هي قصة شَغَف ممزوجة بحب الإبداع مع تصميم لبلوغ الهدف مدعوماً بتخطيط وتنظيم وتدارك الأخطاء قدر الإمكان وحُسن الاستماع للزبون، وكل ذلك يحويه عشقُ التمثيل الفكري "القِيَم" فيصورة ملموسة "اللباس". تلك هي "وصفة" ماركة "أثر".كما يصفها مؤسس ماركة "أثر" البحرينية جعفر حمزة.
وأضاف حمزة "بدايات شغفي اهتماماً باللباس منذ المرحلة المتوسطة "الإعدادية"، حيث كنت انتخب ما ارتديه وأضيف عليه ما يمثّل جزء من شخصيتي وتوجهي الفكري الخاص."
"ورأيتُ أن من أفضل تمظهرات الثقافة والفكر هو استخدام اللغة الصامتة والوسيلة البصرية الأبرز وبها بيان كبير، وهو الجلد الثاني للإنسان، وما أقصده هو اللباس".
"ومع الوجود الكثيف لصور الثقافات بتنواعاتها المختلفة ضمن خيارات ما نرتديه في خزانات ملابسنا، خرج هذا الهمّ الجميل في أهمية تقديم ما يمثل قيمة إنسانية وجمالية، ليكون من بين خيارات متعددة أمام الفرد."
و"أثر هي مخاض الاهتمام بتقديم ما يعكس قيماً إيجابية وجميلة تمثل ثقافة وفناً وهوية بطريقة إبداعية مميزة قدر الإمكان."
وعند سؤاله عن التحديات الموجودة في السوق، مع وجود كبرى الشركات في العالم وماركات مشهورة في السوق للزبون، يقول حمزة: "(لقد أصبحت السوق مفتوحة لطرح أي منتج ثقافي، ولم يعد الأمر مقتصراً على من تجري بين يديه القوة والمَكَنة، ليقدّم ما يراه من هوية تحقق أهدافه، بل أصبح الأمر "مشاعاً" باستخدام التقنية ووسائل التواصل والتسويق، ويبقى الرهان في هذه المرحلة في تقديم "المغناطيس" الذي يشد الناس ويشعرون بأن المنتج "جزء" منهم وليس بغريب عنهم.وهذا ما تقدمه "أثر" وهذا ما تعمل عليه."
ليس البدايات سهلة لأصحاب الشركات الصغيرة والمتوسطة، خاصة إذا كان الحديث عن قطاع تسيطر عليه مصانع وشركات وماركات معروفة، كقطاع الألبسة.فكيف كانت البداية لماركة "أثر" البحرينية؟
يقول حمزة: "البداية هي فكرة مخططة وشغف عارم وشراكة جميلة مع الأخ العزيز أكبر عاشور، لنحوّل هذا الهمّ المسؤول إلى واقع عملي ملموس بنتاج ثقافي بديل ومميز.فالبداية انطلقنا منها بالاعتماد الكلي على الذات وما زلنا من خلال توفير بعضاً من راتبيناً لشراء الأجهزة والمعدات ومتابعة إنترنت في هذا المجال، لنعرف الأدوات اللازمة في مثل هدا النوع من الأعمال، وقد أضفنا لها "نكهتنا الخاصة" والمتمثلة في تقديم القيم بطريقة جمالية وإبداعية."
ما الرسالة وراء "أثر"؟
ويبدو من خلال التعليقات التي يقرأها المتابع في حساب ماركة "أثر" في أنستاغرام، تفاعل الجميل والواضح بين رسالة المشروع وتجاوب الجمهور، بالنقد والثناء والتشجيع. (حساب ماركة "أثر" على أنستاغرام atharfashion)
ويذكر حمزة أهداف تحديد رسالة ماركة "أثر" في خضم وجود عمالقة ماركات الثياب في العالم: "أهداف أثر ببساطة، هي: أولاً: تعزيز القيم الإيجابية والإنسانية للفئات المستهدفة عبر تقديمها -أي القيم- بطريقة جذابة، ثانياً: رفع مستوى الاعتزاز بالقيم الفكرية والثقافية الإنسانية عموماً والثقافة العربية والإسلامية خصوصاً. ثالثاً: العمل على "ابتكار" في مجال الثياب والموضة وتقديم شيء مختلف في هذا المجال يستند على القيم الإنسانية العامة، وتقديم الهوية العربية والإسلامية بأسلوب مميز."
لكن هل من مُحب لها؟ يبدو أن الرؤية واضحة للعاملين على ماركة "أثر"، لكن القياس الحقيقي يبدو عند تفاعل الزبون وتجاوبه.
ويقول جعفر حمزة بهذا الخصوص: "الإقبال جميل جداً خصوصاً من الشباب والأطفال من الجنسين، وذلك بحكم التصاميم المقدمة، فضلاً عن المواد المستخدمة في الطباعة والتي ترضي فضول وشغف الأطفال لكل شيء مميز.
وأما بالنسبة للشابات، فالعمل جاري لتقديم الموجة الأولى الخاصة للنساء من ماركة أثر عبر الطباعة على الوشاح، وأمور أخرى سنعلن عنها في وقتها."
وإذا ما تحدثنا عن ماركة ثياب، فلا بد أن يطرق الذهن "العارضين والعارضات" لهذا الماركة بحيث تعمل على تسويقها أو تعطي إنطباعاً للزبون عن هويتها.عبر إعلانات في المحل الخاص بالماركة أو المطبوعات المتعلقة بها أو الموقع الإلكتروني الخاص بها أيضاً.
ففي مثل هذا الجو الخاص بصناعة وعلامات الثياب التجارية ما الذي يمكن لماركة "أثر" القيام به؟
ويبدو أن لهذا السؤال إجابة أيضاً عن حمزة، فأخرج هاتفه وتصفح صوراً لعرض أُقيم خصيصاً لماركة "أثر".
وهذه أول مرة يُقام فيها معرض لماركة محلية بحرينية وخليجية يتم تقديمها بهذه الطريقة المختلفة، حيث يقول حمزة: "عملنا بجد على تكوين الماركة "الهوية" والتي تعطي انطباعاً بالحرفية والجدية فيما نقدّم، وكان ذلك عبر أول فعالية ونعتبرها الأولى من نوعها في العالم العربي ربما، وهي فعالية "عر ض القيم The Values Show" والتي تعد جرأة جديدة في إعادة تعريف "عرض الأزياء Fashion Show"، وذلك من خلال أمرين: أولاً: المفهوم، حيث تم عرض الكثير من القيم عبر اللباس للأطفال والشباب. ثانياً: المنتج، وهي الثياب المعروضة بالتصاميم ذات الرسالة والقيمة.
ويضيف حمزة بعد بُرهة من التفكير بالقول: "كانت تجربة عرض القيم The Value Show مخاض ثقيل لكنه جميل لرسالة نود تقديمها بصورة مختلفة ومؤثرة.فكان عرض القيم تحدٍّ قبلناه مذ إطلاق الاسم عليه "عرض القيم- The Values Show".لم يكن المصطلح أو الاسم مألوفاً، فالناس تعودت على "عرض أزياء" من النمط المتعارف عليه، أما "عرض القيم"، فهذا شيء مختلف."
"وكان الجديد من العنوان إلى التعريف بالعرض تحت مسمى "بياض وضوء"، حيث اعتمد على تقديم القيم الإنسانية بمختلف الأشكال من الألبسة، من تيشيرت وقميص إلى ثوب، فضلاً عن ثياب الأطفال من الجنسين."
"وامتاز عرض الصغار بعفويته ونشاطه المُلفت، فكانت التصاميم ذات محتوى يحث على الإبداع، العلم، المحبة، مساعدة الآخرين، وحب الوالدين.ومن الجدير بالذكر أن إحدى العارضات الصغار كان عندها كسر في يدها وعليها جبيرة، إلا أنها أبت إلا أن تشارك وتقدم زيها المطبوع عليه "وبراً بوالدتي"، وقد لاقت تشجيعاً وتصفيقاً حاراً من الجمهور."
"أما عرض الكبار، ميز بعنصر المفاجأة والتنوع الواضح في الخيارات بما يتناسب مع مزاج الشباب وحس اللا مألوف لديه في تنفيذ التصاميم، بالرغم من استخدام قيم إنسانية وفن عربي في كثير منها، فهناك تصاميم للخط العربي الحُر، والرسم والتصميم الفني، والدمج بين بينهم أيضاً."
"وما ميّز عرض الكبار، تصاميم دمجت بين الفكرة والإبداع في عرضها، من بين تلك التصاميم. قميص الطائفية، حيث كان التصميم مطبوعاً في ظهر القميص، وعندما وصل العارض منتصف طريق العرض، فاجأ الجمهور بتمزيق القميص وظهر تحته تيشيرت أبيض مكتوب عليه "تحرّر" في إشارة رمزية للتحّرر من الطائفية.وقد لاقى تصفيقاً حاراً وتشجيعاً لهذه الرسالة."
"وهناك تصاميم أخرى نالت إعجاب الجمهور، مثل تصميم "غاندي" وعبارته المعروفة عن "الإساءة" (إذا قابلنا الإساءة بالإساءة، فمتى تنتهي الإساءة).وتصميم "غدر" الذي دمج بين الطباعة وتصميم ظهر القميص الذي بدا ممزقاً بسكين في دلالة رمزية على الغدر. فضلاً عن تصاميم "حريتي"و"اعقلها وتوكل" ومجموعة "محمد" التي تناولت عبارات من مفكري الشرق والغرب عن النبي محمد (ص)، وكذلك تصميم "سلام Peace" الذي تميز بطباعته على الثوب."
وعن تفاعل الجمهور يقول حمزة : "كان تفاعل الجمهور مميزاً وجميلاً بالتصفيق الحار والإعجاب للتصاميم التي تم عرضها من قبل الفئتين، الصغار والكبار على حد سواء."
واترك أثراً!
ويكون السؤال الأهم: ما الذي يميز تصاميم "أثر" عن غيرها المتوافر في السوق أو تلك التي لها نفس التوجه تقريباً؟
يُجيب السيد جعفر حمزة صاحب فكرة ماركة "أثر؛ والمدير الإبداعي لها بالقول: "ترتكز التصاميم في معظمها على تقديم القيمة للإنسان بما هو إنسان وذلك في إطارين إثنين: الفن والإبداع في العرض.
ومن بين القيم التي تطرحها "أثر Athar": كرامة الإنسان، السلام، بر الوالدين، الحرية، المحبة، الابتسامة، الإبداع، التحفيز الإيجابي، وغيرها من القيم الإيجابية الجميلة.
هذا فضلاً عن مجموعة خاصة بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم، والتي تعتمد الخط العربي وكلمات من مشاهير وعلماء قيلت في شخصية النبي العظيم.
إلى جانب التصاميم التي يتم تقديمها بمناسبة معينة، أو التركيز على قيمة سلوكية أو فكرية معينة.
وما يميّز تصاميم "أثر" تكونها السريع بحسب المناسبة أو القيمة المطروحة، وبالتالي تجددها وتنوعها.أي "مرونتها" بكلمة أخرى أكثر دقة.
ومن التصاميم كانت عن السيد المسيح، حيث تمت كتابة كلمة "عيسى" بخط عربي حُر، مع عبارة
Jesus..Voice Of Forgiveness
وتم تقديم التصميم في مناسبة ميلاد السيد المسيح للأخوة المسيحيين في الكنيسة الإنجيلية في العاصمة المنامة، تعبيراً عن التسامح الذي دعى لها الإسلام.
وبمناسبة المولد النبوي الشريف تم تقديم تصميم مبتكر بخط اسم النبي محمد صلى الله عليه وسلم بطريقة مميزة وملفتة، وتمت كتابة العبارة والتالية تحت التصميم I Love You Muhammad
وهذه المبادرات هي ما يعزز الحضور الإنساني لماركة تعتلي عن أن تكون تجارية بحتة، وهذا من ضمن أسباب استمراريتها وقوتها رغم الظروف المحيطة، فوقودها شغف وتخطيط وتفاعل أجمل من الناس."
معايير قيمية لا تنحني
وعند الحديث عن طلبات الزبائن، والذي يأتي بعضها متوافقاً مع رسالة الماركة، والبعض الآخر غير ذلك، يذكر حمزة وجود طلبات لا تتوافق مع رسالة الماركة، فيقول: "ما يميز "أثر" أنها تلتزم بمقاييسها في الطباعة والتقديم، بحيث نطبع تصاميمنا الخاصة فقط مع محدودية الطباعة وفق طلبات معينة، فنحن أصحاب رسالة ذات قيم نود نشرها، لذا يكون عملنا دائر حول هذا المحور.
تصلنا طلبات خاصة، ونعتذر عن طباعتها ونرشد أصحابها إلى أماكن متعاونة معنا بحيث يلبون طلبهم، أما "أثر" فهي تقدم ما تمتلكه من تصاميم فقط.
وفي حال وجود طلبية طباعة، ندرس الأمر جيداً لنقرر طباعتها بأنفسنا أو إيكالها لأحد المتعاونين."
وما بعد الأفق؟
يبدو أن التجربة ممتعة لماركة ملابس بحرينية، فما الخطوات التي تسعى لها "أثر" ؟
يُجيب حمزة : "الخطوة القادمة هي التوسع في تقديم منتجات مختلفة تحت مظلة "أثر"، فبعد التيشيرت والقمصان، لدينا خط جديد جديد خاص بالطباعة على الأوشحة النسائية "الشال"، بالإضافة إلى الحفر بالليزر على أغطية الهاتف النقال، والآيفون وآي باد. وكل ذلك يكون بتصاميم "أثر" فقط.
وهناك فرص لإعادة "عرض القيم The Values Show" في مدارس خاصة، وسيكون عرضها بطريقة تناسب الجو الخاص بالمدارس.
ومن المخطط تقديم تصاميم تتمتع بالابتكار والغرابة الجميلة أيضاً. ونسعى عبر تخطيط ممنهج في تسجيل براءات اختراع في غضون الخمسة الأعوام القادمة في مجال الألبسة لماركة أثر، فضلاً عن تسجيل تصاميم صناعية باسمها أيضاً"
وصلة الموضوع في الموقع:
http://goo.gl/kZk5x
0 التعليقات:
إرسال تعليق