ضحكة Kevin Roberts


ضحكة
Kevin Roberts

التجارية ٧ مايو ٢٠٠٨م

جعفر حمزة*
ما إن وطأت قدماه المدينة الحديثة، والتي تعتبر بمثابة "قبلة" الاستثمار العالمي الحديث في المنطقة حتى فتح النار على رافعي الرايات فيها دون هوادة. ولم يرد عليه أحد، فمن هو؟ وما هي القصة؟ السيد " Kevin Roberts" المدير التنفيذي الرئيسي لشركة " Saatchi and Saatchi" وهي إحدى أكبر وكالات الإعلان والتسويق العالمية هو المعني بفتح النار، حيث صرح في حديث له عند وصوله إلى مدينة دبي الإماراتية بأن وكالات الإعلان بالمنطقة فشلت في الاستفادة من التقنية الحديثة، وما يقومون به من أعمال يظهر وكأنها من عام ١٩٩٥! ونعتقد بأن هذا الكلام سيزعج الكثير ممن وضع الأوسمة على صدره مدعياً الإبداع والتفوق في مجال الإعلان بالمنطقة، وربما بعضهم قد حصد الجوائز على مستوى المنطقة، إلا أن الرصاصة التي أطلقها أحد أشهر المدراء التنفيذيين في مجال الإعلان حول العالم تأخذ ثقلاً لا يمكن الاستهانة به. ويحدد السيد " Roberts" هدفه عندما أطلق رصاصاته بالقول بأن مستوى الإعلان في مجال العقارات أصبح متدنيا وفقيراً في الإبداع. "انظر فقط إلى كل تلك الأموال التي يتم إنفاقها في مجال العقارات. ومن ثم انظر إلى كل تلك الإعلانات، فهي تبدو متشابه. هل تمزح معي؟ فهي تدفعني للضحك". ويرجع السيد " Roberts" السبب في ذلك إلى الخوف الذي يعتري وكالات الإعلان في هذه المنطقة من أخذ المخاطرة في تقديم الجديد، وهو ما يشكل عائقاً في جودة العمل الذي يتم تقديمه.(١) وبالنظر إلى "الطفرة العقارية" التي تشهدها المنطقة العربية، ودول الخليج العربية بالتحديد، نلاحظ "تكرار" الثيمة التي تقدمها وكالات الإعلان لتلك المشاريع حتى أصبحت نسخاً مكررة متشابهة لمشاريع متعددة، ويمكن ملاحظة ذلك من خلال مسح مبدئي للإعلانات الخاصة بالمشاريع العقارية، بالرغم من إمكانية تحويل كل مشروع عقاري على حده إلى قصة نجاح وتحويله من منتج إلى ماركة "Product to Brand". وبلحاظ الوفرة المالية التي غذتها ارتفاع أسعار النفط في الفترة الأخيرة، زادت المنافسة في السوق العقاري، وكان من المتوقع أن تشتد المنافسة في مستوى الإعلان كما هو الحال في مواقع تشييد تلك المشاريع، إلا أن ما يتم طرحه في الإعلان هو نسخ مكررة وأفكاراً تقليدية. وللعلم فإن حجم إجمالى الإنفاق الإعلانى فى دول مجلس التعاون الخليجى عام 2007 نحو 3.6 مليار دولار أمريكى بزيادة 15% عن عام ٢٠٠٦. (٢) وهو ما يدفع للتساؤل حول أسباب تدني مستوى الإبداع في الإعلانات بالمنطقة بالرغم من "ثورة المشاريع" المتصاعدة من عقارات ومصانع وشركات اتصالات وغيرها. فأين الحلقة المفقودة؟ يتمثل نجاح أي شركة في صورتها التي تقدمها وليس في المنتج التي تطرحه في الأسواق فحسب. لقد تغير المفهوم بوجود تقنيات حديثة ومنافسة محمومة في مجال تقديم المنتجات والخدمات. في السابق كان يتم إرجاع فشل الشركات إلى نوعية المنتجات المقدمة، أما الآن فإن الصورة "Image" التي تتمتع بها الشركة هي المسؤولة عن نجاح أو فشل أي شركة، وهو ما يطلق عليها اسم "Brand". يقول السيد "Scott Bedbury" نائب رئيس التسويق في "StarBucks" :"لا يعتقد المستهلك بوجود فرق كبير بين المنتجات الموجودة، وهذا يعني أن على الماركات أت تؤسس "علاقة عاطفية" مع زبائنها". (٣) وهو سر نجاح الشركات التي "جعلت" من الفرد "يتعلق" باسمها قبل منتجها، بحيث يمكننا وصف تلك العلاقة ببيت الشعر المعروف: أمر على الديار ديار ليلى أقبل ذا الجدار وذا الجدارا وما حب الديار شغفن قلبي ولكن حب من سكن الديارا ولا تشكل الميزانية الضخمة للشركات بمعين لها في كسب القلوب، ففكرة أن الماركات القوبة يتم بناءها على الحملات الإعلانية ليست صحيحة، فهناك الكثير من الماركات العالمية التي أخفقت في تحقيق هذه المعادلة. فالإعلان يسند الماركة، ولا يمكن للإعلان بناء الماركة من الصفر.(٤) وعوداً إلى السبب الذي يِضحك السيد" Roberts" حول مستوى الإعلانات بالمنطقة، نقول أن العلاقة التفاعلية والقريبة بين الفرد والماركة والتي هي بمثابة "الزواج" لا يمكن تحقيقها دون وجود علاقة تميهدية قبلها وهي "الخطوبة" والمتمثلة في التفاهم وتوحيد الأهداف بين الشركة صاحبة الماركة وشركة الإعلانات، فبوجود توافق بين الطرفين يمكن نقل تلك العلاقة وإسقاطها بين الفرد والماركة. ويمكن أن يسبب غياب توظيف التقنية الحديثة ووسائل التواصل الموجودة في تلك العلاقة إلى وجود "ماركة أمية ."Unlettered Brand وبالعودة إلى السيد " Kevin Roberts"، والذي يضع يده على بعض مواقع خلل الإبداع في السوق الإعلاني بالمنطقة بالقول "أعتقد أن الكل يتملكه الخوف حتى الموت، فهم -أي وكالات الإعلان- يخافون من العملاء clients، من البيروقراطية، من المجازفة، وهم يخافون اجتماعياً، ويخافون من طرح ما هو موجود من اختلافات في التنوع السكاني للمجتمعات"(٥) ونختلف مع السيد " Roberts" في بعض ما قاله آنفاً، ولئن اتفقنا معه في صور الخوف التي طرحها، إلا أن الخوف اجتماعياً كما ذكر تحتاج لتوضيح، فالمجتعات العربية لها ضوابط وحدود معينة في طرح الأفكار، فلا يمكن مقارنة المجتمع الخليجي بالمجتمع الأمريكي أو الأوروبي، وبالتالي تكون عملية القياس غير موفقة وليس في محلها. ويحضرني هنا ما قاله السيد خميس المقلة مؤسس ورئيس مجموعة ماركوم الخليج في حديث له مع محطة "CNBC" العربية، حيث ناشد المبدعين العرب وشركات الإعلان العربية الابتعاد عن النقل أو التقليد أو تقبل أفكاراً أجنبية قد لا تناسب المجتمعات العربية، والعمل على توطين الإعلان بأفكار عربية تخاطب عقول وقلوب الجمهور العربي.(٦) ويبقى الحديث عن الإبداع والتجديد "طافياً" ما لم يوضع "الثقل المناسب" ليغوص في أعماق التأثير. والذي يتأتى من خلال تثقيف كلا الطرفين وكالة الإعلان والشركة المعلنة لأهمية بناء علامة تجارية قوية بعيداً عن التخوفات وحواجز الكلاسيكية. وتحتاج هذه المسألة إلي تحرك سريع وإلا فإن المنافسين موجودين ويتحينون الفرص للظهور، ولن يكون هناك مجال للتدريب، وإلى ذلك الوقت فإننا ننتظر أن تتحول ضحكة " Kevin Roberts" إلى تأمل وتقدير.
(١.٥)

http://www.arabianbusiness.com/517499-saachi-and-sacchi-slams-uae-advertising


(٢)

(http://www.arabic.xinhuanet.com/arabic/2008-02/04/content_572361.htm)

(٣،٤)
Brand Failures, matt Haig.

(٦) برنامج "آنت المسؤول" للمذيعة لبنى فواز مع السيد خميس المقلة على قناة سي إن بي سي العربية بتاريخ ٢٤ يناير.


* باحث في ثقافة الصورة والاقتصاد المعرفي.
Reply
Reply to all
Forward



1 التعليقات:

  غير معرف

٧ مايو ٢٠٠٨ في ٤:٥٣ ص

الأخ حمزة،

في مشاهدة واحدة للدعاية ، وأقصد الدعاية المرئية تراها تتشابه من الشامبو والصابون والسيارة ،ووو. وهذه تمتد من حيث التشابه من أصغر دولة خليجية لأكبرها، حيث تفتقر للحس الإبداعي،كيف لنا أن نبدع في الإعلان ونحن نقلد في العقارات والأبراج؟ دع روبرت يضحك ، لأننا سنظل في الأخير ولن نتقدم إلى المقدمة..

دمت
سامية حسن