي’’ من زوايا الضعف التي انتابتني، وعرفته من خلال سلوكيات اجتماعية وعرفية دفعتني أكثر لأعرف من هو ‘’شريعتي’’، الذي زجرني أحد الاخوة في بدايات قرائتي لكتبه، باعتبارها كتب ‘’ضلال’’، ولم أدرك ما وراء الكلمة من دوافع ومبررات، وقد يرددها البعض إلى حد الآن، فلا أدري إن كان الفكر الذي يزيح الطبقات العرفية للدين، ويجعلك تنظر له بلا حواشي ‘’التبرك البارد’’، وبلا صور ‘’المقدسات الساكنة’’ (كصور لا فكر)، لا أدري هل هو ‘’ضلال’’ لأنه يقدم لك الدين من دون ‘’المكسرات المُحلاة’’ الاجتماعية و’’المقبلات الحامضة’’ العرفية، و’’المياه الغازية’’ السلوكية؟!
لقد كنتُ بين خياري الفاجعة والفلاح(1)، فاجعة البقاء داخل الأبواب الموصدة والتقديس والتمجيد لكل باب من دون فتحه أو حتى طرقه، وبين فلاح البحث عن المفاتيح وفتح كل باب باسم الله والتوكل عليه لمعرفته، ‘’أول الدين معرفته’’.
وهي ‘’مسؤولية المثقف’’ التي كنت أضعها في السيارة لزمن(2). يتضاعف شعورك بالمسؤولية ويتحتم عليك الإقدام حتى لو كنت بين فكي الاستهزاء العرفي والاقتراب النَسَبي، كالنبي نوح (عليه السلام)، فبين استهزاء قومه واقتراب ابنه نَسَباَ، رغم السنين الطوال التي قضاها داعياً صباحاً مساءً، خرج ‘’راكباً’’ سفينة المسؤولية المطلقة التي أبعدته تحت نظر الإله عن كل تلك الهموم والتحديات لتبدأ قصة جديدة وحياة جديدة. المثقف أيضاً محصور بين غضبين، غضب العُرف الذي يتصور أن القيام بفتح تلك الأبواب يُسقط قدسية الصورة المعلقة عليها، وبالتالي تنهار ‘’المرجعية الفكرية المقدسة’’، وبين غضب السلطة التي تسمح لك بالحديث عن كل شيء من الله إلى الذرة، ما عدا الحديث تصريحاً أو تلميحاً عن ‘’ألوهيتها’’، فهي لا تُسأل عما تفعل وتسأل عما نفعل، وهي ضد فتح الأبواب أيضاً، فما وراءها قوة لا تستطيع التعامل معها، هل رأيت كيف يجتمع الغضبان، ونتصور أنهما نقيضان؟؟
الفراشة والعثة
كان ذلك تحليقاً بين يدي كتاب ‘’الإنسان والإسلام’’، عبر كتاب ‘’مسؤولية المثقف’’، الذي يرفع يده بـ’’الدعاء’’ ليعرف كيف يكون مثل ‘’الحُر’’، الذي نطق عملاً بأن ‘’التشيع مسؤولية’’، ولكي لا نضع ‘’الإمام علي في محنه الثلاث’’ من جديد(3).
قد تختلط على المرء الكثير من الأمور والتي يدخلها المقدس أو يتم إقحامه إقحاماً للتقريب من هذا أو الابتعاد عن ذاك، ويبقى السؤال كيف السبيل لفك شفرة الإنسانية المطلقة والتي يمثلها الإسلام بأجلى صوره. هذا ما قدّمه كتاب ‘’التشيع العلوي’’ بأسلوب عملي، يملأ الفراغات العملية والروحية، التي يستمدها من روح الإسلام المحمدي الأصيل(4)؟
هل اختلط عليك يوماً الفرق بين الفراشة والعثّة؟ كل منهما له خصائصه التي ‘’تميزه’’ وبالتالي لا مجال للخلط. الأمر سيان في مسألة الخشية من ‘’الخلط’’ بين المقدس الجامد القاتل والمقدس المحرك الفاعل. الفراشة تتحرك نحو الأزهار وتمتص رحيقها، فضلاً عن أنها تستمر في ذلك مرفرفة ناشرة جناحيها لوناً وشكلاً وشاعرية، في حين ‘’تندفع’’ العثة بـ’’جنون’’ نحو ضوء المصباح ‘’النور المطلق’’ لها، و’’تتدافع’’ ويضرب بعضها بعضاً لتسقط في النهاية ميتة بالقرب من ‘’معشوقها’’ القاتل. قد يكون ذلك ‘’مبلغ سعادتها’’ ولا يهمها ما نحلل ونكتب عنها.
شريعتي يحاول أن يجعل من المسلم فراشة لا عثة. فراشة تمتحن رحيق النص، لا عثة يحرقها ضوؤه.
لقد حاول شريعتي عبر كتبه أن يقدم للقارئ مسيرة الفراشة التي ‘’تنتقي’’ الزهرة المناسبة، بدلاً من ‘’اندفاع’’ العثّة نحو ‘’ضوء’’ حتفها المحتوم.
مسبّق العثة وفضاء الفراشة
اقترابي وبعض الاخوة في قريتي من المساحات ‘’المحظورة’’، والمتمثلة في مساءلة بعض العادات والأعراف المتسمة بالدين لباساً، تلك التي لا ينبغي السؤال عنها، فضلاً عن ماهيتها، لم يكن مرحباً به. وأنّى يكون لتلك ‘’الجرأة’’ المتسائلة من ترحيب، وهي الدخول في ‘’المحرم’’، ويكفي من كل ذلك أنه ‘’هذا ما وجدنا عليه آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون’’.
الكثيرون اعتبروها ‘’مراهقة فكرية’’، وكأن تلك المراهقة مرض أو نقص طبيعي، أو بعبارة أخرى ‘’جنون شبابي’’ ولا يمكن أن يُعار أهمية. لكنهم لم يدركوا أن ذلك الجنون الشبابي، هو أصل البحث عن الله والدين. ألم يكن حديث الأنبياء مع قومهم عبر تقديم الأسئلة البديهية من دون ‘’مقدسات’’ مسبقة من الطرفين، ‘’وإنا وإياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين’’؟
قدّم شريعتي من خلال ‘’بديهياته’’ المتمثلة في كتبه ‘’ألف باء’’ معنى الإنسان والإسلام، ودخل في زوايا الكثير من ‘’المقدسات’’ ليستخرج منها حركة تغييرية بدل تلك الزوائد العرفية (لا المعرفية) التي تحولت إلى دين جديد.
ينزعج شريعتي كثيراً من المسبقات الذهنية التي تحول بين الكثيرين، أن يكونوا فراشة تمتص رحيق الأزهار. يتحدث عن شعبه الإيراني قائلاً (ليته لم تكن هناك صورة مسبقة عن الحسين، عن محمد، عن القرآن، عن الإسلام، وأن شعبنا لم يكن له أي تصور ذهني عن الدين، عن الأدب الفارسي، عن التصوف والعرفان، والتاريخ، عن الفلاسفة والحكماء، وعن فنوننا؛ حتى نتكمن - أنا وأمثالي- المثقفين في هذا العصر، من أن نعرّف جيلنا بهؤلاء الأناس الجدد، الإمام الحسين، أبي ذر، ... لا أدري ... ملا صدرا المفكر العظيم، الإمام محمد الغزالي، وفي مثل هذه الصورة فلن يحدث تداع في الذهن للصورة الخرافية الموهومة المنحطة، وعندها فإن الأذهان ستصغي إلى الكلام بصورة منطقية، من دون أن تكون هنالك سابقة ذهنية منحرفة ومنحطة.)
مفهوم شريعتي للمسبق الذهني الذي يحول بين الإنسان وانفتاحه على الأفكار الأخرى والمعتقدات، نسج لي ‘’سجادة’’ بحياكة إيرانية متقنة وبروح إنسانية مطلقة، لأكون في لوحة الله التي خلقها من دون خَلقِ خَلقِه، فبسطت جناحيّ كفراشة تبحث عن رحيق من زهرة إلى أخرى، دون السؤال عن نسب هذه الزهرة ودين تلك!. وإلا لن تعيش الفراشة وستكون علاقتها بالزهرة ‘’مؤدلجة’’ بوجود ذهنية مسبقة، ما حاول ‘’شريعتي’’ تقديمه للناس وكان له كبير الأثر في قراءاتي وتفكيري، هي محاولة إعادة الفراشة إلى طبيعتها، وكانت دعوة الأنبياء لقومهم بالرجوع إلى فطرتهم ‘’صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة’’، أصبحت أفكار العالمين زهوراً وأصبح تحليق الفراشة مفتوحاً، لم ‘’تكره’’ الفراشة أو ‘’تحقد’’ على هذه الزهرة أو تلك، فهي تأخذ الرحيق أينما حلّت، بعكس ‘’العثّة’’ التي ‘’احترقت’’ بضيق رؤيتها، وماتت تحت ظل أو ضوء معتقدها الذي لامجال للحوار أو النقاش فيه، فالمصباح هو الحب المطلق لا سواه، وما عداه سراب.
لقد تمثلّت الفراشة في نمط القراءة التي اتبعه، عبر النافذة التي فتحها لي شريعتي، فكانت لي الزهور ورحيقها، عوضاً عن المصابيح وحرقة ضوئها.
من الصعب أن تفكك الفكر وتعيد بناء مفرداته الأولى عبر قناعة جديدة، إذا كان الفكر مبنياً منذ سنين وبنت عليه أمور أخرى أيضاً.
ما يقدمه شريعتي - مع اختلاف الكثيرين معه - هو محاولة التفكير الأولي للكثير من العناوين التي يرفعها المجتمع إيماناً وممارسة، وبالتالي وجود فرصة لإعادة التفكير يحرك المواقع الجامدة في المجتمع لتتم الاستفادة القصوى من تلك العناوين الموضوعة في ‘’ثلاجة’’ الُعرف تارة والفهم الناقص للدين تارة أخرى.
جرأة أبي ذر وخشبة الخزاعي
لم يكن قول البعض لي أو ‘’نصيحتهم’’ بالتقليل من قراءة شريعتي آتية من فراغ، فشريعتي عاصر فترة حبلى بالتغيرات السياسية والإيدلوجية، عبر تزاحم الكثير من الأفكار التي أرادت أن تثبت نفسها وتستقوي باتباعها، فمن الشيوعية إلى الماركسية، وردود الفعل التي حاولت أن تثبت أنها البديل الأمثل عبر القومية تارة والإسلامية تارة أخرى.
وكانت تلك الأمواج المتلاطمة تحجب رؤية الشاطئ بكامله، مما جعل ‘’التدافع’’ في الأفكار أمراً واقعاً لا بين خط المتدينين بالمعنى العام وخط المبتعدين والمقدمين لمنهج آخر غير الدين، بل كان الصراع بين اتباع كل خط على حدة، وبالتالي كانت الصورة المتوقعة نوعاً ما هو تجاذب بين شريعتي والمفكرين الإسلاميين الآخرين، إلا أن ما يتفق عليه الكثيرون أن شريعتي كان كأبي ذر، لم يتوانَ عن فضح مكائد النظام الشاهنشاهي ومقارعته، ليكون ‘’مشرداً’’ من مدينة إلى أخرى ومن جامعة إلى مدرسة، ومن دولة إلى أخرى، لينتهي به المطاف مسموماً بمسكنه في لندن.
كان لسان حاله مثل الشاعر دعبل الخزاعي، حين قال : (أنا أحمل خشبتي على ظهري منذ خمسين سنة، فلا أجد من يصلبني عليها).
لقد حمل كلمته ‘’الخشبة’’ عبر مؤلفاته ومحاضراته التي اجتذبت آلافاً من الطلبة المتعطشين لنور الإسلام الحركي، الإسلام الذي يبتعد عن تقديسيين، تقديس السلطة وتقديس رجال الدين، فكان نصيبه من الأولى الملاحقة والسجن والقتل، ونصيبه من الثانية التشويه والاتهام بالزندقة.
كانت جرأته كأبي ذر، بسيطاً مباشراً وقوياً وسلساً، وكانت تلك كلماته ‘’كتبه’’ التي جذبت الكثير من الشباب وأنا واحد منهم، يريد أن نفتح صندوق الإسلام ونستخرج كنوزه بدلاً من التغزل ودراسة شكل الصندوق وزخرفته.
لا ينكر أحد دوره في تثقيف الشباب الإيراني خصوصاً أيام الشاه، ليبقى معلماً وطبيباً يدور بطبه بين الناس، يقول الإمام الخميني في حقه : ( لقد أثارت أفكار شريعتي -الشهيد- الخلاف والجدل أحياناً بين العلماء لكنه في الوقت نفسه لعب دوراً كبيراً في هداية الشباب والمتعلمين إلى الإسلام).
ويبين السيد محمود الطالقاني ‘’الحمض النووي’’ الذي اعتمد عليه شريعتي بالقول: (أرجو منكم أن تدرسوا مؤلفاته وأفكاره وأن تطوروا موضوعاتها. ناضلوا وسيروا على الدرب الذي انتهجه شريعتي من أجل تشخيص ومعرفة الإسلام الذي نريد، إسلام الثورة الإجتماعية، لا إسلام تقليدي وذاتي.. فهذا ما كنا ننتمي إليه دوما دون جدوى).
مازالت كتب ‘’الشهيد’’ بانتظاري لقراءتها لتحصيل مفاتيح الأبواب الأخرى، وما زال فكره كالفراشة حتى وإن كان عمرها قصيراً، فاسمها لا يُمحى من اللغة!.

الهوامش
(1) مقتبس من كتاب شريعتي’’الحر، إنسان بين خيار الفاجعة والفلاح’’.
(2) أقصد وضعي لكتاب شريعتي ‘’مسؤولية المثقف’’ في سيارتي لفترة.
(3) الأسماء بين علامتي تنصيص هي بعض كتب الدكتور شريعتي، والتي قرأها الكاتب.
(4) هناك إسلام أموي وعباسي وعثماني وصفوي.
(5) نسبة إلى كونها أولية غير مركبة.