الساعة المقدسة.. من يصمد كثيراً، يكسب أخيراً!




جعفر حمزة 
BOXOBIA 






“لديك ٣ شركات، و٤ أبناء، فضلاً عن تأليفك لأربعة كتب، كيف يمكنك القيام بذلك وخصوصا التأليف؟”
كان السؤال موجهاً لرائد أعمال أمريكي، وكنت أترقب جوابه .. 

“إنها ساعتان باليوم فقط لا غير!!”

لم أستوعب حتى أكمل حديثه بالقول: “أضع ساعة بعيداً عن المشتتات بعد ذهاب أبنائي للنوم، وساعة مثلها قبل استيقاظهم.”
وبهاتين الساعتين يمكنه إنجاز الكثير، وهي تكفيه ليحقق ما يريد من تأليف، عبر التزام وصفاء ذهني وتركيز واستمرار.

إن أكثر ما يسرق وقتنا هو فتحنا لأبواب المشتتات من وسائل تواصل اجتماعي وعادة التصفح مما جعلنا نركن للإدمان عليها، وهو ما يفقدنا القدرة على تحقيق الرباعية التالية:
١. الالتزام .. بتخصيص وقت للأمور الثلاثة التي تليها
٢. الصفاء الذهني.. هو تمهيد الدخول لمرحلة التركيز
٣. التركيز .. هو قمة البذل في العمل، فلا شوائب ولا هوامش، فقط اللب هو المهم في هذه المرحلة 
٤. الاستمرار .. هو ضمانة إكمال العمل

والرباعية سلسلة متكاملة تراتبية كفيلة إن عملنا بها أن نصل لمرحلة الإنجاز النوعي والكمي معاً، وهو ما يفتقده كثيرون منا بسبب 
المشتتات وهي الهامش، والتي تقود متن حياتنا وقتاً وجهداً وتوجهاً، والعملية معكوسة رأساً على عقب بلا ريب.





ما نحتاجه فعلاً هو "الساعة المقدسة" أو ممكن أن أطلق عليها اختصاراً بالعربية "سامق" أي الشيء المرتفع، وهو دمج أول حرفين من ساعة و مقدسة. 
قد يبدو الأمر صعباً بلحاظ حركة المشتتات واحتلالها لمساحات واسعة من أراضي وقتنا اليومية. 
“أن أردت أن تُنجز لا بد من وقتك أن تحجز، ولا سبيل سواه.”
ومن تجربة شخصية مررت بها بالمرحلة الإعدادية وبدعم وتشجيع وتركيز من أستاذ اللغة العربية الأستاذ صادق الفردان بمدرسة الخليل بن أحمد، كان علي كتابة مقال واحد وبشكل يومي طوال العام الدراسي، وكان ذلك بمثابة عهد الطالب لمعلمه، وبرغم صعوبة المهمة إلا أنها أُنجزت وبنجاح تام، وكانت بمثابة "معسكر" لي في مجال الكتابة والتعبير. 
وتم الأمر في وقت لم يكن الإنترنت حاضراً بعد، أما الآن فما يجرفنا عن التركيز الشيء الكثير وأولها ما يقع بين أيدينا ولا يغيب عنا لحظة، وهو الهاتف النقال. ومع ذلك فأمر السيطرة والتحكم بمتناول اليد عبر إغلاق خاصية التنبيهات وقبلها تشغيل مفتاح الإرادة فينا لننجز، ومع لحاظ كل ما نعيشه، فمن يعيش "سامق -الساعة المقدسة" هم قلة إلا أنهم هم محدثوا الأثر حتماً في زمانهم وما بعد زمانهم. 

إن كمية “نزف الوقت” الذي نقدمه بالمجان لكل هذه المشتتات يأتي بشكل عجيب مع وفرة المعرفة ومجانية أغلبها، وبرغم التوقع الرياضي من زيادة حصيلة المعرفة بسبب المصادر المفتوحة لها، إلا أن الحصيلة الطاغية بلحاظ المخرجات المطروحة على السطح هي “الضحالة بالمحتوى”، بل وأصبحت لها “صناعة” قائمة بذاتها، ويتم ترويجها على شكل “منتجات” لها منصاتها الخاصة وجمهورها. وهذا العقل الجمعي المتدفق هو أحد روافد “المشتتات”، وما لم نغلق هذا الباب، سيكون جُلّ وقتنا مرهوناً بها دون نتاج يُذكر.

“سامق” هي العُملة الجديدة الكفيلة بزيادة رتم الإنتاج الذاتي والمجتمعي وتحويله بالتدرج لمجتمع يتمتع بقدرة الإنتاج والإبداع ومشاركة المعرفة والاستفادة منها، عوضاً عن هذا الهدر الذي يجرنا جراً إلى مساحات فارغة لا نتنج، بل وتضعف عضلات الفكر والوعي الذاتي فينا.

تذكّر تلك الرباعية جيداً، وأساسها وقود علينا توفيره باستمرار، وهي “الإرادة” الحقيقية للقيام بذلك، ليس غداً، بل الآن.
فهل أنت منقاد للمشتتات أو لك علو في “سامق”؟!





أو بيع الدكاكين Brand Story


جعفر حمزة
BOXOBIA
...
رتم التسارع في تطوير الكاميرات جعل المنافسة محتدمة وواسعة وأصبحت مساحات الإبداع هو الحصان الرابح للشركات الصانعة لترضي طموح المصورين المحترفين منهم والهواة على حد سواء.
وفي عالم التقنية هناك الكثير ممن يكون له سبق الإبداع والابتكار، لكن ليس بالضرورة أن يكون متقناً لفن كسب الجمهور وتكوين قاعدته، فبالتالي ليست المعادلة خطية وحتمية.
يذكر السيد Simon Sinek في كتابه Start with Why، بأن هناك من سبق شركة Apple في عدد من الأمور التقنية وتقدم فيها، إلا أن الأخيرة أتقنت فن التسويق وعرفت كيف تسرد “حكايتها”، وبالتالي حجزت مساحتها وربطت اسمها بشكل آلي متقن بين الرسالة والتقنية.
وبالعودة إلى الكاميرات، تمثل GoPro واحدة من أجمل الأمثلة العملية في تقديم حكاية الهوية Brand Story، إذ لم يكن الأمر بالنسبة للمؤسس Nicholad Woodman مجرد منتج تقني بحت، يُرفق معه كتيب ارشادات وتعمّق في سرد مواصفاتها وميزاتها، وإن كان ذلك مهماً طبعاً، إلا أنها كانت في الصف الثاني للهوية، أما الصف الأول فكانت هي حكاية هذا المنتج وما يعنيه من مشاركة للمغامرات واللحظات الجميلة مع الآخرين.
عملت شركات منافسة ل GoPro على تقديم ميزات المنتج على قصته وتجربته، إلا أنها لم تستمر وبقيت في الظل، في حين تقدمت GoPro على المنصة وبقيت، وما زالت.
ما تقدمه GoPro هي دعوة لسرد حكايتك عبرها من خلال دمج مفهومين عميقين جداً، وهما:
أولاً: تجربة المستخدم User Experiance UX من خلال استخدام كاميرا GoPro أينما كنت لتوثق تلك اللحظات وتشارك بها الآخرين
ثانياً: تلك المشاركة هي التي تصيغ حكاية البراند Brand Story وهو رأس مال تسويقي بامتياز، كمخزون متدفق من المحتوى وهو أُس استمرار التسويق وتجدده.
ما عملت عليه
GoPro
هو تمكين الناس بمشاركة تجاربهم مع الآخرين والشعور بانتماء لمجتمع أوسع يتسم بالمغامرة، وهنا بيت القصيد في القدرة على سرد حكاية الهوية Brand Story.


تساعد GoPro في التقاط تلك اللحظات الخاصة ومشاركتها مع الآخرين. كقضاء وقت مغامرتك بتسلق الجبال أو الدخول في غابات أو قطع الصحراء أو ممارسة رياضة أو غيرها من تلك اللحظات التي تريد أن تركز في الذاكرة بشكل استثنائي.
www.gopro.com
يمثل
Brand Story
رأس المال المتجدد في تقديم تجربة العميل عبر المنتج/الخدمة للجمهور، بدمج المشاعر والأحاسيس وربطها برسالة البراند. وهذا بخلاف الطرق التقليدية في التسويق والإعلان، ويجب أن تكون الحكاية ملهمة لتفاعل المشاعر وصانعة لتجربة مميزة من الجمهور للبراند.
فالبشر بطبيعتهم يحبون القصص، ونحن من نصنعها، ونتشاركها منذ بدء الخليقة. ليس هناك ما هو أقوى من قصة جيدة. فالقصص لها القدرة على نقلنا لعوالم مختلفة، وتساعدنا في شرح أفكارنا ومشاعرنا بشكل مبسط وتفاعلي، وتهب لنا سبيلاً للتواصل العاطفي مع الآخرين.
“لم يعد التسويق حول ما تنتج، بل حول ما تسرد من حكاية”.
Seth Godin
"Marketing is no longer about the stuff that you make but about the stories that you tell."
Seth Godin

إن ما نحتاجه هو “سرد الحكايا” لأنها تقدم ميزة التواصل العاطفي عوضاً عن الطريقة التقليدية بالبيع بذكر المزايا والمواصفات للمنتج أو الخدمة.
قوة سرد حكايا البراند، تربطنا ببعضنا البعض وتضمن استمرارية تدفق الأفكار وثبات قيمة البراند.
نحن بحاجة للانتقال من أسلوب بيع “الدكاكين” بوضع المنتج على الرف وذكر ما فيه إلى أسلوب بيع “البراند” لابتكار قصص منه وفيه.

وشتان بين الإثنين.

بين الفردانية المنتجة وعقلية المنصات التفاعلية.






هل غابت سيطرة "الأخ الأكبر" حقاً في عالم صناعة القناعات اليوم؟
هل افتقدت المركزية الإعلامية هيبتها بعد أن كان تحت يديها التلفزيون والصحافة والسينما وغيرها من وسائل الإعلام والتأثير؟

كل هذا التحول الذي نحسبه انتقالاً من المركزية إلى الفردية محسوباً من قبل أو هو ضمن تحول طبيعي مع تطور ونمو التكنلوجيا حيث نخاله تمركزاً نحو الفردية وهو غير ذلك؟!
باتت المنصات الاجتماعية مشاعاً وترجمة لتوجهات الأفراد ومتنفساً دون قيود، وافتقدت الحكومات كما أساطين الإعلام القدرة على التحكم بما يُقال من عدمه..
فأصبح الفرد قادراً على التعبير بمساحات تملأ الخافقين ضمن منصات "مجانية" مع تطبيقات أخرى مساندة لا تنتهي..
فهل كل هذا تعزيز للحرية الفردية أم توليف ذكي في تحويل ما نعتقده حرية فردية إلى إنشاء قاعدة ضخمة من "المشتركين" و"المترددين" و"المدمنين" الذين ينشدون "التعبير" و"التواصل"؟ وهم يشكلون "العُملة الجديدة" في سوق اليوم في تفاعلهم وسوادهم؟!
صناعة المحتوى بقدر ما يساهم الفرد فيه فهناك عوامل مؤثرة لا يمكن إغفالها من قبيل "المؤثرين" و"الترند" وتدوير المحتوى ضمن شبكة العلاقات المحيطة بالفرد، مما يشكل موجة للعقل الجمعي العام، وهو بطبيعته لا ينفك عن حركة السوق.

وبرغم توفر هذه المساحة للتعبير، إلا أن الاستفادة من ذلك للتشبيك المعرفي والابتكار في المحتوى -في العالم العربي- بات ساكناً في الهامش أكثر منه في متن كتاب حياتنا اليومية.
فليس هناك شئ لا يمكن ابتكاره ونشره والمشاركة به مع الرقمنة التي باتت "أكسجيناً" لا يمكن التخلي عنه في عالم اليوم، وهو أمر بديهي مع تطور هذا الكائن العصري الجديد الذي نسميه "تواصلاً اجتماعياً"، والتعايش مع أدوات هذا الكائن واقع مطلوب وعقلائي، بل علينا توجيه الدفة فيه نحو ثلاث محطات:

1. صناعة المحتوى، لتوجيه الأفكار وصياغتها وتحويلها لسلوك وبالتالي تقديم ما يترجم ذلك من منتجات فكرية أو ملموسة. وبلغة أخرى تسويقية "كوّن الجمهور ثم اصنع المنتج."

2. ابتكار المنصات والتطبيقات، اعتماداً على سوقين كبيرين هما العربي والإسلامي، وضربت الصين مثالاً حياً على الاستقلالية في المنصات بابتكارها بما يناسبها ولسوقها وجمهورها كبديل عن الواتسب وهو WeChat

3. صناعة العقل الجمعي، بعد صناعة المحتوى وتكوين الجمهور وابتكار المنصات والتطبيقات تكون صناعة العقل الجمعي بتوجيهه إيجابياً للإنتاج والابتكار والترفيه أيضاً. مشاريع مبتكرة معتمدة على موجة التفاعل للجماهير الرقمية حول العالم، من قبيل kick starter وغيرها ومن عَلى شاكلتها، تثبت قيمة الفرد في التوجه والدعم والابتكار والاستثمار والإثراء المعرفي والمشاركة الإنتاجية من خلال crowdfunding.

نحن نعيش في زمن الاستغراق الاختياري في الاستهلاك والإنتاج على حد سواء.

والميل للاستهلاك أكثر جاذبية وإغراء، ففيه التنفيس والهروب وقلة الالتزام والتماشي مع التيار الاستهلاكي الذي تحول لسلوك اجتماعي لا ينفك في كل المجتمعات المعاصرة. بالرغم من القدرة على الدمج بين الاثنين ليتحول الفرد لمستهلك منتج Prosumer مع توفر تقنيات حديثة مثل 3D Printer وغيرها من المنتجات التي تمكّن الفرد من إنتاج ما يريد منزلياً وبيعه بالنت عالمياً.
ومع ذلك تبقى نسبة لا تغيب في المجتمعات المتقدمة ممن يوطّن نفسه على الابتكار والإنتاج مدعوماً بهيكلية متقنة حكومية وخاصة. لتشكيل إنتاج يعكس ثقافة وينشر مفهوم خاص به دون سواه. فمن يُنتج يُغَيِّر.

ومع ذلك، فالقدرة على الابتكار فطرية في أي مجتمع، ويبقى الرهان على تشكيل الأولويات والاهتمام بها وتنميتها من خلال ركوب الموجة الرقمية بذكاء والاستفادة من المعرفة المفتوحة والجمهور ومعرفة السوق وصياغة منتجات فكرية ورقمية جديدة تشمل قيمة مضافة لمجتمعاتنا العربية والإسلامية، لكي لا ندور في رحى الاجترار وننطلق لفضاء أرحب مع قصص نجاح متنوعة ومفاهيم ريادية مبتكرة يمكن الاعتماد عليها لصناعة محتوى لعقل جمعي منتج مؤثر.

نعتقد أن مرحلة استنساخ التجارب الغربية يجب أن تتحول لتربة خصبة لننتقل لمرحلة ذاتية الإنتاج بشكل أكبر. إذ ما زلنا في دائرة الطواف حول الأنموذج الغربي في مجال الابتكار والصناعة وتنمية الذات وغيرها، ولا عيب في ذلك، إلا أن الاستغراق فيه يسلبنا القدرة على الإنتاج الذاتي والابتكار فيه ويحولنا لردات فعل أكثر من صناعته، ومن لا يصنع الفعل يكون على الهامش دوماً.
سواء كان "الأخ الأكبر" وصياً مسيطراً بذكائه أو أن زمانه انتهى، فالرهان كل الرهان في المقدرة على الاستفادة الذكية من كل ما يحيط بِنَا لنبتكر وننتج ونؤثر. ما دامت المعرفة "مشاعاً" لم تعهد البشرية مثلها من قبل. فالحجة قد اكتملت .. والسلام.

رباعية التسويق في صناعة الترفيه ... كيف نؤسس جمهوراً متفاعلاً منتمياً للبراند؟




“من يصنع الترفيه، يمتلك دفّة التوجيه”
أخذت صناعة الترفيه الرقمية “والحديث هنا عن الألعاب الرقمية” مساحة مهولة من الاهتمام والوقت من فئة الأطفال واليافعين بالخصوص. تلك الجاذبية المُتقنة التي تشدك شداً تدعوك لفتح أبوابها والولوج في عالمها، لتصبح أحد مرتاديها أو عُشاقها، فتكون أنت “العُملة” الحقيقية لهذه اللعبة، فتفاعلك من متابعة ولعب وإشادة بها، يمثل رأس المال التسويقي الفعلي لها، لتنتشر كالنار في الهشيم، وتكون محط اهتمام واستخدام.

تلك المغناطيسية في الألعاب، من ثمار الفهم العميق للسلوك البشري، وتقديم “فسحة افتراضية” للتنفيس والشعور بالتحدي والمغامرة وتقديم لذة الإنجاز، فضلاً عن التنافسية، إلى صنع مجتمع مواز افتراضي، خصوصاً للألعاب الجماعية. وكانت هذه ديدن المجتمعات البشرية منذ القدم في صناعتها للترفيه، مع اختلاف وتطور أدواتها.. “صناعة المُتنفّس” عبر رياضة أو خرافة أو غيرها.

ومع زيادة عدد مستخدمي الهواتف الذكية في العالم، وسهولة تنزيل الألعاب من متاجر أبل وغيرها، أصبحت سوق الألعاب أكثر وفرة ووصلاً للجمهور، حيث يقع بين يدي المستخدم عشرات الآلاف من الخيارات ليرفّه عن نفسه متى شاء، ليُخال له أن القرار بين يديه مع هذا الكم المهول من الخيارات. 

تتخذ بعض الألعاب ما أسميه أسلوب النمو الأفقي فيها، بزيادة عدد الخيارات وتوسّع مجال المنافسة والتشويق عند المستخدم، حيث يمكنه اكتشاف مناطق جديدة، بل تكون له القدرة في صناعة بعضها بنفسه، مثال “لعبة Roblox” التي تمثل أكبر وأضخم منصة تفاعلية رقمية في هذا المجال، حيث تُعتبر بحسب الموقع الرسمي لها بأنها اللعبة رقم ١ للأطفال واليافعين. وقد أنشأ المستخدمون ما يزيد عن ١٥ مليون لعبة باستخدام الخيارات والأدوات التي توفرها هذه اللعبة لهم، حيث تُمكنك اللعبة من صناعة عالمك الخاص وقوانينك التي تود، لتتحول هذه اللعبة إلى مساحة تفاعلية ضخمة من المستخدمين حول العالم.

فضلاً عن الزاوية التعليمية المتعددة التي يذكرها الموقع الرسمي لهذه اللعبة https://corp.roblox.com/education/
والتي تتشابك بها الرياضيات والفيزياء مع البرمجة بشكل مُلفت وقوي.

وتتخذ لعبة Lego من نفس الاتجاه في توفير “عناصر التكوين والإبداع” لجمهورها، فتتسع قاعدتها دون توقف. ويمكن الاستفادة من تجربتي Lego و Roblox في المجال التسويقي من خلال النقاط التالية:
  1. فهم دقيق لسلوك المستخدم، عبر تقديم قوالب جاهزة يمكنه أن يرى إنجازاً يحققه أو مغامرة يخوضها أو تجربة جديدة يعيشها، وتمثل هذه الألعاب تحقيقا لتلك “الرغبات”. فضلاً عن فهم “ذائقة” الجمهور المستخدم، وما يتبع ذلك من تصميم لتجربة مستخدم مميزة UX User Experiance .  لذا فكّر في أي رغبة تود إشباعها لجمهورك؟ وأي قيمة يمكنك تقديمها بجدارة له؟                                                                                                                                       
  2. توفير مساحة التفاعل مع الجمهور إذ تعمل الألعاب في جعل المستخدم جزء منها في مستوى وصانعاً لها في مستوى آخر. ويمكن إسقاط ذلك على كثير من المشاريع من خلال توفير هاتين المساحتين، بالنسبة الممكنة حسب نوع المشروع والهوية المقدمة للجمهور.
فتوفير “مساحة تفاعلية” يقوم الجمهور فيها بعمل ما مرتبط بنفس البراند بشكل أو بآخر يكوّن علاقة خاصة بين الجمهور والبراند.
وعليك كصاحب مشروع أن تفكر بالسؤال التالي:
ما المساحة التي يمكنني تقديمها للجمهور للتفاعل مع البراند الخاص بي؟ وهنا لا أتحدث عن تقديم مسابقات أو عروض فقط، بل أن يكون الجمهور بطريقة ما جزء من البراند في تسويقه أو تكوينه أو في سير عملياته أو مشاهدته. 
ويمكن العروج بهدف الإلهام على تجربة kidzania كمثال جميل على نمط التفاعل المقدم فيها.

٣. التحديث المستمر، وصناعة “الشغف”، بحيث يكون التجديد بين وقت وآخر ديدن مشروعك، ولو بشكل بسيط، باستخدام أسلوب الكايزن في التطوير البسيط المستمر Continus improvement، فالرتابة هي عدو تطوير العمل، والتجديد هو ما يحفظ بريق البراند للجمهور في كل مرة.
ما تقوم به منصات الألعاب هذه، هي خاصية التجديد والتطوير الذي يمتد لأبعاد كبيرة. فالتحديث المستمر هو التشويق بعينه لاكتشاف الجديد وسبر مغامرة مختلفة، فيتم فتح باب ومن كل باب ألف باب، حتى تمتد الجاذبية لأبعد مدى. وهنا يكون اللعب على وتر “حب الاكتشاف” و”الغموض” الدافع للفضول، وكلها دوافع ذات طاقة هائلة يمكن ترجمتها لسلوك مكرر يشبه الإدمان، وهو ما نلاحظه في اليافعين والأطفال ممن يتابعون الألعاب وتحديثاتها، فيتم صناعة وعي جماعي ذكي تقوده قوة الكلمة Word of Mouth في مجتمع افتراضي وعُرف قوي لا يمكن الفكاك منه.

٤. الثقافة الترابطية بين المستخدمين، بحيث تكون هناك “لغة” تواصل مشتركة بين المستخدمين عند اللعب، ويأخذ ذلك مدى أوسع من اللعبة لتكون جزء من الكلام المحكي أو حتى السلوك المحكي، مثال رقصة Floss في لعبة Fortnite.
حيث أصبحت أيقونة لتلك اللعبة بطريقة أو بأخرى، حتى ألقت بظلالها بشكل أوسع، لتكون جزء من دعاية بيبسي للعيد الوطني السعودي. “قد تم حذفه كما يبدو، ويمكن مشاهدتها من خلال هذه التغريدة”

 
وتلك الرباعية الترفيهية تُسهم مع الوقت في زيادة رقعة التفاعل الكمية والكيفية إلى تكوين “مجتمع” له مصلطحاته، إشاراته، طقوسه، لغته، بل حتى رقصاته. وهذا الشعور بالإنتماء هو فيصل توجيه السلوك وصياغته، ولا مناص منه، إذ يعمل كالمغناطيس، فيشدك شداً إليه، ويجعلك تشعر برغبة الاستمرار فيه، لأنه يغذيك بتلك الجاذبية الفطرية الذي يميل الناس له، وهو “الشعور بالإنتماء” كما يذكره Simon Sinek في عدد من محاضراته حول تحليل سلوك الناس تجاه بعض البراندات دون غيرها.

فالجمهور يريد أكثر مما هو منطقي Audience want more than Logic كما ورد في كتاب Brand Gap للكاتب Marty Neumeier

فالتماشي مع الرغبات الفطرية الدافعة لتكوين السلوك واتخاذ المواقف، هي ما تقوم عليه أكثر الألعاب الرقمية شعبية، فضلاً عن التموضع الذكي الذي تقوم به كبرى البراندات في العالم، لكسب القلوب بامتدادات بصرية ونفسية، لأجل المحافظة على الجمهور الحالي والعمل على توسعة هذا “الإنتماء” كماً وكيفاً، وإشباع ذلك بالرباعية الترفيهية (الفهم/التوفير/التحديث/اللغة)

كيف نستلهم نقاط التميز في الألعاب التفاعلية لأجل تسويق أفضل للمشاريع؟

  1. الوقوف بشكل متأمل ودراسة بيئة السوق المستهدفة
  2. العمل على “الدوافع الفطرية” بشكل متأن يتسم بالنفس الطويل
  3. صناعة محتوى ملهم
  4. ابتكار طرق تفاعل باستخدام الوسائل والمنصات المتوافرة
  5. خارطة طريق للتسويق مرنة وقابلة للتطوير المستمر
  6. محطات إعادة شحن طاقة التفاعل بين الجمهور والبراند
  7. وضع العين دوماً أثناء العمل على رسالة المشروع/البراند.

 

كل ما يحجز مساحة من الإهتمام ويولد التفاعل المُفضي لتشكيل سلوك يتبعه شراء بشكل مباشر أو غير مباشر، يجب أن يكون موضع إهتمام للمعاينة والدراسة واتخاذ نقاط القوة منه موضع تأمل ودراسة. وما زالت الألعاب التفاعلية لها مكانتها في القلوب جيلاً بعد جيل، وحريٌّ الاستخدام الأمثل لنقاط قوتها في مجال البراند وتسويقه.. لمن تأمل..